شبابنا وثقافة الهلس
أشفق على شباب هذا الجيل، فقد تربى على ثقافة الهلس والمصلحة، فلن تعد الصداقة الحقة موجودة على النحو الذى عاشه وعايشه أبناء جيلى، الصداقة التى يغذيها الوفاء، ويكللها الإيثار بتاج الحب الصادق.
أما ثقافة الهلس فقد سادت وباتت الأغانى الهابطة مثل "بوس الواوا" و"ادلع يا حمار" وغيرهما، محل احتفاء شباب أدمن الإنترنت ولم يعد يقرأ، كأنما القراءة باتت رجسًا من عمل الشيطان.
وسادت الاتكالية حتى عمت حياة الشباب، فمعظمهم تربوا على التواكل وليس التوكل على الله، فلم يعودوا يدرون سكتهم، وبدلًا من السعى فى الأرض طلبًا للرزق الحلال، صارت المقاهى والكافيات المنتشرة فى كل مكان مقرًا للشباب العاطل الذى لا يبحث عن مستقبله، ويضيع زهرة شبابه بلا عمل، سوى تدخين الشيشة ولعب النرد، فالفراغ الروحى الرهيب وفقدان القدوة ضرب وجدان الشباب فى مقتل.
إن هذه الحيرة وهذا الضياع اللذان يحياهما شبابنا مسئولية البيت ثم المدرسة والدولة، فالبيت المصرى افتقد ترابطه القديم، فلم تعد الأسرة متحابة، ولم يعد رب البيت يجلس مع أولاده ليعلمهم الدين والقيم والأخلاق، فقد أخذه البحث عن لقمة العيش بعيدًا عن أسرته، يقضى جل وقته فى العمل ويعود مهدودًا باحثًا عن الراحة فى نهاية كل نهار.
والمدرسة لم تعد مكانًا للتربية، بعدما انشغل المعلمون بجنى المال من الدروس الخصوصية، معطين قدوة سيئة لطلابهم، ومسيئين لأشرف المهن.
مَنْ ينقذ شبابنا من الفراغ والضياع؟