الدكتور عادل عامر: 30 يونيو ثورة تصحيح شعب
أثرت الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة بشكل كبير، فضلاً عن تخفيض قيمة الجنيه، عليالتعامل داخل البورصة المصرية، فزادت خسائر حائزي الأوراق المالية، وهرب أغلب المستثمرين الأجانب، وانخفض تصنيف مصر الائتماني لعدة مرات، الأمر الذي عكس خشيةالمستثمرين علي استثماراتهم في مصر.
إن ثورة 30 يونيو، لم تكن لإسقاط نظام حكم الإخوان في عام 2013 فقط، بل كانت ثورة لتصحيح مساردولة، طالب بها شعب وحماها الجيش، لاستعادة الدولة المصرية بعد اختطافها، وبالفعلتمكن الشعب المصري من إزاحة الجماعة من الحكم،
وإنهاء حكمها الذي استمر لمدة عام فقط، من خلال توحد مختلف لأطياف المجتمع، حيث تخلى الجميع عنالخلاف والاختلاف، لأجل أسمى وهو إنقاذ مصر من براثن العنف والتطرف والإرهاب،والحفاظ على هويتها وحضارتها.
رسخ حكم مرسي علي مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلاميالذي يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً علي هذا المشروع، وبينمناهض له يوصف في أغلب الأحيان بــ "العلماني". وبدلاً من أن يتفرغالشعب للعمل والإنتاج، اتجه إلي التناحر والعراك بين التأييد والرفض.
عمل حكم مرسي وبسرعة كبيرة علي ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامي الشعور المعادي له منيوم لآخر.
كثيراً ما تحدث حكم مرسي عن أمر وفعل نقيضه في الحال، وابرز مثال علي ذلك الحديث عن حمايةالأقباط، واستهداف دور عبادتهم في ذات الوقت.
شهدت مصر خلالعام من حكم مرسي أعمالاً فوضوية وهمجية غير مسبوقة بعضها كان بتحريض من الرئيسوجماعته كحادث قتل الشيعة بالجيزة. الهدف الأساسيلحكم مرسي كان الاقتراض من الخارج، سواء من قبل دول سايرت مشروع قدوم الإخوانللحكم كقطر، وتركيا،
أو من خلال السعي للسير في ركب التوجهات الغربية عبر إيلاء قرض صندوق النقد الدولي الأهميةباعتباره شهادة حسن أداء للاقتصاد.
ومع تراجع الناتج القومي جراء عدم الاستقرارالسياسي والأمني، ارتفع حجم العجز بالموازنة، ومن ثم ارتفاع حجم الدين المحلي الذيشكلت خدمة الدين بسببه عنصراً ضاغطاً إضافيا علي الموازنة. فضلاً عن استهلاك رصيدالاحتياطي من النقد الأجنبي، وارتفاع قيمة الدين الخارجي بنسبة 30%.
ارتبك الحكم في مواجهة كافة المشكلات الاقتصادية، فارتفع عدد المصانع المتعثرة، وازداد معدلالبطالة بين فئات قطاعات التشغيل كافة، وتراجعت معدلات السياحة إلي مستوي متدن، وجاءت المعالجة السلبية لسعر صرف الجنيه لتزيد من الضغوط الحياتية علي المواطنين.وفشل الحكم في تحديد معدل نمو خلال عام الحكم يمكن الاسترشاد به محلياً ودولياً.
أثرت الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة بشكل كبير، فضلاً عن تخفيض قيمة الجنيه، عليالتعامل داخل البورصة المصرية، فزادت خسائر حائزي الأوراق المالية، وهرب أغلبالمستثمرين الأجانب، وانخفض تصنيف مصر الائتماني لعدة مرات، الأمر الذي عكس خشيةالمستثمرين علي استثماراتهم في مصر.
جاءت ثورة (30 يونيو) استجابة لمطالب الشارع المصري في مواجهة نظام لم يحقق آمال وتطلعات الشعب،حيث تميزت عن غيرها من الثورات باصطفاف مختلف أطياف الشعب، بمختلف فئاتهالاجتماعية والسياسية والثقافية، والتي توافقت ضمنيًا فيما بينها على ضرورةالإطاحة بسلطة هذه الجماعة الإرهابية، التي وضعت المجتمع المصري أمام خطر اندلاع الصراعاتالطائفية والمذهبية.
فمنذ وصول جماعة الإخوان إلى الحكم في يونيو 2012 برئاسة محمد مرسي، عملت على خلق حالة منالاحتقان والاستقطاب الحاد داخل المجتمع، وتبنت سياسات تخدم مصالحها وأجندتهاالخاصة دون النظر لمصالح الدولة والشعب، حيث سعت إلى بناء دولة دينية ترسخ مفهوم“الأخونة” ويتم فيها إقصاء وتهميش الأقباط، وزرع بذور الشقاق بين أبناء الوطنالواحد.
وجاءت ثورة (يونيو) لتثبت أن هذه الجماعة الإرهابية لم تكن أهلا لحكم البلاد، وتعبر عن رفضالشعب المصري تفكيك وحدة الوطن والتفرقة بين نسيج الأمة الواحدة.
وصنع شعب مصر، بثورة (30 يونيو) فصلا في دستور الثورات محفورا في التاريخ الإنساني، حيث ولدت تلكالثورة من قوة الشعب، ونبعت من إيمانه بوحدته وتكتله، فبرهنت على أن الإيمانوالوحدة قادران على التصدي لقوى الحكم التي خدعت الشعب باسم الدين، فالثورة هيإحدى وسائل الإصلاح، وأداة من أدوات التغيير، وحين تسد منافذه السلمية تضطر الشعوبإلى ركوب موجة الثورة العالية ودفع مستحقاتها المرتفعة.
وتابع العالم بدهشة الانفجار الانشطاري للشعب المصري، الذي جاء نتيجة حتمية ومتوقعة للظروفالموضوعية المشتركة التي عانى منها المصريون على مدى عام كامل، أذ لم يتحقق فيهالتغيير الحاسم المكتمل والإصلاح الحقيقي الشامل الذي حلموا به في ثورة 25 يناير،حيث كان هدفهم الثوري الذي تجمعوا حوله هو (عيش حرية عدالة اجتماعية).
وبلغت الثورة أقصى ثقلها الواقعي عندما تجسدت في شخص الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاعآنذاك، الذي تبنى الثورة، وبادر إلى التضحية والبذل في سبيلها، وجسد هدفها في صورواقعية حركت حزب الكنبة، واستطاع الشباب أن يقدموا النموذج الجدير بالاحتذاء إلىشعوبهم، فكان التكتل والتمرد، وبدأت الإرهاصات من القمة وتبنته القاعدة الشعبيةالعريضة، فحظى مبدأ الثورة في لحظة انفجرت فيها إرادة المصريين.
التضحيات بالنفس والآلام التي شعر بها الأغلبية من المصريين كانت قوة إيجابية تعادلت مع قوةاليقين بالنصر والأمل بالمستقبل، والاعتقاد الراسخ بالقدرة على تحقيق الإنجازات،حيث تكفلت إنجازات الثورة ومكاسبها على الطريق بمدها على مدى سنواتها السبعبالوقود والطاقة اللازمين لامتداد مساحتها سنوات وسنوات وجذب أنصار جدد لها. إن 30 يونيو2013 أسقطت احتلال الإخوان لمصر، وكشفت عن الوجه القبيح للجماعة الإرهابية أمامالعالم.
وللإطاحة بالتحديات السابقة؛ جاءت ثورة 30 يونيو 2013، مطالبة بسقوط حكم الإخوان، واستعادةالدولة المصرية بعد اختطافاها من أيادي الشر، وبالفعل نجحت إرادة المصريين فيإزاحة ستار الظلام والعنف التي وُصمت بها الدولة المصرية بعد أن ارتكبت جماعةالإخوان الكثير من الخطايا والجرائم للإضرار بأمن الوطن ووحدة وسلامة أراضيه.
ونجحت ثورة 30 يونيو في إفشال المؤامرات الدولية التي كانت تحاك لتقسيم مصر ومحاولة تفكيك الجيشوخلق فوضى خلاقة في البلاد، وانتصرت الثورة لإرادة المصريين في 3 من يوليو 2013 بعد فترة حكم عصيبة للجماعة الإرهابية، واستطاع الشعب المصري ومعه قيادة مخلصةأدركت خطورة ما يحاك للوطن أن يكتبوا ” الخلاص” للوطن من حكم الإخوان الذين مارسواكل السياسات القمعية، وأضروا بمصلحة البلاد