خدمة الزوجة لزوجها.. فتوى تشعل السوشيال ميديا.. والأزهر يحسم الجدل بالأدلة الشرعية والمذاهب الأربعة
يظهر ما بين الحين والآخر أناس لا صلة لهم بالمجال الإفتائي، بل قد يكون حالفهم الحظ في الظهور على المنابر الإعلامية في مجالات ما، فيتطرقون لأحكام دينية ليس من اختصاصاتهم، فيقعون في شراك الفهم الخاطئ، وينشرون المفاهيم المغلوطة، فمؤخرا انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعض الفتاوى التي تتضمن بأن الزوجة شرعا لا تخدم زوجها لأنها ليست خادمة له، بل عليه أن يجلب لها من يخدمها ويخدمه.
ولإزالة هذا اللبس عن العامة الذي انتابهم حالة من الصدمة، فكيف بعد مرور هذا السنين يكتشف بعض النساء أنه يتم استغلالهم بحسب ما ذكر في الفتوى، أم أنها باطلة وليس لها أساس من الصحة، في هذا الصدد تقول إلهام فاروق الواعظة بالأزهر الشريف، إن الزوجة لا يجرؤ أحد أن يصفها بالـ[خادمة]، لأن الإسلام يرفض هذا اللفظ، كما يرفض أيضًا أن تُعامِل الزوجة زوجها بأنه «بنك متنقل».
وأضافت الواعظة إلهام، في تصريح خاص لجريدة الزمان أنه حينما نقول الزوجة تخدم زوجها وأولادها لا نقصد أبدًا أنها تمثل دور «أمينة» في فيلم «بين القصرين»، وأن الزوج يكون «سي السيد» كما ظن البعض، عل العكس إطلاقا، فالإذلال والبطش والجبر وإلقاء المسؤولية الكاملة على الزوجة أمر لا يجوز ويرفضه الشرع والعرف والعادة.
وأوضحت أن المقصود من خدمة المرأة لزوجها وأولادها ورعايتهم، يكون من باب كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته
وهذا حديث للنبي ﷺ ووارد في الصحيحين: "والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا"، لافتة إلى أن السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي ﷺ كانت تقوم بأعمال المنزل في بيت زوجها سيدنا علي رضي الله عنه وحينما شق عليها أعمال المنزل وطلبت من النبي ﷺ أن يعينها بخادمة فأرشدها لبعض الأذكار والدعوات.
وتابعت: "كان من الممكن جدًا أن يأمر النبي ﷺ سيدنا علي بتوفير للسيدة فاطمة خادم من أول يوم زواج، وهذا باعتباره أبيها ومشفق عليها من أعباء المنزل، ويقول سيدنا عليّ رضي الله عنه اشتَكَـتْ إلـيَّ فاطِمَـةُ رضي اللهُ عنها محل يدَيهـا مـنَ الطَّحـنِ فأتَينـا النبـيَّ ﷺ فقلـتُ: يـا رسـولَ اللـهِ فاطمَـةُ تَشتَكـي إليـكَ مَجْـلَ يدَيهـا مِـنَ الطَّحـنِ وتَسأَلُـكَ خادِمًـا فقـال: ألَا أدُلُّكُمـا على ما هو خيـرٌ لكُمـا مِـن خادِمٍ فأمَـرَنا عِندَ مَنامِنـا بثـلاثٍ وثَلاثيـنَ، وثَـلاثٍ وثَلاثيـنَ، وأربَـعٍ وثَلاثيـنَ مِـن تَسبيـحٍ وتَحميـدٍ وتَكبيـرٍ".
وأكدت: "كأن النبي ﷺ أراد أن يعلمنا بأن الحياة مشاركة، وأيضا السيدة أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: "تَزَوَّجَنِـي الزُّبَيْـرُ وَمَا لَـهُ فِـي الْأَرْضِ مِـنْ مَـالٍ وَلَا مَمْلُـوكٍ وَلَا شَـيْءٍ غَيْـرَ نَاضِـحٍ وَغَيْـرَ فَرَسِـهِ ، فَكُنْـتُ أَعْلِـفُ فَرَسَـهُ وَأَسْتَقِـي الْمَـاءَ وَأَخْـرِزُ غَرْبَـهُ -أخيط دلوه- وَأَعْجِـنُ، وَلَـمْ أَكُـنْ أُحْسِـنُ أَخْبِـزُ ، وَكَـانَ يَخْبِـزُ جَارَاتٌ لِـي مِـنْ الْأَنْصَـارِ وَكُـنَّ نِسْـوَةَ صِـدْقٍ، وَكُنْـتُ أَنْقُـلُ النَّـوَى مِـنْ أَرْضِ الزُّبَيْـرِ الَّتِـي أَقْطَعَـهُ رَسُـولُ اللَّـهِ ﷺ عَلَى رَأْسِـي ، وَهِـيَ مِنِّـي عَلَـى ثُلُثَـيْ فَرْسَـخٍ، فكأن السيدة أسماء بنت أبي بكر أرادت أن تعلمنا أن الحياة بين الزوجين تكون على الحلو والمر".
وأردفت: "وتقول السيدة أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها: "غَـزَوْتُ مَـعَ رَسُـولِ اللَّـهِ ﷺ سَبْـعَ غَـزَوَاتٍ أَخْلُفُهُـمْ فِـي رِحَالِهِـمْ ، فَأَصْنَـعُ لَهُـمْ الطَّعَـامَ وَأُدَاوِي الْجَرْحَـى وَأَقُـومُ عَلَـى الْمَرْضَـى، فهنا نتعلم أن الحياة مواقف، وقال ﷺ : (لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجِها لعِظَمِ حقِّه عليها)، وقال ﷺ أيضا: لو أن رجلًا أمَرَ امرأتَه أن تَنْقُلَ مِن جبلٍ أحمرَ إلى جبلٍ أسودَ، ومن جبلٍ أسودَ إلى جبلٍ أحمرَ لكان نولُها [حقها] أن تَفْعَلَ".
وأشارت الواعظة في حديثها: «كان النبي ﷺ يقول: يا عائشة أطعمينا وهذا معناه إن السيدة عائشة _حبيبة رسول الله، المبرأة من فوق سبع سماوات، الصديقة بنت الصديق، معلمة الصحابة، اللي قال عنها النبي ﷺ خُذُوا شطرَ دينِكُمْ عنِ الحُميراءِ".
واختتمت: «أما من حيث مذاهب الفقهاء فيرى الحنفية والمالكية أن خدمة الزوج واجبة على الزوجة قولًا واحدًا، أما الشافعية والحنابلة وبعض المالكية قالوا إن خدمة الزوج وإن كانت لا تجب على الزوجة لكن الأولى لها فعل ما جرت العادة به، والعرف: دليل من أدلة الشرع المعتبرة، وقد جرى العرف منذ قديـم الزمان على أن تتولى المرأة شؤون البيت من كنس وطبخ وما إلى ذلك، مع التأكيد على عدم اتخاذ الأمر ذريعة إلى إرهاق الزوجة وتكليفها فوق طاقتها، بل الواجب هو التوسط والاعتدال».