رسميًا.. مصر تتسلم 14 مليار دولار كدفعة ثانية من صفقة رأس الحكمة معنى كلمة «أَوْبة».. سؤال يُحير طلاب الشهادة الإعدادية في امتحان اللغة العربية البورصة المصرية توقع بروتوكول تعاون مع جامعة حلوان بـ11 ألف جنيه.. بيت الزكاة يطلق حملة كبرى لصك الأضحية البلدي 7 مليارات جنيه تكلفة طبع الكتاب المدرسي العام الجديد بجودة عالية الدكتور سويلم يتابع موقف منظومة الشكاوى بالوزارة توريد 182 ألف طن من محصول القمح بالبحيرة منذ بدء الموسم حتى الآن باستثمارات تتخطى 10 مليارات دولار.. «مدبولي» يشهد توقيع استلام أرض مشروع محطة الرياح غرب سوهاج ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء أجهزة وزارة الداخلية تواصل حملاتها الأمنية الموسعة بجميع مديريات الأمن جهود قطاع أمن المنافذ خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية ضبط أحد الأشخاص بالإسكندرية لقيامه بإدارة كيان تعليمى وهمى بقصد النصب والاحتيال على المواطنين
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي مقال رئيس التحرير

‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ... ‬استعنت‭ ‬عليكم‭ ‬برب‭ ‬العالمين‭ ‬

الحلقة الرابعة 

‭          ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬خرجت‭ ‬إلى‭ ‬الدنيا‭ ... ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬اعرف‭ ‬القلم‭ .. ‬ليكون‭ ‬رفيقي‭ ‬فيها‭ ... ‬وأنا‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬انساني‭ ‬مثالي‭ .. ‬وأنا‭ ‬انقب‭ ‬عن‭ ‬جنة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬أنصهر‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الجمال‭ .. ‬أذوب‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الخيرات‭ ... ‬

 

‭          ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ .. ‬أحلم‭ ‬أن‭ ‬يسود‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬الحب‭ ‬والوئام‭ ... ‬أُعلي‭ ‬معاني‭ ‬التسامح‭ ‬والصلح‭ ‬والعفو‭ ... ‬أُنادي‭ ‬برفع‭ ‬شعارات‭ ‬الأخلاق‭ ‬والآداب‭ ‬والفضيلة‭ ..‬

 

‭         ‬لذلك‭ ‬كنت‭ ‬دوما‭ ‬أشعر‭ ‬بالغربة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬مهما‭ ‬كنت‭ ‬أنتمي‭ ‬إليه‭ ... ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬بحزن‭ ‬دفين‭ .. ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬ما‭ ‬السر‭ ‬وراءه‭ ... ‬

 

‭        ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬أختلي‭ ‬بنفسي‭ ... ‬كانت‭ ‬السعادة‭ ‬كلها‭ .. ‬ولكن‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬فطرة‭ ‬بحتة‭.. ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬الله‭ .. ‬إما‭ ‬بالصلاة‭ .. ‬أو‭ ‬تلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬أو‭ ‬التسبيح‭ .. ‬أو‭ ‬رفقة‭ ‬النبي‭ ‬الحبيبي‭ ‬المصطفى‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬

 

‭       ‬مرت‭ ‬الأيام‭ .. ‬يعلو‭ ‬ذلك‭ ‬الحب‭ .. ‬ومعه‭ ‬يزيد‭ ‬الاحساس‭ ‬بالغربة‭ ‬ويتأكد‭ ‬الاصرار‭ ‬على‭ ‬الحلم‭ ... ‬محاولة‭ ‬خلق‭ ‬الجنة‭ ‬من‭ ‬حولي‭ .. ‬الرجاء‭ ‬بذيوع‭ ‬الود‭ ‬والخير‭ ‬ونبذ‭ ‬العنف‭ ‬والشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬صوره‭.... ‬

 

وحين‭ ‬ادركت‭ ‬آيات‭ ‬الذكر‭ ‬الحكيم‭ .. ‬وتنامى‭ ‬فكري‭ ... ‬علمت‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ .. ‬وأن‭ ‬الجنة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ... ‬في‭ ‬السماوات‭ ‬العلا‭ ... ‬

 

ولكن‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬الاستسلام‭ ... ‬روحي‭ ‬تضيق‭ ‬بالشر‭ ‬بكل‭ ‬صوره‭ ... ‬وأخيرا‭ ‬هدأت‭ ‬نفسي‭ ‬وتصالحت‭ ‬معها‭ ... ‬حين‭ ‬وعدتها‭ ‬بأنني‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬استطيع‭ ‬خلق‭ ‬الجنة‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ... ‬فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬سوف‭ ‬أضج‭ ‬مضجع‭ ‬الشر‭ ... ‬لن‭ ‬أتصالح‭ ‬معه‭ .. ‬لن‭ ‬استسلم‭ ‬له‭ ... ‬لاشيئ‭ .. ‬إلا‭ ‬لأن‭ ‬روحي‭ ‬ونفسي‭ ‬تتململان‭ .. ‬ترفضان‭ ‬الإذعان‭ ‬للحياة‭ .. ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬ذلك‭ ‬الشر‭ ‬موجود‭ !!!! ..‬

 

‭ ‬كيف‭ ‬أنني‭ ‬احتضر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ...‬وهو‭ ‬يرتع‭ ‬ويترعرع‭ ‬ويستمتع‭ ‬بالحياة‭ ... ‬التي‭ ‬هكذا‭ ‬يحرمها‭ ‬عليّ‭ ...‬

 

‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬حديثي‭ ‬مع‭ ‬نفسي‭ ‬ومصالحتها‭ ‬وتهدئتها‭ .... ‬وجدتني‭ ‬اصطدم‭ ‬فأتثبت‭ ‬بسنة‭ ‬الوجود‭ .. ‬بل‭ ‬وأعيشها‭ ‬بأعنف‭ ‬صورها‭ ... ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ... ‬هما‭ ‬الحقيقة‭ ‬ونحن‭ ‬الظلال‭!!!!! ... ‬الذين‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نلتف‭ ‬حولهما‭ ... ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬توجهنا‭ ‬أرواحنا‭ ‬وأنفسنا‭ .. ‬حسبما‭ ‬نجدها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منهما‭ ... ‬

 

وبحثت‭.. ‬وعلمت‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬الشر‭ .. ‬هو‭ ‬‮«‬إبليس‭ ‬اللعين‮»‬‭ .. ‬ووسوسته‭ .. ‬وحين‭ ‬بدأ‭ ‬الإدراك‭ ‬يأخذني‭ .. ‬وعلمت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعث‭ .. ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬علامات‭ ‬له‭ ... ‬أدركت‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يفتن‭ ‬الناس‭ .. ‬

 

وسبحان‭ ‬الله‭ .. ‬بطول‭ ‬قرائتي‭ ‬للقران‭ ‬الكريم‭ .. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬للشر‭ ‬أطرافا‭ ‬خفية‭ ‬مع‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬و«المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ ‬‮«‬لم‭ ‬نراهم‭ ‬رؤيا‭ ‬العين‮»‬‭ ... ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬طرفا‭ ‬ثالثا‭ ... ‬وهو‭ ‬‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬واضحا‭ ‬وملموسا‭ ‬وظاهرا‭ ... .. ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬غاياتهم‭ ‬واحدة‭ .. ‬وهي‭ ‬تكفير‭ ‬ذرية‭ ‬بني‭ ‬آدم«عليه‭ ‬السلام‮»‬‭  ‬بالمعاصي‭  ... ‬

 

انتقاما‭ ‬لتكريم‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬لهم‭ ... ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإحتلال‭ ‬الأرض‭ ‬منهم‭ .. ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬بإبادتهم‭ .. ‬ولحين‭ ‬ذلك‭ .. ‬يكون‭ ‬تسخيرهم‭ .. ‬وتنصيب‭ ‬العداء‭ ‬بينهم‭ ‬لخراب‭ ‬تلك‭ ‬الأرض‭ ... ‬

 

وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬حلقتي‭ ‬الأولي‭ ‬عن‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭.. ‬وحلقتي‭ ‬الثانية‭ ‬والثالثة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ .. ‬ويقيني‭  ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحالف‭ ‬بينهما‭ ... ‬

و‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بنور‭ ‬الله‭ .. ‬أن‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬حليف‭ ‬قوي‭ ‬لهما‭ .. ‬لشدة‭ ‬ما‭ ‬أشعر‭ ‬من‭ ‬عداءي‭ ‬الشديد‭ ‬نحوهم‭ ... ‬

 

اعتقد‭ ‬ان‭ ‬سبب‭ ‬ذلك‭ ‬العداء‭ .. ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬علمي‭ ‬بتطاولهم‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬العلية‭ ‬والحضرة‭ ‬القدسية‭ ... ‬وجدالها‭ .. ‬وتحريف‭ ‬الكلم‭ ‬عن‭ ‬مواضعه‭ ... ‬ثم‭ ‬قتل‭ ‬الأنبياء‭ ... ‬ثم‭ ‬نقض‭ ‬العهد‭ .. ‬وأشياء‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ... ‬سوف‭ ‬توضح‭ ‬لكم‭ ‬شديد‭ ‬كراهيتي‭ ‬لهم‭ ... ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الإحساس‭ ‬بضرورة‭ ‬القيام‭ ‬بشيئ‭ ‬ضدهم‭ ... ‬

 

أولا‭ ‬غيرة‭ ‬على‭ ‬الله‭ .. ‬وعلى‭ ‬كتابه‭ .. ‬وعلى‭ ‬أنبيائه‭ ... ‬

ثانيا‭ ‬كراهية‭ ‬فيما‭ ‬يفعلونه‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬غرس‭ ‬وترسيخ‭ ‬ذلك‭ ‬الشر‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ... ‬وما‭ ‬يستتبعه‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬البشرية‭ .. ‬وخرابها‭ ‬بعد‭ ‬شقاء‭ ‬ومعاناة‭ ‬يتسببون‭ ‬فيه‭ ‬لهم‭ ... ‬

 

ويزداد‭ ‬عدائي‭ ‬لهم‭ ‬اليوم‭ .. ‬وهم‭ ‬يزدادون‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬الشر‭ ‬اليوم‭ .. ‬حيث‭ ‬تمكنوا‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة‭ ‬وبصورة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ .. ‬تؤكد‭ ‬حدسي‭ ‬في‭ ‬استخدامهم‭ ‬للجن‭ ‬وتعاونهم‭ ‬معهم‭ ... ‬بل‭ ‬ومع‭ ‬المسيخ‭ ‬الدجال‭ ‬نفسه‭ ... ‬

 

لتكون‭ ‬بني‭ ‬اسرائيل‭ ‬هكذا‭ ‬طرف‭ ‬المثلث‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشر‭ ... ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬الشرير‭ ... ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬وصلوا‭ ‬فيه‭ ‬اللامعقول‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬ترتضيه‭ ‬الشرائع‭ ‬السماوية‭ .. ‬والطبيعة‭ ‬الإنسانية‭ .. ‬تلك‭ ‬الغريزة‭ ‬وهذه‭ ‬الفطرة‭ ‬التي‭ ‬تبدلت‭ ... ‬مع‭ ‬الشر‭ ‬‮«‬بصورة‭ ‬شيطانية‮»‬‭ ‬سوف‭ ‬استعرضها‭ ‬معكم‭ ... ‬لتكونوا‭ ‬شركائي‭ ‬في‭ ‬حربي‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الثالوث‭ ‬الخطير‭ ... ‬

 

‭          ‬ويكمن‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬قطبي‭ ‬الصراع‭ ... ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬عندهما‭... ‬لأنه‭ ‬بمحاولة‭ ‬حسم‭ ‬تلك‭ ‬القضية‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬خير‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬مواجة‭ ‬ثالوث‭ ‬الشر‭ .. ‬لعلنا‭ ‬ندعم‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬انتصاره‭ ‬بسحق‭ ‬ذلك‭ ‬الثالوث‭ .... ‬

 

‭           ‬إن‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الحق‭ ‬و‭ ‬الباطل‭... ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭.. ‬بين‭ ‬الطيب‭ ‬والخبيث‭.. ‬بين‭ ‬الحسن‭ ‬والقبيح‭.. ‬مندلع‭ ‬منذ‭ ‬قديم‭ ‬الزمان‭... ‬باق‭ ‬فتيله‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرث‭ ‬الله‭ ‬الأرض‭ ‬ومن‭ ‬عليها‭.... ‬

 

‭           ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬جعله‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬اختبارا‭ ‬لعباده‭.... ‬أمام‭ ‬الشدائد‭ ‬وأمام‭ ‬اللذائذ‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.... ‬لينظر‭ ‬هل‭ ‬ينجح‭ ‬فيه‭ ‬المرء‭ ‬أم‭ ‬يفشل‭ ‬؟؟؟‭!!!! .... ‬هل‭ ‬ينتصر‭ ‬أم‭ ‬ينهزم‭ ‬؟؟؟‭!!! ... ‬هل‭ ‬يصبر‭ ‬أم‭ ‬يقنط‭ ‬من‭ ‬رحمته‭ ‬؟؟؟‭!!! ... ‬‮«‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬الموت‭ ‬والحياة‭ ‬ليبلوكم‭ ‬أيكم‭ ‬أحسن‭ ‬عملا‭ ‬وهو‭ ‬العزيز‭ ‬الغفور‮»‬‭ ... ‬

 

‭            ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬زوال‭ ... ‬فناء‭ .. ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬منها‭ ‬عدل‭ ... ‬ولا‭ ‬تستحق‭ ‬منا‭ ‬الرجاء‭ ... ‬مهما‭ ‬طالت‭ ‬الدنيا‭ ‬فهي‭ ‬قصيرة‭ .. ‬ومهما‭ ‬عظمت‭ ‬فهي‭ ‬حقيرة‭ ... ‬لأن‭ ‬الليل‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬طلوع‭ ‬الفجر‭... ‬و‭ ‬لأن‭ ‬العمر‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬القبر‭ .... ‬

 

‭            ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الدنيا‭ ‬قصيرة‭ ‬المدة‭ ‬فنحن‭ ‬أقصر‭ ... ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الدنيا‭ ‬قليلة‭ ‬الأجل‭ ‬فنحن‭ ‬أقل‭ .. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الدنيا‭ ‬برهة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬فنحن‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬نُذكر‭ !!!!! ..... ‬

 

‭                 ‬عَلَى‭ ‬الدَوْمِ‭ ‬لا‭ ‬تَغْفَـلْ‭ ‬فَإِنَّــكَ‭ ‬رَاحِلٌ‭   .....  ‬إِلى‭ ‬القَبْرِ‭ ‬مَرْهُونٌ‭ ‬بِمَا‭ ‬كُنْتَ‭ ‬تَفْعَلُ

‭    ‬

‭             ‬فَإِمَّا‭ ‬نَعِـــيمٌ‭ ‬فِي‭ ‬الجِنــَانِ‭ ‬وَجَـــنَّة‭ .....‬ٌ‭ ‬وَإِمَّا‭ ‬عَـــذَابٌ‭ ‬سَرْمَـــدِيٌ‭ ‬مُـــزَلَزِلُ

 

‭        ‬ها‭ ‬أنا‭ ‬ذا‭ ‬تحدثت‭ ‬سابقا‭ .. ‬محذرة‭ .. ‬منبهة‭ .. ‬مدركة‭ .. ‬واعية‭.. ‬لصاحب‭ ‬المقام‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬مؤامرة‭ ‬الشر‭ ‬الكبرى‭ ‬لعمالقة‭ ‬الشر‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الخليقة‭ ‬‮…‬‭ ‬‮«‬إبليس‭ ‬اللعين‮»‬‭ .... ‬وكذلك‭ ‬‮«‬أعوانه‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬طالوا‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬‮…‬‭ ‬نالوا‭ ‬من‭ ‬الخلق‭ ‬كله‭ ‬‮…‬

 

‭       ‬نحن‭ ‬نسير‭ ‬مسحــورين‭ ‬‮…‬‭ ‬طائـعين‭ ‬للسحرة‭ ‬الكبار‭ ‬‮…‬‭ ‬مسحــورين‭ .. ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬الأشياء‭ ‬على‭ ‬حقيقتها‭ ‬‮…‬‭ ‬ليعني‭ ‬ذلك‭ ‬تقنين‭ ‬الباطل‭ ‬‮…‬‭ ‬

 

‭         ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬المنكر‭ ‬معروفا‭ ‬‮…‬‭ ‬والمعروف‭ ‬منكرا‭ ‬‮…‬‭ ‬لنعيش‭ ‬حالة‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬توصف‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تلبيس‭ ‬إبليس‮»‬‭ ‬‮…‬‭ ‬بهذا‭ ‬الفجور‭ ‬و‭ ‬المجون‭ ‬‮…‬‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يرتضيه‭ ‬عقل‭ ‬ولا‭ ‬يقره‭ ‬دين‭ ‬‮…‬‭ ‬

 

‭          ‬ها‭ ‬أنا‭ ‬ذا‭ ‬تكلمت‭ .. ‬خضت‭ .. ‬أفصحت‭ .. ‬أعلنت‭ .. ‬بينت‭ .. ‬من‭ ‬هو‭ ‬السامري‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدخال‮»‬‭ ‬؟؟؟‭!!!!!... ‬ثاني‭ ‬أضلاع‭ ‬ثالثوث‭ ‬الشر‭ .‬‭.. ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬تحالفه‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬الأعظم‭ !!!!! .... ‬

 

‭          ‬لتكون‭ ‬شيطنة‭ ‬الأرض‭ ... ‬لعلنا‭ ‬نعرف‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬نحن‭ ‬محاصرين‭ ..  ‬لعلنا‭ ‬نطهرها‭ .. ‬فنخلصها‭ ‬من‭ ‬شرورها‭ ‬التي‭ ‬رسخها‭ ‬ألد‭ ‬أعدائنا‭ ‬وأعدائها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ... ‬

 

‭         ‬لنعيش‭ ‬هكذا‭ ‬في‭ ‬نزال‭ ‬مستمر‭ ‬معهم‭ ....  ‬نتصدي‭ ‬لهم‭... ‬نحاربهم‭ .... ‬نكشف‭ ‬فضائحهم‭ ‬وخططهم‭ ... ‬وتضليلهم‭... ‬وغوايتهم‭ ....  ‬مستعينة‭ ‬بالله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬أخاف‭ ‬فيه‭ ‬لومة‭ ‬لائم‭... ‬مستعينة‭ ‬بحبيبي‭ ‬‮«‬محمد‮»‬‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭... ‬مستعينة‭ ‬بقلمي‭ ‬الذي‭ ‬أقسمت‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬الكتابة‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬الروح‭ ‬في‭ ‬الجسد‭ ‬حتى‭ ‬أفضح‭ ‬أمرهم‭ .. ‬وأبين‭ ‬مآربهم‭ ... ‬وأظهر‭ ‬غاياتهم‭ ‬السوداء‭ ... ‬مستعينة‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬مستكينة‭ ‬بالدعاء‭ ‬عليهم‭ ..... ‬لعلي‭ ‬أكون‭ ‬من‭ ‬مقبولي‭ ‬الدعاء‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالي‭ .... ‬

 

‭         ‬اتساءل‭ ‬بعدما‭ ‬تساءلت‭ ‬سابقا‭ .... ‬هل‭ ‬انتهى‭ ‬عهد‭ ‬اسرائيل‭ ‬مع‭ ‬السحر‭ ‬بعد‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬‮»‬‭ ‬؟؟؟‭!!!!!‬‮…‬‭ ‬أكرر‭ ‬ما‭ ‬قُلته‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ .. ‬وعزم‭... ‬وإصرار‭.. ‬ورباطة‭ ‬جأش‭ ... ‬أنني‭ ‬سأتحدث‭ ‬مطولا‭ ‬عن‭ ‬السحر‭ .. ‬و‭ ‬عن‭ ‬السحرة‭ .. ‬بالله‭ ‬لن‭ ‬أتوقف‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬معي‭ !!!!!! ...... ‬ولأنني‭ ‬ما‭ ‬عشت‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬إلا‭ ‬بأعمال‭ ‬نتقرب‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬وأرجوه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬خيرها‭ .. ‬وأنا‭ ‬أبلغ‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ..‬‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬استحق‭ ‬أمام‭ ‬الله‭ ‬وأمام‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬تلك‭ ‬المكانة‭ ‬وتلك‭ ‬المنزلة‭ ‬وأن‭ ‬يتقبلها‭ ‬الله‭ ‬مني‭ ‬ويتقبلني‭ ‬بها‭ .. ‬أرجوكم‭ ‬أن‭ ‬تدعو‭ ‬الله‭ ‬لي‭ ‬بظهر‭ ‬الغيب‭ ‬‮«‬بالعفو‭ ‬والعافية‮»‬‭ .... ‬

‭ ‬

‭       ‬وحتى‭ ‬أدلل‭ ‬على‭ ‬صدق‭ ‬حدسي‭ ‬تجاه‭ ‬بني‭ ‬اسرائيل‭ ‬أنهم‭ ‬ثالوث‭ ‬الشر‭ ... ‬سوف‭ ‬أعرض‭ ‬لكم‭ ‬حكايتهم‭ ‬مع‭ ‬الجن‭ ‬والسحر‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ..‬‭ ‬وكيف‭ ‬انه‭ ‬كان‭ ‬لصيقا‭ ‬بهم‭ .. ‬وهم‭ ‬يتنفسون‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ... ‬

وكيف‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬اليوم‭ .. ‬وصلوا‭ ‬به‭ ‬ليكون‭ ‬عندهم‭ ‬آله‭ ‬آخر‭ .. ‬ذلك‭ ‬السحر‭ ‬بكل‭ ‬أدواته‭ .. ‬يحاولون‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يستعبدون‭ ‬العالم‭ .... ‬

 

‭    ‬إنه‭ ‬السحر‭!!!!... ‬الذي‭ ‬ابعاده‭ ‬غائرة‭ ‬في‭ ‬غور‭ ‬الزمان‭.. ‬تفوح‭ ‬رائحته‭ ‬من‭ ‬أعماق‭ ‬التاريخ‭... ‬ولا‭ ‬ينقل‭ ‬لنا‭ ‬ذلك‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬إلا‭ ‬رسالة‭ ‬واحدة‭ ‬استعباد‭ ‬البشر‭...  ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬سبق‭ ‬المعرفة‭ ‬بالغيب‭... ‬متناسين‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬السر‭ ‬وأخفي‭ .. ‬جاهلين‭ ‬ومتجاهلين‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬عزوجل‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬الغيب‭ ‬والشهادة‭ ‬الكبير‭ ‬المتعال‭ .... ‬‮«‬عالم‭ ‬الغيب‭ ‬فلا‭ ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬غيبه‭ ‬أحدا‮»‬‭ ........... ‬‮«‬ولا‭ ‬يحيطون‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬علمه‭ ‬إلا‭ ‬بما‭ ‬شاء‮»‬‭ .......... ‬‮«‬عالم‭ ‬الغيب‭ ‬والشهادة‭ ‬فتعالى‭ ‬عما‭ ‬يشركون‮»‬‭ ... ‬

 

‭            ‬فالسحر‭ ‬الذي‭ ‬أخبر‭ ‬الله‭ ‬عنه‭....  ‬طريق‭ ‬للفساد‭... ‬وسبب‭ ‬للضرر‭ ‬بأحوال‭ ‬العباد‭...  ‬وهو‭ ‬فوق‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬سبب‭ ‬للكفر‭ ‬بالله‭ ‬سبحانه‭...‬‭ ‬والخروج‭ ‬عن‭ ‬دينه‭ ‬وشرعه‭ ‬وشرعيته‭ ... ‬يقول‭ ‬تعالى‭ :‬‮«‬وما‭ ‬كفر‭ ‬سليمان‭ ‬ولكن‭ ‬الشياطين‭ ‬كفروا‭ ‬يعلمون‭ ‬الناس‭ ‬السحر‮»‬‭ ... ‬

 

إذن‭ ‬السحر‭ ‬مرتبط‭ ‬بالكفر‭ ‬بالله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ... ‬ومن‭ ‬يتخذه‭ ‬غواية‭ ‬أو‭ ‬مهنة‭ ‬أو‭.. ‬أو‭.. ‬أو‭ ... ‬إنما‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا‭ ‬لتكفير‭ ‬الناس‭ .. ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬يقول‭ ‬أنا‭ ‬‮«‬عليم‭ ‬قادر‮»‬‭ ‬وهذه‭ ‬صفات‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ... ‬وإلا‭ ‬لماذا‭ ‬يحاولون‭ ‬السحرة‭ ‬استعباد‭ ‬البشر‭ ‬بهذه‭ ‬الشراسة‭ ‬وبذلك‭ ‬الكفر‭ ‬البين‭ !!‬‭!!!.... ‬

 

‭            ‬جاء‭ ‬الإسلام‭ ‬ليحفظ‭ ‬للناس‭ ‬دينهم‭ ‬وأنفسهم‭ ‬وأموالهم‭ ‬وأعراضهم‭ ‬وعقولهم‭.... ‬وجعل‭ ‬هذه‭ ‬الضرورات‭ ‬الخمس‭ ‬قواعد‭ ‬الخلق‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬مصالحهم‭ ‬ودفع‭ ‬مضارهم‭....  ‬فحرّم‭ ‬كل‭ ‬اعتداء‭ ‬عليها‭... ‬فحرم‭ ‬الكفر‭ ‬والشرك‭ ‬والردة‭ ‬لإخلالها‭ ‬بأصل‭ ‬الدين‭.... ‬وحرم‭ ‬قتل‭ ‬النفس‭ ‬بغير‭ ‬حق‭.... ‬وحرّم‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬الأموال‭... ‬والأعراض‭.. ‬والأنساب‭...‬وحرّم‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬العقول‭.... ‬بكافة‭ ‬أنواع‭ ‬المسكرات‭ ‬الحسية‭ ‬والمعنوية‭ .‬

 

‭           ‬فالسحر‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القواعد‭ ‬إلا‭ ‬وأفسدها‭.... ‬وجُعل‭ ‬سبيل‭ ‬لتبذير‭ ‬المال‭ ‬وتضييعه‭.... ‬وهو‭ ‬مفسد‭ ‬للذرية‭ ‬بتفريق‭ ‬رباط‭ ‬الأسرة‭ ..... ‬وهو‭ ‬مدخل‭ ‬للزنا‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬الأعراض‭... ‬

 

‭        ‬وهو‭ ‬كذلك‭ ‬سبيل‭ ‬لاغتيال‭ ‬العقول‭ ‬وطمسها‭..... ‬فلا‭ ‬غرو‭ ‬حينئذ‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬وأهله‭ ‬موقفا‭ ‬صارماً‭ ‬فقد‭ ‬حرم‭ ‬تعلمه‭ ‬وتعليمه‭ ‬‭.....  ‬وأوجب‭ ‬كف‭ ‬الساحر‭ ‬عن‭ ‬سحره‭....  ‬وإقامة‭ ‬الحد‭ ‬عليه‭ ‬تطهيرا‭ ‬للمجتمع‭ ‬من‭ ‬شره‭ ‬ودجله‭.... ‬وحرم‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬السحرة‭ ‬والاستعانة‭ ‬بهم‭ .... ‬فقد‭ ‬ورد‭ ‬عن‭ ‬أبي‭ ‬هريرة‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭: ‬عن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ((‬اجتنبوا‭ ‬السبع‭ ‬الموبقات‭)).. ‬قالوا‭: ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وما‭ ‬هن؟‭ ‬قال‭: ((‬الشرك‭ ‬بالله‭... ‬والسحر‭... ‬وقتل‭ ‬النفس‭ ‬التي‭ ‬حرَّم‭ ‬الله‭ ‬إلا‭ ‬بالحق‭.. ‬وأكل‭ ‬الربا‭.. ‬وأكل‭ ‬مال‭ ‬اليتيم،‭... ‬والتولي‭ ‬يوم‭ ‬الزحف‭... ‬وقذف‭ ‬المحصنات‭ ‬المؤمنات‭ ‬الغافلات‭)) ... ‬

 

‭         ‬ها‭ ‬هنا‭ ‬نرى‭ ‬بالدليل‭ ‬القاطع‭ .. ‬والبرهان‭ ‬الساطع‭ .. ‬قول‭ ‬النبي‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ينطق‭ ‬عن‭ ‬الهوى‭ ... ‬أن‭ ‬السحر‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬موبقات‭ ‬الكفر‭ ‬فقط‭ .. ‬بل‭ ‬يلي‭ ‬الشرك‭ ‬بالله‭ ‬رأسا‭ !!!!! .... ‬

 

‭          ‬وأن‭ ‬تسخر‭ ‬دولة‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬الكافر‭ .. ‬بل‭ ‬ويكون‭ ‬منهجها‭ ‬طيلة‭ ‬حياتها‭ .. ‬إذن‭ ‬هو‭ ‬تحدي‭ ‬ليس‭ ‬قبله‭ ‬ولا‭ ‬بعده‭ .. ‬فاق‭ ‬تحدي‭ ‬‮«‬إبليس‭ ‬‮»‬‭ ‬لعنة‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬جميعا‭ .. ‬في‭ ‬العبث‭ ‬بعقول‭ ‬البشر‭ .. ‬وأرواحهم‭ .. ‬وأنفسهم‭ .. ‬لتمكن‭ ‬منهم‭ .. ‬لغوايتهم‭ .. ‬لتكفيرهم‭ .. ‬

 

‭            ‬وقف‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬موقفا‭ ‬حاسما‭....  ‬فسدّ‭ ‬كل‭ ‬طريق‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‭....  ‬وحسما‭ ‬لمادة‭ ‬الخرافة‭ ‬أن‭ ‬تتسلل‭ ‬إلى‭ ‬عقول‭ ‬المسلمين‭ ‬فتعطلها‭ ‬عن‭ ‬التفكير‭ ‬الصحيح‭.... ‬والتخطيط‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬الأسباب‭ ‬والمسببات‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬عليه‭ ‬نظام‭ ‬الكون‭ .... ‬فعن‭ ‬صفية‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬أزواج‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬عن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ((‬من‭ ‬أتى‭ ‬عرافاً‭ ‬فسأله‭ ‬عن‭ ‬شيء‭ ‬لم‭ ‬تُقبل‭ ‬له‭ ‬صلاة‭ ‬أربعين‭ ‬ليلة‭)) .‬‭.. ‬

 

 

‭          ‬نعوذ‭ ‬بالله‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬وشره‭ ... ‬نعوذ‭ ‬بالله‭ ‬من‭ ‬السحرة‭ ‬وشرورهم‭ .. ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬منهم‭ ‬أحد‭ .. ‬ولم‭ ‬يتركوا‭ ‬أحد‭ ... ‬حتى‭ ‬النبي‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ .... ‬نردد‭ ‬و‭ ‬نستعيذ‭ ‬ونتلو‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ : ‬

‮«‬قُلْ‭ ‬أَعُوذُ‭ ‬بِرَبِّ‭ ‬الْفَلَقِ‭ * ‬مِنْ‭ ‬شَرِّ‭ ‬مَا‭ ‬خَلَقَ‭ * ‬وَمِنْ‭ ‬شَرِّ‭ ‬غَاسِقٍ‭ ‬إِذَا‭ ‬وَقَبَ‭ * ‬وَمِنْ‭ ‬شَرِّ‭ ‬النَّفَّاثَاتِ‭ ‬فِي‭ ‬الْعُقَدِ‭ * ‬وَمِنْ‭ ‬شَرِّ‭ ‬حَاسِدٍ‭ ‬إِذَا‭ ‬حَسَدَ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الفلق‭ .. ‬

 

‭            ‬ووجه‭ ‬الدلالة‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أمر‭ ‬نبيه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بالاستعاذة‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬النفاثات‭ ‬وهن‭ ‬السواحر‭.... ‬كما‭ ‬أن‭ ‬جمهور‭ ‬المفسرين‭ ‬اتفقوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬نزول‭ ‬هذه‭ ‬السورة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬‮«‬لبيد‭ ‬بن‭ ‬الأعصم‭ ‬اليهودي‮»‬‭ ‬لعنه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬سحر‭ ‬النبي‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ...‬

 

‭         ‬انتبهووووووووا‭ .... ‬ادركواااااااا‭ .... ‬افطنوووووووا‭ ... ‬تيقظوااااااااا‭ .... ‬أسرعوااااا‭..... ‬

 

‭         ‬إنهم‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬سحروا‭ ‬الرسول‭ .. ‬وهذه‭ ‬إشارة‭ ‬أنهم‭ ‬ملوك‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لأنهم‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬أبطال‭ ‬السحر‭ ‬أمام‭ ‬الرسول‭ .. ‬فهل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تحذير‭ ‬وتنوير‭ ‬وتبصير‭ ‬وتنبيه‭ ‬لخطورة‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬ومع‭ ‬رسوله‭ ‬وبالتالي‭ ‬مع‭ ‬أمته‭ ‬وإلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ .... ‬

 

هل‭ ‬تدركوا‭ ‬يا‭ ‬أمة‭ ‬محمد‭ .. ‬هل‭ ‬تتذكرون‭ ‬يوم‭ ‬ولادته‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ... ‬حين‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬المطلب»جد‭ ‬النبي‭ ‬أحد‭ ‬القساوسة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬يهوديا‭ ‬يمر‭ ‬النبي‭ ... ‬وما‭ ‬ندري‭ ‬وراءه‭ ‬أي‭ ‬أذى‭ ‬لرسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ .... ‬فالنصارى‭ ‬أنفسهم‭ ‬حذروا‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬لأنهم‭ ‬يعلمون‭ ‬سرهم‭ ‬ومدى‭ ‬خطورتهم‭ .. ‬وأنهم‭ ‬يتربصون‭ ‬به‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ... ‬

 

ذلك‭ ‬اليهودي‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬يصرخ‭ ‬تلك‭ ‬اليلة‭ ‬حين‭ ‬رأي‭ ‬علامة‭ ‬النبوة‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬محمد‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ... ‬وأخذ‭ ‬يقول‭ ‬اليوم‭ ‬ضاعت‭ ‬النبوة‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬وباتت‭ ‬في‭ ‬يد‭  ‬العرب‭ ...  ‬

 

ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬تربصوا‭ ‬به‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬وقاموا‭ ‬بسحره‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ثلاث‭ ‬شعرات‭ ‬من‭ ‬رأسه‭ ‬الشريفة‭ ‬بحفنة‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬اشتروا‭ ‬بها‭ ‬خادمه‭ ‬الذي‭ ‬مكنهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ .. ‬

 

إذن‭ ‬حين‭ ‬حاول‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬أن‭ ‬يحذر‭ ‬من‭ ‬السحر‭ .. ‬ويشرع‭ ‬ويسن‭ ‬التصدي‭ ‬له‭ ‬للتغلب‭ ‬عليه‭ .. ‬كان‭ ‬بابتلاء‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ .. ‬وعلى‭ ‬يد‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬وهكذا‭ ‬يخبرنا‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ .. ‬مدى‭ ‬خطورتهم‭ .. ‬ومدى‭ ‬الفعل‭ ‬الآثم‭ ‬الكافر‭ .. ‬الذي‭ ‬يضطلعون‭ ‬به‭ !!!‬‭!! ... ‬وكأنه‭ ‬يساعدنا‭ ‬أن‭ ‬نفطن‭ ‬لقوتهم‭ ... ‬وكأنه‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يرشدنا‭ ‬إلى‭ ‬مدي‭ ‬وقاحتهم‭ ..  ‬بمحاولة‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬شخصيا‭ !!!! .... ‬

 

وكأن‭ ‬الله‭ ‬سبحاه‭ ‬وتعالى‭ ‬يحذرنا‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬لهم‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬نبي‭ ‬الرسالة‭ ... ‬فماذا‭ ‬مع‭ ‬الاتباع‭ ........ ‬يرحمكم‭ ‬الله‭ !!!!!!!!!! ....‬‭.. ‬

 

ارجعوا‭ ‬إلى‭ ‬مقالي‭ ‬‮«‬سلمت‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‮»‬‭ ... ‬

 

 

‭          ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬وروته‭...  ‬عائشة‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬سَحَرَ‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬زريق‭ ‬يُقال‭ ‬له‭ ‬‮«‬لبيد‭ ‬بن‭ ‬الأعصم‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬كان‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬يُخيَّل‭ ‬إليه‭ ‬أنه‭ ‬يفعل‭ ‬الشيء‭ ‬وما‭ ‬فعله،‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أو‭ ‬ذات‭ ‬ليلة‭ ‬وهو‭ ‬عندي‭ ‬لكنه‭ ‬دعا‭ ‬ودعا‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ((‬يا‭ ‬عائشة‭ ‬أشعرت‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬أفتاني‭ ‬فيما‭ ‬استفتيته‭ ‬فيه،‭ ‬أتاني‭ ‬رجلان‭ ‬فقعد‭ ‬أحدهما‭ ‬عند‭ ‬رأسي،‭ ‬والآخر‭ ‬عند‭ ‬رجلي،‭ ‬فقال‭ ‬أحدهما‭ ‬لصاحبه‭: ‬ما‭ ‬وجع‭ ‬الرجل؟‭ ‬فقال‭: ‬مطبوب،‭ ‬قال‭: ‬من‭ ‬طبه؟‭ ‬قال‭: ‬لبيد‭ ‬بن‭ ‬الأعصم،‭ ‬قال‭: ‬في‭ ‬أي‭ ‬شيء؟‭ ‬قال‭: ‬في‭ ‬مشط‭ ‬ومشاطة،‭ ‬وجف‭ ‬طلع‭ ‬نخلة‭ ‬ذكر،‭ ‬قال‭: ‬وأين‭ ‬هو؟‭ ‬قال‭: ‬في‭ ‬بئر‭ ‬ذروان‭))‬،‭ ‬فأتاها‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬في‭ ‬ناس‭ ‬من‭ ‬أصحابه،‭ ‬فجاء‭ ‬فقال‭: ‬،‭ ‬قلت‭: ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬أفلا‭ ‬استخرجته؟‭ ‬قال‭: ((‬قد‭ ‬عافاني‭ ‬الله‭ ‬فكرهت‭ ‬أن‭ ‬أثِّور‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬فيه‭ ‬شراً‭))‬،‭ ‬فأمر‭ ‬بها‭ ‬فدُفنت‮»‬‭ ‬رواه‭ ‬البخاري‭ ‬برقم‭ (‬5430‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬بيان‭ ‬أن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بشر‭ ‬يصيبه‭ ‬ما‭ ‬يصيب‭ ‬الناس،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬السحر‭ ‬له‭ ‬حقيقة‭ ‬وتأثير‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬يظهر‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬عادة‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يظن‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬فعل‭ ‬الشيء‭ ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬يفعله‭ ‬حقيقة،‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭..‬

 

 

إن‭ ‬السحر‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الخفية‭ ‬في‭ ‬الكون‭ .....  ‬وكلمة‭ ‬السحر‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬السَّحَر‭: ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬آخر‭ ‬الليل‭ ‬وأول‭ ‬النهار‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬ظلمة‭ ‬الليل‭ ‬ومن‭ ‬ضوء‭ ‬النهار‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬نهاراً‭ ‬ولا‭ ‬ليلاً‭ ...  ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬له‭ ‬واقعين‭ ‬ليس‭ ‬واقعا‭ ‬واحدا‭.‬

 

السحر‭ ‬جامع‭ ‬بين‭ ‬شيئين‭ ‬شئ‭ ‬يخيل‭ ‬إليك‭ ‬أنه‭ ‬واقع‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬بواقع‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬ظاهراً‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬واقعه‭. ‬ظاهر‭ ‬أشياء‭ ‬تتخيل‭ ‬أنها‭ ‬تحدث‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تحدث‭.‬

 

السحر‭ ‬تأثيره‭ ‬على‭ ‬العين‭ ‬فالعين‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تُسحر‭ ‬لترى‭ ‬أشياء‭ ‬غير‭ ‬واقعة‭ ‬ولا‭ ‬حقيقية‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: ‬‮«‬سحروا‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬واسترهبوهم‮»‬‭.‬

 

وهذا‭ ‬ما‭ ‬كتبت‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬السابقة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬بصمات‭ ‬الدجال‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬خرجت‭ ‬عن‭ ‬مثلث‭ ‬برمودا‮»‬‭ .... ‬عندما‭ ‬استطاع‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ ‬بقوة‭ ‬خارقة‭ ‬ان‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬الأمواج‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬أشهر‭ ‬النظريات‭ ‬عن‭ ‬القوة‭ ‬الخارقة‭ ‬‮«‬لمثلث‭ ‬برمودا‮»‬‭... ‬حينما‭ ‬تلقت‭ ‬القاعدة‭ ‬رسالة‭ ‬غريبة‭ ‬من‭ ‬قائد‭ ‬السرب‭  ..... ‬تقول‭ : ‬القائد‭ ( ‬الملازم‭ ‬تشارلزتيلور‭ ) ‬ينادي‭ ‬القاعدة‭ : ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬يبدو‭ ‬أننا‭ ‬خارج‭ ‬خط‭ ‬السير‭ ‬تماماً‭ ‬‮«‬‭ ‬لا‭ ‬استطيع‭ ‬رؤية‭ ‬الأرض‭ ..... ‬لا‭ ‬استطيع‭ ‬تحديد‭ ‬المكان‭ ‬‮»‬‭ ... ‬اعتقد‭ ‬أننا‭ ‬فقدنا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ .... ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬غريب‭ ‬ومشوش‭ ‬تماماً‭ .....  ‬لا‭ ‬استطيع‭ ‬تحديد‭ ‬أي‭ ‬اتجاه‭ ‬حتى‭ ‬المحيط‭ ‬أمامنا‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬غريب‭ ‬لا‭ ‬استطيع‭ ‬تحديده‭ ‬‮»‬‭ .... ‬

 

بما‭ ‬يؤكد‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬حالات‭ ‬السحر‭ .. ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬مداها‭ .. ‬وعلى‭ ‬رؤوس‭ ‬الأشهاد‭ .. ‬ملئ‭ ‬البصر‭ ‬والسمع‭ ‬والفؤاد‭ ‬،،‭ ‬ومن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بمستوى‭ ‬عال‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ... ‬ومن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بذلك‭ ‬؟؟‭!! ‬إا‭ ‬كما‭ ‬حدثنا‭ ‬عنه‭ ‬القران‭ ‬الكريم‭ .. ‬وهو‭ ‬المسيخ‭ ‬الدجال‭.... ‬والذي‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬قوته‭ ... ‬لإرهاب‭ ‬وإخضاع‭ ‬وغواية‭ ‬البشر‭ .. ‬من‭ ‬الجن‭ ... ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بماهية‭ ‬إبليس‭ ‬الذي‭ ‬يشترك‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬غايته‭ ‬وهو‭ ‬تكفير‭ ‬البشر‭ ... ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬علم‭ ... ‬ببني‭ ‬إسرائيل‭ .. ‬وبقينهم‭ .. ‬وعلاقاتهم‭ ‬بالجن‭ .. ‬ليكون‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬معهم‭ ‬أيضا‭ .... ‬

 

وعلى‭ ‬ذلك‭ ... ‬هناك‭ ‬نوعان‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬نوع‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬وما‭ ‬يستطيعون‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خفة‭ ‬اليد‭ ‬وخداع‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬ونوع‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الاستعانة‭ ‬بقوى‭ ‬تفوق‭ ‬قدرات‭ ‬البشر‭.... ‬والغرض‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬عموماً‭ ‬هو‭ ‬استرهاب‭ ‬الناس‭ ‬وتخويفهم‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليهم‭.‬

 

والسحر‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬تخييل‭ ‬وخداع‭ ‬للبصر‭ ‬والحواس‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬يُخيل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬سحرهم‭ ‬أنها‭ ‬تسعى‮»‬‭.‬

 

 

 

السحر‭ ‬حقيقة‭ ‬لها‭ ‬وجود‭ ‬،‭ ‬وظهرت‭ ‬أثاره‭ ‬على‭ ‬المسحورين‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وجاءوا‭ ‬بسحر‭ ‬عظيم‮»‬‭ ... ‬سورة‭ ‬الأعراف

 

ونحن‭ ‬نرى‭ ‬ذلك‭ ‬جليا‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬مع‭ ‬سحرة‭ ‬فرعون‭..  ‬والذي‭ ‬لجأ‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬السحر‭ .... ‬فسيدنا‭ ‬موسى‭ ‬بمعجزة‭ ‬الهية‭ .. ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بالسحر‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭ .. ‬بينما‭ ‬سحرة‭ ‬فرعون‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فعلوه‭ ‬فقط‭ ‬أنهم‭ ‬سحروا‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ .... ‬

 

وذلك‭ ‬عندما‭ ‬ألقى‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬عصاه‭ ‬فإذا‭ ‬هي‭ ‬تحولت‭ ‬لحية‭ ‬حقيقية‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬تخييل‭ ‬وخفة‭ ‬يد‭ ‬وخداع‭ ‬بصري‭...  ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬سجود‭ ‬السحرة‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬لأنهم‭ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬السحر‭ ‬ويعرفون‭ ‬خدع‭ ‬خفة‭ ‬اليد‭...  ‬وكذلك‭ ‬يعرفون‭ ‬أنهم‭ ‬سحروا‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬بتخييلهم‭ ‬أن‭ ‬حبالهم‭ ‬وعصيهم‭ ‬حيات‭ ‬تسعى‭ ‬ولكن‭ ‬أعين‭ ‬السحرة‭ ‬لم‭ ‬تُخدع‭ ‬لأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬الحيلة‭ .... ‬لم‭ ‬تخدع‭ ‬أمام‭ ‬السحر‭ ‬الحقيقي‭ ‬لموسى‭ ‬بالعصا‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬حية‭ ‬تسعى‭ ... ‬

 

‭ ‬لكن‭ ‬لما‭ ‬رأوا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬أتى‭ ‬به‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬ليس‭ ‬سحراً‭ ‬خداعاً‭ ‬بصرياً‭ ‬ولا‭ ‬تخييلاً‭ ... ‬ألقوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬سجداً‭ ‬مؤمنين‭ ‬به‭ ‬نبياً‭ ‬وبربه‭ ‬إلهاً‭... ‬لأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬الصنعة‭ ‬وما‭ ‬أتى‭ ‬به‭ ‬موسى‭ ‬ليس‭ ‬حيلة‭ ‬بل‭ ‬معجزة‭ ‬وليس‭ ‬تخييلاً‭ ‬وخداعاً‭ ‬بل‭ ‬واقعاً‭ ‬وحقيقة‭ ‬ومادة‭ ‬عصا‭ ‬موسى‭ ‬تحولت‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬حية‭ ‬تسعى‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬السحرة‭ ‬فعله‭ ‬مطلقاً‭.‬

 

وفرعون‭ ‬لم‭ ‬يؤمن‭ ‬لأن‭ ‬عينه‭ ‬مسحورة‭ ‬بفعل‭ ‬السحرة‭ ... ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬حبال‭ ‬السحرة‭ ‬التي‭ ‬بدلوها‭ ‬بحيات‭ ‬بخفة‭ ‬أيديهم‭ ‬وحيلهم‭ ‬وبين‭ ‬عصا‭ ‬موسى‭... ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬حقيقة‭ ‬لحية‭ ‬تسعى‭..... ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬حية‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬الحقيقية‭ ‬التهمت‭ ‬حيات‭ ‬السحرة‭ ‬المزيفة‭.... ‬

 

فالسحر‭ ‬هو‭ ‬تخييل‭ ‬حقيقة‭ ‬وليس‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقة،‭ ‬بينما‭ ‬المعجزة‭ ‬هي‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقة‭.‬

 

 

وهذا‭ ‬يظهر‭ ‬جليا‭ .. ‬واحتكم‭ ‬إليه‭ .. ‬حيث‭ ‬يدلل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حرف‭ ‬اكتبه‭ ... ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬قَالَ‭ ‬نَعَمْ‭ ‬وَإِنَّكُمْ‭ ‬إِذًا‭ ‬لَمِنَ‭ ‬الْمُقَرَّبِينَ‭ * ‬قَالَ‭ ‬لَهُمْ‭ ‬مُوسَى‭ ‬أَلْقُوا‭ ‬مَا‭ ‬أَنْتُمْ‭ ‬مُلْقُونَ‭* ‬فَأَلْقَوْا‭ ‬حِبَالَهُمْ‭ ‬وَعِصِيَّهُمْ‭ ‬وَقَالُوا‭ ‬بِعِزَّةِ‭ ‬فِرْعَوْنَ‭ ‬إِنَّا‭ ‬لَنَحْنُ‭ ‬الْغَالِبُونَ‭ * ‬فَأَلْقَى‭ ‬مُوسَى‭ ‬عَصَاهُ‭ ‬فَإِذَا‭ ‬هِيَ‭ ‬تَلْقَفُ‭ ‬مَا‭ ‬يَأْفِكُونَ‭ *‬فَأُلْقِيَ‭ ‬السَّحَرَةُ‭ ‬سَاجِدِينَ‭ *‬‭ ‬قَالُوا‭ ‬آَمَنَّا‭ ‬بِرَبِّ‭ ‬الْعَالَمِينَ‭ * ‬رَبِّ‭ ‬مُوسَى‭ ‬وَهَارُونَ‭ * ‬قَالَ‭ ‬آَمَنْتُمْ‭ ‬لَهُ‭ ‬قَبْلَ‭ ‬أَنْ‭ ‬آَذَنَ‭ ‬لَكُمْ‭ ‬إِنَّهُ‭ ‬لَكَبِيرُكُمُ‭ ‬الَّذِي‭ ‬عَلَّمَكُمُ‭ ‬السِّحْرَ‭ ‬فَلَسَوْفَ‭ ‬تَعْلَمُونَ‭ ‬لَأُقَطِّعَنَّ‭ ‬أَيْدِيَكُمْ‭ ‬وَأَرْجُلَكُمْ‭ ‬مِنْ‭ ‬خِلَافٍ‭ ‬وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ‭ ‬أَجْمَعِينَ‭ * ‬قَالُوا‭ ‬لَا‭ ‬ضَيْرَ‭ ‬إِنَّا‭ ‬إِلَى‭ ‬رَبِّنَا‭ ‬مُنْقَلِبُونَ‭ * ‬إِنَّا‭ ‬نَطْمَعُ‭ ‬أَنْ‭ ‬يَغْفِرَ‭ ‬لَنَا‭ ‬رَبُّنَا‭ ‬خَطَايَانَا‭ ‬أَنْ‭ ‬كُنَّا‭ ‬أَوَّلَ‭ ‬الْمُؤْمِنِينَ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الشعراء‭ .. ‬

 

 

 

‭ ‬

وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قد‭ ‬أمر‭ ‬نبيه‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بالذهاب‭ ‬إلى‭ ‬فرعون‭ ... ‬وسأل‭ ‬موسى‭ ‬ربه‭ ‬أن‭ ‬يعينه‭ ‬بأخيه‭ ‬هارون‭ , ‬فلما‭ ‬ذهبا‭ ‬وبلغا‭ ‬فرعون‭ ‬ما‭ ‬أرسلا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬عبادة‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬شريك‭ ‬له‭ ‬وأن‭ ‬يفك‭ ‬أسرى‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬قبضته‭ ‬وسطوته‭ ‬ويتركهم‭ ‬يعبدون‭ ‬ربهم‭ , ‬تكبر‭ ‬فرعون‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وعتا‭ ‬وطغى‭ ‬ونظر‭ ‬إلى‭ ‬موسى‭ ‬بعين‭ ‬الازدراء‭ ‬واستمر‭ ‬على‭ ‬طغيانه‭ ‬وعناده‭ .... ‬

 

وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المعجزة‭ ‬أدخل‭ ‬موسى‭ ‬يده‭ ‬في‭ ‬جيبه‭ ‬وأخرجها‭ ‬وهي‭ ‬كفلقة‭ ‬القمر‭ ‬تتلألأ‭ ‬نورا‭ ‬تبهر‭ ‬الأبصار‭ ‬فإذا‭ ‬أعادها‭ ‬إلى‭ ‬جيبه‭ ‬رجعت‭ ‬إلى‭ ‬صفتها‭ ‬الأولى‭.. ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬معجزات‭ ‬وآيات‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬التسع‭ .. ‬

يقول‭ ‬تعالى‭ : ‬‮«‬وأدخل‭ ‬يدك‭ ‬في‭ ‬جيبك‭ ‬تخرج‭ ‬بيضاء‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬سوء‭ ‬في‭ ‬تسع‭ ‬آيات‭ ‬إلى‭ ‬فرعون‭ ‬وقومه‭ ‬إنهم‭ ‬كانوا‭ ‬قوما‭ ‬فاسقين‮»‬‭ ... ‬

 

‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬ينتفع‭ ‬فرعون‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بل‭ ‬استمر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬وأظهر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬سحر‭ ‬وأراد‭ ‬معارضته‭ ‬بالسحرة‭ ..... ‬فأرسل‭ ‬للسحرة‭ ‬يجمعهم‭ ‬من‭ ‬سائر‭ ‬مملكته‭ ... ‬ثم‭ ‬طلب‭ ‬أن‭ ‬يواعده‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬ومكان‭ ‬معلومين‭ .... ‬

 

‭ ‬وكان‭ ‬السحر‭ ‬قد‭ ‬استشرى‭ ‬في‭ ‬القبط‭ ‬في‭ ‬قوم‭ ‬فرعون‭ ‬وكان‭ ‬مهنتهم‭ ‬وحرفتهم‭ ... ‬وقد‭ ‬ذهل‭ ‬فرعون‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لذا‭ ‬دعا‭ ‬موسى‭ ‬وهارون‭ ‬إلى‭ ‬التحدي‭ ‬في‭ ‬السحر‭ ‬وجلب‭ ‬السحرة‭ ‬العظام‭ ‬ليواجهوا‭ ‬موسى‭ ‬فإذا‭ ‬انتصروا‭ ‬فسيتم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬دعوته‭ ‬وتعزيز‭ ‬ألوهية‭ ‬فرعون‭... ‬

 

‭ ‬وكان‭ ‬يوم‭ ‬عيد‭ ‬من‭ ‬أعيادهم‭ ‬ومجتمع‭ ‬لهم‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬النهار‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬اشتداد‭ ‬ضياء‭ ‬الشمس‭ ‬فيكون‭ ‬الحق‭ ‬أظهر‭ ‬وأجلى‭ ‬وحتى‭ ‬يتحقق‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إليه‭ ‬فرعون‭ ‬بتجنيد‭ ‬السحرة‭ ... ‬واختار‭ ‬يوم‭ ‬احتفال‭ ‬شعبي‭ ‬وهو‭ ‬يوم‭ ‬الزينة‭ ‬الذي‭ ‬يجتمع‭ ‬فيه‭ ‬المصريون‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬الجميع‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬فئة‭ ‬دون‭ ‬أخرى‭ ... ‬

 

‭ ‬فجمع‭ ‬فرعون‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬ببلاده‭ ‬من‭ ‬السحرة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬بلد‭ ‬ومكان‭ ‬فاجتمع‭ ‬منهم‭ ‬خلق‭ ‬كثير‭ , ‬وتقدم‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬إليهم‭ ‬فوعظهم‭ ‬وزجرهم‭ ‬عن‭ ‬تعاطي‭ ‬السحر‭ ‬الباطل‭ ‬الذي‭ ‬فيه‭ ‬معارضة‭ ‬لآيات‭ ‬الله‭ ‬وحججه‭ , ‬فاصطفوا‭ ‬ووقف‭ ‬موسى‭ ‬وهارون‭ ‬تجاههم‭ ‬قالوا‭ ‬له‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تلقي‭ ‬قبلنا‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬نلقي‭ ‬؟‭ , ‬قال‭ ‬بل‭ ‬ألقوا‭ ‬أنتم‭ , ‬وكانوا‭ ‬قد‭ ‬أخذوا‭ ‬الحبال‭ ‬والعصي‭ ‬فملؤها‭ ‬الزئبق‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الآلات‭ ‬التي‭ ‬تضطرب‭ ‬بسببها‭ ‬تلك‭ ‬الحبال‭ ‬والعصي‭ ‬اضطرابا‭ ‬يخيل‭ ‬للرائي‭ ‬أنها‭ ‬تسعى‭ ‬باختيارها‭ ‬وألقوها‭ ‬وعند‭ ‬ذلك‭ ‬سحروا‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬واسترهبوهم‭ .‬

 

 

فألقى‭ ‬موسى‭ ‬عصاه‭ ‬فصارت‭ ‬حية‭ ‬عظيمة‭ ‬ذات‭ ‬عنق‭ ‬كبير‭ ‬وشكل‭ ‬هائل‭ ‬مرعب‭ ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬خافوا‭ ‬منها‭ , ‬وأقبلت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ألقوه‭ ‬من‭ ‬الحبال‭ ‬والعصي‭ ‬فجعلت‭ ‬تلقفه‭ ‬واحدا‭ ‬واحدا‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ , ‬والناس‭ ‬ينظرون‭ ‬إليها‭ ‬ويتعجبون‭ ‬منها‭ , ‬وأما‭ ‬السحرة‭ ‬فرأوا‭ ‬ما‭ ‬هالهم‭ ‬وحيرهم‭ ‬في‭ ‬أمرهم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬بسحر‭ , ‬فأنابوا‭ ‬إلى‭ ‬ربهم‭ ‬وخروا‭ ‬له‭ ‬ساجدين‭ ‬وأعلنوا‭ ‬إيمانهم‭ ‬بالله‭ ‬رب‭ ‬موسى‭ ‬وهارون‭ .. ‬

 

ولا‭ ‬عجب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لأنعم‭ ‬أرباب‭ ‬المهنة‭ .. ‬يستطيعون‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سحر‭ ‬على‭ ‬التخييل‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬سحر‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬الحقيقة‭ ... ‬التي‭ ‬هي‭ ‬المعجزة‭ ‬الالهية‭ ... ‬

 

فلما‭ ‬رأوا‭ ‬كيف‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬موسى‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬بعصاه‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬حية‭ ‬تسعى‭ ‬تلقف‭ ‬ما‭ ‬صنعوا‭ ‬من‭ ‬سحر‭ ‬عظيم‭ ‬انقلبت‭ ‬قلوبهم‭ ‬وتحولت‭ ‬من‭ ‬منتهى‭ ‬الكفر‭ ‬والضلال‭ ‬إلى‭ ‬منتهى‭ ‬اليقين‭ ‬والإيمان‭ ‬وخروا‭ ‬ساجدين‭ .. ‬وثبتوا‭ ‬أمام‭ ‬تهديد‭ ‬فرعون‭ ... ‬بأنه‭ ‬سيقطع‭ ‬أيديهم‭ ‬وأرجلهم‭ ‬من‭ ‬خلاف‭ ‬ويصلبهم‭ ‬في‭ ‬جذوع‭ ‬النخل‭ ‬وهو‭ ‬تهديد‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يصبر‭ ‬عليه‭ ‬شخص‭ ‬حديث‭ ‬الإيمان‭ ‬لكن‭ ‬الله‭ ‬مقلب‭ ‬القلوب‭ ‬ثبت‭ ‬قلوبهم‭ ‬على‭ ‬الإيمان‭ ‬والطاعة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬العصيبة‭ , ‬قال‭ ‬ابن‭ ‬عباس‭ ‬كانوا‭ ‬أول‭ ‬النهار‭ ‬كفرة‭ ‬سحرة‭ ‬وأصبحوا‭ ‬أخر‭ ‬النهار‭ ‬شهداء‭ ‬بررة‭ , ‬ويؤيد‭ ‬هذا‭ ‬قولهم‭ ‬‮«‬ربنا‭ ‬افرغ‭ ‬علينا‭ ‬صبرا‭ ‬وتوفنا‭ ‬مسلمين‭ ‬‮»‬‭ ... ‬

 

‭ ‬وقال‭ ‬سعيد‭ ‬بن‭ ‬جبير‭ ‬وعكرمة‭ ‬البربري‭ ‬والأوزاعي‭ ‬وغيرهم‭ ‬لما‭ ‬سجد‭ ‬السحرة‭ ‬رأوا‭ ‬منازلهم‭ ‬وقصورهم‭ ‬في‭ ‬الجنة‭ ‬تهيأ‭ ‬لهم‭ ‬وتزخرف‭ ‬لقدومهم‭ ‬ولهذا‭ ‬لم‭ ‬يلتفتوا‭ ‬إلى‭ ‬تهويل‭ ‬فرعون‭ ‬وتهديده‭ ‬ووعيده‭ ‬لما‭ ‬رأوا‭ ‬من‭ ‬المكرمات‭ ...‬

 

يا‭ ‬الهي‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الإيمان‭ .. ‬اللهم‭ ‬ثبتنا‭ ‬عليه‭ .. ‬أي‭ ‬دنيا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ .. ‬أي‭ ‬عذاب‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ... ‬تهون‭ ‬الدنيا‭ ‬مهما‭ ‬تعاظمت‭ .. ‬ويهون‭ ‬العذاب‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬آياته‭ .. ‬ولسعاته‭ ‬ووهيبه‭ .. ‬أمام‭ ‬رضى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬الذي‭ ‬يثلج‭ ‬الصدر‭ ... ‬ويطمئن‭ ‬النفس‭ .. ‬ويسكن‭ ‬القلب‭ .. ‬ويذهب‭ ‬الروع‭ .. ‬ويهدأ‭ ‬الروح‭ ... ‬ويميت‭ ‬الألم‭ ‬في‭ ‬الجسد‭ ... ‬

فلا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬ملاك‭ .. ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬إلا‭ ‬نعم‭ ‬الله‭ ‬وفضله‭ .. ‬وجناته‭ .. ‬وفردوسه‭ .. ‬وعلو‭ ‬مكانته‭ .. ‬

 

ويصغر‭ ‬ويدني‭ ‬ويذل‭ ‬ويحقر‭ ‬ويقهر‭ ‬أعداء‭ ‬الله‭ ‬وأعداء‭ ‬الدين‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬معدومة‭ ‬أمام‭ ‬المؤمنين‭ .. ‬وعظيمة‭ ‬أمام‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأعداء‭ ‬ليظلوا‭ ‬‮«‬في‭ ‬طغيانهم‭ ‬يعمهون‮»‬‭ ... ‬ويستدرجهم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ .. ‬ويملي‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬كيده‭ ‬متين‭ ... ‬

 

أمثال‭ ‬النمرود‭ .. ‬أمثال‭ ‬فرعون‭ ‬وجنوده‭ .. ‬أمثال‭ ‬قارون‭ ... ‬وغيرهم‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ ... ‬ليظل‭ ‬المؤمنون‭ ‬هم‭ ‬الغالبون‭ .. ‬‮«‬إلا‭ ‬إن‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬هم‭ ‬الفائزون‮»‬‭ ... ‬يقهرون‭ ‬حزب‭ ‬الشيطان‭ ‬ألا‭ ‬إن‭ ‬حزب‭ ‬الشيطان‭ ‬هم‭ ‬الخاسرون‭ ...‬

وقد‭ ‬اُختلف‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السحرة‭ ‬الذين‭ ‬جاء‭ ‬بهم‭ ‬فرعون‭ ‬لمقابلة‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ... ‬

فذكر‭ ‬ابن‭ ‬كثير‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬والنهاية‭ ‬أنه‭ ‬قيل‭ : ‬كانوا‭ ‬ثمانين‭ ‬ألفا‭ ‬قاله‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬كعب‭ ..‬

وقيل‭ ‬سبعين‭ ‬ألفا‭ ‬قاله‭ ‬القاسم‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬بردة‭... ‬

وقال‭ ‬السدي‭ ‬بضعة‭ ‬وثلاثين‭ ‬ألفا‭ ..‬

‭ ‬وعن‭ ‬أبي‭ ‬أمامة‭ ‬تسعة‭ ‬عشر‭ ‬ألفا‭...‬

‭ ‬وقال‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬إسحاق‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬ألفا‭ ...‬

‭ ‬وقال‭ ‬كعب‭ ‬الأحبار‭ ‬كانوا‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬ألفا‭ ... ‬

‭ ‬وروى‭ ‬ابن‭ ‬أبي‭ ‬حاتم‭ ‬عن‭ ‬ابن‭ ‬عباس‭ ‬كانوا‭ ‬سبعين‭ ‬رجلا‭ .‬

 

سبحان‭ ‬الله‭.. ‬والحمد‭ ‬لله‭ ..‬ولا‭ ‬اله‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ .. ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلا‭ ‬بالله‭ .. ‬واستغفر‭ ‬الله‭ ‬العلي‭ ‬العظيم‭ ‬‮«‬‭ ‬خَتَمَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَىٰ‭ ‬قُلُوبِهِمْ‭ ‬وَعَلَىٰ‭ ‬سَمْعِهِمْ‭ ‬وَعَلَىٰ‭ ‬أَبْصَارِهِمْ‭ ‬غِشَاوَةٌ‭ ‬وَلَهُمْ‭ ‬عَذَابٌ‭ ‬عَظِيمٌ‮»‬‭ ... ‬سورة‭ ‬البقرة‭ ... ‬

 

حقا‭ ‬خير‭ ‬عقاب‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يطمس‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬وقلوب‭ ‬الكافرين‭ ‬المتكبرين‭ ‬المتجبرين‭ .. ‬الضالين‭ .. ‬خير‭ ‬عقوبة‭ ‬لهم‭ ‬ألا‭ ‬يشرح‭ ‬قلوبهم‭ ‬ولا‭ ‬عقولهم‭ ‬ولا‭ ‬صدورهم