رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

أخبار

نص كلمة الرئيس السيسي في القمة الثلاثية بجزيرة كريت

نشر السفير بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال المؤتمر الصحفي للقمة السادسة لآلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان بجزيرة كريت.

وجاء في نص كلمة الرئيس:

دولة رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس، رئيس وزراء جمهورية اليونان.. فخامة الرئيس نيكوس أَناستاسيادس، رئيس جمهورية قبرص.. السيدات والسادة..

إنه لمن دواعي سروري أن أتواجد معكم اليوم في جزيرة كريت اليونانية، هذه الجزيرة الرائعة، وأن أعرب عن امتناني للسيد رئيس الوزراء أليكسيس على حسن الاستقبال وكرم الضيافة.

فسعادتي بالغة بالمشاركة في القمة السادسة لآلية التعاون بين دولنا الثلاث، والتي باتت تمثل أساسًا إستراتيجيًا راسخًا في المنطقة، وانعكاسًا لرغبتنا الصادقة في المُضي قدمًا في مسيرةٌ شراكتنا الممتدة، التي لا تتأسس على حقائق الجوار الجغرافي فحسب، وإنما تستمد قيمتها وأهميتها المضافة من ميراث تاريخي، وقاسم ثقافي مشترك، تشكلت معالمه على مدار عقود متتالية من التواصل الحضاري بين شعوبنا عبر ضفتي المتوسط.

لقد أكدنا في اجتماعنا صباح اليوم إلتزامنا بالعمل سويا، من أجل ترجمة إرادتنا المشتركة إلى مزيد من الخطوات العملية، للانطلاق بمختلف مجالات التعاون إلى أبعد مدى، استنادًا إلى قناعة راسخة بما تضفيه هذه الآلية من قيمة حقيقية وما تشكله من نموذج يحتذى به للتعاون الإقليمي في خضم التحديات المتصاعدة التي تمر بها المنطقة.

إنني على ثقة في أن قمتنا الثلاثية وما تشهده من زخم سياسي واقتصادي، إلى جانب علاقات الصداقة والتعاون فيما بين دولنا وشعوبنا، ستمثل دائمًا حصنًا منيعا فى مواجهة تلك التحديات المتصاعدة، وعلى رأسها اتساع دائرة التطرف والإرهاب الذى يسعى لتحقيق أهدافه باسم الدين، سواء لهدم مفهوم وكيان الدولة الوطنية ومؤسساتها، أو لتدمير المجتمعات والحضارة الإنسانية، فضلا عن التحديات المتعلقة بقضايا اللاجئين والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.

ولقد استأثرت التطورات الجارية فى المنطقة بجزء هام من مباحثاتنا، حيث ناقشنا سبل التعامل مع الصعوبات القائمة التى تحيط بالواقع الإقليمى، مع تأكيد أهمية اضطلاع الأطراف الإقليمية والدولية كافةً بمسؤولياتها فى هذا الصدد، من أجل تجنيب المنطقة الأخطار التى تحيق بها، وذلك من خلال احترام المبادئ المستقرة بين الدول، وإعلاء قيم حسن الجوار والعيش المشترك، فى إطار من سعة الأفق ونبذ العنف والكراهية، واعتماد الحل السلمى للنزاعات، كسبيل وحيد لاستعادة الأمن والاستقرار فى منطقتى الشرق الأوسط والمتوسط.

كما شهدت قمتنا اليوم تقاربا معهودا فى الرؤى تجاه القضايا والأزمات التى تمر بها بعض دول المنطقة، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، والأوضاع فى كل من سوريا وليبيا، فلا مجال لوقف نزيف الدم وإعادة البناء والإعمار إلا بتسوية الأزمات سياسيا، وتلبية طموحات الشعوب فى مستقبل أفضل، وبما يفوت الفرصة على التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، التى تستغل تلك الأزمات للنيل من دولنا وترويع شعوبنا، مستندين فى ذلك إلى ما يتلقونه من دعم مالى وسياسى ولوجستى من بعض الأطراف، التى لا تتردد فى الخروج عن القوانين والأعراف الدولية، كى توجد لنفسها موطئ قدم ونفوذ، وتُحقق مصالحها الضيقة على حساب أرواح ومقدرات الشعوب المُسالمة.

وفى هذا السياق، فقد أكدنا أنه لا بديل عن استعادة الشعب الفلسطينى لجميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها الحق فى إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما أكدنا ضرورة استئناف المسار السياسى فى سوريا فى أقرب فرصة بقيادة أممية وعلى أساس إعلان جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفى مقدمتها القرار رقم 2254، والعمل فى الوقت ذاته على معالجة الوضع فى إدلب بصورة تحول دون تسرب العناصر الإرهابية المتطرفة إلى سائر دول المنطقة.

وانطلاقا من المبدأ ذاته، أكدنا خلال قمتنا اليوم أهمية عدم ترك ليبيا ساحة للتدخلات الخارجية، أو جعلها بيئة حاضنة للتنظيمات الإرهابية، وهو ما يستدعى تنفيذ اتفاق الصخيرات، وكافة عناصر المبادرة الأممية للحل السياسى فى ليبيا، والتى سبق الإعلان عنها العام الماضى، مع العمل بالتوازى على توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية فى ليبيا، وتمكينها من القيام بمهامها لإنهاء الاعتماد على الميليشيات فى تحقيق الأمن.

وفيما يتعلق بالقضية القبرصية، فقد أكدنا أهمية العمل على استئناف مسار المفاوضات من أجل توحيد البلاد وفقا لمقررات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وبما يراعى شواغل الجميع، ودون فرض وصاية لأحد على الآخر.

كما احتلت موضوعات التعاون الثلاثى والمشروعات المشتركة أولوية متقدمة خلال جلسة المباحثات الموسعة بين وفود دولنا، انطلاقا من حرصنا المتبادل على تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، وتحقيق الاستفادة القصوى مما تحظى به دولنا الثلاث من إمكانيات هائلة ومواقع جيوإستراتيجية مميزة، تؤهلها للانطلاق بمسيرة التعاون لا سيما بمجال الطاقة ونقل الكهرباء وغير ذلك من المجالات الاقتصادية.

دولة رئيس الوزراء.. فخامة الرئيس

لا يسعني في نهاية كلمتي إلا أن أتقدم لكما بخالص الشكر، على الدور المحوري والبصيرة النافذة، والاقتناع الصادق بأهمية الارتقاء بآلية التعاون الثلاثي والانطلاق بها إلى آفاق أوسع، فى إطار من الاعتدال والانفتاح والحرص المتبادل على تعزيز دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة.