دور المجتمع المدني والدولة في ضبط الأسعار
إن ضبط الأسعار في السوق لا يجب أن يتحقق بالكلام، وإنما بالأفعال وتحديد هامش ربح لحلقات التداول لا يعتبر تدخلا في آليات السوق أو إلغائها أنما ضبطا للسوق. لان الحديث كثر الفترة الماضية عن تطوير الأسواق، ولم يتحدث أحد عن الأسواق المعنية بالتطوير هل هي أسواق الجملة أم هل أسواق اليوم الواحد وإنه يجب أن تحدد الدولة جهة معينة لوضع هوامش ربح حلقات التداول لمختلف السلع وليس السلع الغذائية فقط. فإن السلع في مصر ترتفع فقط أما في العالم كله تنخفض وترتفع وفقا لقوي العرض والطلب بينما تغيب هذه القوي في مصر
ان دور المجتمع المدني ليس بديلا لدور الدولة ... بل هو دور مكمل. وكنت قد اجريت دراسة حول علاقة تطور الدول وعدد الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني «بعيدا عن تقييم اداء هذه المنظمات» ... وكانت النتائج كالتالي: -نحن لدينا تقريبا نحو 47 ألف منظمة وجمعية اهلية تعمل في مصر والتعداد السكاني لمصر تقريبا 90 مليون نسمة وبعملية حسابية بسيطة ... لو قسمنا عدد المنظمات على عدد السكان سيتضح لنا ان كل 2000 مواطن تخدمهم منظمة واحدة ومقارنة بالهند مثلا ... سنجد ان النسبة لديهم 350 منظمة لكل مواطن.
وفي روسيا 650 اما في امريكا فصل العدد الى نحو 200. اما لو قارنا بالدول الاسكندنافية مع العلم ان هذه الدول من اكثر الدول المشهود لحكوماتها بالكفاءة والنجاح وعلى الرغم من ذلك فهي تعد الاعلى من حيث عدد منظمات المجتمع المدني 50 لكل مواطن . ان مثلث التنمية يتكون من حكومة ومجتمع مدني وشركات خاصة ... وهكذا إذا ما حدث خلل في هذه الاضلاع ... تظهر المشكلة ... ويصبح لدينا خلل في عملية التنمية وإذا تفهمنا أهداف كل ضلع من هذا المثلث سنجد ان هدف الشركات هو الربح المادي وهذا حق مشروع ... بالإضافة الى إسهاماتها في التنمية من خلال إيجاد فرص العمل ... أما بالنسبة للحكومة والتي هي السلطة التشريعية الحاكمة والتي لابد أن تحترم «وهنا يجب ان اذكر معلومة مهمة جدا وهي أنه ما قبل فكرة إنشاء الحكومات تكونت المجتمعات بإسهامات وفكر المجتمع المدني».
والحكومة لديها السلطة وهدفها الاول خدمة المجتمع كواجب بالإضافة الى ممارسة السلطة. أما بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني والتي تقوم على التبرع وهدفها خدمة المجتمع بشكل تطوعي دون البحث عن ربح أو سلطة ... فالواجب عليها العمل بطريقة محترفة والحوكمة ... ولابد ان ذكر شيئا مهما وهو الولاء والانتماء للوطن وهذه صفات لا بد أن نغرسها في النفوس لأنها من اهم العوامل للنجاح ... وانا ادعو كل افراد المجتمع الى التطوع بالنزول الى الشوارع لتنظيف البلد ... وهذا بالإضافة الى انه حل حاسم وسريع لكل مشاكل النظافة في مصر ... الا انه من اهم العوامل لزرع الانتماء في النفوس
لان الانتماء يأتي من العطاء ... وهذا يحتاج الى تدريب ومهارات وصبر ...والحقيقة يجب ان اؤكد ان مواطني الدول الاسكندنافية لديهم انتماء بدرجة عالية جدا وبالتالي يشعرون ان عليهم واجبا ومسئولية تجاه الوطن ولذلك فهو يساندهم الحكومة بشكل كبير جدا ... بالإضافة الى ان طموحاتهم أكبر من الخدمات التي يحصلون عليها ... ولديه تطلعات الى الوصول الى مكانة عليا اما عن مشاكلنا فاهم مشكلة هي غياب الثقة ... لان كل افراد المجتمع لا يثقو في بعضهم البعض ... والحقيقة انه لا تبنى المجتمعات في ظل وجود داء الشك ... لكى نضع اساسيات النجاح لا بد لنا ان نثق في بعضنا البعض وايضا ان نثق في الحكومة .
ضبط الاسعار في الاسواق تعتمد على الرقابة والتفتيش على الاسواق دون التدخل في عمليات تسعير السلع لان الية الحكومة في ضبط الاسعار تتمثل في الاتاحة حيث تكون لدي الدولة حصة تتحكم بها في السوق لكي تستطيع من خلالها مواجهة تلاعب التجار او الحد من فترات الغلاء في الاسواق. ويأتي الدور البارز الذي تلعبه منافذ الجمعيات الاستهلاكية في توفير السلع الاساسية مقابل اسعار مناسبة كما وفرت السلع سواء في المنافذ المتحركة كالسيارات المتنقلة او المنافذ الثابتة كمشروع جمعيتي في القري والمناطق النائية في جميع المحافظات حتى توفر الامن الغذائي لمحدودي الدخل لان الحكومة لديها 132 ألف منفذ لعرض السلع الاساسية فيها بأسعار مناسبة حيث انها لا تسعي الي الربح بل الي تحقيق الامن الغذائي في ظل ارتفاع الاسعار في الاسواق. مع ضرورة ابلاغ الاجهزة الرقابية مثل جهاز حماية المستهلك ومباحث التموين عن التجار المتلاعبين في الاسعار مع ضرورة فهم المواطن لحقوقه في عدم الحصول على فاتورة او سلعة مجهولة المصدر ونطالب بمشاركة المجتمع المدني في عمليات ضبط الاسواق،
وتأتي اهمية دور المواطن في الحفاظ على حقوقه قبل مساعدة الاجهزة الرقابية بالدولة. لان الدور الذى تقوم به مؤسسات المجتمع المدني في غاية الخطورة والاهمية لأننا اذا نظرنا حولنا وفى كل مكان وبقعة من العالم سوف نجد ان عمل التنمية المجتمعية الانسانية المعنية بالإنسان وتلبيه متطلباته واحتياجاته لا تتوفر له من الحكومات فقط ولكن من خلال مبادرات العمل المدني والأهلي والتطوعي الذى يقوم به مواطنين وطنيون مخلصون لأوطانهم وأعمالهم ومواطنيهم وهذا ما يقوم به الكثير من الرجال والنساء المصريين الذين اخذوا على عاتقهم وامنوا برساله العمل العام من اجل انسان يعيش في ظروف افضل صحيه وتعليميه وحياتيه افضل وبدون هؤلاء الناس في كل مجتمع لن يكون في الأرض مجتمع حقيقي او مناسب للحياة والشراكة مع الدولة بكل مؤسساتها والقطاع الخاص ورجال الصناعة والتنمية امر حتمي من اجل مجتمع افضل للإنسان سواء في مصر او في أي مكان,
ويأتي أهمية دور جمعيات المجتمع المدني في حماية المستهلك حيث تماثل دور الاجهزة الرقابة الحكومية لان بعض الحملات الي قامت بها هذه الجمعيات للتصدي الي غلاء الاسعار مثل حملتي بلاها لحملة وبلاها شبكة، وان توعية جهاز حماية المستهلك للشباب في الجامعات والمستهلكين ساهم في ارتفاع عدد جمعيات المجتمع المدني لحماية المستهلك حيث وصل عددها الي 82 جمعية. أن على الحكومة العديد من الأدوار منها عمل منافذ لتوزيع السلع الأساسية بأسعار منخفضة، وعمل سيارات متنقلة تصل لجميع أنحاء الجمهورية لإتاحة السلع الرخيصة لجميع المواطنين. أن أي تاجر يتم ضبطه مخالفاً ستوقع عليه عقوبة السجن من 3 أشهر إلى 3 سنوات، وكذلك تحويل ملفه الضريبي للفحص.
لان المنظومة سيئة، وبعض المسؤولين عن الجمعيات يخفون بعض السلع مثل اللحوم وبيعها للجزار، وكذلك توريد السلع لأخرى للسوبر ماركت ومحلات البقالة. أن الجهود الخاصة بضبط الأسواق لن تنجح بمفردها بدون رقابة مجتمعية. أن هذا ما تقوم به الدولة عن طريق توفير 32 ألف منفذ لطرح السلع الغذائية من قبل وزارت التموين والزراعة والداخلية وأيضاً القوات المسلحة، لتخفيف العبء على المواطن، من خلال طرح السلع في جميع المنافذ سواء كانت ثابتة أو متحركة ببعض محافظات الجمهورية، والذي يحقق نوع من المنافسة في عرض السلع الغذائية لكي يحدث توازن في الأسعار بالأسواق لصالح المواطن.
أنه من الضروري توافر تشريعات تقضي بمعاقبة محتكري السلع ضمن خطة ضبط الأسعار بالأسواق، مطالبا الدولة بمنح الضبطية القضائية لمفتشي وزارة التموين حتى يمكن إحداث توازنا في السوق كما كان في السبعينات. لان القوانين فقط لن تكون قادرة على الإصلاح ولكن الأمر يجب أن ينبع من أنفسنا، خاصة أن الحلقات الوسيطة بين المنتج وتاجر التجزئة تؤدي إلى الارتفاع غير المبرر للأسعار.