الطيار المجنون: لقنت الطيار الإسرائيلى درسًا عن الرجولة والأرض والعرض
اللواء طيار أحمد كمال المنصورى، قائد تشكيل الفهود السوداء فى حرب أكتوبر وبطل معركة الموت الأخيرة، لقبته إسرائيل بالطيار المجنون بعد أن أدهشهم بشجاعته، مبدأه خلال القتال هو النصر أو النصر فلا يعترف بالموت لأنه لا يفكر إلا بالنصر واستعادة الأرض، حاورته "الزمان" فى عدد من الموضوعات حول ذكرياته خلال حرب أكتوبر العظيمة.
كما تحدثنا معه حول أهم المواضيع المتعلقة بالأمن القومى المصرى مثل سد النهضة، وتطرقنا حول ادعاءات قنوات الإخوان ومحاولات بث الأكاذيب والشائعات، كما تناقشنا حول تصريحات ماكرون التى استفزت المسلمين وما أسفر عنه من مقاطعة الدول للمنتجات الفرنسية، وغيرها من الموضوعات التى تهم الرأى العام.
وإلى نص الحوار..
ماذا دار خلال لقائك بالطيار الإسرائيلى فى باريس بعد الحرب؟
أثناء لقائى بالطيارين اليهود فى باريس سألنى الضابط ميشيل أدريه وهو قائد الطائرة التى واجهتها خلال حرب أكتوبر 1973 وكنت أريد أن أصطدم بها فى مناورة الموت الأخيرة، قائلاً: "لماذا بعد أن نفدت منك الذخيرة والوقود أصررت على اصطدامى بطائرتك"، قلت له إن الاختيار الوحيد الذى أمامى هو قتلك وكان عليك أن تبتعد عن أرضى، فالأرض هى العرض بالنسبة لى والذى يميز الرجل الحقيقى من المزيف هو الذى يخاف على عرضه وأرضه.
بماذا شعرت بعد أن قدمت إسرائيل فيلمًا عن الطيار المجنون؟
شعرت أنها شهادة غير مجروحة من عدو ليس من صالحه أن يشهد ببراعتى كجندى مصرى، ومشاركتى فى حرب أكتوبر شرف كبير لى بعد أن حاربنا عدوًا صنعته عدد من الدول ومرغنا أنفه فى التراب وسحقناه، رغم التسليح الضعيف الذى كان يمتلكه الجيش المصرى إلا أن براعة الجنود هزمت قوة سلاحهم فالطائرة ليس بإمكاناتها الحديثة ولكن بالطيار، فإسرائيل كانت تساندها أمريكا ومصر كان يساندها الله، اليوم الرئيس السيسى طور الجيش والأسلحة وأصبحنا رقم 9 على العالم وحصلنا على الميسترال والرافال وبرئيس قوى مثل السيسى، ونتيجة لذلك نحن أقوى ولا يستطيع أحد الاقتراب من مصر.
لماذا تحتفظ بتسجيلات صوتية لك خلال القتال منذ حرب أكتوبر؟
احتفظت بعد كل طلعة خلال المعارك بشريط التسجيل الصوتى الخاص بى لكل عملية قمت بها، الرئيس الراحل السادات قال "سيأتى اليوم الذى نتحدث فيه عن انتصاراتنا لأولادنا"، لذلك كان لدى رغبة بالاحتفاظ بصوتى خلال العمليات التى قمت بها ليكون لدى ذكرى خاصة بى تُميزنى عن انتصاراتى، وأفتخر أن إسرائيل لقبتنى بالطيار المجنون لأننى أدخلت فى قلوبهم الفزع، فأنا قاتلت بإخلاص وحب وكنت أقاتل فى سبيل الله، فلست بمقاتل أو محارب ولكننى فارس، لأن المقاتل والمحارب من الممكن أن يحصل على مقابل مادى كبير لقاء عمل يقوم به مثل المرتزقة والإرهابيين، ولكننى كنت طيارا أحصل على مقابل قدره 50 جنيها وكنت أؤدى واجبى بحب وبدون مقابل وأقل ما أستطيع أن أقدمه لمصر هى "روحى".
بماذا كنت تُفكر خلال قيامك بمخاطرة مناورة الموت الأخيرة؟
لم أكن أفكر فى أى شىء إلا النصر والنجاح فى المناورة، فأنا لم أكن أخاطر خلال المناورات التى قمت بها، وكان الموت يهرب من أمامنا فى المعركة، ولم يكن هدفى الانتحار عندما طاردت طائرات العدو بعد أن نفد وقود طائرتى، وكنت دائما أحدث الله "أنا لا أريد أن أموت بل أريد أن أستمر إلى آخر المعركة حتى أقضى على اليهود".
جميع الضباط والشباب فى الجيش يقولون إننى مشروع شهيد، ولكننى أرفض أن أكون شهيدا، لأننى فى إمكانى أن انتصر بدلا من الاستشهاد، وفلسفتى هى "النصر أو النصر"، فالنصر بالنسبة لى هدف وسر تمسكى بالحياة خلال المعارك هو القضاء على اليهود، وكنت دائما أشدد على الطيارين الذين كانوا معى بأن لا يستسلموا للموت خلال المعركة حتى لو واجهوا أصعب المواقف خلال الطلعة الجوية لا بد أن يعودوا سالمين مرة أخرى.
كيف نكافح الإرهاب والتطرف؟
يجب أن نكافحه بالفكر وليس السلاح، ومناظرتى مع السلفى ياسر البرهامى خلال العام الذى تولى فيه الإخوان الحكم خير دليل، وخلال حديثى سألته عن فتواه حيث قال إن النفس أولى عند الله من العرض، قلت له معنى هذا فى حالة أنك كنت تسير فى الشارع بصحبة زوجتك وابنتك واستوقفك مجرم بسلاح، فهل ستترك ابنتك وزوجتك لهم حتى تنجو بحياتك لأن نفسك أولى عند الله من العرض؟!.. رد قائلا: "إننى لو وقفت واشتبكت معه سيقتلنى ويأخذهم"، وعندما سألنى عن رد فعلى لو حصل لى نفس الموقف انفعلت عليه قائلا إذا كنت تخاف أن تواجه المجرم لأنك تخاف الموت فأنا لا أخاف الموت ولن أموت قبل أن أقتله لأننى أحافظ على عرضى، وهذا هو الفرق بيننا وبين الإخوان والسلفيين المتأسلمين الذين يدّعون الإيمان.
بماذا شعرت بعدما قرر الطيار لطفى الاصطدام بطائرته فى طائرة العدو بعد نفاد الوقود؟
حسن لطفى كان شابا يبلغ من العمر 19 عاما وكان معى فى مناورة الموت الأخيرة بعدما نفد وقودنا لم يكن هناك وقت للعودة أو استكمال التحليق والقتال وقرر أن يواجه طائرة العدو بتفجير طائرته بطائرة العدو حتى لا يضيع عمره هباء ودون تحقيق خسائر للعدو، أية اشتباك يستمر من دقيقتين إلى 3 دقائق بينما استمرت المعركة 13 دقيقة، وخلال المعركة لم نكن نتحدث حتى لا يستمع لنا العدو وكنت أشاور له بما يعنى أننا ذاهبون فى معركة بلا عودة وقبل أن تستشهد لا بد أن تقتل عددا كبيرا من الإسرائيليين وكان لطفى يشاور برأسه بالموافقة على التضحية، لم ينتحر ولكنه قرر أن لا يموت بلا فائدة، كنا نأكل ونشرب معا وكنا مثل الجسد الواحد ولم أحزن بعد قراره بتفجير طائرته بطائرة العدو بل هذا كان قرارا صائبا ودمر أمام هذا القرار طائرة العدو وانتصر عليه.
ما أهم الأوسمة التى حصلت عليها؟
حصلت على جميع الأوسمة من وسام الشجاعة إلى النجمة العسكرية، وخلال الحرب أصبت مرتين فى العمليات التى قمت بها، ورغم ارتفاع درجة حرارتى إلى الـ40 عندما علمت أن هناك هجوما على المطار قفزت داخل الطائرة واشتبكت ضربت طائرة للعدو ثم عدت وتحسنت درجة حرارتى بعد أن انتقمت.
كما منحنى الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل أن يتولى الرئاسة وسام القوات المسلحة، وحصلت على وسام من نوع خاص بعد أدائى صلاة الجمعة فى الجامع وقررت أن أشترى من سيدة بسيطة تفترش الأرض وتبيع الفجل والجرجير وعندما قررت أن أدفع لها ثمن حزمة الجرجير لم تأخذ منى شيئا وقالت لى: "والله يالى دوخت اليهود يابتاع التليفزيون مش هاخد منك فلوس"، وكانت قد تعرفت على شخصيتى بعد ظهورى فى أحد البرامج التليفزيونية، وهذا يُعد وساما على صدرى من إنسانة بسيطة رغم أنها تحتاج لكل جنيه تحصل عليه من فرشتها التى تعيش عليها هى وأولادها.
ما الفرق بين المقاتل المصرى وباقى المقاتلين؟
الجندى عندما يقاتل بحق وبعقيدة يكون قويا جدا، اليهود لم يكونوا ضعفاء أو جبناء بل كانوا عدوا قويا، مصر أعطت السلام لإسرائيل مقابل الأرض بعد أن حاربنا، ولكن اليوم باقى الدول تعطى السلام لإسرائيل مقابل السلام فقط، ولكن مصر فى حرب أكتوبر سحقت إسرائيل وعقدت السلام، اليوم نتنياهو يقول إن إسرائيل التى انتصرت فى حرب أكتوبر، كيف انتصروا ومصر تحتفل بذكرى انتصار أكتوبر منذ 47 عاما ولا يمر علينا عام إلا ونحتفل سواء فى شهر 6 أكتوبر أو 10 رمضان، فلو إسرائيل المنتصرة لماذا لا يحتفلون كل عام، فضلا عن استعادة الأرض لو لم نكن منتصرين لماذا تُعيد إسرائيل الأرض لمصر.
لماذا قنوات الإخوان قاموا بفبركة مكالمة خاصة بك؟
لأننى شخصية عامة يعرف الجميع بطولاتى فى حرب أكتوبر يحاولون أن يخلقوا بلبلة، بهدف بث الشائعات والكذب والتضليل، فى محاولة منهم لمخاطبة الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعى وإظهار أن أبطال أكتوبر يتحدثون مع القنوات المشبوهة بغرض شق الصف، ولكنى قمت بإجراء الاتصالات للشئون المعنوية وطالبت بإجراء تصريح للتكذيب، لأنه مستحيل أن نتعامل مع من يبيع وطنه، الرئيس السيسى قال لا للمصلحة مع الخونة، وهؤلاء خانوا الوطن ومصممين على الإرهاب.
بماذا تصف حكمة الرئيس السيسى بخصوص أزمة سد النهضة أمام التعنت الإثيوبى؟
إذا نظرنا إلى الكبارى التى تظهر كل يوم فى شوارع مصر الجديدة ومدينة نصر وغيرها من الأماكن المختلفة فضلا عن مشروعات التنمية العظيمة التى قام بها الرئيس السيسى، كل هذه الإنجازات التى يقوم بها لن يكون من الصعب عليه أن يُخرج طائرة تنسف سد النهضة، ولكن الرئيس السيسى لا يريد أن يُهدر نقطة دم واحدة لأية جندى مصر دون فائدة وهذا الصبر ليس ضعفا ولكنه قوة، وهذا ما اعترف به ترامب فى تصريحاته، ورغم اعتراف ترامب بحقنا فى تدمير السد إلا أن أمريكا أول دولة ستتخلى عنا فى حالة وصول الأمر مع إثيوبيا إلى الحرب وستكون مصر المُخطئة من وجهة نظر العالم لأنها من بدأت بالحرب، خصوصا إن إثيوبيا دولة أفريقية شقيقة، فضلا عن أننا لو قمنا بضرب السد من الممكن أن ترد إثيوبيا بضرب السد العالى، لذلك الرئيس السيسى يُدير الأمور بحنكة شديدة.
ما تعليقك على إنقاذ القوات البحرية المصرية للمركب التركى؟
هذه المركب أصدرت نداء استغاثة لذلك أرسلت القوات البحرية فرقاطة وأنقذت الموجودين فى المركب، مصر لا يوجد بينها وبين الشعب التركى عداوة ولكن الأزمة كلها من أردوغان، ولكننا إنسانيا نساعد أى إنسان استغاث بنا حتى لو يهوديا، النبى صلى الله عليه وسلم، كان يقوم بذلك.
ما رأيك فى تصريحات ماكرون التى أثارت استفزاز المسلمين؟
أوروبا مختلفة عن المسلمين من الطبيعى لديهم أن يسخروا من دينهم وهم يعتقدون أنها حرية رأى، لذلك تفكيرهم مختلف عن تفكيرنا، وماكرون لم يفكر جيدا فى تصريحاته التى قالها واستفز بها المسلمون، ولكن المسىء لديننا مثل ياسر برهامى وغيره ممن يدعى الإسلام مثل فتوى نكاح الجهاد وغيرها من الفتاوى التى تركت صورة سيئة عن الإسلام لدى الأوروبيين، وبالنسبة عن مقاطعة منتجات فرنسا فهو أمر غير صحيح فالسلاح الذى حصلنا عليه سواء الميسترال والرافال، فلو كان هناك دواء يعالج السرطان لدى إسرائيل سنشتريه، لدينا 5 مصانع فرنسية يعمل بها آلاف العمال المصريين فكيف سنطبق المقاطعة ونخرب بيوت كل هذه العمال، المقاطعة ليست حلا لتصحيح الأفكار الخاطئة لدى البعض، سلاح المقاطعة سلاح غير مناسب لنا.