كينيا.. تحطم مروحية على متنها وزير الدفاع والرئيس روتو يعقد اجتماعا طارئا متحدث الحكومة: لا يجب تحميل ضيوف مصر من غير المقيمين مسؤولية أية تحديات اقتصادية صلاح يقود هجوم ليفربول لمواجهة أتالانتا بالدوري الأوروبي مصرع فلاح سقط داخل دراسة القمح في المنوفية ترامب يهاجم المحلفين المحتملين: نشطاء ليبراليون سريون يكذبون على الفاضي رئيس الوزراء: الإفراج عن بضائع من الموانئ بقيمة 8 مليارات دولار حتى الآن مصرع شخصين وإصابة 9 آخرين في حادث تصادم سيارتين بمركز البداري بأسيوط القاهرة الإخبارية: مئات الشاحنات تستعد للدخول إلى غزة لإغاثة الشعب الفلسطيني جوتيريش: العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية الزمالك يستعد لصرف مكافأة للاعبين بعد الفوز على الأهلي في القمة بايدن: أمريكا فرضت عقوبات جديدة على إيران بسبب سياستها المزعزعة للاستقرار للمرة الأولى.. مصر تستعد لتنظيم البطولة العربية العسكرية للفروسية
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

مرصد الأزهر: تشانغ تشينغ.. الداعية الصيني النموذج

حفل التاريخ الإسلامي بالكثير من العلماء والدعاة إلى الله تعالى في كل أرجاء الدنيا، وكان من بينهم دعاة للإسلام في البر الصيني لا يعرف الكثير من المسلمين سيرتهم، لكن مرصد الأزهر يُذكّر دائمًا بكل من ساهم في خدمة الإسلام ونشر الدين الحنيف في ربوع الدنيا، ويسعي جاهدًا لعرض بعضٍ من سِيرهم؛ ليكونوا قدوة تُحتذى لشباب المسلمين في العالم أجمع.

لذا حرصت وِحدة اللغة الصينية على تقديم تعريف بسيط بأحد أهم هذه النماذج المشرِّفة في التاريخ الإسلامي، وعرض لسيرته وجهوده في نشر الإسلام بين أبناء الصين المسلمين في العصر الحديث وهو العالم المسلم (ما تشانغ تشينغ)، ذاك العالم الذي أفنى عمره في تعليم الدين الإسلامي ونشره بين المسلمين الصينيين.
وُلد الداعية (ما تشانغ تشينغ) عام ١٩٣٦، ونشأ وسط أسرة مسلمة متدينة، حيثُ كان أبوه (ما شو چين)، رئيس المدرسة العربية الإسلامية في الصين آنذاك، ومنذ نعومة أظفاره بدأ يتلقى العلم من أبيه، ولم يمر وقت طويل حتى ظهر نبوغه وتفوقه في الدراسات الإسلامية؛ مما جعله يعتلي منبر الخطابة والوعظ بالمساجد، وهو لا يزال في الثالثة عشر من عمره.

 كما أنه استمر في طلبه للعلم بالرغم من الظروف السياسية الصعبة التي مرت بها الصين، ففي فترة "الثورة الثقافية" كان يعمل نهارًا بمهنة صيانة الساعات وليلًا يقوم بدراسة العلوم الإسلامية.


وقد كرّس (ما تشانغ تشينغ) حياته لطلب العلم، فقد درس العديد من كتب التراث الإسلامي من أهمها كتاب "إحياء علوم الدين" لحجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله، وكتاب "شرح العقائد النسفية" في علم التوحيد والعقيدة الإسلامية، وكتاب "رد المُحتار على الدر المختار" في الفقه الحنفي، ومكتوبات الإمام الرباني في التصوف الإسلامي للإمام أحمد سرهندي، وكتاب "شرح الفوائد الضيائية لمتن الكافية" في علم النحو لان الحاجب المالكي، وكتاب "مختصر المعان" للتفتازاني في علم البلاغة، وغيرها من الكتب المشهورة.

ولقد عُيّن إمامًا لمسجد "دونغ قوان" بمدينة "شي نيغ" شمال غربي الصين في ثمانينات القرن الماضي، وتولى منصب نائب رئيس المجلس الإستشاري السياسي في محافظة "چينغ هاي"، ورئيس هيئة التعاون الإسلامية وغيرها من المناصب العديدة. وقد أفنى عمره في نشر العلوم الإسلامية وتخريج الكثير من الدعاة والأئمة، وكان يقضي نهاره في تدريس العلوم الإسلامية لا يُفرق بين الصيف والشتاء حتى عُرف عنه أنّ "المسجد" هو مسكنه ومدرسته؛ حتى صارت مدرسته وِجهة للمسلمين في الصين.

ومن المواقف التي اشتهر بها (ما تشانغ تشينغ) بين المسلمين الصينيين ما حدث عام ٢٠٠١، عندما خرج من الصين قاصدًا بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، وبعد عودته من هذه الرحلة المباركة عمِد إلى مسجده لاستئناف دروسه الدينية مباشرة وقبل ذهابه إلى أهله وبيته.

كما كانت له مواقف وطنية بارزة أهمها ما قام به في أحداث الزلزال الذي ضرب منطقة "التبت"، حيثُ حثّ المسلمين على التبرّع لسكان المنطقة المتضررين من أعقاب الزلزال، فجُمع الكثير من التبرعات ووصلت إلى مُستحقيها.


وبعد حياة طويلة مليئة بالدعوة إلى الله توفي العالم الصيني المسلم (ما تشانغ تشينغ) يوم الاثنين الموافق 16 يوليو 2018 عن عمر ناهز 83 عامًا، أفناها في نشر تعاليم الدين الإسلامي بين الشباب المسلم، وإنّ تشييع الآلاف من تلامذته ومحبيه لجنازته في مشهد مَهيب لهو خير دليل على عِظم ما تركه من أثر بين المسلمين الصينيين من مختلف القوميات، ودُفن رحِمه الله في مقابر المسلمين بمدينة "شي نيغ".

ويرى مرصد الأزهر أنّ ما قدمه الشيخ (ما تشانغ تشينغ) في الدعوة إلى الله هو نموذج يُحتذى لجُموع المسلمين. ويؤكد المرصد أن البشرية في حاجة ماسة إلى تذكر من جاءوا إلى الدنيا ورحلوا عنها وقضوا حياتهم في نفع الناس وليس ما يضرهم. لا شك أن العالم الآن في أمس الحاجة لتلمس ذكرى من فهموا دينهم فهماً صحيحاً ولم يجنحوا بفكرهم أو يشذوا في عقيدتهم، لا شك أنه فرق شاسع بين من فهم الدين وعمل بمقتضاه ونفع من وراءه، وبين من شذوا عن المنهاج القويم فأضاعوا حقيقة الدين الحنيف وأشاعوا الذعر من روح الإسلام السمحة وأضروا بالإسلام أكثر من أي متربص.

إن نموذج عالمنا الصيني اليوم هي دلالة واضحة على أهمية أن يكون هناك رجال يُكملون مسيرته في الحفاظ على الهويّة الإسلامية في المجتمع الصيني