وباء ”كوفيد-19” عند مفترق الطرق
هل هناك حرب لا تنتهى؟ هل هناك أزمة لا تنفك؟ هل هناك فى الحياة صعب لا يزول أو شدة لا تهون مهما طال الزمن؟ وإذا كان هناك من الأزمات ما يطول ويستمر، فهل لدى الناس القدرة على تحمل الإجراءات الاحترازية القاسية والأوامر القسرية خاصة ما يتعلق منها بإغلاق الأعمال والشركات والمحال التجارية ذات الأنشطة المختلفة والبقاء فى البيوت، بينما التزاماتهم وديونهم تتزايد وأعصابهم تحترق ومشاكلهم ومشاكل أسرهم تشتعل؟
اليوم يقترب العالم من العام الكامل على ظهور وباء كوفيد- 19 بما شهدت فيه الشعوب من صعاب وتقلبات فى كل شىء وندرة فى السلع وضعفا فى الخدمات وانفجارا فى الأسعار وتقلصا فى المشاريع وندرة فى الوظائف وزهقا وضيقا فى الانتقال وتكلفة أكبر وأكثر إرهاقا فى السفر. والكل يستيقظ فى صباح كل يوم وهو يدعو الله ويسأله الفرج وزوال الحدة، بينما تتضارب الأنباء من كافة الجهات حول قرب للتوصل إلى لقاح وجدوى الأمصال وتمتع المتعافين من وباء كوفيد- 19 بالمناعة من عدمه. وفى نفس الوقت تسارع دول كبيرة للعودة إلى الانغلاق وتقييد حركة مواطنيها، فى محاولة للسيطرة على تفشى الوباء بين أفراد وأبناء تلك الدول.
لله الحمد، إذ لا يوجد فى الحياة ما لم يخلق له حل أو تسوية أو تهدئة أو بديل. وبين الناس من هم ذوو احتياجات خاصة ويعولون أسرا خلفهم تعتمد عليهم، وعليهم أن يعودوا فى نهاية اليوم بالوقت اللازم لمن يعولون. لذا، فأيا كان الرأى الصائب بشأن الطبيعة العلمية للوباء القاتل المنتشر الذى يهلك مصابيه بالضربات المميتة كالزلازل والأعاصير والبراكين، فإن انقضاء عام كامل تقريبا على التعايش مع كوفيد- 19 مع الخضوع لكافة القيود على الحركة وعلى الأنشطة التجارية وعلى السفر وتحمل خسائر مادية ضخمة وربما طويلة الأمد والمفعول، قد يدعو كافة الدول والسلطات المختلفة إلى البحث عن حلول غير تقليدية للتوصل إلى حقيقة الوباء وسبل العودة إلى الحياة الطبيعية للشعوب وعدم استسهال العودة إلى سياسة فرض القيود والحد من الحركة، لأنها ربما استنفذت بالفعل ووصلت بنا إلى مفترق للطرق ينبغى عنده عدم السقوط إلى الخلف، ومراعاة آلام الشعوب، واختيار طريق أخرى مناسبة للتقدم إلى الأمام.