الزمان
جريدة الزمان

مقال رئيس التحرير

أين وفاء الأمة.. للبررة الأوائل؟؟!! «4»

إلهام شرشر -

الدين‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬ومن‭ ‬أجلهم‭!!.. ‬يئن‭ ‬ويبكي‭ !!‬«الجزء الرابع»

وما‭ ‬زلنا‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الصفحة‭ ‬المؤلمة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬الأشد‭ ‬حساسية‭.. ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬الذى‭ ‬اكتنفه‭ ‬الغموض‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحايين‭.. ‬واشتدت‭ ‬فيه‭ ‬الحيرة‭ ‬والاضطراب‭ ‬فى‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى‭..‬

فلا‭ ‬يدرى‭ ‬كاتب‭ ‬منصف‭.. ‬يتحرى‭ ‬الحقيقة‭ ‬ويتلمسها‭.. ‬بأى‭ ‬مذهب‭ ‬يستمسك؟؟‭!!.. ‬وعلى‭ ‬أى‭ ‬رأى‭ ‬يعتمد؟؟‭!!... ‬وبأى‭ ‬قصة‭ ‬يأخذ؟؟‭!!... ‬فالروايات‭ ‬تتضارب‭ ‬والمذاهب‭ ‬تختلف‭ ‬والأحداث‭ ‬كل‭ ‬يكيفها‭ ‬على‭ ‬وجهته‭!!!... ‬وأحيانًا‭ ‬أخرى‭ ‬يكيفها‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬هواه‭!!..‬

مما‭ ‬يستدعى‭ ‬الألم‭ ‬وعظيم‭ ‬الأسف‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬شيء‭ ‬نفتش؟؟‭!!! .. ‬على‭ ‬أى‭ ‬شيء‭ ‬نبحث؟؟‭!! .. ‬وراء‭ ‬أى‭ ‬نقيصة‭ ‬ننبش؟؟‭!!.. ‬ووراء‭ ‬من؟؟‭!!.. ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬معهم‭ ‬من‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى‭ .. ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬نتصيد‭ ‬الأخطاء‭ ... ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬قد‭ ‬اتخذنا‭ ‬موقفًا‭ ‬عدائيًا‭ ‬بل‭ ‬وصريحًا‭.. ‬ومن‭ ‬المضحك‭ ‬المبكى‭ ‬المثير‭ ‬لأبلغ‭ ‬سخرية‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬أكبر‭ ‬دراما‭ ‬سوداء‭ ‬فى‭ ‬‮«‬تراجيديا‮»‬‭ ‬سخيفة‭ ‬يشهدها‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ .. ‬وتتأسى‭ ‬عليها‭ ‬الليالى‭ ‬والأيام‭.. ‬تشمئز‭ ‬منها‭ ‬الإنسانية‭.. ‬ويئن‭ ‬لها‭ ‬الإسلام‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضجرت‭ ‬منها‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض‭..‬

تلك‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض‭ ‬التى‭ ‬تتعجب‭ ‬من‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬الإنسان‭ ‬الضعيف‭ ‬الجاحد‭ ‬الناكر‭ ‬لصحبة‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض‭... ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬أدرى‭ ‬ماذا‭ ‬هم‭ ‬فاعلون‭ ‬يوم‭ ‬العرض‭ ‬عرايا؟؟‭!!... ‬حتى‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬صالح‭ ‬يسترهم‭!!!... ‬حين‭ ‬كانوا‭ ‬فى‭ ‬الدنيا‭ ‬مشهرين‭ ‬مسمعين‭ ‬بباطل‭ ‬عظيم‭ ‬ومع‭ ‬من؟؟‭!!.. ‬وضد‭ ‬من؟؟‭!!‬‭.. ‬مع‭ ‬الصحابة‭ ‬العظام‭ ‬للرسول‭ ‬الكريم‭.. ‬خير‭ ‬الأنام‭.. ‬هؤلاء‭ ‬المعتدون‭ ‬الذين‭ ‬يحاولون‭ ‬رسم‭ ‬بطولات‭ ‬مريضة‭.. ‬بالتأكيد‭ ‬مريضة‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬استقراء‭ ‬لأحداث‭ ‬أو‭ ‬لواقع‭ ‬ولمن؟؟‭!!.. ‬للسابقين‭ ‬الأولين‭ ‬الذين‭ ‬ساهموا‭ ‬فى‭ ‬نشر‭ ‬الرسالة‭.. ‬رسالة‭ ‬الإسلام‭.. ‬ويكون‭ ‬هناك‭ ‬نكرات‭ ..‬‭ ‬عفوًا‭!!.. ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نسب‭ ‬أحدًا‭ ‬حاشا‭ ‬لله‭.. ‬ولكن‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أى‭ ‬أحد‭ ‬سواهم‭ ‬نكرات‭.. ‬وإلا‭ ‬فماذا‭ ‬قدموا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬فى‭ ‬الدينا‭ ‬قبل‭ ‬الدين‭!!.. ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬إلا‭ ‬الفناء‭ ‬والعدم‭!!..‬

الدين‭ ‬الذى‭ ‬يئن‭ ‬ويبكي‭!!.. ‬الدين‭ ‬الذى‭ ‬يصرخ‭ ‬ويسترحم‭.. ‬الدين‭ ‬الذى‭ ‬هو‭ ‬نور‭ ‬الدنيا‭.. ‬تاج‭ ‬الإنسانية‭ .. ‬عصمة‭ ‬البشرية‭.. ‬يالحزنى‭ ‬وأنا‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬الدين‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الإسلام‮»‬‭.. ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يترفق‭ ‬به‭ ‬أبناؤه‭ ‬قبل‭ ‬أعدائه‭.. ‬يالألمى‭ ‬وأنا‭ ‬أوصى‭ ‬بالإسلام‭.. ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أدافع‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دافع‭ ‬هو‭ ‬عنا‭ ‬فكان‭ ‬سترًا‭ ‬وغطاءً‭ ‬من‭ ‬جاهلية‭ ‬أولى‭ ‬كانت‭ ‬تعصف‭ ‬بجذور‭ ‬الإنسانية‭.. ‬كادت‭ ‬تقلع‭ ‬أصل‭ ‬البشرية‭ ‬قبله‭..‬

فهذه‭ ‬الأحداث‭ ‬التى‭ ‬أشرنا‭ ‬إليها‭ ‬آنفًا‭ ‬ولايزال‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬مستمرًا‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أعظم‭ ‬الأثر‭ ‬فى‭ ‬توجيه‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بأكملها‭ ‬من‭ ‬حينها‭ ‬ولوقتنا‭ ‬هذا‭..‬

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬ألمى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإسلام‭ ‬عظيم‭ ‬جدًا‭ .. ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬منا‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬منا‭ ‬النيل‭ ‬منه‭.. ‬لأن‭ ‬المساس‭ ‬بالسابقين‭ ‬الأوائل‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬يمثل‭ ‬اعتداءً‭ ‬صارخًا‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬ونبيه‭ .. ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬كان‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬أبنائه‭ ‬للزود‭ ‬عنه‭.. ‬ألا‭ ‬يكفى‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬أعداؤه؟؟‭!!!..‬

يا‭ ‬قوووووم‭.... ‬أيها‭ ‬النااااااااس‭...‬

ألا‭ ‬يكفى‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬أعداؤه؟؟‭!!!... ‬ليكون‭ ‬هناك‭ ‬جهال‭ ‬أو‭ ‬عملاء‭!!!.. ‬ينتمون‭ ‬إليه‭ ‬فيكونوا‭ ‬أشد‭ ‬فتكًا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأعداء‭...‬

لذلك‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬الذى‭ ‬وصف‭ ‬بأنه‭ ‬معوق‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬فى‭ ‬تمام‭ ‬صحته‭ ‬وفى‭ ‬أتم‭ ‬عافيته‭ ‬إلا‭ ‬فى‭ ‬عصر‭ ‬النبوة‭.. ‬فى‭ ‬سيرته‭ ‬العطرة‭ ‬التى‭ ‬نقلتها‭ ‬كل‭ ‬الكتب‭ ‬والروايات‭ ‬الصحاح‭.. ‬فعندما‭ ‬أتصفح‭ ‬الكتب‭ ‬والمجلدات‭ ‬التى‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬المصطفى‭ ‬العدنان‭.. ‬لا‭ ‬نجدها‭ ‬تختلف‭ ‬ولا‭ ‬تتضارب‭ ‬ولا‭ ‬تتنافر‭ ‬ولا‭ ‬تتصارع‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ .. ‬ولكن‭ ‬وبعد‭ ‬وفاة‭ ‬خير‭ ‬الأنام‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬وعِك‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭.. ‬وتعرض‭ ‬لمرض‭ ‬عضال‭.. ‬بل‭ ‬وأصيب‭ ‬فى‭ ‬مقتل‭.. ‬فلا‭ ‬نكاد‭ ‬نجد‭ ‬صورة‭ ‬واضحة‭ ‬لحدث‭ ‬تاريخى‭ ‬ولا‭ ‬تكاد‭ ‬تسلم‭ ‬لنا‭ ‬سيرة‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬رجالات‭ ‬الإسلام‭ ‬الأوائل‭ ‬من‭ ‬لغط‭ ‬حولها‭ ‬وتشويه‭ ‬وتشويش‭ ‬لحقيقتها‭... ‬ومن‭ ‬إفراط‭ ‬وتفريط‭ ‬فى‭ ‬حقها‭..‬

والسبب‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭.. ‬إنما‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬البشر‭ ‬والهوى‭ ‬الذى‭ ‬تناولوا‭ ‬به‭ ‬الأحداث‭.. ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬التعصب‭ ‬الذى‭ ‬عرف‭ ‬طريقًا‭ ‬للإسلام‭ ‬حيث‭ ‬تسلل‭ ‬منه‭ ‬أعداؤه‭ ‬الذين‭ ‬اتخذوا‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬الواهية‭ ‬والمدسوسة‭ ‬والمكذوبة‭ ‬سبيلًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافهم‭ ‬لتمزيق‭ ‬عرى‭ ‬الإسلام‭ ‬وضرب‭ ‬المسلمين‭.. ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬اتسعت‭ ‬رقعته‭ ‬وزادت‭ ‬فتوحاته‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬آفاق‭ ‬العالمين‭...‬

ومن‭ ‬باب‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬وما‭ ‬ذكرته‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬فى‭ ‬مقالاتى‭ ‬السابقة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬أين‭ ‬وفاء‭ ‬الأمة‭ ‬والبررة‭ ‬الأوائل‮»‬‭.. ‬من‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬الإسلامى‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬أصبح‭ ‬عرضًا‭ ‬ومرمًا‭ ‬لسهام‭ ‬أعداء‭ ‬الإسلام‭ ‬وإن‭ ‬اختلفت‭ ‬مذاهبهم‭ ‬وعقائدهم‭ ‬وتعددت‭ ‬أغراضهم‭ ‬ونواياهم‭.. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أغراض‭ ‬بعينها‭ ‬وأهداف‭ ‬بذاتها‭.. ‬ليكون‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭:‬

إحداث‭ ‬فجوة‭ ‬بين‭ ‬الإسلام‭ ‬وتاريخه‭.. ‬والقصد‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬بالطبع‭ ‬عزل‭ ‬المسلم‭ ‬المعاصر‭ ‬والنشء‭ ‬الصغير‭ ‬أو‭ ‬الشباب‭ ‬عن‭ ‬هويتهم‭ ‬وثقافتهم‭ ‬الأم‭.. ‬بل‭ ‬عن‭ ‬ميراثهم‭ ‬ودينهم‭.. ‬لذلك‭ ‬سعوا‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬كل‭ ‬رواية‭ ‬باطلة‭ ‬تنتقص‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬أعظم‭ ‬الرجال‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬الذين‭ ‬تحملوا‭ ‬عبء‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭.. ‬وإلا‭ ‬وكيف‭ ‬يصلون‭ ‬إلى‭ ‬عصب‭ ‬الدين‭ ‬لضربه‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬حملته‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬تثبيت‭ ‬أركانه‭ ‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬نبيه‭ ‬ورسوله‭ ‬وهم‭ ‬الصحابة‭ ‬‮«‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬عنهم‭ ‬جميعًا‮»‬‭.. ‬ثم‭ ‬من‭ ‬بعدهم‭ ‬التابعون‭ ‬وتابعو‭ ‬التابعين‭ ‬الذين‭ ‬حملوا‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬أكتافهم‭ ‬أمانة‭ ‬لمواصلة‭ ‬تسليمه‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬بعدهم‭ ‬لتكون‭ ‬رسالة‭ ‬تتعاقبها‭ ‬الأجيال‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭...‬

وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نستوعب‭ ‬هذا‭ ‬الغرض‭ ‬المسموم‭ ‬من‭ ‬الطعن‭ ‬فى‭ ‬تاريخنا‭ ‬والنيل‭ ‬من‭ ‬رجالات‭ ‬الإسلام‭.. ‬والأدهى‭ ‬والأمر‭ ‬أنهم‭ ‬يصورون‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬بين‭ ‬الصحابة‭ ‬من‭ ‬اختلافات‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬أبدًا‭ ‬خلافات‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬كما‭ ‬سأؤكد‭ ‬ثانية‭.. ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬صراع‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬السيادة‭ ‬والنفوذ‭.. ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬إراقة‭ ‬الدماء‭ ‬الزكية‭... ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬جراء‭ ‬دسائس‭ ‬من‭ ‬أعداء‭ ‬الإسلام‭ ‬للوقيعة‭ ‬بين‭ ‬الصحابة‭.. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬نكتب‭ ‬لنحذر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬المسلك‭ ‬المشين‭ ‬الذى‭ ‬ينتهجه‭ ‬هؤلاء‭ ‬المنافقين‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭.. ‬فى‭ ‬محاولة‭ ‬لضرب‭ ‬ثوابت‭ ‬الإسلام‭.. ‬نعم‭ ‬فضرب‭ ‬الصحابة‭ ‬يعنى‭ ‬ضرب‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬مقتل‭.. ‬لأنهم‭ ‬حاملوه‭ ‬ونقلته‭... ‬إما‭ ‬بتغذية‭ ‬معاصرين‭ ‬جهال‭ ‬أو‭ ‬معاصرين‭ ‬عملاء‭ ‬حاقدين‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬أدوات‭ ‬مباشرة‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الضرب‭..‬

وللمرة‭ ‬الثانية‭ ‬أؤكد‭:‬

فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الإسلام‭ ‬رجال‭ ‬تعرضوا‭ ‬لمظالم‭.. ‬مستهم‭ ‬الاتهامات‭.. ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬أحداث‭ ‬نالها‭ ‬التزييف‭.. ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬فساد‭ ‬التقييم‭ ‬والأحكام‭ ‬إذ‭ ‬أثرت‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬وجدان‭ ‬وعقول‭ ‬جماهير‭ ‬المسلمين‭.. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬انقسامهم‭ ‬أحزابًا‭ ‬وشيعًا‭...‬

ولكن‭ ‬لم‭ ‬يقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬التزييف‭ ‬للأحداث‭.. ‬وإنما‭ ‬انسحب‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬نفسه‭.. ‬فظهر‭ ‬الوضاعون‭ ‬والكذابون‭ ‬الذين‭ ‬افتروا‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬كذبًا‭ ‬ونسبوا‭ ‬للإسلام‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ .. ‬فكانت‭ ‬الكارثة‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬قنابل‭ ‬فتاكة‭.. ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬قذائف‭ ‬مدمرة‭... ‬فما‭ ‬أشد‭ ‬من‭ ‬قذائف‭ ‬الباطل‭ ‬التى‭ ‬هى‭ ‬أشد‭ ‬حرقًا‭ ‬وفناءً‭ ‬من‭ ‬النيران‭... ‬لا‭ ‬تخمد‭ ‬مع‭ ‬الأيام‭.. ‬بل‭ ‬تزداد‭ ‬اشتعالًا‭ ‬وتجأجأ‭ ‬وتأثيرًا‭ ‬فى‭ ‬تدمير‭ ‬وحدة‭ ‬الأمة‭ ‬وتأريث‭ ‬العداوة‭ ‬والخلاف‭ ‬بين‭ ‬أبنائها‭.. ‬مما‭ ‬يرسم‭ ‬صورة‭ ‬محزنة‭ ‬مؤلمة‭ ‬وياليتها‭ ‬تطول‭ ‬مجرد‭ ‬وحدة‭ ‬الأمة‭ ‬الذى‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬ذلك‭ ‬الجسد‭ ‬الممزق‭ ‬المهلهل‭ ‬الذى‭ ‬يستحيل‭ ‬التئامه‭.. ‬وإنما‭ ‬هذا‭ ‬التمزق‭ ‬وتلك‭ ‬الهلهلة‭ ‬تصيب‭ ‬الدين‭ ‬نفسه‭..‬

ذلك‭ ‬لأن‭ ‬قوة‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬رجاله‭ ‬الذين‭ ‬حملوه‭ ‬وحفظوه‭.. ‬ثم‭ ‬من‭ ‬تناقلوه‭ ‬ورفعوا‭ ‬رايته‭ ‬من‭ ‬بعد‭..‬

فقوة‭ ‬الدين‭ ‬تنعكس‭ ‬فى‭ ‬قوة‭ ‬التابعين‭ ‬لتتشيد‭ ‬معهم‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬القوية‭ .. ‬قوية‭ ‬بأى‭ ‬شيء؟؟‭... ‬قوية‭ ‬بالوحدة‭ ‬والتماسك‭.. ‬إذن‭ ‬قوية‭ ‬بالرجال‭ ‬لقوة‭ ‬الدين‭ ‬بداخلهم‭..‬

أيها‭ ‬الناس‭..‬

حين‭ ‬تتمزق‭ ‬الأمة‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬الدين‭ ‬عندها‭.. ‬لتكون‭ ‬المشكلة‭ ‬هكذا‭ ‬ليست‭ ‬فيمن‭ ‬حاولوا‭ ‬النيل‭ ‬منه‭ ‬فقط‭ .. ‬وإنما‭ ‬أيضًا‭ ‬فى‭ ‬من‭ ‬ينالون‭ ‬منه‭ ‬بالخرس‭ ‬والصمم‭ ‬لأصوات‭ ‬الباطل‭ ‬هذه‭!!... ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬منا‭ ‬محاولات‭ ‬التصدى‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لغسل‭ ‬أيدينا‭ ‬أمام‭ ‬الله‭ ‬ورسوله‭...‬

إنها‭ ‬القارعة‭ ‬التى‭ ‬أصابت‭ ‬تاريخنا‭... ‬إذ‭ ‬انتفع‭ ‬بهذا‭ ‬الخلاف‭ ‬أناس‭ ‬لا‭ ‬خلاق‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬أعداء‭ ‬الإسلام‭ ‬المتربصين‭ ‬به‭ ‬الدوائر‭.. ‬الذين‭ ‬يعنيهم‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬شمس‭ ‬الحقيقة‭ ‬غائبة‭.. ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬ظلام‭ ‬الشك‭ ‬مبسوطًا‭ ‬وممتدًا‭ ‬ومسيطرًا‭ ‬على‭ ‬العقول‭ ‬والقلوب‭.. ‬لتظل‭ ‬شعوب‭ ‬الإسلام‭ ‬يسودها‭ ‬العداوة‭ ‬والبغضاء‭.. ‬وتقع‭ ‬بينهم‭ ‬الفتن‭.. ‬وتمتد‭ ‬إليهم‭ ‬الوقيعة‭..‬

والعجيب‭ ‬أن‭ ‬أناسًا‭ ‬فى‭ ‬عصرنا‭ ‬لم‭ ‬يراعوا‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬دينهم‭ ‬ولا‭ ‬فى‭ ‬أنفسهم‭ ‬ولا‭ ‬فى‭ ‬مجتمعهم‭ ‬ولا‭ ‬فى‭ ‬شبابهم‭ ‬ولا‭ ‬فى‭ ‬هويتهم‭ ‬ولا‭ ‬فى‭ ‬ثقافتهم‭.. ‬فاقتحموا‭ ‬باب‭ ‬الخلافات‭ ‬ليبرزوها‭ ‬ويجسدوها‭ ‬ويعلنوها‭ ‬ويلوحوا‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬معظمها‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الحق‭ ‬ولا‭ ‬الحقيقة‭.. ‬مع‭ ‬أن‭ ‬معظمها‭ ‬من‭ ‬وحى‭ ‬خيال‭ ‬المردة‭ ‬والمرضى‭ ‬نفس‭ ‬منهجهم‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬الذى‭ ‬نجحوا‭ ‬عن‭ ‬طريقه‭ ‬فى‭ ‬تفتيت‭ ‬الأمة‭ ‬والنيل‭ ‬منها‭...‬

والسؤال‭ ‬الذى‭ ‬ينبغى‭ ‬أن‭ ‬يطرح‭ ‬ماذا‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬تنتهك‭ ‬حرمات‭ ‬الإسلام‭ ‬وتقذف‭ ‬أعراض‭ ‬أناس‭ ‬نكن‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬تقدير‭ ‬ومكانة؟؟‭!!...‬

أى‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬ينال‭ ‬من‭ ‬أشخاص‭ ‬ضحوا‭ ‬بالغالى‭ ‬والنفيس‭ ‬ليكون‭ ‬جزاءهم‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الذميم‭ ‬والدميم‭ ‬الذى‭ ‬يأباه‭ ‬الله‭ ‬ورسوله‭...‬

لقد‭ ‬توقفت‭ ‬وأنا‭ ‬أتأمل‭ ‬هذه‭ ‬التراهات‭ ‬وتلك‭ ‬الاتهامات‭ ‬والانتهاكات‭ ‬للأشخاص‭ ‬والأحداث‭.. ‬أو‭ ‬لتلكمو‭ ‬الصفحات‭ ‬المغرضة‭ ‬المملوءة‭ ‬بالسموم‭ ‬والعيوب‭ ‬والأكاذيب‭ ‬والأضاليل‭.. ‬عندئذ‭ ‬استرجعت‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬التى‭ ‬كتبها‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬الفرج‭ ‬بن‭ ‬الجوزي‮»‬‭ ‬صاحب‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬صيد‭ ‬الخاطر‮»‬‭.. ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الزمرة‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬فيقول‭: ‬‮«‬إلا‭ ‬رجال‭ ‬مؤمنون‭ ‬ونساء‭ ‬مؤمنات‭.. ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬بهم‭ ‬الأرض‭ ‬بواطنهم‭ ‬كظواهرهم‭ ‬بل‭ ‬أجلى‭.. ‬وسرائرهم‭ ‬كعلانيتهم‭ ‬بل‭ ‬أحلى‭..‬‭ ‬وهممهم‭ ‬عند‭ ‬الثريا‭ ‬بل‭ ‬أعلى‭.. ‬إن‭ ‬عرفوا‭ ‬تنكروا‭.. ‬وإن‭ ‬رأيت‭ ‬لهم‭ ‬كرامة‭ ‬أنكروا‭.. ‬تحبهم‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض‭ ‬وتفرح‭ ‬بهم‭ ‬أفلاك‭ ‬السماء‭..‬‮»‬‭ ...‬

أما‭ ‬أنا‭ ‬فأقول‭:‬

لا‭ ‬يستطيع‭ ‬قلم‭.. ‬بل‭ ‬أقلام‭ ‬وإن‭ ‬اجتمعت‭.. ‬والأوراق‭ ‬وإن‭ ‬تجمعت‭.. ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬صفحاتها‭ ‬وإن‭ ‬امتدت‭.. ‬والمحابر‭ ‬بأحبارها‭ ‬وإن‭ ‬امتلأت‭ ‬ففارت‭..‬‭. ‬أن‭ ‬توفى‭ ‬الصحابة‭ ‬الكرام‭ ‬حقهم‭ ‬مهما‭ ‬سطرت‭ ‬أو‭ ‬قالت‭.. ‬فهم‭ ‬الكرام‭ ‬الذين‭ ‬أناروا‭ ‬سماء‭ ‬الدنيا‭ ‬فغطوا‭ ‬الكواكب‭ ‬وما‭ ‬غارت‭.. ‬عظام‭ ‬لآلئ‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ ‬بالدين‭ ‬وللدين‭ ‬درر‭ ‬أنارت‭.. ‬قال‭ ‬فيهم‭ ‬الحبيب‭ ‬أصحابى‭ ‬كالنجوم‭ ‬تبارت‭.. ‬ونحن‭ ‬نقول‭ ‬بعدهم‭ ‬الدنيا‭ ‬ما‭ ‬استقامت‭.. ‬يستصرخهم‭ ‬الأتباع‭ ‬من‭ ‬هول‭ ‬أعداء‭ ‬وشرور‭ ‬استدارت‭.. ‬أيها‭ ‬الباغى‭ ‬أذكرك‭ ‬بسيرتهم‭.. ‬وعليكم‭ ‬دائرة‭ ‬السوء‭ ‬حتى‭ ‬أطمئن‭ ‬أنها‭ ‬عليكم‭ ‬قد‭ ‬دارت‭... ‬ملوك‭ ‬الدنيا‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬ذبلت‭ ‬ودفنت‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬وقد‭ ‬غارت‭.. ‬سلاطين‭ ‬الدين‭ ‬وزينته‭ ‬وزينة‭ ‬الأمة‭ ‬يوم‭ ‬الحساب‭ ‬لتكون‭ ‬بهم‭ ‬قد‭ ‬سبقت‭ ‬وفازت‭.. ‬برهان‭ ‬عليهم‭ ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬أخلصوا‭ ‬لنبيهم‭ ‬فى‭ ‬عهدهم‭ ‬معه‭ ‬شرفاء‭ ‬كالشمس‭ ‬ما‭ ‬غابت‭...‬

ياليت‭ ‬الكلام‭ ‬والوصف‭ ‬والثناء‭ ‬والسرد‭... ‬يوفيهم‭ ‬حقهم،‭ ‬هذه‭ ‬الثلة‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الإسلام‭ ‬الأولين‭.. ‬الذين‭ ‬نال‭ ‬معظمهم‭ ‬شرف‭ ‬الشهادة‭ ‬والاستشهاد‭ ‬وفاء‭ ‬للدين‭.. ‬وكانوا‭ ‬من‭ ‬السابقين‭ ‬ليوم‭ ‬الدين‭..‬

‭ ‬هؤلاء‭ ‬الكرام‭ ‬أبلوا‭ ‬بلاءً‭ ‬حسنًا‭ ‬حتى‭ ‬كتبوا‭ ‬بدمائهم‭ ‬الزكية‭ ‬وبأرواحهم‭ ‬الطاهرة‭ ‬وثائق‭ ‬التاريخ‭ ‬المشرف‭.. ‬لهم‭ ‬منا‭ ‬كل‭ ‬الحب‭ ‬والتقدير‭ ‬والامتنان‭ ‬والعرفان‭ ‬بالجميل‭..‬

أقول‭ ‬هذا‭:‬

استمرارًا‭ ‬ونضالًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استجلاء‭ ‬الحق‭ ‬وكشف‭ ‬الحقيقة‭.. ‬عما‭ ‬نالهم‭ ‬من‭ ‬زيف‭ ‬كلام‭ ‬المرجفين‭ ‬وأباطيل‭ ‬المنافقين‭.... ‬وعن‭ ‬هؤلاء‭ ‬نتابع‭ ‬الحديث‭... ‬بالحديث‭ ‬الواضح‭ ‬المبين‭ ‬حتى‭ ‬يستبين‭ ‬أمر‭ ‬سبيل‭ ‬المجرمين‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬الدين‭.. ‬خاصة‭ ‬حين‭ ‬يتناولون‭ ‬ويخوضون‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬امرأة‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬وحتى‭ ‬رحلت‭ ‬وإلى‭ ‬الآن‭ ‬هى‭ ‬شرف‭ ‬أمهات‭ ‬المؤمنين‭.. ‬السيدة‭ ‬الطاهرة‭ ‬أم‭ ‬المؤمنين‭ ‬عائشة‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنها‭ ‬وأرضاها‮»‬‭...‬

‭ ‬إنها‭ ‬بنت‭ ‬الصديق‭.. ‬ذلك‭ ‬المخلوق‭ ‬صاحب‭ ‬القلب‭ ‬الرقيق‭.. ‬للحبيب‭ ‬محمد‭ ‬نعم‭ ‬الرفيق‭.. ‬السند‭ ‬والظهير‭ ‬رغم‭ ‬طول‭ ‬المسير‭ ‬وعورة‭ ‬الطريق‭.. ‬فى‭ ‬حياته‭ ‬وبعد‭ ‬رحيله‭ ‬لم‭ ‬تبخل‭ ‬أو‭ ‬تضن‭ ‬بما‭ ‬استودعه‭ ‬معها‭ ‬للإسلام‭ ‬وللتابعين‭ ‬بنثر‭ ‬ما‭ ‬استودعه‭ ‬بين‭ ‬جنباتها‭ ‬وفى‭ ‬قلبها‭ ‬ووجدانها‭ ‬من‭ ‬نسيم‭ ‬وعبير‭ ‬ورحيق‭.. ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬عانته‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬من‭ ‬دنيا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬إلا‭ ‬واديًا‭ ‬سحيقًا‭.. ‬تحاول‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬ذلك‭ ‬البلسم‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬نيران‭ ‬وحريق‭.. ‬فى‭ ‬فتنة‭ ‬عمياء‭ ‬اجتاحت‭ ‬لم‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬عدو‭ ‬وصديق‭..‬

‭ ‬فهلموا‭ ‬نخطو‭ ‬بأقدامنا‭ ‬خطوة‭ ‬مباركة‭ ‬لندخل‭ ‬هذا‭ ‬البستان‭ ‬الذى‭ ‬غُرست‭ ‬فيه‭ ‬أبهى‭ ‬وأجمل‭ ‬وأعظم‭ ‬زهرة‭ ‬فى‭ ‬الكون‭ ‬كله‭.... ‬فلقد‭ ‬غرست‭ ‬فى‭ ‬بستان‭ ‬الإيمان‭ ‬وشربت‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬الوحى‭ ‬ففاح‭ ‬عبيرها‭ ‬وعطرها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المشرق‭ ‬والمغرب‭...‬

إنها‭ ‬زهرة‭ ‬نبتت‭ ‬فى‭ ‬شجرة‭ ‬مباركة‭ ‬رسخت‭ ‬جذورها‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬وارتفع‭ ‬غصنها‭ ‬فى‭ ‬السماء‭ ‬حتى‭ ‬كاد‭ ‬أن‭ ‬يعانق‭ ‬كوكب‭ ‬الجوزاء‭... ‬إنها‭ ‬أحب‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بعد‭ ‬أبيها‭ ...‬

إنــها‭ ‬عائـــشة‭ ‬التى‭ ‬ولدت‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنها‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬البعثة‭ ‬بأربع‭ ‬سنوات‭.. ‬خرجت‭ ‬إلى‭ ‬الدنيا‭ ‬فوجدت‭ ‬نفسها‭ ‬بين‭ ‬أبوين‭ ‬كريمين‭ ‬مؤمنين‭ ... ‬بل‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬ابنة‭ ‬خير‭ ‬الناس‭ ‬بعد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭... ‬فنشأت‭ ‬أم‭ ‬المؤمنين‭ ‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنها‭ ‬فى‭ ‬أحضان‭ ‬هذين‭ ‬الأبوين‭ ‬الكريمين‭... ‬وترعرعت‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬البستان‭ ‬الذى‭ ‬تنمو‭ ‬أشجاره‭ ‬فى‭ ‬تربة‭ ‬الإيمان‭ ‬وتشرب‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬الوحى‭ ... ‬فكان‭ ‬أبوها‭ ‬كالدوحة‭ ‬الباسقة‭ ‬التى‭ ‬يستظل‭ ‬بظلها‭ ‬كالشجرة‭ ‬المباركة‭ ‬ذات‭ ‬القطوف‭ ‬الدانية‭ ‬التى‭ ‬تؤتى‭ ‬أكلها‭ ‬كل‭ ‬حين‭ ‬بإذن‭ ‬ربها‭ ....‬