الزمان
جريدة الزمان

مقال رئيس التحرير

إلهام شرشر تكتب-أحييك فخامة الرئيس «1»

الكاتبة الصحفية إلهام شرشر
إلهام شرشر -

انطلقت القمة العربية بالأمس القريب في المملكة العربية السعودية.. في ظل أجواء حانقة مضطربة شديدة الخطورة يفوح منها دخان المعارك من ناحية .. ومن ناحية أخرى رائحة الدم .. نتيجة الأحداث الدامية التي تطوق عالمنا العربي .. وتضعه في اختبار يضاف إلى سلسلة الاختبارات التي تتعرض لها الأمة مؤخرًا ولم تتحقق وللأسف .. منها علامات تشير إلى اجتيازها .. بل على العكس تمامًا .. فالإخفاق أصبح هو حليفها الذي لا يكاد يتركها..

ومن المؤسف أن موعد انعقاد القمة العربية جاء متزامنًا مع الضربات التي وجهتها أمريكا ومعها بريطانيا وفرنسا إلى سوريا..

موعد هو «لطمة» على وجه القمة العربية قبل أن تبدأ .. وجرحًا جديدًا يزيد من انهاك جسد الأمة العربية الواهي الضعيف المتهالك والذي فقد المناعة منذ زمن بعيد ..

أقيمت القمة العربية في ظروف استثنائية بالغة الخطورة حيث تترنح الأمة من شدة الضربات التي تتلقاها .. فقبل هذه الضربات التي  أطلقت على سوريا .. تلقت الأمة ضربة كبرى من القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس التي وقفت لها مصر في سائر المحافل الدولية تندد بهذا القرار وتطالب السلطات الأمريكية بإلغائه ..

أقيمت القمة العربية في ظل اختراق إيران لعالمنا العربي والإسلامي وتسللها إلى بعض من دولنا .. محاولة تغيير ديموجرافيتها .. وإثارة النعرات الطائفية بها والتأليب ما بين أبناء الشعب الواحد ..

أقيمت القمة العربية وإيران تطلق يدها المسمومة دون رادع أو زاجر لممارساتها المحمومة ..

أقيمت القمة العربية وسط انقسامات وخلافات وصراعات ونزاعات عصفت بالأشقاء وأحدثت شرخًا عظيما بينهم ..

أقيمت القمة العربية والأمة تواجه خطر الإرهاب الذي تموله وللأسف دول بعينها تنتمي للأمة العربية .. تحدي رهيب  أن يتحرك شبح الإرهاب بإيعاز من دول تستظل بالعروبة وتنتمي إلى الإسلام ..

أقيمت القمة العربية والعالم يراقب عن كثب مشاهدها وتجالياتها .. ومواقفها .. وقراراتها من التحديات الصعبة للغاية التي تواجهها ..

لقد أبدى الرئيس المصري خلال كلمته التي لم تستغرق سوى دقائق في تشخيص الأمراض التي داهمت الجسد العربي العليل وكان بحق أمينًا ومسئولًا في تشخيصه ..

تَحدث في إيجاز عن الأزمات التي تواجه أمتنا العربية والتي تستدعي مواقف حازمة وقرارات جريئة وسريعة تحركًا لا يقبل التباطئ أو الهوان ..

تَحدث عن فلسطين التي تحتل قمة القمة وعنوانها «فلسطين المحتلة السليبة» التي تئن من الاحتلال الصهيوني الغاشم لأراضيها وتتعرض كل يوم لعملية تهويد ممنهجة على مسمع ومرآى من العالم أجمع الذي لم ينبس ببنت شفاه .. لم يتحرك له ساكن لمناصرة أهالها .. يقف حجر عثرة في مآخذته ومحاسبته ..

تحدث متألمًا وكأنه يسطر تاريخًا أسودًا يُشهد فيه العالم بأسره على هذه الجريمة النكراء .. يسجل ذلك الانتهاك الصارخ لأهم مقدسات المسلمين بأحط الممارسات اللا إنسانية بالسياسات اللا آدمية بكل تحدي دون أي اعتبار لأمة المليار وما يزيد .. دون أي أدنى اعتبار لأي قرارات دوليه .. دون أي اعتبار لأي قواعد بشرية أو حقوق إنسانية ..

والله كلي فخر وشموخ وثقة في نفسي بعد الله .. حين تحدث الرئيس السيسي بكل هذا الثبات الذي يحسب له ويحسد عليه .. حين يتكلم في هذه الأجواء القاتمة الحزينة .. لا يهتز رغم جرأة أمريكا ورئيسها التي لا أدري كيف .. ومن أين ؟؟؟؟؟!!!!!!!.. إلا رذا كانت تصرفات غير طبيعية وغير محسوبة منه !!!!!!.. لأنها فاقت شغل «البلطجة السياسية»، حين يكون العمل داخل الأوطان بـ «الذراع» هكذا .. أفضل أن أقول أنها حالة نفسية وتصرفات غير مسؤولة على أن أقول أنها «إعلان لشريعة الغاب» البقاء فيها للأشرس وللهمجية وللفوضى .. حين ينوي تهجير الفلسطينيين بقوة من ديارهم .. من ناحية .. ومن ناحية أخرى .. الاعتداء على مصر بفرض الأخوة الفلسطينين .. واحتلال أمريكا لسيناء عن طريقهم ..  سيناء التي تعني ابتلاع مصر بأسرها ..

أتعجب وكأن الأمر يخص مصر وحدها !!!!!!!!!!!.. لا أنه يخص مصير الأمة العربية والإسلامية جمعاء !!!!!!!.. سواء الاعتداء على الأقصى أو امتهان آدمية أمة عربية وتشريد شعب آخر بعد العراق وسوريا واليمن وليبيا .. ومن ناحية أخرى المساس بمصر مركز العروبة والإسلام .. مركز الكون كله .. من هذا التطاول الغريب والرهيب من الرئيس الأمريكي الذي يجب أن ينتبه شعبه ومؤسساته وأجهزته إلى قراراته التي سوف ترد عليهم بما سوف يسوءهم من العالم أجمع ..

كل هذا الشريط المؤلم من الأحداث يستعرضه الرئيس السيسي بكل ثبات وإن كان بمنتهى المرارة .. يؤلمني أن مشاركة السادة الرؤساء والملوك العرب كانت مشاركة تقريرية دون مشاركات نفسية أو عاطفية .. بالفعل لو أنها كانت قد مست هذه الجوانب .. لكان الحال غير الحال في التو واللحظة .. لخرجت المليارات إلى شعوب الأمة المكلومة ودعمها فورًا من ناحية .. ومن ناحية أخرى إخضاعها لصالح جيش عربي موحد .. مااااا أحوج الأمة المتهالكة إليه في هذه الظروف الحالكة السواد !!!!!!!!..

ذهب مشاركًا الأمة التي لم تتخذ أي إجراءات فعليه على أرض الواقع تجاه ما يجري من جرم خطير على الأرض الفلسطينية المباركة من الاستعدادات  لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف ذلك التحرك غير المسؤول الذي يكشف ويعبر عن موقف ترامب من القضية الفلسطينية .. هذا الموقف الذي تصدت له مصر وأعلنت رفضتها له في المحافل الدولية باعتبار أنه قرار ظالم ومجحف وينم عن إهدار حق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته التي هي في الحقيقة تخص الأمة الإسلامية بأسرها..

خرج رئيس مصر حزينًا متألمًا من كل من يعصف بالأمة العربية والإسلامية بكلمات وإن كانت جريحة  .. يسرد جراح الأمة المكلومة وإن كانت كلمات مؤثرة موجزة صائبة ..

كلمات كالرصاص بل هي صواريخ .. لا تقل شأنًا عن صواريخ الخراب التي يتقاذقها العالم الغربي من حوله ..

بل اعتقد أنها أشد وبالًا وأكثر خطورةنعم

فإذا كانوا حتى الآن لا يجرءون على مواجهة مصر خشية جيشها الباسل المغوار .. وشعبها العظيم ..

فما بالهم وهم يسمعون كلمات التحدي منه .. وإن كان بكل هدوء ورصانة ..

 كانت كلماته بالعقل تعبر عن مواقف محددة وشجاعة وتلامس كبد الحقيقة .. التي نحاول أن نخفيها .. أو أن نفر منها .. تحت وطأة أسباب لم تكن مبررًا أبدًا لما تعيشه الأمة في هذه اللا مبالاة أو التراخي أو الاستسلام أو مطلق الإذعان ..

 تحدث بتؤده واثقًا من نفسه لم تهزه صواريخ ذلك اليوم .. مثلما لم يهزه الصاروخ الاسرائيلي السابق على مطارالتيفورالسوري ..

 مثلما لم يهزه من قبل تصريح الرئيس الأمريكي .. ذلك التصريح الجرئ الغريب غير المحسوب بنقل السفارة الأمريكية للقدس ..

 مثلما لم يهزه التحالف ضده في إثيوبيا للإجحاف بحق مصر في مياهها ..

 مثلما لم يهزه الإرهاب الأسود .. الذي هو خير دليل على رهبتهم من جيش مصر .. ومواجهته .. وأنهم مثل اللصوص ينتهزون الفرص بالخونة وذئاب الليل ليصيبوا خير أجناد الأرض في سيناء الغاااااااااااااااالية ..

 نظرت إليه وتابتعه .. وكأنه يصدر بيانًا رسميًا بأن الأرض تستعد لاستقبال صلاح الدين آخر ..

 فكم كان حريصًا السيد الرئيس كما لو كان يضع القضية الفلسطينية على طاولة النقاش مجسمة قريبة حتى يروها الحضور عن قرب لعله يحرك ساكنًا .. محاولًا تصحيح المسار الأهم الذي يجب الاهتمام به ومناقشة الأوضاع المتردية التي يعاني منها أهالينا هناك ..

 مطالبًا الأمة العربية بدعم الدولة الفلسطينية ماديًا وأدبيًا وسياسيًا ودبلوماسيًا في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة .. حيث لوَّح بالانقسامات الفلسطينية التي بذلت فيها مصر جهودًا مضينة لدأب صدعها ولم شملها ..

 لقد أجاد السيد الرئيس إبراز طبيعة المأساة الفلسطينية ودفع الحضور إلى ضرورة مساندة الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جواره .. حتى ينال حقه المسلوب ..

 لم يتوارى الرئيس المصري أمام هذا الاحتلال الغاشم لفلسطين .. ولكنه تحداهم بكلمته الجريئة التي كانت منتظرة من رئيس مصر ..

 غمرتني السعادة التي أنا على ثقة أنها أشبعت جموع المصريين الذي يضعون فيه كل ثقتهم رئيسًا لهم وكيلًا عنهم في تأمين حياتهم وإشباعها  في الداخل .. سفيرًا عنهم في قضايا عروبتهم وإسلامهم في الخارج وهو يفتح الملف السوري وموقف مصر من القضية السورية التي تدخل عامها السابع والمبني على رفض مصر التام للتدخل العسكري منذ اليوم الأول الذي لم يأت إلا على حسابسورياأرضًا وشعبًا ولم تحصد منه سوى الخراب والدمار والتشتيت والضياع ..

 لقد عبر بكل وضوح وثقة عن رفضه للتدخلات الدولية والإقليمية الذي زاد من جراحها وعمق آلامها ولم يسفر إلا عن سقوطها ..