الزمان
جريدة الزمان

تقارير

تل أبيب تعلن عن الجولان عاصمة تكنولوجيا الطاقة المتجددة من سوريا

إسراء نبيل -

عادت قضية الجولان السوري المحتل منذ عام 1967 إلى الواجهة مجددا، مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، زيادة عدد الإسرائيليين الذين يعيشون في هضبة الجولان، مع وجود خطط أن تصبح الهضبة المحتلة العاصمة التكنولوجية للطاقة المتجددة في إسرائيل.

وقالت الباحثة في الشأن الإسرائيلي - الفلسطيني في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتورة هبة شكري، إن الحكومة الإسرائيلية، أقرّت مؤخرا خطة غير مسبوقة تشمل مضاعفة الاستيطان وتدشين مستوطنات ومدن ‏جديدة، وإقامة مشروعات استثمارية، بقيمة تقدر بمليار شيكل، من أجل جذب الإسرائيليين للسكن في هضبة ‏الجولان السوري المحتل.

وأضافت لجريدة «الزمان»، أن الاتفاق تضمن بناء حوالي 41 من التوربينات الكبيرة لتوليد الكهرباء من ‏طاقة الرياح، بهدف توفير الكهرباء الخضراء والنظيفة لعشرات الآلاف من المنازل في إسرائيل.

وأوضحت أن هذه الخطة ستؤدي إلى خلق 2000 فرصة عمل جديدة من خلال تحويل الجولان إلى «عاصمة تكنولوجيات ‏الطاقة المتجددة في إسرائيل»، وذلك بإنشاء عدد من مشروعات التكنولوجيا الزراعية، بما في ذلك ‏مشروعات الطاقة الفولتية.

وأكدت أنها تهدف إلى تشجيع النمو الديموغرافي في الجولان وجعلها ‏عاصمة للطاقة المتجددة حتى 2030.‏

وأشارت إلى أن إسرائيل خلال الأعوام الماضية طرحت مشروع مزرعة الرياح في إطار المساعي الإسرائيلية لزيادة إنتاج ‏الطاقة الخضراء، وذلك يرجع لكون مرتفعات الجولان ممراً رئيساً للرياح النشطة القادمة من الغرب، لذلك ‏يعتبرها الإسرائيليون منطقة مناسبة لنشر التوربينات الهوائية المستخدمة في توليد الكهرباء.

وفي غضون ذلك، أكدت أن سكان ‏الجولان الذين يعمل غالبتيهم في قطاع الزراعة، رفضوا المشروع لإضراره بالزراعة، ويرى أغلبهم أن تلك ‏التوربينات تعد بمثابة رمز لتكريس الاحتلال الإسرائيلي على الجولان.‏

ونوهت بأن تلك الخطوة تأتي في إطار محاولات إسرائيل لتعزيز سيادتها على الجولان لاعتبارها جزء من الدولة العبرية ‏- وفقا للاعتقاد الإسرائيلي - والذي دعمه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، باعترافه بسيادة إسرائيل على ‏الجولان، مؤكدة أن هذا يتنافى مع ثوابت الشرعية الدولية والقانون الدولي اللذان ينصان على أن الجولان تعد جزء ‏لا يتجزأ من أراضي سوريا.‏

وترى أن القرارات الأخيرة تعتبر استمرارا لسياسة اتبعتها إسرائيل تجاه هضبة الجولان على مدار عقود من أجل ‏تهويدها وتعزيز سيطرتها عليها من خلال زيادة الرقعة الاستيطانية بها، وبالتالي زيادة عدد الإسرائيليين فيها، ‏حيث لم يتعد عددهم 27 ألف نسمة حتى الآن.

وأوضحت أن إسرائيل تستهدف وفقا للخطة التي تم إقرارها إلى رفع العدد ‏إلى 100 ألف من خلال الاستثمار في مشاريع استيطانية تنموية مختلفة تجذب المزيد من الإسرائيليين ‏للاستقرار بالجولان.‏

كنز استراتيجي

وأكدت الدكتورة هبة شكري، أن هناك أبعاد أيديولوجية لسيطرة إسرائيل على ‏هضبة الجولان، تتمثل في مخطط «إسرائيل الكبرى»، والذي ينص على ضرورة إخضاع مناطق فلسطين ‏التاريخية لدولة إسرائيل. ‏

كما كشفت أن إسرائيل تصر على إحكام قبضتها على أراضي الجولان بسبب أهميتها الاستراتيجية و‏العسكرية والاقتصادية، والتي تكمن فيما يلي:

أولا: حوالي 21% من المنتجات الإسرائيلية من الكرمة (العنب) تأتي من الجولان، ‏بالإضافة إلى 40% من اللحوم البقرية، والأهم من ذلك أنها تمد إسرائيل بنصف احتياجاتها من المياه ‏المعدنية العذبة، كما تحتوي هضبة الجولان الكثير من الموارد الطبيعية وتزداد أهميتها لكونها أرض زراعية ‏خصبة.‏

ثانيا: على الصعيد العسكري، تتمتع الجولان بأهمية استراتيجية استثنائية بالنسبة لإسرائيل، إذ تقرب حوالي 60 ‏كيلو متراً من العاصمة السورية دمشق شرقاً، وتطل على سائر المدن وسط وغرب إسرائيل، كما تطل على ‏مناطق في الأردن ولبنان؛ لذلك فالسيطرة عليها تحمل أهمية أمنية كبيرة، إذ تُمكّن إسرائيل من أن تتطال أي ‏من تلك المناطق، خاصة في ظل ما تواجهه من تهديدات أمنية من قبل حزب الله المدعومة من إيران، ‏وبصورة خاصة بعد تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا.

ثالثا: على الصعيد الاقتصادي، تعتبر إسرائيل مشروع إنتاج الكهرباء من الرياح هدفاً استراتيجياً من الدرجة الأولى ‏يؤمن لها أرباحاً هائلة، حيث يساعد المشروع في تشجيع الهجرة إلى المرتفعات من جانب ويسهم في ‏الازدهار الاقتصادي من جانب آخر.‏

وترى أن إسرائيل تستمر في تكريس سياساتها الاستيطانية في هضبة الجولان لتعزيز سيطرتها ‏ولتحقيق منافع اقتصادية، مؤكدة أن ذلك لن يمحي حقيقة أن هضبة الجولان هي جزء من أراضي دولة سوريا، وأن إسرائيل ستظل وفقاً لكافة قرارات الشرعية الدولية، قوة احتلال تتبع سياسات تتنافى كليا مع القانون ‏الدولي.

واختتمت: «لن تغير مخططات الاحتلال على مرتفعات الجولان من الواقع، خاصة في ظل وجود عدد غير قليل من ‏السكان الدروز الرافضين للممارسات الإسرائيلية».‏