فخامة الرئيس أناشدكم: أوقفوا مذبحة التاريخ
فخامة الرئيس أناشدكم: أوقفوا مذبحة التاريخ
التاريخ سجل حافل وكامل بمختلف الوقائع والأحداث .. لذا تنبثق أهميته من حاجة الإنسانية إلى الوقوف عليه والإستفادة منه .. والإتعاظ به فى أحيان كثيرة .. بل إنه يلبى ويفى بحاجة غريزية ...فطر عليها الخلق جميعا ... لذا تعد دراسته والوقوف عليه من أهم جوانب الثقافة التى تضيف للإنسان خبرات نوعية لا غنى عنها فى حياته...
ومن هنا عنى المربون بتوجيه الابناء لدراسة تاريخ شعوبهم وأبطالهم ورموزهم .. ففى ذلك فائدة كبرى تعود عليهم بالانتماء والوفاء والإعزاز والتباهى فى أحيان كثيرة...
ولاسيما إذا كان يحمل انتصارات وإنجازات وابداعات بل وحتى إن كانت فيه اخفاقات وانكسارات ... فهو خير شاهد على مرحلة أو على فئة أو حتى على شخص أو على حدث فهو مرآة تعكس حياة الشعوب بكل آلامها وآمالها بل ثمراتها ونجاحاتها بكل ما فيها ... يعكس الحراك الإنسانى وأن هناك حياة لم يكن موت .. لم يكن فناء وعدم ..
لذا من الأهمية بما كان أن يكتب التاريخ بأمانة ويسجل بتجرد .. بعيدا عن الأهواء والأغراض مهما كانت نبيلة أو حتى جميلة ... فلنترك الحكم على كل مرحله من مراحله أو عقد من عقوده أو حتى على قرن من قرون إلى من يقرأ عنها فى ضوء ثقافته ورؤيته وتحليله ...
إن فكرة الإنتقاء لأحداث التاريخ فكرة ظالمة ...لأنها تفرض علينا قراءتها .. دون سواها وكأنها تملى علينا وجهة نظر .. لا ينبغى أن نتجاوزها ...
فضلا على ما فى هذه الفكرة من أضرار وآثار تربوية سلبية للغاية تدفع النشئ لفقدان الثقة وعدم الاطمئنان لما بين يديه وخاصة إن كان له مصادر أخرى يكتشف بها المراحل الأخرى ... ما أكثر الوسائل التى يمكن أن يعرف بها الطالب أو الباحث أو القارئ ما تم حذفه ...
لذلك تعد فكرة الإنتقاء جريمة تلك التى تقوم على الخداع ... وبتر الحقائق بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات .... كما أنها تنتفى مع مناهجية كتابة التاريخ التى تبنى على وضع كافة المراحل السياسية من وراء بعض ...
وأنا فى غمار ذلك كله .. أشعر بزلزال عظيم ... لا استطيع أن أصدق أن ذلك يمكن أن يحدث على أرض المحروسة ... أرض أحسب فيها الرشد والحكمة والسمو وعظيم الإيمان ...
يعز عليّ أن يحتسب ضد مصر فى هذه المرحلة الراهنة .. ذلك الفعل الخطير .. وهو إنكار الحق وتغييب الحقيقة ... التى استدعى إليها القيادة السياسية الرشيدة نفسها ...
واعتذر فى استدعاءى لها عن الإزعاج .. فلن يحلها سوى تدخل شخصه الكريم الصادق المنصف .. فى قضية لا اتصور أن يجيئ اليوم الذى يسطر فيها قلمى هذه الكلمات...
وأنا أدافع فيها عن حق ساطع سطوع الشمس ... عن حقيقة بوضوح النهار ... وهو تاريخ أمة .. حياة شعب ... أيام وليالى لوطن .. بالام وآمال .. بأحداث كانت حلوة أو مرة ... لأجيال متعاقبة بذكريات متعانقة .. أو متنافرة .. كيف أن يكون كل ذلك مآله السراب ... والفناء والعدم ... أو أن يوارى تحت التراب ... حتى بلا جنازة تُشيع ... يوارى ويدفن بجرة قلم .. كيف لقلم يمكن أن يكسر أو أن يجف حبره .. أن يكون سبيلا .. إلى طى صفحة فى حياة بشر أو تاريخ وطن؟ ...
لتكون هكذا دفاع عن حق وطن فى أبسط حقوقه وهو عدم إنكار ذلك الوجود ... أمام كل الوجود ... لتكون قضية القضايا التى ليست قاصرة على شخص مهما عظم شأنه أو مهما تعاظمت السلبيات فى أخر أيامه ...
إنها قضية حذف «رئيس دولة» من تاريخ وطنه ... حذف ذكره من ذاكرة الوطن من ذاكرة أبناء وأجيال ذلك الوطن ...
إنها قضية حذف «الرئيس مبارك» من تاريخ مصر .. بل تتعاظم تلك الجريمة لتكون مع سبق الإصرار والترصد بحذفه داخل المناهج المدرسية التى من المفروض أن يتعلم فيها الأبناء من التلاميذ .. ماهية الوطن .. ومعانى الوطنية .. التى من المفترض أن يتعلموا فيها قيم الإنسانية النبيلة .. من الوفاء ... والعرفان بالجميل .. التى من المفروض أن يتعلموا فيها معانى الحق .. لإتيانه ... والباطل .. وعدم الإذعان له ... التى من المفروض أن يتعلموا فيها أرقى القيم والمعانى الإنسانية التى معها تشيد هذه العقول وتبنى النفوس لتعلو الضمائر لتعلى على أكتافها الأوطان ...
فخامة الرئيس السيسى :
يلوذ بكم .. بل تلوذ بكم الكرامة المصرية .. والقيم الإنسانية .. والشيم الأخلاقية ..
يلوذ لكم .. ضمير الأمة بأسرها ... وألوذ بكم أنا.. ألا تسمحوا لمخلوق كان أن ينال من إنجازاتكم ... الإنسانية والوطنية والأخلاقية .. وكذلك درجتكم الإيمانية بهذه الجريمة الشنعاء .. التى لا يمكن أن أوافق أن تحدث فى عهدكم .. وتلصق بكم .. لتعكر صفو إنصافكم ... وكريم خلقكم ... ونبل رجولتكم ... التى عهدناها فيكم .. بعد أن كنا قد فقدنا الأمل قبل ظهوركم ...
أعلم ثقل الهموم .. وعظم المسئوليات .. ولكن صدقونى إن هذا الإنصاف سوف يزيد من رصيدكم العظيم الكثير أمام الأمة وكذلك أمام العالم بأسره .. بل وأمام التاريخ .. الذى سوف يسجل لكم ذلك النبل ... فى عصور إنحطاط.. وما كان فيها من غدر وخيانة ونكران ..
إن قولى هذا ليس فقط من أجل شخص أو أشخاص مهما عظم شأنهم فقط .. وإنما من أجل الوطن وكرامته ... من أجل الحفاظ على كيانه .. وعلى قيم المصريين بأسرهم .. حفاظا على أخلاقهم وعلى دينهم ... فى تاريخهم العظيم فى الشرف والمروءة .. فى الحق والصدق .. فى النبل والوفاء ... فى إسناد الفضل لإهله ...
حديثى هنا ليس عن الرئيس مبارك وحده بل عن المذبحة التى تدفن ٣٠ عام من تاريخ مصر والمصريين ... بعد كل النبض والحياة .. بما فى ذلك من ذبح أجيال وعقول ... فحين يطمس التاريخ .. يكون طمسا لهذه العقول ...
فماذا يقول المصريون لأبنائهم وكذلك لآحفادهم عن تلك الحقيقة .. عن تلك الحياة ... التى وهبها الخالق لهم .. ويتم إبادتها ببشر عاجز . مخلوق عاجز ... الله يمنح الحياة .. وبشر يحكمون عليهم بالموت أحياء بطمسهم من التاريخ ...
هل يقولون أنهم كانوا نائمين طيلة ٣٠ عاما؟ أم أنهم كانوا أحياء عند ربهم يرزقون .. لا صدى لهم فى الحياة الدنيوية تركوه ؟؟!!!!!!! ..... أم أنهم كانوا ماء ... أو حبات من التراب منثورة فى الهواء ؟؟؟!!!!! ..
كيف لنا أن نطمس التاريخ الذى هو أحداث فى أذهان الأجيال ؟؟؟!!!! ... كيف لنا أن نطمس ذاكرتهم هكذا؟؟؟!!!! .... هل نصيبهم بـ«العته» أو بإنفصام الشخصية ؟؟؟!!!!! ... لخلق أجيال مريضة غير سوية .. مشوهة .. مضلَلة .. مضلٍلة .. تائه بلا كيان أو هوية...؟؟؟!!!!!.....
نرسخ فيها الكذب .. نعمق فيها سوء القدوة ... نستبيح فيها النكران وعدم الوفاء نؤصل الباطل والتزوير ... خاصة حين يكون الحديث عن رئيس سابق ... تحدث عنه ولا يزال واقع مؤلم حين جاء .. كان بطله الجوع .. أربعين فى المائة من الشعب المصرى كانت بطونهم خاوية ... بنية تحتية معدومة .. علاقات دولية مبتورة .. أوضاع أمنية مضطربة معلولة .. بعد مقتل الرئيس السادات .... حالة موجعة مؤلمة بعد اغتيال رئيس دولة بحجم السادات ... جنازة فى كل بيت !!!! .. خوف من المجهول مع رئيس جديد ومن؟؟!!! .. كان نائبا لرئيس جمهورية .. كان يشيد به على مرأى ومسمع من كل الخلق .. على المستوى السياسى والعسكرى ...
فخامة الرئيس السيسى :
كم أنا حزينة .. انتهت الهوجة .. تمت السيطرة على المؤامرة ... إذن فلا مجال لذيوع باطل آخر ........... أرجوك .. إن لم أقل ذلك .. فهى شهادة حق أمام الله .. فأكون مجرمة فى حق نفسى ... وفى حق الله .. وفى حق الوطن .. وفى حق التاريخ ...
إن لم أستغث بشخصكم من أجل رئيس دولة أسبق ... كم كان وطنيا ... ومن أجل كرامة وطنى .. فلا تصدقنى فكم أكون كاذبة ومنافقة معكم ...
إننى أحمل للرئيس مبارك فى صدرى مكانه عظيمة .. حين لم يُكرِهُنى وأنا زوجة وزير داخليته ـ مثلما يقولون ـ على الخروج والظهور بعدما اعتزلت الحياة العامة .. احترمت فيه هذا المعنى ... ولم تؤثر علاقته على زوجى «وزير الداخلية» آنذاك ..
وحين كانت أحداث «يناير الأسود» ... قلت أنها قضاء الله وقدره .. فهى أسباب لتداول الأيام .. والتى هى طبيعة الحياة .. تحليت بالصبر والحمد ...
ورغم ما حدث من قصور فى السنوات الأخيرة .. وهذا طبيعى .. فهى سنة الحياة .. لأن الكمال لله وحده على اختلاف الأسباب .. للتغير والصيرورة .. إلا أنه كان له الاحترام والتقدير حين عودتى إلى الكتابة فلم يصادر عليّ مصارحتى وأنا زوجة أحد أهم رجاله ...
سيادة الرئيس :
دوما اتمزق انتصارا للمظلومين ... فى حياتى الإنسانية والصحفية كلها .. وما هو كان معروفا عنى والحمد لله ،، وإلا لما كنت الكاتبة الناجحة .. ولا تقبلنى الناس .. داعية إلى الله عز وجل وكتابه الكريم ورسوله العظيم...
وحين التزمت الصمت لنفسى وأكتفيت بالدعاء لبيتى ... إلا أننى أكتب إليكم وأقول أننا لسنا آلهة .. فعادةً البشر مهما بلغوا من مكانة أن يصيبوا ويخطئوا .. تلك هى سنة الوجود .. ولكن ما فيه من سبة هو الشراسة والتنكيل والتشفى والحقد الأعمى الدفين ...
سيادة الرئيس .. فخامة الرئيس السيسى :
أتعاطف مع الرئيس مبارك لأنه ابن المؤسسة العسكرية التى انحنى إليها منذ الأزل .. وأدافع عنها للأبد .. فهى جزء منا .. أخوتنا وكل أهلينا فيها .. كانوا حماة لها .... ولرجالاتها الأحرار أثناء الاستعمار وبعده ..
هى مؤسسة ولكنها كل كياننا ونحن لها كل العون ... مؤسسة غرس فيها أهلينا الحب بالدفاع عنها بالغالى والنفيس .. مؤسسة أوصانا بهم نبيى «صلى الله عليه وسلم» .. بها أعظم الرجال .. أشرف الرجال .. خير الرجال .. وأنا أصدقه ... فيها الشهداء ... لا تزال تفوح رائحتهم من أبنائهم من حولنا ... أقارب أو جيران منذ ٥٦ وحتى الآن ...
فكيف لى أن أنتزع حب الرئيس مبارك وهو أحد أبناء تلك المؤسسة .. فيها أخى وابناء أخوالى وأبناء أعمامى .. واليوم ابناء اخوتي وأخواتى مناصفة مع رجال الشرطة البواسل ..
كيف لى أن انتزع الرئيس مبارك من قلبى الذى رفع شعارها وكان رمز حماتها .. وتقلد فى مناصبها .. حتى بلغت عنان السماء فى يوم من الأيام ... فهو أحد أبناء تلك المؤسسة الغالية .. شرف الوطن وعصمته... وفخره وأمانه ودرعه وحصنه ... هى السيف البتار .... يصعب عليّ ويعز على نفسى أن تكون هذه هى نهاية أحد أبنائها ..
إنه الرئيس مبارك الوطنى المخلص ... إنه الرئيس مبارك الذى كان قائدا للنسور الجوية .. صاحب ساعة الصفر ... بواقع دوت مزايدات.. مثلما أعلن الرئيس العملاق السادات .. أنه ذلك الرجل الذى تخشى إسرائيل بأسه وتعمل له ألف حساب.
إنه الرئيس مبارك الذى مسح دموع الأمة فور اغتيال السادات .. ولم شتاتها...
إنه الرئيس مبارك «بعبع» إسرائيل .. بطل الحرب والسلام ... بطل الكرامة والمواجهه ...
إنه الرئيس مبارك .. الذى حدث فى السنوات الأخيرة من حكمه .. بوادر المؤامرة .. حيث بدأت الحرب الخفية .. حين تحالف أبطالها مع بعض من أوجه القصور فى عهده .. فرسمت له النهاية الأليمة ..
إنه الرئيس مبارك الذى بلغ من العمر أرذله .. الذى يحتاج إلى بعض من الحب والإمتنان والإعتراف بجميله .. .. وفضلا حُرم منه .. ومعان ومشاعر وأحاسيس كان فى أمس الحاجه إليها بعد عطاء طويل للوطن ... هل لنا أن نداوى بعضا من جراحه ... هل نخفف عنه آلام الشيخوخه .. هل نرفع عنه آلام الجحود والنكران ... والتى هى أشد ألما ومرارة من آلام العظام .. ونوبات القلب ..
إنه الرئيس مبارك الذى يتم حذف اسمه من الوجود الآن .. ليكون فيه إساءة بالغة للمؤسسة التى أغار عليها..
وإذا كان لى أن استعين ... فلا عون لى بعد الله إلا بفخامة الرئيس السيسى ... الذى إذا لم أعلن له موقفى من الرئيس مبارك فأنـا أخونه ....
لأنه إن لم يكن لدى وفاء لأحد رموز المؤسسة العسكرية من قبله ..فلن يكون لدى وفاء لمن بعده ..
إن لم أدافع عن القائد الأعلى للقوات المسلحة الأسبق .. فلن أدافع عن من يأتى بعده لاحقا ... إن لم أدافع عن رمز مصر ٣٠ عاما ... فلن أدافع عن صاحب ثورة ٣٠ يونيو التى تحدى فيها العالم بأسره .. ليرد شرف المصريين ويحميهم ويرد شرف وعزة وفخار القوات المسلحة المصرية الغالية لأن الوفاء عنوان الإنسان لايمكن أن يتبدل مهما تغيرت الرجال وتبدلت الأيام. فهو مبدأ رغما عن أنف الإنسان.
فخامة الرئيس .. لشدة ثقتي فيكم ونظرتي إليكم أكتب لكم دون حرج .. أكرر .. لشدة إيمانى بكم وبخقلكم..
أسطر كلماتى الحزينة المتألمة إليكم ... رجل وجدت فيه الله .. وجدت عنده كريم الخلق .. فاحت رائحة إيمانه الزكية .. فأنعشت الإسلام على أرض المحروسة ... وجدت معه الإنسانية العالية ... والضمير الخالد .. وجدت فيه «الكاريزما» ... التى جمعت حوله كل المصريين .. وأهابت منه أعداء العروبة والإسلام والمسلمين ..
هذه قضية وطن .. قضية تاريخ .. قضية أجيال ... قضية تربوية .. قضية أمانة علمية .. قضية أمانة أخلاقية .. تحتاجكم حكما فيها .. قاضيا عادلا منصفا لها كما عهدت فيكم وكل المصريين مقاتلا تؤمن بقضيتك ولا تخشى فى الله لومة لائم....
من قلبي تحياتي ودعاءي وتحيات كل المصريين الشرفاء الأوفياء.
التوقيع
مواطنة مصرية