الزمان
جريدة الزمان

مرأة و طفل

المرأة المصرية فى المرتبة الأولى بنسبة 28%

فاتورة «العنف الأسرى» فى مصر بـ8 مليارات جنيه

شيماء مصطفى -

تبدأ القصة المصرية الشهيرة بتلك الجملة المعروفة وهى "كان يا ما كان، كان فى بنت وقعت فى حب الأمير، وانتهت قصتهم بالزواج، وعاشوا فى تبات ونبات، وخلفوا صبيان وبنات".. لكن الحكاية هذه المرة مختلفة، فالواقع يشير إلى أن البنت التى أحبت الأمير، عنفها وضربها، وعانت من العنف الجسدى أو اللفظى، أما الأمير أو "سى السيد" فأصبح يتعرض للقهر والعنف الأسرى على يد "أمينة".

جدير بالذكر أن ظاهرة العنف الأسرى منتشرة فى كل دول العالم، سواء كان عنف الزوج ضد الزوجة أو العكس، ولكنها زادت فى مصر فى الفترة الأخيرة، ليس بشكل يثير القلق، ولكنها موجودة، وهذا يشير إلى وجود بعض التغييرات الجديدة التى طرأت على المجتمع المصرى. فهناك نسب وإحصاءات حديثة تؤكد زيادة حالات العنف بين الأزواج.

هناك يوميًا جرائم تشير إلى وجود عنف متبادل بين الأزواج فى مصر، مثل الزوجة التى دفعت حياتها ثمنًا على يد الزوج بسب كوب شاى ثقيل، أو الزوجة التى تعرضت للطلاق بسب تأخرها فى فتح باب الشقة لأم زوجها، وعلى الجانب الآخر، نجد أن مشادة كلامية بين زوجين بمدينة بنها، تطورت إلى خلافات حادة انتهت بنقل الزوج للمستشفى جراء تلقيه طعنة حادة بسكين، ومثال آخر لأحد الفلاحين الذى يستحمل ضرب زوجته له بأدوات المطبخ، والعصا، وشبشب الحمام خوفًا على مستقبل أولاده.

قالت الدكتورة نجلاء العادلى، عضوة المجلس القومى للمرأة، إنه وفقًا لأحدث دراسة أجراها المجلس بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فالتكلفة الاقتصادية التى تتحملها الدولة الناتجة عن العنف ضد المرأة، هى 8 مليارات جنيه بسبب العنف الأسرى، تشمل 1,49 مليار جنيه جراء عنف الزوج ضد الزوجة.

وقد صدر تقرير عن الأمم المتحدة يؤكد أن المرأة المصرية تحتل المرتبة الأولى فى ممارسة العنف ضد الزوج بنسبة 28%، بالإضافة إلى أن إحصائية محكمة الأسرة تؤكد وجود هذه الظاهرة فى المجتمع المصرى، إذ أن نسبة الزوجات اللاتي يقمن بضرب أزواجهن، ويلجأن إلى القضاء للخلع أو الطلاق تصل إلى 66%، و فى نفس الوقت هناك 6 آلاف زوج مصرى أكدوا تعرضهم للضرب على يد زوجاتهم وأثبتوا هذا بدعاوى نشوز الزوجات.

وقال لـ"الزمان" الدكتور هانى هنرى، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، إن هذه الظاهرة جديدة على المجتمع المصرى، وأرجع سببها إلى سوء التربية، أو النشأة فى بيئة عنيفة، فالأفراد الذين يكونون ضحية للعنف فى صغرهم، يمارسونه على أفراد أسرهم فى المستقبل فالعنف سلوك مكتسب يتعلمه الفرد خلال نشأته.

وأشار "هنرى" إلى أن العنف الأسرى سواء جسدى أو لفظى يكون سببه الأساسى هو عدم وجود الاحترام المتبادل بين الأزواج وغياب ثقافة الاختلاف وغياب الوعى وعادة ما يكون ذلك فى الطبقة  الفقيرة، مؤكدًا أن ضغوط الحياة الآن تزيد من حدتها.

وأكد "هنرى" أن الإحصائيات المعلنة عن عنف الزوج ضد الزوجة أو العكس لا تعطى الرقم الحقيقى، لأن "ما خفى كان أعظم"، فهناك من لا تصرح بتعرضها للعنف خوفًا من زوجها، وعلى الجانب الآخر، كثير من الأزواج الذين يتعرضون للعنف من قبل زوجاتهم يرفضون الإفصاح بذلك، خشية أن يطاردهم العار فى مجتمع شرقى ، فتعرض الرجل للضرب من قبل زوجته قد يجعله محل سخرية.   

ويرى أن حل مشكلة العنف المتبادل بين الأزواج يكمن فى تأهيل الأبناء قبل الزواج، حتى يستطيعوا التعامل مع مشاكلهم، مؤكدًا أن المؤسسات الدينية يجب أن تقوم بدورها فى تعريف مفهوم الزواج الصحيح.

وقالت لـ"الزمان" شيرين رمزى، أستاذة علم الاجتماع، إن العلاقة الطبيعية المفترضة بين الزوجين هى المبنية على المودة والرحمة كما جاء فى القرآن، لكن ظروف المعيشة الصعبة فى مصر الآن كالفقر والبطالة والضغط النفسى أدت إلى زيادة معدلات العنف بين الأزواج.

وأضافت أن اضطراب العلاقة بين الزوجين نتيجة ضعف الوازع الدينى والأخلاقى وعدم الانسجام بينهما فى مختلف جوانب الحياة التربوية والتعليمية والاجتماعية والفكرية يؤدى لغياب ثقافة الحوار والتشاور داخل الأسرة.

وأوضحت أن من أسباب العنف الأسرى الفهم الخاطئ للدين والعادات والتقاليد التى تركز على قيادة الرجل لأسرته بالقوة، وليس بالمشاركة. 

وتعليقًا على زيادة حالات العنف ضد الرجل، ترجع "رمزى" السبب إلى ضغوط الحياة التى تتعرض لها المرأة وتحملها كافة المسئوليات داخل أسرتها من تربية الأولاد والدراسة لهم وكافة الأعمال المنزلية ونزولها إلى سوق العمل لمساعدة زوجها وتعرضها لضغوط العمل، كل هذا أوجد تركيبة سيكولوجية جديدة على المرأة مما انعكس على سلوكه.

وتعتقد "رمزى" أن الوقاية من العنف الأسرى تكون عن طريق نشر الوعى بين أفراد المجتمع حول مدى انتشاره ودوافعه وسبل التعامل مع مرتكبيه، كما يجب العمل على تصحيح العادات والتقاليد والفهم الخاطئ للدين من خلال التركيز على دعوة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الأزواج إلى حسن عشرة زوجاتهم، مضيفة أنه يجب وجود قانون يعاقب كلًا من الزوج أو الزوجة عند ارتكاب جرائم العنف.