رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

قائد كتيبة «سام 6» خلال حرب أكتوبر: سرية صاعقة استطاعت منع الجيش الإسرائيلي من احتلال بورفؤاد

اللواء حسان أبو علي و محررة الزمان
اللواء حسان أبو علي و محررة الزمان

قائد كتيبة "سام 6" خلال حرب أكتوبر :

سرية صاعقة استطاعت منع الجيش الإسرائيلي من احتلال بورفؤاد

حائط الصواريخ كان له الدور الأعظم في مواجهة الطيران الإسرائيلي

أهالي سيناء ضربوا المثل في الوطنية ومساندة الجيش وإمداده بالمعلومات

بعد وفاة عبد الناصر التزمنا ثكناتنا خوفا من استغلال الموقف

جاءتنا أوامر بالتحرك مساء يوم 5 أكتوبر تحت مسمى مناورات الخريف.. ولم نكن نعلم ساعة الصفر

عمليات «سيناء 2018» بها حوالي 70 ألف جندى وظابط مصري ويتم تطهيرها بالمتر

الحرب على الإرهاب لن تقضي عليه بنسبة 100 %

مرت مصر بفترة كارثية بعد تدمير 80 % من قوتها العسكرية بعد هجوم مفاجئ لقوات العدو الصهيوني ، وصفها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في خطاب التنحي " لا نستطيع أن نخفى على أنفسنا أننا واجهنا نكسة خطيرة خلال الأيام الأخيرة، لكنى واثق أننا جميعاً نستطيع أن نجتاز موقفنا الصعب، وإن كنا نحتاج فى ذلك إلى كثير من الصبر والحكمة والشجاعة الأدبية، ومقدرة العمل المتفانية"، ماكان هناك خيارا في هذه الفترة الصعبة إلا التجهيز لاسترداد الأرض والكرامة.

ودخلت مصر في 6 أعوام من الحرب والتجهيز لهذه الفترة، اللواء أركان حرب حسان أبو علي المستشار باكاديمية ناصر العسكرية العليا قائد كتيبة عمليات صواريخ "سام 6" خلال الحرب، تحدث لـ"الزمان" عن سنوات الحرب ودور سلاح الدفاع الجوى في هزيمة العدو .

نريد البدء بالحديث عن النكسة.. ما هى أسبابها وما هي الدروس المستفادة منها؟

التسلسل التاريخي للصراع العربي الإسرائيلي كان تمهيدا لحرب 67 ، وهنا يحضرني حوار مسجل بين جولدمائير، رئيسة وزراء إسرائيل والرئيس الأمريكي إيزنهاور ما بعد حرب 56 أي بعد العدوان الثلاثي على مصر وكلنا نعلم أن هذا العدوان بدأ من سيناء كان يدور هذا الحوار حول أن الاعلام المصري يمجد الانتصار وبناء مصر من جديد.

ودار الحوار على هذا النحو فقام إيزنهاور بالاتصال بالرئيس جمال عبد الناصر الذي قال له "أننا نبنى بلدنا بعد الانتهاء من الحرب" فعلمت بها جولدمائير وردت قائلة" هل من المنطق أن ننتظر حتى تبنى مصر نفسها لا بد من وضع الخطط لمنع مصر من بناء نفسها"، وبالفعل وضعت الخطط المخابراتية بالتعاون مع الغرب لعرقلة تقدم مصر فكان أول تخطيط لهذا ماحدث في اليمن واستدراج الجيش المصري لمساندتها في ثورتها عام 1962 وكانت هذه بداية الخطة لحرب 1967 .

وأنا كنت شاهد عيان عندما كنت ملازم بقاعدة المليز الجوية بسيناء وأذكر عندما أغلقت مضايق تيران في مايو، هول الإعلام من تأهب مصر للحرب وهذا عكس الواقع، فارتفعت أوضاع الاستعداد بسيناء وفي يوم 5 يونيو 67 وكانت هناك زيارة لكبار قادة القوات المسلحة لنا ولكن فوجئنا في تمام الساعة 8:40 صباحا بمهاجمة المطار بشكل مفاجئ وفي دقائق قليلة تم تدمير المطار قبل وصول القيادة .

العدو الاسرائيلي حقق المفاجأة واستغل عدم جاهزية قواتنا بشكل كاف، كما لم يكن لدينا معلومات كافية عن تسليح الجيش الإسرائيلي فكانت نكسة 67 وفقدت القوات المسلحة المصرية 80% من كيانها .

في أعقاب نكسة 67 كان للإعلام الإسرائيلي دور كبير في رفع الروح المعنوية لجيش العدو، إذ كتبوا عن الإنجازات والنصر الكبير الذي حققوه لدرجة أنهم قالوا أن الجيش الاسرائيلي يستطيع احتلال القطب الشمالي وهو الجيش الذي لا يقهر وأن مصر لن تقوم لها قائمة إلا بعد عشرات السنين .

كيف تم إعداد الجنود معنويا وخصوصا في فترة حرب الاستنزاف التى استمرت 6 سنوات؟

العالم فوجئ بقدرة المصريين على تخطي المحنة بعد أيام قليلة من النكسة بشن غارة للقوات الجوية بسيناء والتى سميت بمعركة رأس العش وهي نقطة جنوب بورفؤاد بحوالي 11 كيلو متر، بعد احتلال سيناء توجهت القوات الإسرائيلية لاحتلال بورفؤاد وتصدت لها سرية صاعقة ومنعت الدبابات الإسرائيلية من دخول بورفؤاد ودارت المعركة بمنطقة رأس العش.

وكان لي الشرف بالعبور ليلا عبر البحر للانضمام لكتيبة الشرقاوي التى لها الشرف بوقف التقدم ببورفؤاد، فقمنا باحتلال أسطح المنازل هناك وفوجئنا بطيران اسرائيلي يشتبك معنا في معركة جديدة تسمى "إيلات" في 21 أكتوبر 1967، فأذهلنا  العالم بهاتين المعركتين بعد النكسة بثلاثة أشهر فقط، وهذه كانت مقدمات لحرب الاستنزاف، وبدأت قوات المراقبة الجوية في التدخل لمناشدة مصر بوقف الضرب وانقاذ الغرقى الاسرائيلين وهذا درس إنساني يتعلمه الإجيال من أخلاق ومبادئ الجيش المصري من عدم ضرب الأسرى والضعفاء وبالتالي توقفنا لكي يستطيعوا انقاذ غرقاهم في موقعة إيلات .

كيف أعاد الجيش بناء نفسه من جديد؟

في هذه المرحلة تم إعادة بناء القوات المسلحة، حرب الاستنزاف كانت معركة ثابتة ، فقناة السويس كانت تفصل بين القوات المصرية غربا والقوات الاسرائيلية شرقا ولعب الطيران الاسرائيلي دور كبير بشن غارات علينا لذلك أُرهق سلاح الدفاع الجوي كثيرا ، وفي يناير 68 أعيد تشكيل المدفعية المضادة للطائرات .

هل تتذكر شخصيات كان لها إسهام فارق في هذه الفترة؟

أتذكر  شخصيات هامة، أولهم الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة آنذاك ومن حقي أن أفخر بكونه ظابط دفاع جوي الذي استشهد على الضفة الغربية للقناة ما يبعد 200 متر عن العدو .

ثانيهم هو المشير محمد علي فهمي الذي أعاد سلاح الدفاع الجوي مرة أخرى ووضع خطط وتم تنفيذها في إطار مباحثات بين الرئيس عبد الناصر والجانب الروسي، كانت لدينا صواريخ مضادة للطائرات بأعداد محدودة وقدرات محدودة، وبدأنا في إعادة تنظيم وحدات الدفاع الجوي ببناء حائط للصواريخ .

في فترة عام 1968 بدأت الأمم المتحدة في إصدار قرارات بوقف إطلاق النار ولم ينفذ الجانب الإسرائيلي هذه القرارات حتى إنشاء حائط الصواريخ بطول القناة في يوم 30 يونيو 1970 الذي كان له دور كبير في تكبيد إسرائيل خسائر كبيرة في قواتها الجوية وكان قرار الجانب الاسرائيلي بوقف إطلاق النار .

كما كان هناك قوات خاصة أو قوات ماخلف الخطوط تعبر قناة السويس ليلا ليأسروا جنودا ويعبروا بها القناة للضفة الغربية .

ثالثهم: اللواء باقي زكى يوسف، صاحب فكرة استخدام ضغط المياة لإحداث ثغرات في الساتر الترابي المعروف بخط بارليف في سبتمبر عام 1969 والتي تم تنفيذها في حرب أكتوبر عام 1973 كان مهندس و ظابط جيش مصرى قبطى ومقدم فى الجيش المصرى في حرب اكتوبر 73 و هو صاحب الفكره العبقريه بتجريف الساتر الترابي  خط بارليف على الضفه الشرقيه لقناة السويس لكي يستطيع  الجيش المصرى أن  يقتحم الدفاعات الاسرائيليه، وتعتبر فكرة باقى زكى هى مفتاح نصر اكتوبر و من غيرها كان صعب اقتحام خط بارليف.

 فكان "باقي"  مهندسا في السد العالي و كانت مضخات المياه تستخدم فى تجريف الرمال فى المنطقه ، لاقت الفكرة استحسان القيادة حتى سمح له بمقابلة  جمال عبد الناصر فى سبتمبر 1969 و شرح له الفكره التى استخدمت وقت عبور الجيش المصرى لقناة السويس فى حرب أكتوبر.

نود التطرق لدور أهالي سيناء ومدن القناة في حرب الاستنزاف وأكتوبر.. حدثنا عنهم؟

أريد أن أعطى أهل سيناء حقهم في الحديث، يكفي أن هناك الغالبية منهم في حالة تعاون مع القوات المصرية ، في عام 1968 استرددنا الجزيرة الخضراء وهى تقع جنوب السويس ب 3 كيلومتر وكنا نتمركز بها وكل القوات المارة بنا نسمع منها قصص بطولات أهالي سيناء، منهم من أعطىى للجنود ملابس سيناوية للتخفي وجمع معلومات عن العدو ومنهم من أسروا جنود إسرائيلين وتسليمهم للجيش المصري.

هل وفاة عبد الناصر أثرت سلبيا على معنويات الجيش المصري؟

وفاة عبد الناصر أثرت في كل فرد بالوطن سواء الشعب أو الجيش، ولكن كل القوات التزمت بثكناتها خشية أن تستغل اسرائيل الموقف وكنا في استنفار شديد، جاء الرئيس السادات وعمل على التطوير النوعي للأسلحة استكمالا لخطط عبد الناصر .

ماهي أبرز الأسلحة التى استخدمها الجيش المصري لم يستخدمها من قبل؟

بعد وقف إطلاق النار اتجهت القيادات للبحث عن أحدث الأسلحة لكافة القوات سواء برية أو بحرية أو جوية ، كان لي الشرف أن أُختير في بعثة للاتحاد السوفيتي عام 1972 لاستقدام نوع جديد من أسلحة الدفاع الجوي اسمه صواريخ "سام 6" المضادة للطائرات التى جاءت لأول مرة في مصر وتميزت عن الصواريخ القديمة أنها محملة على جنزير دبابة لذلك كان لها قدرة كبيرة على المناورة، ومن الأسلحة الحديثة أيضا "سام 3" والفولجا، فتم التطوير من حيث الكيف والكم .

هنا نذكر ذكاء وحكمة الرئيس السادات بعقد اتفاقيات للسلاح مع الجانب الروسي وبدأ في التجهيز لحرب أكتوبر ، فصواريخ "سام 6" التى تم استقدامها توجيهها نصف إيجابي أي احتمالية إصابة طائرة العدو كبيرة بنسبة 80% وهى نسبة علمية عالية للغاية ونقيس على هذا في كل الأسلحة .

ما هي كواليس الأيام السابقة للسادس من أكتوبر ومن كان يعلم بساعة الصفر؟

في نهاية سبتمبر 1973 أي قبل الحرب بأيام جاءت لنا خرائط وتعليمات بالتحرك تجاه القنال تحت مايسمى بمناورات الخريف ، ووضعت خطة خداع استراتيجية كالإعلان عن خروج الظباط والجنود للعمرة وفتحوا الأجازات السنوية واستجمام الجنود على شاطئ القناة فأوهمنا الجانب الشرقي للقناة وهو العدو الاسرائيلي أن الجيش المصري في أجازة ولم يجهز للحرب حاليا ، فالخداع الوجه الآخر للحرب .

كنت نائب  قائد كتيبة " سام 6 " برتبة رائد  بالجيش الثاني الميداني وجاءتنا أوامر بالتحرك تجاه القناة مساء يوم 5 أكتوبر تحت مسمى مناورات الخريف، وفي العاشرة صباح يوم السادس من أكتوبر جاء لي ظرف مغلق مكتوب فيه " تحددت ساعة الصفر لتكون اليوم الساعة 2 ظهرا " أي قبل اندلاع الحرب بـــ 4 ساعات، فقمت مع قائد الكتيبة بإبلاغ الجنود الذين صاحوا وهللوا من الفرحة وبدأوا في تجهيز أنفسهم للحرب ، وقامت الضربة الجوية الأولى وعادت وكنا مستعدين لمواجهة الطائرات الاسرائيلية ولم تستطع طائرة واحدة للعدو عبور قناة السويس، جاءت لهم تعليمات بعدم الاقتراب من القناة حتى لايتساقطوا بفعل حائط الصواريخ .

وصرح موشيه ديان وزير الدفاع الاسرائيلي يوم 8 أكتوبر أن اسرائيل فقدت السيطرة تماما على خط بارليف وأسقط لها 87 طائرة وهذا رقم مهول، واستكملت حرب أكتوبر كما سجل عنها .

ما هي رؤيتك بالفرق بين أكتوبر 73 وسيناء 2018؟

إذا كنا نجحنا في 73 من تطهير سيناء من الاحتلال الاسرائيلي فنحن الآن نجحنا في تطهير سيناء من الإرهاب، فالإرهاب ليس حرب تقليدية، عمليات سيناء 2018 بها حوالي 70 ألف جندى وظابط مصري ويتم تطهيرها بالمتر وعن طريق المجسات فإذا شعروا بشيئ غريب يقوموا بالحفر  ومن ثم اكتشاف مخازن أسلحة تحت الأرض، فهذه الأسلحة والأجهزة من الذي أدخلها؟ إذاً العملية مخططة إذ اكتشفوا جنسيات عدة بوسط سيناء أفارقة– آسيوين – أوروبيين ، فهؤلاء مرتزقة دخوا مصر لإفتعال الفتنة وصنع عمليات إرهابية ضد جنودنا .

فالحرب التقليدية لها بداية ونهاية أما الحرب على الإرهاب ليس له نهاية .

ما رأيك فيما يحدث في المنطقة العربية.. ما هو تحليلك؟

يحضرني كتاب بعنوان "نصر بلاحرب" صدر فى نهاية السبعينات يقول باختصار أن النصر يبدأ من انقسام الدول العربية لقسمين، دول غنية وأخرى فقيرة، وعلى هذه الدول الغنية أن تشعر بالترويع لابد أن يفتعل حرب داخل أقوى قوتين محيطين بالخليج وهما إيران والعراق، ومن هنا تشعر الدول الغنية "الخليجية" بالخوف فتمد أيديها وتستورد سلاح وهنا تحدث الفتنة.

وأتذكر أيضا في أحدى الوسائل الأجنبية أن تحدث أحد الخبراء عن أن الحرب ليست سلاح ومدفع ولكي نقضى على مصر أو نجعلها على حافة الغرق لا بد من القضاء على الأيدي العاملة وتدمير شبابها ، وأرسل دائما رسائل للشباب بأنهم الهدف من التدمير فالطبقة الثرية يتم تدميرهم بالمخدرات وفقدان الانتماء، أما الطبقة الفقيرة فيتم استدراجهم لطريق التطرف والإرهاب .

الخطة الثالثة هي ما قالته علنا "كونداليزا رايس" وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق (الفوضى الخلاقة) وهى افتعال فوضى بالدول العربية خاصة المحيطة بإسرائيل ووضع مبدأ "اقتل نفسك بنفسك" أي افتعال الفتنة بين أبناء نفس البلد مثلما حدث في سوريا واليمن وليبيا وهو مايسمى بالجيل الرابع والخامس من الحروب.

موضوعات متعلقة