”الزمان” تكشف المسكوت عنه بغرف عمليات ”بير السلم”
انتشرت فى الآونة الأخيرة غرف عمليات ملحقة بالعيادات الطبية بالمخالفة للإجراءات الاحترازية ومنها على سبيل المثال لا الحصر عدم الاعتداد بعملية التعقيم وضبط العدوى، وما زيد الأمور سوءًا هو إجراء عمليات جراحية دقيقة بالجهاز الهضمى داخل غرف العمليات الملحقة بالعيادات وهو ما يؤدى معه إلى مضاعفات طبية وقد أطلقت الأجهزة الرقابية مصطلح "غرف عمليات بير السلم" على تلك الممارسات وقامت بغلق وتشميع عدد كبير، خاصة أن القانون اشترط وجود ترخيص لفتح غرف العمليات على هذا النحو وحدد شروط معينه يجب اتباعها.
"كادت زوجتى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة ما لم نتوجه بها للمستشفى الجامعى" بتلك الكلمات بدأ "الحسينى محمد" حديثه لـ"الزمان"، قائلاً: عانت زوجتى لفترة طويلة من وجع فى البطن وتقلصات ومع استشارة أكثر من طبيب وصف الحالة بأنه قولون عصبى ولم يتغير شىء مع الأدوية، واستمر الحال لسنوات حتى قام أحد الأطباء بفحصها وأخبرنا بأن المرارة ملتهبة وهى سبب كل تلك المشكلات ولا بد من استئصالها وعلى الفور اتخذنا قرار العملية الجراحية والتى تمت داخل عيادة الطبيب حيث توجد غرفة عمليات مجهزة وبعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة من قياس ضغط الدم والسكر ونبضات القلب بدأت العملية لكن حدثت مضاعفات طبية بعد العملية استلزم معها تدخل خارجى وللأسف نتيجة غياب التجهيزات الطبية داخل غرفة العمليات الملحقة بالعيادة توجهنا إلى المستشفى الجامعى قسم الطوارئ وتم إسعاف الحالة.
وتابع، تواصلت مع الطبيب لاحقًا والذى أخفى عنى سبب تدهور الحالة الخاصة بزوجتى وأرجع الأمر للقضاء والقدر وأن موقفه سليم وليس عليه شائبة وللأسف لم أتمكن من الحصول على حق زوجتى والتى كادت أن تفقد حياتها.
قرارات سابقة
بالرجوع إلى أصل المشكلة، نجد أن القانون اشترط فقط الترخيص لمزاولة العيادات مثل تلك العمليات الجراحية غير الدقيقة داخل العيادات الطبية عبر غرف عمليات ملحقة شرط اتخاذ كافة الإجراءات التى تضمن صحة وسلامة المريض، لكن إقرارات المضاعفات الطبية وعدم مسئولية الطبيب والتى يتم دفع أقارب المريض من الدرجة الأولى وأحيانًا المريض كانت طوق النجاة للطبيب حال حدوث خطأ طبى أو مضاعفات طبية، وهو الحال مع الحالات التى تخضع لجراحات دقيقة داخل غرف عمليات "بير السلم".
الدكتور محمد عبدالرحيم "استشارى الجراحة العامة" يقول: أنا غير مقتنع بفكرة غرف العمليات الملحقة بالعيادات الطبية فمثل تلك الغرف لها مواصفات خاصة وتعقيم وإجراءات مشددة حماية للمريض من وقوع أى ضرر عليه كذلك ضرورة وجود غرف عناية مركزة ملحقة تحسبًا لحاجة المريض له بعد إجراء العملية وهذا غير وارد بالعيادات الطبية التى تلجأ فى الغالب إلى أقرب مستشفى عام لتتفادى المسئولية القانونية والمحاسبة الجنائية.
وأضاف، فى عام 2001 صدر فى مصر قرار عن وزير الصحة آنذاك بإلغاء جميع تراخيص غرف العمليات بتلك العيادات ومنع إجراء أية عمليات سواء صغرى أو متوسطة أو كبرى بها، إضافة إلى وقف عمليات الولادة المنتشرة بهذه المنشآت وتحويل أى طبيب يخالف هذا النظام إلى النيابة العامة، وعلى الرغم مما يحتويه هذا القرار من حماية لصحة المرضى إلا أنه أثار اعتراض العديد من الأطباء وبصفة خاصة الجراحون الذين اعتبروه اعتداء صريحا على حقوقهم فى ممارسة المهنة وتهديدا مباشرا لاستقرارهم الاقتصادى وكنت أنا واحدا من المؤيدين للقرار فى ذلك الوقت خاصة أن الأخطاء الطبية نسبة كبيرة منها ربما 80% تحدث داخل العيادات الملحق بها غرف عمليات.
واستطرد، هناك عمليات دقيقة مثل جراحات العظام تحتاج إلى مراكز طبية ومستشفيات متخصصة والغريب أنها تُجرى الآن داخل عيادات طبية وهذا مخالف للقانون والأعراف الطبية بصفة عامة ناهيك عن تعرض المريض للخطر قد يصل إلى الوفاة.
مزاولة بدون ترخيص
"الكارثة وجود غرف عمليات بدون ترخيص بالأساس"، عبارة أدلى بها الدكتور باسم محمد استشارى الجهاز الهضمى والكبد، قائلاً: جراحات الجهاز الهضمى واحدة من أدق العمليات التى يتم إجراؤها فى العالم وتحتاج إلى فريق طبى وطبيب تخدير ولا يمكن إجراؤها بهذا الشكل السهل والبسيط داخل العيادات، وإذا استمر الحال على ما هو عليه ربما نجد عمليات جراحة قلب مفتوح داخل العيادات طالما هناك سرير عناية مركزة للمريض ومثل تلك الأمور خطيرة على المجتمع وليس على المريض وحدة.
وتابع، وفقا للمادة 2 بالقانون رقم 51 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 2004 بشأن تنظيم المنشآت الطبية، لا يجوز لمنشأة طبية مزاولة نشاطها إلا بترخيص من المحافظ المختص بعد تسجيلها فى النقابة الطبية المختصة مقابل رسم تسجيل يتم دفعه بالنقابة، ويحدد على النحو التالى: 100 جنيه للعيادة الطبية الخاصة، و250 جنيها للعيادات التخصصية، و100 جنيه عن كل سرير بالمستشفى الخاص، أو دار النقاهة أو المركز الطبى المتخصص، على أن يخصص نسبة 30% منها لصالح صندوق تحسين أداء العمل فى الإدارة المشرفة على تنفيذ القانون بوزارة الصحة وإدارات العلاج الحر بالمحافظات، وتقوم المحافظة المختصة بالترخيص للمنشأة الطبية بمزاولة نشاطها بإخطار وزارة الصحة بالبيانات اللازمة لتسجيلها فى سجل مركزى ينشأ خصيصا لهذا الغرض.
واستطرد، غرف عمليات بير السلم هى فكرة باتت منتشرة بقوة بالوقت الحالى ومكافحة تلك الظاهرة مسئولية إدارة العلاج الحر، وهناك تسهيلات تقدمها مستشفيات الحكومة الآن للجراحين ومنها توفير غرف عمليات مجهزة بالكامل مقابل أجر رمزى تحصل عليه المستشفى مقابل تأجير غرفة العمليات كذلك توفير غرف عناية مركزة للمريض حال تطلب الأمر غرف عناية مركزة، حيث إننى ضد فكرة وجود غرف عمليات ملحقة بالعيادات.
من جانبه، قال المستشار حماد إبراهيم المحامى بالنقض: وفقًا للقانون يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد عن عشرين ألفا، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أدار منشأة طبية سبق أن صدر حكم بإغلاقها أو صدر قرار إدارى بإغلاقها قبل زوال أسباب الإغلاق، ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حصل على ترخيص بفتح منشأة طبية خاصة بطريق التحايل أو باستعارة اسم طبيب لهذا الغرض، ويعاقب بذات العقوبة الطبيب الذى أعار اسمه للحصول على الترخيص فضلا عن الحكم بإغلاق المنشأة موضوع المخالفة وإلغاء الترخيص الممنوح لها، وللقاضى أن يأمر بتنفيذ حكم الإغلاق فورا ولو مع المعارضة فيه أو استئنافه، وفى جميع الأحوال ينفذ الحكم الصادر بالإغلاق، ولا يؤثر استشكال صاحب المنشأة أو الغير فى التنفيذ، وكل ذلك مع عدم الإخلال بتطبيق أية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، وكل مخالفة أخرى لأحكام هذا القانون يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن ألفى جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، وفى حالة عدم إزالة المخالفة خلال المهلة الممنوحة لذلك يجوز للقاضى أن يحكم بناء على طلب السلطة الصحية المختصة بإغلاق المنشأة نهائيا أو للمدة التى يحددها الحكم وينفذ الحكم فورا، ولو مع المعارضة فيه أو استئنافه، وينفذ حكم الإغلاق دون الاعتداد بما قد يزاول فيها من أنشطة أخرى متى كانت حالة المنشأة لا تسمح بقصر الإغلاق على الجزء الذى وقعت فيه المخالفة.