انتكاسة جديدة تزلزل دولة الاحتلال
كشفت نتائج الانتخابات الإسرائيلية الرابعة عن حالة الجمود السياسي الكبير، فعلى مدار عامين صوت الإسرائيليون، في 4 انتخابات -آخرها الأسبوع الماضي- ليظلوا عالقين في نفس النتيجة غير الحاسمة، إذ لم يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ولا منافسوه من الحصول على الأغلبية البرلمانية.
ورغم حصول الأحزاب اليمينية على أغلبية كبيرة في الكنيست في هذه الانتخابات، إلا أن المعسكر اليميني المتطرف الذي يقوده بنيامين نتنياهو، فشل للمرة الرابعة في الحصول على أغلبية تمكِّنه من تشكيل حكومة.
ومن جانبه، كشف الخبير الفلسطيني المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، فايز عباس، خلال تصريحات لجريدة «الزمان»، أن الأزمة السياسية في إسرائيل، معقدة للغاية، وليس هناك أي مخرج لها إلا في حالة واحدة، وهي تنحي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لافتًا إلى أن نتنياهو، لن يفعل ذلك لأن ذلك سيؤدي إلى التسريع في محاكمته كمواطن عادي وسيكون هو الخاسر الأكبر.
وأضاف «عباس»: «روؤساء الأحزاب من اليمين والمركز واليسار، يرفضون بقوة الجلوس مع نتنياهو، في ائتلاف حكومي، بسبب ملفات الفساد، وأيضا لا يثقون به لأنه معروف بأنه كاذب ولن يفي بوعوده أو بالاتفاقيات حتى وإن كانت خطية وبتوقيعه».
وأكد الخبير الفلسطيني، أن الأزمة السياسية تزداد إثارة خاصة وأن هناك أحزابا كثيرة وكل حزب الآن له وزنه في ظل هذه الأزمة، مشيرًا إلى أنه حتى الآن وبعد أسبوع من الانتخابات لا يوجد أي إمكانية لحل هذه الأزمة السياسية.
وتابع: «أحزاب اليمين هي الأكبر ويصل عدد أعضاء الكنيست من اليمين إلى أكثر من ٨٠ عضوًا من أصل ١٢٠ وهذه المعادلة تزيد من عمق الأزمة لأن كل رئيس حزب يعتقد أنه المسيح المنتظر - حسب الديانة اليهودية - ويريد إنقاذ إسرائيل من نفسها».
واستطرد «عباس» بالقول: «القضية الفلسطينية تم تحييدها كليًا خلال الانتخابات الأربع الأخيرة، واستطاع نتنياهو، بقدرته السياسية إشغال الرأي العام الإسرائيلي بالقضايا الداخلية، لكن كان بإمكان الفلسطينيين إعادة القضية إلى لُب السياسة الإسرائيلية، إن كان بتصريحات عن الانتخابات أو حتى التدخل بها، لكن القيادة لم تفعل ذلك لأنها لا تتدخل بالأمور الداخلية الإسرائيلية، وهذا إدعاء غير منطقي لأن نتائج الانتخابات في إسرائيل، لها تأثير مباشر على الشعب الفلسطيني وقضيته».
وأوضح الخبير الفلسطيني، قائلا: «أتابع الشأن الإسرائيلي وأقرأ جيدًا العقلية الإسرائيلية، إن التدخل الفلسطيني، كان سيقلب الطاولة على كافة الأحزاب الإسرائيلية، لكن للأسف لم يحدث ذلك مع العلم أن إسرائيل، تتدخل حتى بالأكسجين الذي يتنفسه الفلسطيني».
وأكمل: «أجزم أنه لن يستطيع أحد تشكيل الحكومة القادمة، بسبب الخلاف بوجهات النظر والأيديولوجات الحزبية اليمينية الفاشية».
وقال «عباس»، إن نتنياهو الذي حرض على الفلسطينيين بالداخل واتهمهم أنهم طابور خامس أو داعمين للإرهاب ويريدون تدمير إسرائيل كليًا، تودد في هذه الانتخابات للمجتمع العربي، وادعى أنه يريد فتح صفحة جديدة مع الجمهور الفلسطيني، وللأسف نجح بفك القائمة المشتركة، وحصل على أكثر من ٢٠ ألف صوت عربي.
وأكد أن نتنياهو، بدون القائمة الموحدة - قائمة الحركة الإسلامية - لن يستطيع تشكيل الحكومة لكن شركاءه من الحزب الصهيوني الديني الفاشي، أعلنوا أنهم لن يسمحوا بتشكيل حكومة مع الموحدة أو دعمها من الخارج.
وأردف الصحفي الفلسطيني: «الأحزاب العربية، سيكون لها هذه المرة تأثير على تشكيل أو عدم تشكيل الحكومة القادمة، أيضا انجرت الأحزاب العربية وراء المشاكل الداخلية مثل عمليات القتل الإجرامية التي تحدث بشكل مقلق للغاية سياسة هدم المنازل العربية وأوضاع الفقر داخل المجتمع الفلسطيني».
ومن ناحيته، أفاد المحلل السياسي الفلسطيني المختص بالشأن الفلسطيني – الإسرائيلي، الدكتور عبد المهدي مطاوع، في حديث لجريدة «الزمان»، بأن هذه الانتخابات أثبتت عمق الأزمة السياسية التي تضرب إسرائيل، مشيرًا إلى أن سبب الأزمة هو شخص نتنياهو، الذي ربط الدولة بمصيره في المحكمة، ويهدف بشكل رئيسي إلى سن قانون للحصانة يجنبه المحاكمة والسجن بينما تبلور كتلة ضد نتنياهو، رغم الاختلاف الأيديولوجي بينها.
وأضاف «مطاوع»: «الحقيقة الثانية أن هذه الانتخابات جرت بين اليمين واليمين الديني وبعضه، لذلك وصل عدد اليمينين في الكنيست أكثر من ٨٠ عضوا».
وعند سؤاله عن السيناريوهات المتوقعة لهذه النتيجة، توقع المحلل السياسي، عدة سيناريوهات:
أولها: «تشكيل حكومة ضيقة من اليمين، ينضم إليها حزب يمينا، ومدعومة من القائمة العربية الموحدة، وهذا السيناريو يواجه مشكلة رفض الأحزاب الحريدية، قبول الدعم من قائمة عربية».
ثانيها: «محاولة تشكيل حكومة تغيير وتضم كل الكتل الرافضة لنتنياهو، برغم الخلاف الأيدلوجي، وستقوم هذه الحكومة بالدرجة الأولى لمنع نتنياهو، وإقرار الموازنة واتخاذ قرارات اقتصادية ثم ستنحل بعد عام أو عام ونصف».
ثالثها: «إقرار قانون في الكنيست يمنع نتنياهو، من تشكيل حكومة بسبب التهم الموجهة له وهذا يقترحه ليبرمان ويسعى لتنفيذه».
رابعها: «حكومة لنتنياهو تضم بينيت وأعضاء منشقين من حزب ساعر «تكفا حداشا»، عبر الضغط عليهم بأنهم يمينيين ويضيعون فرصة لتشكيل حكومة يمينية صرفة».
خامسها: «التوجه لانتخابات خامسة في شهر أغسطس».
كما رجح المحلل السياسي: «قد يقفز الحريديم، من مركب نتنياهو، إذا شعروا بغرقه مقابل تشكيل حكومة يمينية برئاسة بينيت، وليس لابيد، وهذا احتمال ضعيف إلا أنه وارد».
ولفت إلى أن هذه المرة سيكون مصير نتنياهو، المحاكمة والسجن، بعد فشله في الحصول على غالبية تتيح له التهرب من المحاكمة، ولذلك حصنت المحكمة العليا الإسرائيلية، المناصب القضائية والنيابية من محاولات نتنياهو، إقالة وتعيين موالين له بسبب تضارب المصالح.