لغز الطائرتين !
حوادث الطائرات ليست بالمسألة الهينة لما يترتب عليها من خسائر لا حصر لها سواء كانت مادية أو بشرية، لذا تنتهج شركات الطائرات أعلى مستوى من الحيطة والاتقان حرصاً على سلامة الراكبين وضماناً لأرواحهم . لقد سقطت الشهور السابقة عدة طائرات، منها طائرتان ركاب روس، سواء الطائرة الروسية التى سقطت بعد إقلاعها بنصف ساعة من مطار شرم الشيخ بمصر، وتقل أكثر من 255 راكباً، أو الطائرة الإماراتية التى سقطت بالأمس القريب فى جنوب روسيا وعليها 62 راكباً. والسؤال الذى يستوجب الحضور فى هذا المشهد الحزين: هل من إرتباط بين الحادثين؟!، وإذا كان سقوط الروس ضحايا للطائرتين فمن المستحيل أن يدفع الأبرياء من الشعوب ثمن مطامع حكام، أو تصفية حسابات، أو مصالح دول كبرى، أو بحث عن أدوار أيضا تخدم تلك المصالح أو المطامع . فسقوط الطائرات وبهذه الصورة المزهلة المتوالية لا يمكن أن يعتبره الخبراء والمحللين أن يكون بمحض الصدفة خاصة لدولة بدأت تستعيد دورها الريادى، والسياسى، والأيدولوجى، وتتحرك حرصاً على مصالحها فى المنطقة . ناهيك عن أعدائها الذين يتزايدون جراء منهجها ومواقفها، ويفقون تجاه سياستها ومناهجها . والحديث عن روسيا مهما كان مدخلنا فى الحديث يجب أن يكون منطقيا أو أكاديمى يستند على أسباب ودلائل مادية تخضع للمنطق والعقل والقياس . ومع ذلك فلا يمكن أن تُغفل التكهنات التى تستوجب مخاطبة الضمائر والأخلاق والتى يجب أن تخضع أصحاب القوى الدولية والمصالح الخاصة، إلا أنه يجب أن نتريث ولو لبرهة فى إعادة النظر فى دماء الأبرياء . فإذا كان «بوتين» قد تحرك لحماية مصالحه سواء فى المنطقة العربية أو فى أوكرانيا، فلا أظن أن يصل المدى من الانتقام والتشفى صحيح أن نفوذه يزداد مع الأيام وأن نشاطه السياسى أعاد لروسيا الكثير من المكانة السابقة سياسياً واقتصادياً التى شهدتها إبان الحرب الباردة بينها وبين أمريكا . صحيح أن يده أصبحت ملموسة كما أنه له حضور واضح فى الأحداث الدامية فى سوريا، وكذلك فى كل الإجراءات التى تتخذ للوصول إلى حلول سلمية حتى وأن خلع الرئيس الأسد والذى يعد مطلباً أمريكياً وعربياً إلى حد كبير يقف أمامه الرئيس بوتين، بل يعمل على تقوية نفوذه، ويعمل على تثبت أركانه إلى حد لا ينكره أحد، فكل المؤشرات فى سوريا تؤكد ذلك ولا تنكره . ولم يقتصر الوجود الروسى فى سوريا فقط؛ بل امتد إلى بقاع أخرى من العالم فلقد شهدت روسيا تعاوناً ملحوظاً مع مصر على كافة المستويات عسكريا وسياسياً واقتصادياً، كما عقدت السعودية اتفاقيات عدة لشراء أسلحة من روسيا وزاد حجم التشاور بينهما لذلك قد تكون هذه الدلالات مؤشراً ايجابيا على استبعاد سقوط الطائرتين صدفة، وفى المقابل إذا كان على أمريكا سواء حماية مصالحها أو الحفاظ على دورها السياسىى ونفوذها العالمى فإنه من المستبعد أن تستخدم الأبرياء كوسيلة ضغط رخيصة إلى درجة «لى عنق» بوتين وتنحية روسيا عن استرداد نفوذها، أما إذا كان وراء تلك الحادثتين داعش فإن الأمر يكون أكثر قبولاً وخاصة الدور الذى تلعبه روسيا َقلب موازين القوة فى سوريا وكبّد داعش خسائر فادحة على مستوى الأفراد والعتاد واضطرها إلى الانسحاب أو قبول التهدئة .