الزمان
جريدة الزمان

تقارير

إثيوبيا تواجه سيناريوهات غامضة على جبهات القتال

محمد عبد المنصف -

وجهت إثيوبيا، هذا الأسبوع ، اتهامات خطيرة لـ أمريكا وحلفاءها باتباع نهج هدام، بعد أن أدانت أمريكا وبريطانيا وكندا واستراليا والدنمارك وهولندا، في بيان مشترك أعمال العنف في إثيوبيا، وقالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء بيلين سيوم، إن الإجراءات لا تستهدف مجموعة معينة من الناس على أساس هويتهم العرقية، وان الاعتقالات تتم بناء علي أدلة وشهادات موثوقة".

وجاءت تعليقاتها بعد ساعات من إعلان الحكومة أنها استعادت مدينتي ديسي وكومبولتشا الاستراتيجيتين، في أحدث جولة من التقدم الإقليمي الذي أعلنته القوات الموالية لرئيس الوزراء أبي أحمد، فيما أكدت جبهة تحرير أورمو، أن قواتها تتقدم بسرعة نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، من جهة الجنوب والغرب.

وأعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية مارتن جريفيث أن تطور النزاع في اثيوبيا، الي اعمال عنف طائفية من شانه ان يفكك نسيج المجتمع وأن يؤدي الي نزوح جماعي يذكر بمشاهد الفوضى التي عمت مطار كابول في شهر اغسطس الماضي، محذرا من ان وصول المعارك الي العاصمة اديس ابابا سيزيد العنف الطائفي والي تفاقم الوضع بشكل كبير.

كشفت معتمدية اللاجئين السٌودانية عن ارتفاع عدد اللاجئين بمركز حمداييت الواقع على الحدود مع إثيوبيا ، مؤكدًة دخول نحو 20 شخصًا يوميًا، في وقت تخطى فيه عدد اللاجئين الإثيوبيين بالسودان منذ اندلاع المعارك زحف جبهة تحرير التيغراي نحو العاصمة ودخولها في قتال مباشر مع حكومة أبي أحمد الـ.42 ألف لاجئ

وقال اللواء متقاعد سامح ابو هشيمه ان تراجع قوات التيجراي امام قوات الجيش الحكومي جاء نتيجة استخدام الأخيرة للطائرات المسيرة، بالتوازي مع تعرضها لضغوط من قبل قوات "الأورمو التي ظلت مسيطرة علي زمام الحكم أغلب القرن العشرين وحتي سقوط الامبراطور هيلا سيلاسي عام 1974 علي يد مانجستو هايلاماريام "، مما دفع قوات التيجراي الي الاحتماء بالجبال والغابات استعدادا لجولة جديدة من القتال.

أوضح لـ الزمان " ان القبائل الاثيوبية تنحدر من عرقين مختلفين الأول العرق الزنجي، والأخرى ذات اصول عربية وهذه تحظي بتأييد الدول المحيطة لأثيوبيا وخاصة الواقعة في الجنوب، لافتا الي دعم الولايات المتحدة الأمريكية للطرفين بصورة لا تسمح لطرف بالانتصار المطلق علي طرف حتي تجبرهما للجلوس علي مائدة المفاوضات من أجل تسوية سياسية.

وأشار الخبير العسكري الي أن العلاقة بين مقاتلي التيجراي واسرائيل لم تنقطع في يوم من الأيام وانها هي التي دعمتهم بالذخيرة الحية، كما ان هناك دولا أخري ساهمت في قلب المعادلة العسكرية مثل الامارات العربية وتركيا وايران، غير ان امريكا تظل هي صاحبة الكلمة الفاصلة في وقف الحرب.

وأكد الخبير العسكري ان الدعم الامريكي للقتال يهدف الي تحجيم التواجد الصيني في شرق افريقيا، لمنعها من اقامة طريق الحرير الذي يستهدف نقل بضاعتها الي دول شرق ووسط أفريقيا، بعد ان بدأت تتفوق عليها تجاريا وان كانت أمريكا لازالت متفوقة اقتصاديا بسبب تجارة السلاح.

واضاف ان التواجد الايراني في شرق افريقيا يستهدف دعم المذهب الشيعي مما دعي كلا من المملكة العربية السعودية والامارات العربية الي التدخل لمنع انتشار ذلك المذهب علي حدودها الشرقية، بل وتمويلهم لإريتريا لاستمالة صناع القرار بها، ومصر ليست بعيدة عن هذه التطورات، حيث تتولي شركات المقاولات المصرية بناء سد "روفيجي" في تنزانيا، ولديها مشروعات مائية في أوغندا حماية لأمنها القومي داخل أفريقيا

لفت اللواء ابو هشيمة الي ان اثيوبيا دولة عبور للمواد الخام من وسط افريقيا الي ميناء جيبوتي علي البحر الاحمر، وأن الصين تسعي لبناء ميناء لهم في الصومال الفرنسي علي المحيط الهندي، كي تنفذ من خلاله بتجارتها للمحيط عبر اقليم اجادين الصومالي الذي تسيطر عليه اثيوبيا.

وأكد عمار العركي الباحث السوداني في الشأن الاثيوبي أن ذهاب أبي أحمد للقتال وسط جنوده كان له تأثير معنوي كبير ويعد أحد العوامل الرئيسية التي غيًرت من المعادلة العسكرية على الأرض ، بعد ان كانت في صالح قوات التيغراي خلال الفترة الماضية

وأضاف الخبير الاستراتيجي أن ظهور الاتحاد الإفريقي في بيان مشترك مع الأمم المتحدة والتي تتفق مع الموقف الأمريكي والأوربي الداعي إلي "الوقف الفوري للحرب والشروع في مفاوضات سياسية، موضحا ان الضغوط الامريكية والدولية والاقليمية تسير في اتجاهي الأول هو "تطويع أبي أحمد" تحت عباءة أمريكا .

أوضح عمار ان الاتجاه الثاني سيكون التجهيز والإعداد السياسي للتيجراي كبديل للحكومة الحالية وذلك من خلال المفاوضات والتسوية السياسية التي تدعو لها، لافتا الي ان ظهور الاتحاد الأفريقي، في بيان مشترك مع الأمم المتحدة التي ترفضها الحكومة الأثيوبية من شأنه نقل العلاقة بين الاتحاد والحكومة الأثيوبية الى مربع جديد من التوتر ، باعتبار أن الحكومة الأثيوبية دائما ما تراهن علي كسب انحياز الاتحاد الافريقي اليها ووقوفه معها في كل القضايا الإقليمية والدولية.

وقال الخبير الاستراتيجي لا اعتقد أن هناك منتصرا في هذه الحرب " العبثية الاستنزافية"، والتي تديرها "القوي المهيمنة" علي الاقليم بنظرية الفوز لمن يبدي لها الطاعة ويحقق لها مصالحها وأهدافها، الأمر الذي يجب يتداركه الأثيوبيين المتحاربين أنفسهم ، وان يعملوا علي إفشال ذلك المخطط قبيل تفكك الدولة الأثيوبية.