جريدة الزمان

اقتصاد

220 مشروعًا يصدر أكثر من ملياري دولار سنويا

وزير المالية عمرو الجارحى
رباب ربيع -

ما تزال ردود الفعل تتوالي علي قرار وزارتي المالية والاستثمار إلغاء العمل بالمناطق الحرة الخاصة، حيث اعترض مستثمرو تلك المناطق علي هذه السياسة بمشروع قانون الاستثمار الجديد التي تهدم كيان ناجح أشادت به دول آخري كالصين التي أكد مسئوليها استفادتهم من التجربة المصرية في إنشاء المناطق الحرة التي حققت قفزة في الصادرات الصينية، ووجهوا تساءل للحكومة ماذا تريد بالفعل ضرائب لن تحقق شئ أم حصيلة دولارية يحتاجها الاقتصاد بالفعل.

وبداية لرصد أبعاد القرار لابد من عرض مجموعة من الأرقام الصادرة عن هيئة الاستثمار التي توضح حجم مساهمة المناطق الحرة الخاصة في الاقتصاد المصري، حيث تصدر  220 مشروعا تعمل كمنطقة حرة خاصة بنحو 1560 مليون دولار منتجات سلعية غير البترولية إلى جانب تحقيقها مبيعات بالسوق المحلية بقيمة 798 مليون دولار، وهذه التدفقات المالية التي تقارب علي 2.5 مليار دولار سنويا تذهب كلها للبنوك المصرية، وفي المقابل فان المناطق الحرة العامة تصدر بنحو 2.493 مليار دولار وتحقق مبيعات في السوق المحلية بقيمة 2.89 مليار دولار اخري  طبقا لأرقام عام 2015/2016.

وأكد هاني قسيس، الرئيس السابق لمجلس الأعمال المصري الأمريكي، أن أهمية المناطق الحرة الخاصة أنها نموذج اداري ناجح ودافع للتصدير فمن بين اكثر من 5 الاف مطبعة ومصنع تعمل بمجال المنتجات الورقية هناك مصدر وحيد يتعامل مع الاسواق العالمية ويسهم بمعظم صادرات مصر من هذه المنتجات لانه يعمل كمنطقة حرة خاصة ايضا هذا الوضع موجود في صناعات السجاد والجلود والملابس الجاهزة والكريستال فكبار مصدري تلك القطاعات تعمل في المناطق الحرة الخاصة ناهيك عن خدمات الشحن والنقل البحري واللوجستيات التي تعول عليها مصر في الفترة المقبلة لتحقيق قفزة الصادرات التي هي املنا في تخفيض قيمة الدولار وتخفيف اثار التضخم الرهيبة التي يشكوي منها الجميع.

وأضاف أن العاملون بالمناطق الحرة الخاصة حاليا لن يتضرروا كثيرا من الغاء العمل بها لان مشروع قانون الاستثمار الجديد ينص علي استمرار تمتعهم بهذا الوضع الي نهاية فترة الترخيص، لكن من سيضار هم المستثمرون الجدد الراغبين في الدخول بالسوق المصرية بعيدا عن البيروقراطية التي يشكوي منها الجميع والتي للاسف لم تحقق الدولة أي انجاز حقيقي في اختراق دائرتها ، وبالتالي فهناك شكوك قوية في قدرتنا علي جذب استثمارات جديدة مع الغاء هذه المناطق الحرة التي ترسل رسالة سلبية حول مدي استقرار السياسات والانظمة الادارية بالسوق المصرية التي كان أحد مزاياها نظام المناطق الحرة الخاصة وبالتالي إلغائها اليوم لن يمنع انه قد يتم الغاء المناطق الحرة العامة مستقبلا او المناطق التكنولوجية التي تقترحها الحكومة الآن كبديل.

وتساءل قسيس، عن مدي فائدة الغاء المناطق الحرة الخاصة التي يوجه أغلب إنتاجها إلى التصدير وبالتالي لن تدفع ضرائب قيمة مضافة  ولا رسوم جمركية علي خاماتها التي ستدخل في حالة الإلغاء بنظام السماح المؤقت او الدروباك وهي النظم المخصصة للإنتاج من أجل التصدير، لافتا إلى أن قرار الإلغاء في المقابل يهدد أحد موارد هيئة الاستثمار المهمة والمتمثلة في الرسوم التي كانت تحصلها علي مبيعات المناطق الحرة والتي تستخدمها في تمويل انشطتها المختلفة.

وأشار إلى أن مبيعات المناطق الحرة الخاصة للسوق المحلية أغلبها منتجات استراتيجية تحتاجها مصر مثل الأدوية والمستلزمات الطبية والأسمدة والمنتجات البترولية، حيث توجد معامل لتكرير البترول تم إنشائها تحت مظلة المناطق الحرة الخاصة، وطالب بتدخل المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء لإعادة النظر في هذا القرار، خاصة وأن مصر سبق لها في مايو من عام 2008 وان الغت ترخيص مشروعات تكرير البترول من العمل كمناطق حرة وبعد ان ثبت خطأ هذا القرار تم التراجع عنه.

وأكد قسيس، أنه بدلا من تكاتف وزارتي المالية والاستثمار مع وزارة التجارة والصناعة لتحقيق استراتيجية الحكومة في مضاعفة الصادرات المصرية وتنمية مواردنا الدولارية وان نصبح مثل تونس التي تصدر ملابس جاهزة بنحو 14 مليار دولار فقط او تركيا التي لديها 2000 مصنع ملابس جاهزة وتصدر بنحو 15 مليار دولار علي الاقل نجد هذا التخبط والإصرار علي هدم وتحطيم قدرات اقتصادية وقلاع صناعية تعمل في عشرات الصناعات ويعمل بها الالاف من العمالة المصرية.

من جانبه، أكد المهندس حسن عشرة رئيس المجلس التصديري للغزل والمنسوجات ان قرار الغاء المناطق الحرة الخاصة قرار خاطئ تماما وسيتسبب في العديد من المشكلات للاقتصاد القومي خاصة لقطاع الغزل والمنسوجات الذي تعمل معظم منشاته خاصة التي تصدر كمناطق حرة خاصة وبالتالي قد تلغي خطط اجراء توسعات وضخ استثمارات جديدة، لافتا الي ان القطاع كان ينتظر تكاتف حكومي لزيادة استثماراته وصادراته والاهم مساهمته في حماية احد اهم المحاصيل الزراعية وهو القطن المصري حيث ان القطاع هو اكبر مستخدم للقطن المصري طويل التيلة لكن الغاء العمل بالمناطق الحرة الخاصة سيؤثر سلبا علي القطاع الذي سيعاني اكثر من نقص التمويل لان البنوك سترفض اقراضنا في ظل الغاء النظام الاداري الذي نعمل تحت مظلته.

وقال إن ما يتردد عن وجود شبهة تهريب من المناطق الحرة الخاصة وراء الاتجاه لالغائها امر غير منطقي لان هناك رقابة مذدوجة علي مصانع تلك المناطق اولا من هيئة الاستثمار التي تراقب جميع اعمالنا كما تجري جرد سنوي علي موجودات المصانع من الالات والمعدات والمواد الخام والمخزون بالاضافة الي تفتيش وجرد فجائي، والرقابة الثانية من مصلحة الجمارك نفسها حيث يتواجد بصفة دائمة عاملين منها لفحص كل ما يدخل او يخرج من المصنع.

وأضاف أن الدولة تفرض علي المستثمر مجموعة من الضمانات التي لا تتواجد في اي مكان اخر مثل تقديم خطابات ضمان للجمارك ولهيئة الاستثمار يتم تسييلها في حالة ارتكاب اي مخالفة للنظم الرقابية، بجانب عقوبات قانونية رادعة، ولعل تلك الضمانات هي ما تفسر عدم إلغاء الدولة المناطق الحرة القائمة حاليا والنص علي استمرارها إلي حين نهاية مدة عملها بعد 20 و15 عاما مقبلة والا لو كانت الدولة بالفعل تري ان هذه المناطق أصبحت منفذ للتهريب لكانت ألغت تراخيصها فورا.