أزمة الـ«تيجراى» تحاصر المستثمرين المصريين والأجانب فى أديس أبابا
على الرغم من إعلان الحكومة الإثيوبية عن سيطرتها على مدينة "ميكللى" عاصمة إقليم التيجراى الذى يطالب بالانفصال عن إثيوبيا، إلا أن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة لا زالت متصاعدة، حيث يقدر عدد المشردين بسبب الحرب بنحو 950 ألف نسمة، بخلاف آلاف القتلى والجرحى، وتحاول الحكومة إرسال مساعدات غذائية وطبية عاجلة للإقليم لإنقاذ الأهالى من شبح الموت جوعا، ناهيك عن الخسائر التى يعانى منها المستثمرون الأجانب بالإقليم.
ويقدر الدكتورة جوزيف أمين المستشار الإعلامى الأسبق بسفارة مصر بأديس أبابا، حجم الاستثمارات المصرية بمدينة ميكللى بنحو 10 ملايين دولار، مملوكة لعدد من المستثمرين المصريين، الذين يتركز نشاطهم فى إنتاج محولات الكهرباء والأثاث المكتبى، ولديهم عقود موثقة من السلطات الإثيوبية بهذه المشروعات.
أوضح لـ"الزمان" أن اندلاع الحرب بالإقليم أدى إلى توقف خطوط الإنتاج، مما دفع المستثمرين المصريين إلى التفكير فى إقامة دعوى مؤقتة أمام التحكيم الدولى، بعد أن عجزوا عن الالتزام بتوريد منتجاتهم للوكلاء والموردين المتعاقد معهم داخل وخارج إثيوبيا فى الوقت المحدد.
أضاف الدكتور جوزيف أن الصين تمتلك استثمارات هائلة فى إثيوبيا تتجاوز 2.7 مليار دولار، موزعة على 1500 مشروع، إضافة إلى سيطرتها على أغلب الواردات الإثيوبية، واقتراض إثيوبيا نحو 16 مليار دولار من الصين، حيث ترتكز عليها الأخيرة فى إنشاء طريق الحرير الذى يستهدف استحواذ الصين على النسبة الأكبر حجم التجارة العالمية.
توقع الخبير الاستراتيجى أن يؤدى النزاع إلى تحويل الصين استثماراتها لإحدى الدول المجاورة وبخاصة جيبوتى حيث تملك بكين قاعدة عسكرية كبيرة بها وإريتريا، حيث تنجز مشروع طريق رئيسى بها وكلها محطات هامة فى مشروع "الحزام والطريق" الصينى.
لفت الدكتور جوزيف إلى غموض الموقف العسكرى نظرا لامتلاك الجبهة المسيطرة على الإقليم لصواريخ ومعدات عسكرية ويقودها محاربون قدامى أو فُصلوا من الجيش الاتحادى فى عملية التطهير التى قام بها آبى أحمد مما قد يمكنها من الاستمرار فى الحرب، أو نقل المعركة إلى الأقاليم الأخرى أو حتى خارج حدود إثيوبيا.
وقال المستشار الأسبق بالسفارة المصرية إن الأقليم يعد القاعدة الأساسية لأقوى وحدات الجيش الإثيوبى "القيادة الشمالية"، التى يتجاوز عدد الجنود فيها نصف تعداد الجيش الإثيوبى، ولذلك فمن الصعّب حسم المعركة سريعا، ما لم يتم تحديد ولاء تلك القيادة فى المعركة.
أشار الدكتور جوزيف إلى أن حكومة إقليم تيجراى أعلنت أن القيادة الشمالية "ستقف إلى جانب شعب تيجراى والحكومة الإقليمية"، بحسب، وهو ما يعنى احتمالية وقوع انشقاقات داخل الجيش فى حال استمرار الصراع.
فى سياق متصل أوضح الدكتور عبدالفتاح مطاوع رئيس هيئة مياه النيل الأسبق، أن أحد أسباب الصراع بين الحكومة الفيدرالية وزعماء إقليم التيجراى هو المشاكل الاقتصادية الطاحنة حيث أدى انتشار الجراد خلال موسم الفيضان العالى لموسمين متتاليين هما 2019 و2020 إلى تدمير المحاصيل الاستراتيجية التى يعتمد عليها الشعب فى غذائه.
أشار رئيس هيئة مياه النيل الأسبق أن التداعيات الاقتصادية لانتشار وباء كورونا المستجد على دول القرن الأفريقى ذات الاقتصاد الضعيف أدى إلى خوض الحكومة تلك الحرب الشرسة خوفا من اندلاع انتفاضات شعبية على غرار التى تعرض لها الإمبراطور هيلا سلاسى عام 1974 وأدت إلى سيطرة مانجستو هيلاماريام على الحكم.
وقال الدكتور عبدالفتاح مطاوع إنه لا يستطيع التنبؤ بنهاية هذه الحرب نظرا لانقطاع المعلومات تماما عما يحدث داخل الإقليم والذى يبدو من الأنباء الواردة لدينا من هناك أن الحرب قد خلفت وراءها كوارث إنسانية واقتصادية نتيجة تدمير البنية الأساسية للإقليم الذى كان يوما ما واحدا من أزهى أقاليم إثيوبيا.
وكشف علاء السقطى، نائب رئيس اتحاد المستثمرين، عضو مجلس الأعمال المصرى الإثيوبى، عن دعوة سفارة أديس أبابا بالقاهرة لرجال الأعمال المصريين من أصحاب الاستثمارات فى إثيوبيا لمناقشة سبل تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين.
وأوضح السقطى أن هذه الدعوة جاءت بعد التهديد برفع قضايا فى التحكيم الدولى، ضد بعض التعنت أمام استثماراتهم المتضررة فى إثيوبيا، ولحماية استثمارات المصريين هناك والتى تقدر بـ10 ملايين دولار بعد انقطاع الاتصال مع المصانع المصرية فى إقليم تيجراى وتعرضها للخطر وتوقف العمل بها بسبب هجوم الجيش الإثيوبى على الإقليم.
وتابع أنه لحق بالمصانع المصرية هناك أضرار مالية وتجارية وصناعية نتيجة الحرب الأهلية هناك، مشيرا إلى أن الإحصائات الرسمية تشير إلى وجود استثمارات مصرية فى إثيوبيا تتعدى 750 مليون دولار فى الفترة ما بين 2010 و2018.