نعم ، ولكن هل تخصم تكلفة التعليم الخاص من الضرائب؟
لقد مرت سنوات فترة حكم السيسى سريعة مشحونة بالعمل وبالكد المتواصل الواعى الذى يتحرى كافة أوجه الاحتياج الوطنى المصرى داخليا وخارجيا ، ويحاول رسم الخطط العاجلة التى يمكن أن تنجز أكبر قدر ممكن وفى أقصر وقت ممكن ، وان طارت بعض شظايا الغضب الشعبى والاستياء - من ارتفاع الأسعار وتحركها بشكل مستفز مع عدم ملاحقة الأجور لارتفاع الأسعار – فى وجه الرئيس وفى وجه الحكومة ووزرائها . والحقيقة أنه – رغم اشتعال بيوت شريحة كبيرة من أبناء الشعب بنيران الأسعار المتقدة كلهيب حرب دائرة ، وخاصة بيوت الموظفين وبيوت أرباب الحرف والمهن البسيطة – الا أن الغالبية من الغضبى يغالبون مشاعرهم وينصرون منطقهم ووطنيتهم وعقولهم واحترامهم للسيسى ولجهوده فى صالح مصر على معاناتهم وألمهم ويقرون أن ما يقدمه الرئيس السيسى الى بلده أكبر من آلامهم الشخصية ويؤمنون بما يعدهم السيسى من الخير ويستبشرون بما يطالعهم كل صباح من مشروعات جديدة وكبيرة وقيمة .
ان الجميع – وفى المقدمة بسيطوا الحال – لا يمانعون فى المشاركة فى مزيد من اجراءات البناء والعطاء والانتاج ، لأنها ترصف الطريق الى تحسين البنية التحتية لمصر وتوفير مناخ أفضل للاستثمار الوطنى والأجنبى وسداد مديونية مصر الداخلية والخارجية . ولا تخطىء عين لمصرى واحد ما تبذله الحكومة من جهود عظيمة فى كل موقع بلا استثناء لتحصيل ما للحكومة من حقوق لدى المستهلكين للخدمات الحكومية من مياه وكهرباء وغيرها مثل الضرائب .
ان تعظيم الدخل الضرائبى هو أحد الوسائل الرئيسية لتمويل خزانة الدولة واعانتها على تمويل مشروعاتها الوطنية والوفاء بالتزاماتها الكثيرة دون الحاجة الى الاقتراض الداخلى والخارجى . ومن الضرائب الجديدة التى فرضتها الدولة ضريبة ال14% على فروق السعر للسيارات المعاد بيعها ، وهى ضريبة لم أعرفها من قبل ولم أر مثلها فى بلد آخر ، فهى ضريبة مبتكرة ربما . ولا تثريب على الابتكار فى ملء خزانة الدولة بالمال . ولكن ألا يكفى الناس الآن ما هم فيه من غلاء ومعاناة ؟ وكيف يتسنى للمرء أن يسدد ضريبة بهذا الحجم على ما تحصل عليه من فارق فى السعر عند بيع سيارته ، اذا كانت قيمة الجنيه قد انخفضت وصار ما كان ثمنه مائة جنيها مائتى جنيها ، وصار ثمن السيارة التى كانت تباع بثلاثمائة ألف مليونا من الجنيهات ؟ أفلا تشجع هذه الضريبة الناس على عدم البيع - دفعا للضرر – وعدم الاقبال على الجديد الا مضطرين ؟ أفلا تصيب هذه الضريبة الموظفين ومتوسطى الحال وتزيد قليلا من أزمتهم أكثر مما تصيب الأثرياء بارك الله للجميع فيما وهب لهم ؟ وما النفع فى أن يتوقف سوق الجديد من السيارات ، وهو السوق الذى يخدم فى تقليل حوادث المرور والحفاظ على البيئة وانعاش السوق وتوفير فرص عمل الى غير ذلك من المنافع ؟ الا أن تكون هذه الضريبة مؤقتة الطابع ولفترة زمنية بسيطة لا يختنق معها الناس ولا تتعثر معها سوق الجديد من السيارات .
ان الجميع – فى الداخل والخارج – يقدرون جهود السيسى وشجاعته فى خوض هذا الجبل من المشروعات الكبيرة الجادة التى قد لا يقدم عليها كثيرون من القادة . ومن الطبيعى أن نصوت جميعا بنعم للسيسى ليكمل مشواره كثيف العمل ومنيف الانجاز لسنوات أربعة قادمة تتفير فيها أحوال مصر الى الأفضل والأقوى بفضل الله . والحديث عن السنوات المقبلة ، واتصالا بالضرائب الحكومية ، لا يمكن أن يتجاوز حكاية التعليم الخاص وما يسببه للناس ولعائلات كثيرة من آلام مبرحة نتيجة لتكلفته الباذخة والتى اصبحت تثير الدهشة ، اذا ما ذكرت الى جوار الوظائف والرواتب المتاحة فى سوق العمالة المصرية . فقد كان التعليم الخاص - من المدرسة الى الجامعة – اختيارا غير سعيد قبل ربع قرن أو ثلاثة عقوق ، وكان محصورا فى فئات معينة من المجتمع القادر . أما اليوم فالتعليم الخاص اختيار منافس ومطلوب عند كثير من العائلات التى تحرص على حسن تعليم أولادها وتحرص على تحرى التعليم الأفضل لأولادها وبناتها . وبات الجميع – على اختلاف المستويات – يعذب نفسه من أجل سداد رسوم التعليم الخاص المشتعلة بالحرائق وبالبنزين وبالسولار . فاذا كنا لا نمانع فى فرض المزيد من الضرائب على المواطن الذى يتألم من أجل الضرورة ومن أجل الهدف الأسمى للوطن ، قهل يمكن لنا أن نحتسب مصروفات التعليم الخاص المدرسى والجامعى - التى سددها الآباء لتعليم أولادهم خلال فترة الاستحقاق الضريبى - جزءا من الضرائب المستحقة عليهم للدولة ؟ حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه الى الخير .