ننشر كلمة الرئيس السيسي فى افتتاح الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الإفريقي بشرم الشيخ
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي صباح اليوم، الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الأفريقي، التي تستضيفها مصر بمدينة شرم الشيخ، تحت شعار "تعبئة تمويل القطاع الخاص من أجل المناخ والنمو الأخضر في أفريقيا".
وصرح المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الافتتاح شهد مشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات الأفريقية الشقيقة، والمؤسسات الإقليمية المختلفة، بالإضافة إلى عدد كبير من وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، وممثلي القطاع الخاص، والأكاديميين وشركاء التنمية من الدول الأعضاء في مجموعة بنك التنمية الأفريقي.
وقد ألقى الرئيس كلمة بهذه المناسبة أعرب خلالها عن التقدير للدور الحيوي الذي يقوم به بنك التنمية الأفريقي في دعم قضايا التنمية بالقارة الأفريقية، خاصةً في ظل التحديات الاقتصادية المتنامية على المستوى الدولي. كما أكد السيد الرئيس أن مصر مستمرة في دعمها لدفع جهود تحقيق التنمية الاقتصادية لدول القارة الأفريقية سواء على المستوى الإقليمي أو الدول.
وننشر خلال السطور التالية الكلمة الكاملة للرئيس السيسي فى افتتاح الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الإفريقى شرم الشيخ:
أصحاب الفخامة.. رؤساء الدول الإفريقية الشقيقة،
السـادة.. رؤسـاء الحكـومات والمنظـمات الدوليــة،
ومحافظى البنوك المركزية، السيدات والسادة الحضور.. ضيوف مصر الكرام،
إنه لمن دواعي سروري، أن أرحب بكم في مدينة السلام "شرم الشيخ" التي تشرف باستضافة الاجتماعات السنوية، لبنك التنمية الإفريقى 2023 وهى الاجتماعات، التى حرصت مصر، على استضافتها على أراضيها للمرة الثالثة تأكيداً على بالغ اهتمامنا، بتعزيز المساعي الدولية والإقليمية، الداعمة لجهود التنمية، في جميع ربوع قارتنا الإفريقية.
السيدات والسادة،
لا تخفى عليكم، التحديات المتصاعدة والمتشابكة، التي تواجهها دول العالم فمع ظهور بوادر التعافي من الآثار السلبية، لجائحة "كوفيد -19" على الاقتصاد العالمي جاءت الأزمة "الروسية – الأوكرانية"، والتوترات السياسية الدولية، لتضيف إلى المشهد العالمي، تعقيدات غير مسبوقة تظهر آثارها فى اضطرابات حادة، فى سلاسل التوريد العالمية، وموجات تضخمية جارفة.
ولقد انعكس هذا المشهد، بشكل أكثر قوة، على اقتصادات الدول النامية، وعلى رأسها، اقتصادات دول القارة الإفريقية التي تعاني في الأصل، من تحديات داخلية عدة مما يتطلب أفكارا غير تقليدية، للبحث عن حلول تمويلية، تساهم فى دفع عجلة المشروعات الأكثر إلحاحا خاصة فى مجالات مواجهة تحديات التغيرات المناخية، والتنمية المستدامة.
ويكفى فى هذا الصدد، الإشارة إلى حجم بعض الاحتياجات التمويلية، لدول القارة الإفريقية، طبقاً لتقديرات الأمم المتحدة، وبنك التنمية الإفريقى ونذكر منها على سبيل المثال، لا الحصر: "200" مليار دولار سنويا.. لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، "144" مليار دولار سنويا.. لمعالجة الآثار السلبية لجائحة "كوفيد-19"، "108" مليارات دولار سنويا.. لتمويل مشروعات تهيئة ورفع مستوى البنية التحتية.
وهنا تبرز أهمية هذه الاجتماعات، ودور بنك التنمية الإفريقى، فى توفير الحلول التمويلية الملائمة، لاحتياجات دول القارة التى تحقق المعادلة الصعبة، بين توفير التمويلات الضخمة، اللازمة لتحقيق التطلعات التنموية من جانب، وخفض مخاطر هذه التمويلات من جانب آخر عن طريق بناء هياكل مالية مناسبة، تحفز المؤسسات التمويلية متعددة الأطراف، على ضخ المزيد من الاستثمارات، فى شرايين الدول الإفريقية.
كما أغتنم هذه الفرصة، لدعوة المؤسسات التمويلية متعددة الأطراف، إلى إعادة النظر فى المعايير والشروط، التى تؤهل الدول للحصول على قروض ميسرة بحيث تكون متاحة للدول منخفضة ومتوسطة الدخل، على حد سواء خاصة فى ظل تصاعد تكلفة الاقتراض، وزيادة أعباء خدمة الدين
وما له من انعكاسات سلبية، على الموازنات المالية لتلك الدول.
السيدات والسادة،
إن إشكالية التغيرات المناخية وتداعياتها السلبية، لا تنحصر فى نطاق دولة دون غيرها، أو إقليم بعينه وإنما هى قضية وجودية، ينبغى أن تأتى على رأس الأولويات الاستراتيجية، لجميع دول العالم.
وعلى عكس ما قد يعتقده البعض، فإن الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية، تتزايد على الدول الأقل نموا وهو ما يظهر بوضوح فى دول القارة الإفريقية حيث تؤدى هذه التغيرات، إلى ارتفاع معدلات الجفاف، واتساع رقعة التصحر، وتراجع إنتاجية المحاصيل الزراعية.
وتشير التقديرات، إلى أن المخاطر المرتبطة بالجفاف فقط، فى دول القارة الإفريقية، أدت إلى خسائر تجاوزت قيمتها "70" مليار دولار فضلا عن تسببها، فى خفض نمو الإنتاجية الزراعية للقارة بنحو "34%" وتقدر الاحتياجات التمويلية، لمواجهة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية فى إفريقيا، بنحو "3" تريليونات دولار، حتى عام 2030.
وفى هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى النتائج الإيجابية، لمخرجات وتوصيات قمة الأمم المتحدة للمناخ "COP-27"، التى ترأستها مصر العام الماضى ويأتى فى مقدمتها، الاتفاق على إنشاء صندوق، مخصص لتوفير التمويل اللازم، لتعويض الخسائر والأضرار، للدول المتضررة من الفيضانات والجفاف، والكوارث المناخية الأخرى.
السيدات والسادة،
إن معطيات الواقع الاقتصادى، تفرض ضرورة تحفيز القطاع الخاص، للاضطلاع بدور أكبر، فى توفير التمويل اللازم، للنهوض بالمشروعات صديقة البيئة مع تكثيف آليات استخدام مصادر الطاقة النظيفة، وإقرار السياسات والإجراءات اللازمة لذلك.
وفى هذا الإطار، تولى مصر اهتماما بالغا بالبعد البيئى حيث أصدرت الحكومة المصرية عام 2021، الإصدار الأول من دليل معايير الاستدامة البيئية، تحت مسمى "الإطار الاستراتيجى للتعافى الأخضر" وذلك بهدف توفير الإرشادات اللازمة، لدمج معايير التنمية المستدامة فى الخطط التنموية بما ينعكس بالإيجاب، على جودة الحياة وعملية التنمية.
ومما لا شك فيه، أن فعاليات النسخة الحالية، من الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الإفريقى تمثل فرصة مميزة، لتبادل المعرفة والخبرات، وتوفير الدعم الفنى اللازم لمواجهة تداعيات التغير المناخى مع طرح أجندة واضحة، وفقا لجدول زمنى، لتحديد سبل وآليات التعامل مع مختلف التحديات، التى تواجهها دول القارة الإفريقية، وصولا إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ضيوف مصر الكرام،
ختاما أجدد ترحيبى بكم جميعا، وأتمنى لكم التوفيق، فى هذه النسخة من الاجتماعات السنوية، لبنك التنمية الإفريقى الذى أتوجه له بالشكر، على جهوده الملموسة، فى تمويل المشروعات التنموية، فى مختلف أنحاء قارتنا والتى تجعلنا نتطلع للمزيد، من الشراكات الناجحة، مع المؤسسات التمويلية متعددة الأطراف لتحقيق تطلعات شعوبنا، نحو النماء والتقدم والازدهار.
شكرا لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.