مافيا ”المبيدات الزراعية المغشوشة” تهدد الحكومة والفلاح
خلال الآونة الأخيرة شهدت الأسواق انتشارا كبيرا للمبيدات الزراعية المغشوشة بشكل يهدد صحة المواطنين بمخاطر شديدة، وكذلك صحة الفلاحين، كما يهدد استراتيجية الدولة فى التوسع بالصادرات الزراعية، حيث تقوم وزارة الزراعة بحملات تفتيشية واسعة لضبط المبيدات غير المصرح بها، ولكن كان لعصابات بير السلم رأى آخر وذلك رغبة منهم فى تحقيق أرباح على حساب صحة المواطنين بتصنيع عبوات مغشوشة قاصدين تحقيق أرباح غير مشروعة.
"الزمان" وفى السطور التالية تلقى الضوء على مافيا المبيدات المغشوشة وكيف استعدت الحكومة لتلك المعركة.
مبيدات مغشوشة
اخترنا أن تكون البداية من التأثير الصحى الضار الواقع على صحة المستهلك والفلاح نتيجة انتشار المبيدات المغشوشة والموجودة بالسوق ولدى بعض أصحاب المحال، حيث أكد الدكتور فؤاد الليثى "أستاذ الزراعة جامعة المنوفية": هناك عدة مشكلات تكمن فى استخدام مبيدات الآفات الزراعية المغشوشة أو غير المصرح باستخدامها وتتمثل فى أن تلك المبيدات قد تكون معدومة الكفاءة والفائدة أو لم يتم اختبارها على الآفة التى تستخدم من أجلها، وهى تأثيرات تؤدى إلى خسائر مادية وضعف الإنتاجية الزراعية للفلاح، كما تؤدى تلك المبيدات إلى أضرار كبيرة على صحة الإنسان، موضحًا أن لكل مبيد توصيات خاصة توضح طرق استخدامه والجرعات المحددة له طبقا لكل محصول على حدة، ويتم تحديد تلك الجرعات من قبل هيئة الكودكس الدولية والاتحاد الأوروبى ووكالة حماية البيئة الأمريكية، وهى توصيات تحدد طبيعة استخدام كل مبيد لكل محصول والنسب التى تؤدى إلى أفضل النتائج الزراعية دون إحداث أضرار للبيئة، والجرعات المناسبة ومواعيد حصاد كل محصول بعد رشه بالمبيدات. وحذر من أن عدم الالتزام بتلك التوصيات يؤدى إلى نتائج سلبية على الإنتاجية الزراعية.
وتابع، هناك عدد من الإرشادات الفنية الخاصة بالاستخدام الآمن للمبيدات وكيفية التخلص منها بطرق تحافظ على سلامة الفلاح وسلامة بيئته فى صورة رسوم توضيحية، وأوصت الزراعة بأهمية استخدام المكافحة الحيوية لكونها نموذج مكافحة آمنة لصحة المنتج الزراعى ومطابقته مواصفات التصدير، وأيضا كونه نموذجا يحقق التنمية الزراعية المستدامة، بينما واصلت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، ممثلة فى لجنة مبيدات الآفات الزراعية، حملات تفتيشية مفاجئة على أسواق ومنافذ ومحال بيع المبيدات الزراعية للتأكد من المنتج المطروح وتتبع المنتجات المصنعة لمواجهة تصنيع بير السلم، وحظر المبيدات غير المسجلة من قبل وزارة الزراعة، وضبط مجهولة المصدر، وضبط المغشوش وتحويل جميع المخالفات لجهات التحقيق لاتخاذ ما يلزم تجاه المخالفة، حفاظا على الصحة العامة وجودة الإنتاج الزراعى وهناك ضبطيات يتم الإعلان عنها بين الحين والآخر.
مكافحة المبيدات المغشوشة
استكمالاً لوسائل مكافحة المبيدات المغشوشة، وما قامت به الدولة من إجراءات، يقول المهندس محمد رضا "مهندس زراعى وخبير بقضايا الزراعة": الدولة اهتمت بهذا الملف والدليل انخفاض نسبة المبيعات للمبيدات المغشوشة من 17% إلى 14%، أيضًا إلزام محال بيع المبيدات وجود مدير مسئول لديه معرفة كافية بالمبيدات والتفرقة بين السليم والمغشوش كما تم إنشاء نظام استحداث مهنة زراعية جديدة تسمى "مطبق مبيدات" وهو الشخص الذى يقوم برش المبيدات ويتم تدريبه على كل سبل الاستخدام الأمثل للمبيدات بالاشتراطات الصحيحة ويتم الاستعانة به لدى أصحاب المزارع بالوقت الحالى ونجحت الدولة بحسب الأرقام المعلنة فى اعتماد نحو 12 ألف مطبق مبيدات وخلال السنوات القادمة سوف نصل لمرحلة عدم رش المبيدات إلا من خلال مطبقى المبيدات لضمان التعامل الصحيح معها والوصول لأفضل نتائج ممكنة من استخدامها، كما اهتمت الدولة بتدريب المرأة الريفية وزيادة توعيتها بالثقافة الزراعية السليمة وكيفية التعامل الآمن مع المبيدات، وقد حقق هذا البرنامج نجاحا كبيرا وشهد تجاوبا شديدا من السيدات خاصة بمحافظات الصعيد.
مصانع بير السلم
وحول تأثير مصانع بير السلم على السوق وحجم المبيعات، يقول المهندس محمد العطار "خبير استصلاح الأراضى الزراعية" شركات المبيدات الزراعية المعتمدة تقوم كل فترة بتطوير وتغيير شكل العبوات المملوكة لديها وذلك لمنع عصابات بير السلم من تقليد تلك العبوات ونشرها فى السوق بنفس اسم الشركة الأم صاحبة المنتج الأصلى وللأسف بعض صغار الفلاحين يتورطون فى شراء عبوات مغشوشة وبعض الشركات تضطر لوضع علامة مائية على العبوة وتكلفة باهظة على المطبوع لمنع التلاعب والغش.
وأضاف، مئات الأفدنة تنهار سنويًا ويتراجع حجم إنتاج الرقعة الزراعية بفضل تلك المبيدات والتى تؤثر سلبًا على الأراضى وحجم أرباح عصابات بير السلم من تلك التجارة تفوق حجم تجارة المخدرات.
وعلى ضوء الأضرار الواقعة على الفلاح أطالب بتغليظ عقوبة الإتجار فى المبيدات غير المصرح بها من جنحة إلى جناية، وتوقيع عقوبة مالية مغلظة وفى حالة تكرار الإتجار غير الشرعى فى المبيدات توقيع عقوبات تصل إلى السجن بمدة لا تقل عن عام، للحد من انتشار المبيدات غير الشرعية والتى يتم ضبطها بكميات كبيرة.
جدير بالذكر أنه وفى السنوات الماضية تم عمل ضبطيات لمبيدات مغشوشة ففى 2017 تم ضبط نحو 249 طن مبيدات غير شرعية، وفى 2018 تم ضبط 171 طنا، وفى 2019 تم ضبط 112 طنا وتم ضبط نحو 282 طنا خلال عام 2020 وتم تحرير 981 محضر غش للمبيدات خلال عام 2017 و615 محضرا عام 2018، وفى 2019 بلغ إجمالى المحاضر 731 محضرا، وحتى الآن تم تحرير نحو 280 محضرا.
عقوبة رادعة
وفى هذا السياق، يقول المستشار إبراهيم حماد "المحامى بالنقض" انتشار المبيدات المغشوشة فى مصر أصبح ظاهرة خطيرة وله أضراره البالغة على صحة المواطن وعلى قطاع تصدير المنتجات الزراعية، مشيرا إلى أن أسباب الظاهرة ترجع إلى عدم توافر الوعى المطلوب لدى المزارع والذى يمكنه من التفرقة بين المبيد المصرح به وبين المبيد المخالف، إضافة إلى عدم وجود رقابة كافية على محال ومنافذ بيع المبيدات والمصانع أيضا وذلك نظرا لقلة عدد العاملين فى مجال الرقابة وعدم منحهم الضبطية القضائية، كما أن المزارع ونظرا لظروف ارتفاع الأسعار وتكاليف الزراعة يلجأ إلى الاعتماد على المبيدات الأقل سعرا دون النظر إلى جودة المبيد، ومن ثم يجب تشديد العقوبات على متداولى المبيدات المغشوشة.
وتابع، تعديل قانون الزراعة مسألة هامة للغاية كذلك لا بد من زيادة أعداد القائمين بالرقابة على المبيدات ومنحهم صفة الضبطية القضائية، كما يجب أيضا توفير التوعية الكاملة للمزارعين ليتمكنوا من التفرقة بين المنتج المغشوش وبين المصرح به، مشيرًا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت إصدار قانون الزراعة العضوية وتم إقراره بمجلس النواب حيث يسهم فى إنتاج زراعات خالية من المبيدات مما يساعد فى زيادة الصادرات الزراعية، وحماية المجتمع من الآثار المدمرة للاستخدام الخاطئ للمبيدات، مؤكدا أن الحل الأهم للحد من انتشار المبيدات المغشوشة يكمن فى تشديد العقوبات وتفعيل الدور الرقابى، ودعمه بما يمكنه من أداء دوره الرقابى بشكل قادر على ضبط أداء سوق المبيدات وحماية الفلاحين من الغش التجارى للمبيدات.