الزمان
جريدة الزمان

تقارير

نخترق عصابات علاج الغضاريف بالسحر والشعوذة

مصطفى شاهين -

اكتشف العلماء عددا من العلاجات منها الموضعى وآخر يستلزم تدخلا جراجيا لمرضى الانزلاق الغضروفى، إلا أن نسبة ليست بالكبيرة ممن يعانون الانزلاق الغضروفى يعتقدون فى قدرة السحرة والمشعوذين على تخفيف الألم ومعالجة تلك الانزلاقات نتيجة ما سمعوه من خرافات قيلت حول هؤلاء الدجالين، ولكل مشعوذ قصة مختلفة عن الآخر يحاول أن ينسج حولها خيوطا وتفاصيل قابلة للتصديق، فهذا نجاه الله من موت محقق أسفل عجلات جرار زراعى ووهبه بعدها القدرة على علاج الانزلاق الغضروفى، وآخر رأى السيد المسيح فى منامه فبات يعالج مشاكل العظام فى ومضة عين، وثالث ورابع وخامس ومع غياب الرقابة انتقلت تلك الأساطير من داخل جدران المنازل التى تأوى هؤلاء الدجالين إلى شاشات قنوات بير السلم والتى تعلن عنهم ليل نهار حتى أصبح لهم اسما وعلامة تجارية تحملها منتجات مجهولة الهوية.

"الزمان" وفى السطور التالية ترصد شهادات الناجين من خدع الدجالين الذين زعموا كذبًا قدرتهم على علاج الانزلاق الغضروفى، وكانت البداية مع "أحمد مجدى" صاحب الثلاثين عاما وقد عانت شقيقته "مروة" من انزلاق غضروفى بفقرات الظهر دفعها للتحرك بحساب وعدم القدرة على السير مسافات طويلة مثلما كانت عليه قبل سنوات، وكافة الأطباء أجمعوا على ضرورة إجراء عملية جراحية لسحب الغضروف التالف لكن آخريين خضعوا للجراحة لم تتحسن حالتهم ولم يخسروا سوى أموالهم ومزيدا من الألم المصاحب للعملية الجراحية، حتى سمعوا ذات يوم عن "شيخ" وعرفوا لاحقًا أنه مجرد دجال وكانت اللحية ولقب الشيخ ضمن أدوات النصب على المرضى وذويهم، وقد اختار هذا النصاب من مدينة إطفيح بالجيزة موطنًا له.

يقول "مجدى" فى شهادته: ذهبنا إليه والساحر لا يعلن عن نفسه صراحة، لكنه ادعى قدرته على علاج الانزلاق الغضروفى بواسطة أعشاب ونباتات هندية يشتريها بنفسه وقد منحه أحد الحكماء كتاب يقرأ منه تعويذات وعلى إثرها يشفى المريض، وخضعنا للتجربة ودفعنا 500 جنيه قيمة الجلسة التى خضعت لها شقيقتى ولا يمكن إنكار أن النتيجة كانت مذهلة فى اليوم الثانى وحتى شهر لم تشعر بأى وجع لكن بعدها عاد الأمر مثلما كان عليه من قبل وعرفنا لاحقًا أنه يستخدم نباتات يستخرج منها المخدر الموضعى وهى ذات تأثير قوى تستخدم لتسكين الوجع لفترات طويلة لكنه ليس شفاء كما يدعى ويروج حول نفسه.

وتابع، بعد الجلسة يقوم مساعد هذا الدجال بمنحك كيسا بلاستيكيا يحتوى على مجموعة من النباتات المجففة تقوم أنت بطحنها وتناولها عن طريق الفم وبعضها يتم طحنه وإضافة زيت لعمل جلسات مساج على مكان الألم وهى الأخرى لم تكن ذات جدوى واكتشفت مؤخرًا أن هذا الشخص ما هو إلا محتال يستغل وجع الناس للمتاجرة به وإيهامهم القدرة على الشفاء للحصول على أموالهم.

واقعة أخرى بمحافظة بنى سويف لشيخ ادعى قدرته على العلاج من الانزلاق الغضروفى سواء كان بالرقبة أو أسفل الظهر، وقد ساق القدر "سامى البنا" صاحب الـ45 عاما ومقيم بمحافظة المنوفية إلى هذا الدجال والذى وصف عنوانه قريب للضحية يعيش فى قرية "الفقيرة"، وبحسب شهادة البنا فإن هذا الشيخ يقال عنه أنه رأى السيد المسيح فى منامه ومن وقتها لديه قدرة خارقة على علاج أصحاب الأمراض المزمنة ولكنها لم تكن للأسف سوى إشاعة روج لها وتبناها مقربون للدجال للإيقاع بالضحايا وتوزيع الغنائم بينهم.

يقول "سامى البنا" فى شهادته لـ"الزمان": أعانى من الانزلاق الغضروفى بالظهر منذ 10 أعوام وطرقت جميع الأبواب دون حل ولم أشعر يومًا براحة سواء فى الحركة أو الجلوس أو النوم، وأعيش على المسكنات ولأن ألم العظام لا يمكن تحمله وافقت على نصيحة أحد الأقارب حكى لى عن معجزات هذا الشيخ ومدى قدرته على علاج وجع العظام سواء غضاريف أو آثار عمليات جراحية بالعظام من تركيب شرائح ومسامير، وعلى الفور قمت باستئجار سيارة وتوجهت برفقة نجلى وشقيقى إلى المكان حيث موطن الدجال وخضعت لجلسة لم أتذكر منها سوى كلمات كان يتمتمها فى أذنى وكأنه يوحى لى بأنه ساحر كبير وطلب بعد الجلسة خضوعى للعلاج المنزلى وهو عبارة عن مسحوق أخضر اللون اشتريته بمعرفة الدجال بقيمة 1000 جنيه والنوم على الجنب اليمين طوال 45 يوما ونفذت كلامه بالحرف ولكن عاد الألم أكثر من السابق.

وتابع، فوجئت لاحقًا بإعلانات المنتج الخاص بالدجال قد انتشرت على قنوات بير السلم وبنفس القيمة التى اشتريتها بجانب مصروفات الشحن، وقد تعجبت يومها من كيفية سماح الجهات الرقابية الترويج لمثل تلك المنتجات على القنوات الفضائية بما يمنحها ثقة لدى الجمهور.

من جانبه يقول الدكتور وليد صقر استشارى جراحة العظام: من أهم أسباب الانزلاق الغضروفى هو الجلوس لفترات طويلة على المكتب دون حركة، بالإضافة إلى جلسات إنقاص الوزن الطويلة، ما يسبب مشاكل فى الرقبة والتنميل فى الأطراف ومشاكل فى القدم، هذا إلى جانب انزلاق غضروف بالفقرات الرابعة والخامسة أسفل الظهر، ولعل الدائرة المفرغة التى يدخلها المريض تبدأ من الاستعانة بنصيحة صيدلى للحصول على مسكنات دون استشارة طبيب مرورًا بالأساور الطبية أو السحرية كما يروج لها لتخفيف الألم وتحقيق توازن بالجسم وصولاً إلى الاستعانة بالسحرة والمشعوذين، رغم أن الطريق الوحيد الصحيح هو الاستعانة بطبيب متخصص فى علاج الغضاريف والخضوع لجلسات علاج.

وأضاف، الأزمة الحقيقية ليست بقدر استعانة مواطنين بالمشعوذين بقدر حقيقة خروجهم على الفضائيات والإعلان عن أنفسهم بهذا الشكل الفج الذى لا يليق بالمجتمع وأفراده وعليه أتمنى تفعيل الرقابة على تلك القنوات المصنفة بقنوات بير السلم.

ويتفق معه الدكتور شاكر فوزى "استشارى المخ والأعصاب"، قائلاً: أزمة الانزلاقات الغضروفية تصيب فئة كبيرة فى المجتمع وللأسف التشخيص والعلاج المتأخر والعادات السلبية التى نمارسها فى حياتنا اليومية يقلل من فرص الشفاء التام لكن هناك آراء مختلفة حول الخضوع لعمليات جراحية وجلسات علاج، لكنها تظل آراء تدور فى فلك الطب لا يضار منها مريض، لكن التوجه نحو السحرة والمشعوذين من أجل الحصول على العلاج فإن النتيجة معروفة وهى الإصابة بعاهات مستديمة.

واستطرد، فئة قليلة تتوجه نحو المشعوذين حتى لا نجزم بأنها ظاهرة متفشية، وذلك لأسباب بعضها مرتبط بارتفاع سعر الكشف لدى بعض الأطباء ليصل إلى 1500 إلى 2000 جنيه وأسباب أخرى مرتبطة بالخرافات التى يروجها المشعوذون وأقاربهم حول أنفسهم.