يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة» واشنطن عن دعوة القمة العربية نشر قوات دولية في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة: قد تضر جهود هزيمة حماس كشف ملابسات تعدى أحد الأشخاص بسلاح أبيض على أخرين داخل أحد المحال بالإسماعيلية محمد العرابي: لم أتوقع هذا الحجم من انتصار الرأي العام الدولي للحق الفلسطيني حاملة الطائرات الأمريكية رونالد ريجان تغادر اليابان بعد مهمة استمرت 9 سنوات إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل منح عقود التزام المستشفيات الحكومية أمام النواب الأحد المقبل..والتصويت النهائي على الحساب الختامي منتخب مصر للشباب يفوز على النصر للتصدير 3-0 وديا وفد جنوب إفريقيا أمام العدل الدولية: يجب توجيه أوامر لإسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في غزة وفد جنوب إفريقيا: على العدل الدولية أمر إسرائيل بضمان وصول محققين دوليين للتحقيق في الانتهاكات بغزة وزير الخارجية البحريني: القادة العرب تبنوا دعوة جماعية لعقد مؤتمر دولي برعاية أممية لحل القضية الفلسطينية نقابة المهن الموسيقية تنعى زوجة الفنان أحمد عدوية
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

حوادث

كيماويات «بير السلم» تغتال الرقعة الزراعية

المصانع سلم تعبئة الخلطة المغشوشة باسم شركات حكومية وتصدرها لمحافظات الصعيد

تكلفة الطن 500 جنيه وبيعه بـ1400 جنيه

مطابع خاصة لتقليد العبوات.. وهناجر القليوبية والجيزة وكر آمن للعصابات

خبراء: أشد خطورة من المبيدات المستوردة من الخارج وتقضى على خصوبة الأرض

استخدام الأسمنت والمحسنات والبودرة بما يصيب النباتات بالأمراض القاتلة

يومًا بعد يوم، تتكشف ألاعيب مصانع «بير السلم» التى توغلت فى جميع الصناعات حتى أصبحت كيانا اقتصاديا يهدد الكيانات الرسمية والخاصة، وأصبح الربح فقط هو الهم الأول والأخير لتلك المصانع غير الرسمية التى قلدت كل ما هو أصلى، فأصبح المغشوش هو السائد بين أفراد المجتمع.

ورصدت «الزمان» كارثة جديدة ترتكبها تلك المصانع على أطراف القرى بعيدًا عن عيون الأجهزة الأمنية والرقابية، لكن هذه المرة تمثل تهديدا مباشرا وصريحا للرقعة الزراعية بعدما نجحت عصابات بير السلم فى تقليد أنواع من الكيماويات التى يعتمد عليها المزارعون فى تحسين جودة التربة الزراعية، وذلك بين مواسم زراعة المحاصيل، وكانت البداية مع «السوبر» الذى تعتمد عليه التربة الصفراء الموجودة فى الظهير الصحراوى للمدن والذى يقوم بنفس مهمة «الكومبست الحيوانى» من حيث تدفئة التربة الزراعية بما يضمن منتجا أفضل.

«تعتمد الخلطة على الأسمنت والمحسنات والبودرة... والأساس فى الشغلانة الجوال الخاص بالشركة الحكومية والخياطة» بتلك العبارة بدأ «محمود.ص» حديثه لـ«الزمان»، والذى كان يعمل فى وقت مضى بالكيماويات المضروبة حتى قرر الابتعاد عن تلك المهنة الخطرة، مضيفًا: كنا نبدأ العمل فى ساعة متأخرة من الليل وتقريبًا الساعة الثامنة مساءً ونستمر حتى الثامنة صباحًا، وكانت يومية العامل لا تقل عن 100 جنيه وهذا فى العام 2007، وقت أن كانت الـ100 جنيه ذات قيمة، ولكن المكسب لم يكن حلالا، وبالتالى كنا ننفقه على التدخين والمخدرات والأدوية، فقررت ترك العمل والالتحاق بمصانع الحكومة التى تنتج الكيماويات بشكل رسمى ورغم تدنى الراتب لكن بركة ربنا موجودة.

وتابع: كنا نقلد جميع المنتجات وبنفس الشكل والرائحة، وبالنسبة لكيماوى السوبر وهو الأشهر بين الكيماويات، إذ يسهل تقليده، كنا نجهز التركيبة قبل يوم من تعبئة المادة داخل الأجوله، بمعنى أدق، فنقوم بتخليط الأسمنت الأسمر على البودرة على المحسنات ونضيف على كل 20 طنا مغشوشا جوال سوبر سليم حتى نحصل على نفس الرائحة، ونترك الخلطة للعراء طوال الليل وفى اليوم التالى نخلط المادة مرة أخرى ثم نقوم بتعبئتها داخل الأجولة ثم نقوم بتخيط الجوال بنفس لون الخيط داخل المصنع، والأهم من التركيبة ومن اللون أن يكون الجوال هو نفس الجوال الموجود بالشركة ونفس درجة اللون لمنع لفت الأنظار إليها.

ويلتقط «أحمد.ج» طرف الحديث، قائلا: كيماوى السوبر لا يكلف صاحب مصنع بير السلم أكثر من 600 جنيه للطن، ويتم بيعه بـ1400 أو 1500 جنيه، وبالتالى يحقق صافى ربح 800 إلى 900 جنيه فى الطن بعكس كيماوى السوبر السليم المتداول فى السوق بسعر 1650 جنيها، ويباع لتاجر الجملة من المصنع بـ1500 جنيه، وبالنسبة للمغشوش يباع لتاجر الجملة بـ1100 جنيه، وهو ما يدفع تاجر الجملة وفى ظل ارتفاع الأسعار لشراء الكيماوى المغشوش ليتم بيعه فيما بعد لتاجر التجزئة الذى يبيعه للفلاح بنفس سعر السليم، وبالتالى تكون خسارة على الجانبين المال والأرض.

وعن كواليس إنتاج الكيماويات المضروبة وطريقة توزيعها فى السوق، أوضح «أحمد.ج» قائلا: بعد أن يتم تعبئة الكيماوى داخل الأجولة يتم تركه لمدة من أسبوع إلى 10 أيام وأحيانًا يتم تركه لعدة شهور انتظارًا لشهر أغسطس، إذ تنهال طلبات الشراء على جميع التجار وتستمر حتى شهر ديسمبر، ويتم تصريف جميع الكميات، وفى هذا الموسم يحقق أى مصنع من المصانع غير المرخصة وتقوم بغش الكيماوى مبالغ تصل إلى مليون جنيه صافى ربح، ومصانع أخرى تحقق 4 ملايين.

وتابع: أساس تلك الشغلانة هو وجود مخزن لا تقل مساحته عن 500 متر، وأن يكون بعيدا عن الكتلة السكنية لمنع لفت أنظار الجيران، وبالتالى يفضل الأماكن الموجودة على أطراف القرى وفى قلب الرقعة الزراعية، إذ يتم تبوير قطعة أرض وعمل هنجر وتوصيل تيار كهربائى من خلال عداد كهربائى ممارسة، وأغلب تلك الهناجر موجودة فى القليوبية وفى الجيزة فقط، فلا مجال للمخاطرة فى عملية التصنيع وعليه يتم تعبئة الكيماوى وترحيله إلى مخزن آخر، وعن طريق الفواتير المضروبة يتم تفريغ أى كميات فى محافظات الصعيد وعلى وجه التحديد محافظة قنا، إذ توجد مئات الآلاف من الأفدنة عبارة عن مزارع موالح وفواكه، ويتم استهلاك أى كميات من الكيماوى المضروب داخل تلك الرقعة الزراعية، كما تعتبر محافظة قنا محطة لتوزيع أية كميات بالصعيد.

على الجانب الآخر، وصف الخبراء تلك المنتجات بالفتاكة بالنسبة للأرض الزراعية إذ تصيبها بالتصلب وتضعف الزرع وتصيبه بالشلل التام وتقلص حجم الإنتاجية، وأكد الدكتور محمد نور الخبير الزراعى لـ«الزمان» قائلا: كنا قديمًا نحذر من المبيدات المسرطنة المستوردة من الخارج وبعض المنتجات الإسرائيلية التى أصابت الزرع بحالات تعفن وجعلته مسرطنا يصيب المستهلكين بأمراض مزمنة على المدى البعيد، ومع مرور الوقت وتقريبًا فى عام 2004 ظهرت أجولة لكيماويات ذات رائحة نفاذة كادت أن تقتل الفلاحين أثناء عملية الرش بين مواسم الحصاد لإنعاش التربة الزراعية، ولم نلتفت إليها ولم نشك فى كونها مغشوشة، ومع الوقت تبين أن تلك الأجولة ورغم أنها مدون عليها اسم الشركة الحكومية التى تقوم بإنتاج الكيماويات إلا أنها مغشوشة، وتبين ذلك بعدما حصلت على عينات من جوالين أحدهما من مصانع بير السلم والآخر من الشركة الأم، وقمت بشرائه من المصنع مباشرة، وتبين أن الأول مصنوع من مواد رخيصة الثمن تشبه فى تكوينها وشكلها نفس شكل الفوسفات والسوبر والنترات ولكنها مقلدة، وتمثل تهديدا مباشرا على الرقعة الزراعية.

وأضاف الخبير الزراعى أن التربة السمراء لا تعتمد على تلك الكيماويات بشكل كبير على عكس الموجودة فى الصحراء فهى تحتاج إليها بشدة وبكميات كبيرة لضمان إعطاء الأرض أفضل منتج.

فيما حذر المهندس أحمد عونى خبير باستصلاح الأراضى الصحراوية، من انتقال الكيماويات المغشوشة من الوحدات الزراعية، إذ يقوم المزارعون بصرف الكيماوى على بطاقة الحيازة الزراعية وبالتالى تصبح المنافذ الحكومية واحدة من مصادر ترويج تلك المنتجات المغشوشة، وهو ما يحتاج إلى رقابة مشددة وتعاون من جانب المزارعين وضرورة الإبلاغ عن أية منتجات يتم رصدها لدى تجار الجملة والتجزئة.