الزمان
جريدة الزمان

مقال رئيس التحرير

عـــودة الثقـــة وإلا... فـــلا!!!

إلهام شرشر -

الثقة كلمة السر والمفتاح السحرى والخيط الرفيع الذى يجمع بين جموع المصريين وبين قادتهم ورموزهم ونخبهم.. فإذا تعرض هذا الخيط للتلف أو التمزيق.. «فقل على الدنيا السلام»!!... لأنه ليس بالإمكان أن تحصى النتائج الوخيمة أو الآثار الأليمة التى ستترتب على المساس بهذا الخيط..

وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية المريرة التى تعيشها مصر وتعانى منها.. فإن هذا الشعب الأبى صامد ومرابض.. مهما بلغت هذه الظروف من الحدة أو الشدة..

لا ينكر أحد هذا الارتفاع الجنونى للأسعار..

لا ينكر أحد هذا الصعود المتواصل للدولار..

لا ينكر أحد عدم وصول الاستثمارات إلى بر الأمان..

لا ينكر أحد تراجع وتذبذب مستوى السياحة والتى لم تبلغ بحمد الله حد الانهيار..

أضف إلى ذلك ما للحالة السياسية من ترقب وانتظار...

حالة صعبة يعيشها المصريون وبعد كل ذلك هل نحن فى وضع يسمح لنا بأن نتبادل الاتهامات؟؟!!.. ونقف كثيرًا حول العبارات والكلمات..!!

إن الأزمة تستلزم من الجميع أن يتحركوا حركة فاعلة وبصورة إيجابية ظاهرة!!.. وبدافع أخلاقى مبين.. ما دمنا مجتمعين على حب مصر ولدينا الرغبة الملحة للخروج من عنق الزجاجة التى أخشى أن يصيبنا جميعًا بحالة من الاختناق.. على الرغم من امتلاكنا لأكبر عامل بناء ودافع للخروج مما نحن فيه من المعاناة.. ألا وهى الثقة.. الثقة بالنفس والاطمئنان إلى الغد والأمل الوثاب فى حياة أفضل..

إن التلذذ بجلد الذات واستعذاب العذاب دونما تحرك لتجاوز ما نعانيه لا يمكن أن يكون حلًا.. ولا يقبل من عاقل أو متزن...

وإنما الحل فى أن يقوم كل مواطن بمسئولياته وكل مسئول بواجباته.. وأن يتحرك الجميع فى اتجاه واحد.. ومن أجل هدف واحد.. وفى غاية واحدة.. وهى إعلاء قيمة الوطن...

وإذا كانت الحكومة عليها من المسئوليات الجسام.. والمهام العظام فى الوصول إلى معدلات أفضل.. وتدخل أسرع.. وإجراءات أعمق.. وقرارات أفعل.. للسيطرة على الموقف سواء على المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى..

فإنى ألحظ أن الحكومة وخاصة فى هذه الأيام لها تحركات إيجابية فاعلة.. ولها مشروعات مثمرة تتبناها لسد الفجوة والإسراع بعجلة التنمية والدفع بالحلول غير التقليدية لمواجهة الأزمات والمشكلات.. والالتزام بسياسة ترشيد الإنفاق والسيطرة على الأسواق.. والمراقبة والتقييم لمستوى الأداء فى سائر المؤسسات والهيئات الحكومية..

وليس أدل على ذلك من هذا الدور الفاعل الذى تقوم به أكبر جهة رقابية فى مصر.. وهى «هيئة الرقابة الإدارية».. التى آلت على نفسها ألا تهدأ حتى تسرع بإنهاء حالة الفساد المستشرية فى جميع الأجهزة الحكومية فى مصر..

أليس فى ذلك دليل على أن النظام قد عقد العزم من أجل مطاردة الخارجين والجانحين والمتسببين فيما بلغنا فيه من أزمات؟؟!!!.. بل إنى أرى شعاعًا من نور.. يأتينا من بعيد من خلال ما صرح به وزير التجارة والصناعة الذى أعلن فيه «أن إصلاح مناخ الأعمال يأتى على رأس الأولويات الحكومية خلال المرحلة المقبلة..»

ومن هنا نستطيع أن نقول وبكل تواضع إن العناية بتهيئة المناخ الملائم والأجواء المواتية لمزيد من المشروعات الاستثمارية الكبرى فى مصر لهو أمر فى غاية الأهمية فى ظل هذه الضبابية التى يشهدها مناخ الأعمال فى مصر فى هذه المرحلة..

وحتى تنقشع هذه الحالة لابد من اتخاذ إجراءات سريعة ومناسبة.. ولعل فى المبادرة المصرية لإصلاح مناخ الأعمال والمعروف بــ«إرادة».. تلك المبادرة التى تعكس مدى اهتمام الحكومة بتنقية هذه الأجواء من ناحية ومن ناحية أخرى.. مدى جديتها فى الخروج من الأزمة ...

لأننا نؤمن جميعًا بأن العمل والاستثمار هما سبيلا ضرب الأزمة فى مقتل بل وتجاوزها.. ومن هنا يأتى دور هذه المبادرة فى تذليل العقبات الكئود أمام الاستثمارات فى مصر... لأنه من المعروف أن الاستثمار يعانى معاناة شديدة ويمر بمشكلات عظيمة فيما يتعلق بالقوانين والتشريعات المنظمة له.. ولهذا أقيمت هذه الآلية لتقوم بتعديل القوانين والتشريعات التى تعمل على توفير الدعم اللازم لمتخذى القرار والحد من المشكلات المؤثرة.. والمساهمة فى حلها كما تهدف إلى التعاون المثمر بين الدولة وبين القطاع الخاص الذى يمثل القوة الضاربة والمتنفس الحقيقى والبوابة الذهبية للخروج من المشكلات الاقتصادية التى تعانى منها مصر..

وحتى تستجمع مصر ثقتها فى نفسها نقول إن مجلة «الإيكونوميست» البريطانية جاء فيها على لسان «إسمون بابيتست» كبير الاقتصاديين والمدير الإقليمى لآسيا والشرق الأوسط فيها: «إن الجنيه المصرى سوف ترتفع قيمته خلال ٢٠١٧، وسيكون واحد من أقوى ١٢ عملة، تنافس الدولار هذا العام.

إن هذه التوقعات الإيجابية تجاه الجنيه لهى دافع وعامل فى المزيد من العرق والعمل وبذل أقصى درجات الجهد فى علاج المشكلات والحد منها.. التى تواجهنا فى مصر ولاسيما الاقتصادية منها..

ولإعادة هذه الثقة يجب أن ينهض الإعلام بدوره فلا يتغنى بنفسه ولا يتقوقع على أشخاصه سواء بالحديث عنهم أو حتى الدفاع.. فإن لم نكن من المنصفين تجاه ما أحدثوه من شروخ وحملات تشكيك فى الدين والدولة... «فكفاية بقى»!!!!...

من الأولى به أن يجسد كل طاقاته وإمكانياته فى سبيل الدفاع عن الوطن.. تأكيدًا لجسور الثقة بين المواطنين والنظام والرموز والمؤسسات...

من الأولى به أن يتصدى لمحاولات حشد الرأى العام وشحنه بما يهدد السلم الاجتماعى وينذر بشرارات الفتن.. بالتأكيد لن تحتملها مصر ثانية... وللأسف لا يزال يقوم به هو نفسه!!.. وكأنه عهد عليه!!...

من الأولى به أن يبتعد عن البحث عن مصالحه الشخصية هو فقط...

من الأولى به أن يرد جزءًا من الدين وشيئًا من الفضل للوطن وللمشاهدين والقُرّاء الذين كانوا أصحاب فضل كبير على هؤلاء الإعلاميين حين وثقوا فيهم وائتمنوهم حتى فتح لهم باب النجومية والشهرة.. وإن كان بكل أسف قد تنافت رسالتهم مع مصلحة الوطن والدين...!!

وعلى كلٍّ فى عرض جهود الدولة التى تبذل والأعمال التى تشيد والإصلاحات التى توجه للخروج من الأزمة الطاحنة فى مصر.. أملنا كبير وعهدنا عظيم بمن أعطيناهم ثقتنا وهذا هو الأهم.. الذين بيدهم مقاليد الأمور رغم كل الأعاصير والفتن وعنف المؤامرة وحالتى التربص والترصد فى الداخل والخارج.

إلا أنه فى النهاية لن يصح إلا الصحيح.. فهى كبوة وستقوم منها مصر.. فلن تكون أشد من كبوات مرت بها عبر قرون وسنوات... فالأهم هو الأمل والإصرار على العمل.. وتجديد الثقة التى هى طوق النجاة.. والمحافظة عليها مهما يكلفنا... لأن هذا هو مربط الفرس فى تأييدها...