إلهام شرشر تكتب: «السيناريو الأكثر حسمًا»
ليس القول بأن الحكومة الحالية تواجه صعوباتٍ غير مسبوقة ضربٌ من الخيال أو نوعُ من المداهنة، والواقع خير شاهدٍ أمام من تعامى عن تلك الحقيقة، فليس أدل على ذلك من كثرة الاجتماعات التي تعقدها الحكومة على كافة الأصعدة الدولية والمحلية، وتفتح خلالها ملفات لم تعُد تُحصى من كثرتها، وتتخذ قرارتٍ شبه يوميةٍ لا سيما في هذه الفترة الراهنة والفارقة في تاريخنا.
ولأن المقام لا يتسع للحديث عن الشأن الدولي، إذ إن لكل مقامٍ مقال، فحسبنا إذا تطلعنا للمستوى الدولي هذه المرة أن نرصد شحنة المساعدات الطبية التي أرسلتها بلادنا دعمًا لدولة جنوب السودان الشقيقة.
وأما على المستوى المحلي فقد باتت قرارات الحكومة والمسؤولين كثيرة بحجم الصعوبات والأزمات التي نواجهها، وهذا أمرٌ بديهي لا سيما بعد أن تثب خسران الرهان على وعي الشعب، مما اضطر دولة رئيس الوزراء للإعلان منذ بضعة أيامٍ عن حزمةٍ من الإجراءات الاحترازية واجبة التنفيذ خلال عيد الفطر المبارك، أبرزها حظر حركة المواطنين من الخامسة مساءً إلى السادسة صباحًا خلال أسبوع العيد، ووقف وسائل النقل والمواصلات العامة، وعودة الحياة تدريجيًا بعد العيد شريطة ارتداء الكمامات، واجتنابًا للعقوبات.
إنني أرى هذه الإجراءات بمنظورٍ خاص.. أراها دليلًا واضحًا وبرهانًا ساطعًا على أن الدولة تنتقل بنا إلى مرحلةٍ أكثر حسمًا، لا تُترك فيها الزمام للمستهترين، ولا يُعوّل فيها على وعي العامة، إذ أفسد السواد الأعظم من الشعب ما أصلحه التزام البعض بمعايير السلامة.
ولم تلجأ الدولة لهذه القرارات من فراغ وإنما يأتي ذلك في ضوء مستجدات فيروس "كورونا" التي طرأت مؤخرًا على الساحة، وفي ضوء جهود الدولة لمكافحة هذا الوباء، لا سيما وأن إعلان وزيرة الصحة اليوم عن تحويل بعض مستشفيات القاهرة إلى مستشفيات للعزل الصحي بمثابة الكارثة التي تؤكد اكتظاظ المستشفيات التي كانت مخصصة للعزل بشكلٍ تام..
وهذا -بلا شكٍ- نذيرُ خطرٍ يستوجب منا جميعًا أن نفيق من غفلتنا وأن نساعد أنفسنا قبل أن نُساعد قياداتنا وقوات جيشنا الأبيض " الأطباء" الذي أنهكم التعب دون أن يملواْ.
ولقد لاحظت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن هؤلاء الأطباء الذين هم خط الدفاع الأول وصمام الأمان أمام هذه الجائحة لا يتأففون ولا يصابون بالانزعاج والضجر من حالات الإصابة بكورونا قدر ما يتأذون وينزعجون من تصرفات المواطنين التي تعكس مدى استهتارهم وحالة اللامبالاة التي يعيشونها أمام عدوٌ آثاره باتت أكثر وضوحًا من الشمس في مطلعها.
فعلى كلٍ منا أن يقوم بدوره ومسؤوليته.. فالمسؤولية الاجتماعية تبدء من مسؤولية الفرد.. فإذا عمل كلٌ منا ما يتحتم عليه في هذه المرحلة، فسنجد أن النتائج باتت قابلة للتعميم، ومن ثم نستطيع أن نُغيّر من واقعنا الذي بتنا ننزعج من كثرة أحداثه المتلاحقة، ولنُوقن أن الله لا يُغيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغيِّرواْ ما بِأَنْفُسِهِم.
عزيزي القارئ
ابدأ بنفسك أولًا، وتذكر أن هناك من لم تستطع هذه الجائحة العالمية أن تُثنيهم عن القيام بأدوارهم على أكمل وجه، فها هي الدولة ممثلة في "وزارة التنمية المحلية" قد أثلجت صدورنا –منذ يومين- بإعلانها استرداد 5 ملايين متر مربع و16 ألف فدان من أملاك وأراضي الدولة، دون أن تتهاون مع من حاولواْ استغلال انشغال الرأي العام بهذه الأزمة، هذا بالإضافة إلى تمكن هيئة "الرقابة الإدارية" من ضبط موظفين بإحدى المصالح الحكومية في دمياط لتقاضيهما رشوة، فضلًا عن ضبط 50 ألف كمامة مغشوشة.
ولا شك أن هذه رسالة قوية لكل من تسول له نفسه استغلال هذه الأزمة والمتاجرة بحياة الناس، فمفادها أن الدولة تسير في كافة الملفات بشكلٍ متوازي.
لنفسي أولًا، ولك عزيزي القارئ أقول: علينا جميعًا أن نعي جيدًا بأن "الوقاية خيرٌ من العلاج" ليست مجرد جملة عابرة بل هي حكمة لأولي العقول والألباب، لا ينبغي أن تمر علينا مرور الكرام، حتى تعم السلامة وننعم بالرخاء، ونغير من واقعنا، فلا يهل علينا عيد الأضحى ونحن نصلي في بيوتنا ورحالنا.
ولا يمكن أن أختم دون أن أهنئكم أعزائي القراء بمناسبة عيد الفطر المبارك "يوم الجائزة" والحصاد بعد زرع ثمار الطاعة في شهر الطاعة.
كل عامٍ وبلادي وبني وطني وأمة الإسلام والمسلمين جميعًا بخير.. تقبل الله منا ومنكم.