القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر تشيلي تستضيف أولمبياد 2027 الخاص بمشاركة 170 دولة من بينهم مصر روسيا تعلن طرد دبلوماسيين اثنين من لاتفيا أمريكا وكندا وبريطانيا تفرض عقوبات جديدة على إيران بإدارة كيان تعليمى وهمى بقصد النصب والإحتيال على المواطنين) الدوري الإنجليزي يكشف خريطة الموسم القادم بالكامل ويفجر مفاجآت بالجملة الصين تستدعي سفير ألمانيا بعد اعتقالات بتهمة التجسس لصالح بكين المجلس الأعلى للثقافة ينظم ندوة بمناسبة اليوم العالمي للكتاب وحق المؤلف محافظ مطروح يطمئن على صحة وكيل وزارة الأوقاف عقب تعرضه لحادث سير د.عادل عبد العظيم يتفقد محطة بحوث الإسماعيلية لمتابعة العمل وبرنامج الخضر ورفع كفاءة الأصول المقاولون العرب لإدارة المرافق تحصل على الجائزة الأولى في التشغيل والصيانة والتحول الرقمي بمنتدى مصر لإدارة الأصول بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء.. الإفراج بالعفو عن عدد من النزلاء المحكوم عليهم
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

«الدهابة».. عصابات تنقيبية تنهب الثروة المعدنية بمصر

تهريب الذهب وبيعه بسعر زهيد عبر الحدود السودانية

إهدار 2.4 مليار جنيه سنويا من المال العام

خبراء: لا بد من مواجهة الأمر قبل الكارثة الكبرى.. وهناك تنسيق مع القوات المسلحة.. وزئبق الدهابة يدمر ثروة المياه الجوفية

فى عمق الصحراء تحتضنهم جبال حمش والبرامية، وعتود، والعلاقى، وأم رشيد، وحجر دنفاش، والفواخير، حيث قسوة الشمس الحارقة والكنوز المدفونة تحت رمال الصحراء، وذهبوا ليبحثوا عن الثراء السريع بالتنقيب فى الصحراء الشرقية على طول جبال البحر الأحمر حتى حدودنا مع السودان وتحت أعماق عظيمة تتعدى الـ17 مترا بل تصل أحيانا إلى 30 مترا مستخدمين أجهزة حديثة ومتفجرات وزئبق للبحث عن الذهب.. إنهم «الدهابة».

والدهابة هم الذين يقومون بالتنقيب العشوائى للبحث عن الذهب بطرق غير مشروعة، وقد كانت قديمة منذ عهد الفراعنة، وقد ازدهرت مع أحداث ثورة يناير والانفلات الأمنى التى عانت منها البلاد، ومستمرة إلى الآن رغم محاولات الدولة لمواجهة الأمر وعدم تفشيه إلا أن المحاولات لا تنجح إذ أن الذهابة هم عصابات مسلحة أغلبهم قبائل بدوية من العبابدة، والمعازة، والبشارية وصعيد مصر، كل هؤلاء مع بعض السودانيين وأغلبهم هاربون من عقوبات ويمتلكون أسلحة وعندما يشعرون بأى خطر تدار حرب مسلحة بينهم وبين قوات الأمن .

وقد تطور الذهابة وأصبحوا يستخدمون أحدث الأجهزة التى تستشعر وجود الذهب بجانب أنهم يتتبعون مصدر عرق الكوارتز الذى يتكون عليه خام الذهب، ويقومون بتنقيته بعد تجميعه وإذابته عن طريق مواد كيميائية مما يعمل على إهدار ثروة معدنية رهيبة، وبعد ذلك يتم تهريبه عبر الحدود إلى السودان لبيعه بسعر زهيد لا يضاهى أسعاره.

فى هذا السياق، قال الجيولوجى محمد إمام، إن مشكلة الدهابة من أهم المشاكل التى تواجه قطاع التعدين؛ فالذهابة هم مجموعات مسلحة تعمل فى حر الصحراء، ولا يوجد مكان يخلو منهم.

وأضاف إمام أن طريق إدفو - مرسى علم وأعماق الصحراء مليئة بالدهابة، إذ أنهم بدأوا على استحياء من قبل أحداث يناير، وتفشى جدا هذا الأمر بعدها لدرجة أن الدولة أنشأت شركة شلاتين بغرض جمع ٢٠٪ منهم، ولا يستطيع أحد تقدير خسائر الدولة بسبب الدهابة لأنهم بدأوا على استحياء فى الأتربة وأقصى عمق وصلوا إليه حتاليا 30 مترا.

وأكد إمام أنه قد حدثت مواجهات كثيرة بين قوات الأمن والدهابة، ولكنها للأسف انتهت بالفشل وأثناء الانفلات الأمنى الذى شهدته البلاد تجمهروا وقالوا «نشتغل فى الجبال ولا نسرق الناس ونبلطج»، والآن وصلوا لمعدات إنتاج كبيرة مثل البلدوزرات، واللوادر، وأجهزة كشف الكنوز (GPx)، ومهما عملوا أو اشتغلوا بيشتغلوا على الدهب الحر «Native Gold»، وهو الذهب المصاحب لعروق الكوارتز والمنتشر فى أتربة وتشوينات المناجم القديمة.

وأشار إلى أن الحل الأمثل من وجهة نظره هو تقنين وضعهم بمنحهم عقود استغلال محددة المساحة وتحت رقابة الأجهزة التنفيذية، وبذلك تستفيد الدولة من الذهب المنتج ويتم عملهم تحت سيطرة تلك الأجهزة.

وقال الجيولوجى طارق خيرى إن مشكلة الدهابة من أهم المخاطر التى تواجه الاقتصاد التعدينى فى الذهب، ففى الفترة الأخيرة اشتدت قوتهم وهجموا على مركز تعدين الفواخير ويعد هذا المركز واحدا من أهم مراكز التعدين بهيئة الثروة المعدنية، وهو من ضمن 9 مراكز تتبع الهيئة المنتشرة على مستوى الجمهورية بداية من أسوان وحتى سيناء مرورا بالبحر الأحمر والفيوم، والتى قامت الهيئة بإنشائها بغرض تدعيم الوعى التعدينى وتنشيط التعدين على مستوى الجمهورية، وترجع أهمية مركز تعدين الفواخير إلى أنه يضم مصنع الذهب القديم بكامل معداته التى كان يستخرج بها الذهب وقت توقف المصنع.

كما توجد بالمنطقة كميات كبيرة تقدر بمئات الأطنان من الصخور الحاوية للذهب بتركيز يتراوح من 10-15 جم/ طن.

ويوجد بالمركز عدد من الاستراحات التى قامت الهيئة بتجهيزها لاستقبال طلبة الجامعات والدكاترة فى الزيارات السنوية التى تقوم بها الجامعات لتدريب الطلبة فى الجبال.

فى حين أن المنطقة بالكامل تقع تحت أبحاث إحدى شركات التعدين الكبرى وهى شركة روسيا للبحث عن الذهب فى الفواخير ضمن اتفاقية من مجلس الشعب، والتى توقفت بعد أحداث الثورة.

ويوجد من العمالة ما يقرب من 12 عاملا تحت قيادة أحد المتخصصين فى إعداد مراكز التعدين.

وتعرض هذا المركز لهجوم من قبل الدهابة بغرض سرقة هذه الصخور الحاوية للذهب وتصدى لهم عمال الأمن فى الموقع، لكن تكرر هذا الاعتداء وقاموا بجمع أكثر من 100 فرد مدججين بالسلاح،  فى محاولة لنقل تلك المشونات، فما كان من أفراد الأمن إلا أن أبلغوا قطاع تفتيش المناجم بالقصير والذى قام بدوره بإبلاغ مسؤولى الهيئة الذين لم يدخروا جهدا ودفعوا برجال الهيئة الشرفاء من الأمن وبعض القادة وقد وتوجهوا إلى المركز واستطاعوا أن يمسكوا بعدد من الخارجين عن القانون وتم تسليمهم إلى مكتب مخابرات حرس الحدود بالقصير.

وقام مفتش المناجم بعمل محضر بقسم القصير، واستطاع رجال الهيئه الشرفاء الحفاظ على المال العام كعادتهم والذين قد يفقدون حياتهم أحيانا، ولكن فجأة تم تسريح الدهابة من مكتب المخابرات دون أى مسؤولية عليهم مع حفظ محضر مفتش المناجم إداريا (أى حفظ المحضر كأن لم يكن)، واتهام مفتش المناجم من قبل رئيس المباحث بالتقصير فى عمله لعدم المرور والحفاظ على تلك المشونات كما أنه متهم بالتواطؤ معهم وحاول إخفاء ذلك بهذا المحضر، ولولا ستر ربنا أن هذا المركز يتبع إداريا مرسى علم كما أثبت لاحقا، لكان المفتش متهما بالتواطؤ.

وفى إشارة أخرى قال الخبير الجيولوجى الدكتور صلاح حافظ نائب رئيس هيئة البترول السابق إن استخدام الزئبق فى التفجير بباطن الأرض شيئا خطير ومن الواضح أن خطورته لن يدركها أحد الآن، فباطن الأرض مليئ بالمياه الجوفية وباستخدام الزئبق فإنها تتلوث وتصبح خطرة.

وأضاف حافظ أن مصر تعانى من أزمة فى مياه الشرب وأغلب المناطق تتعامل بآبار المياه الجوفية فى الشرب وسقاية الأرض والزراعة، والزئبق معروف بخطره الصحى مما يتسبب فى انتشار أمراض السرطان والأوبئة الكبدية، ولا بد للمسئولين أن يعوا هذا فى ظل أزمة المياه فمن المعروف أن هناك اتجاها لاستخدام الآبار الجوفية بحد كبير فى الفترة المقبلة .

وفى هذا الإطار، كشف البهى عيسوى، الرئيس الأسبق لهيئة المساحة الجيولوجية، عن وجود 95 موقعا للذهب، كان يتم التنقيب فيها فى مصر منذ عهود قديمة، وتحتاج إلى إعادة النظر فى اكتشافها بما يعود على الاقتصاد القومى بالنفع.

وأشار إلى أن المواقع المشار إليها كانت مستغلة منذ 7 آلاف عام مضت، وكانت عروق الذهب التى تدل على وجود الذهب، ترى بالعين المجردة، فتلك المواقع هى نفسها التى تنهل منها الشركات العاملة حاليا فى هذا المجال، كما حدد مناطق استغلاله فى أم قريات جنوب أسوان، وفطيرة شمال سفاجا والسكرى وحمش وعتود.

وحذر مستشار الثروة المعدنية، د. عبد العال عطية، من خروج الثروات المعدنية خلال التنقيب العشوائى من خلال عصابات ومجموعات مسلحة، إذ أعد دراسة لإنعاش الاقتصاد القومى بحوالى 2.4 مليار جنيه مصرى سنويا ضائعة، مع ضمان تشغيل الشباب وإنشاء شركات للقيام بالتنقيب المنظم.

ويتم التنقيب كما يشرح عطية من خلال حفر الآبار حتى 50 مترا، أو أجهزة الكشف عن المعادن، منها جى بى إكس «GBX» ويبلغ سعره حوالى 2400 دولار أمريكى أو كانكس وسعره 600 دولار أمريكى، ويقوم البعض بتأجير تلك الأجهزة للراغبين فى التنقيب.

ويرصد عطية عدد العاملين فى التنقيب العشوائى بـ3 أو 4 ملايين، فى الوقت الذى يعمل فيه فى السودان حوالى 200 ألف بمناطق جغرافية متعددة، ويقدر العاملون فى الجنوب بين 100 ألف إلى 200 ألف شخص، وبلغ حجم ما تم التنقيب عنه عام 201 وحدها حوالى 23 طنا.

ويوضح عطية أن التنقيب العشوائى يتسبب فى تعرية التربة وتفككها كما يتسبب فى هجرة أنواع من الطيور لأماكن آمنة، ونهب الثروات الأثرية، وغالبا ما تكون الدفنات ذهبية فيتم إذابتها للحصول على الذهب الموجود بها.

ويطالب عطية باستخراج الذهب من المنطقة بين خطى عرض 22 و23 بتقسيم المناطق الحدودية إلى مربعات متساوية المساحة، من خلال شركة تقوم على التنقيب، بحيث تبلغ مساحة كل مربع 10 كيلومترات مربعة باتفاقيات تعدينية.

ومن المتوقع أن يصل العائد الاقتصادى إلى 400 مليون دولار سنويا ببلوغ المربعات المقترحة للتنقيب بين ساحل البحر الأحمر وحدود بحيرة ناصر ووادى النيل إلى 5180 مربعا .

وكان رئيس هيئة الثروة المعدنية الدكتور أيمن الساعى قد صرح بأنه يتم حاليا دراسة إقامة مجمعات صناعية لمن يقومون بالتنقيب العشوائى عن الذهب أو من يعرفون بالدَّهابة الذين يستخرجون حوالى 40 طن ذهب سنويا، وذلك لاستيعاب أكبر قدر من العمالة بهذا النشاط وضمهم إلى الاقتصاد الرسمى، مشيرا إلى أن هذه المجمعات ستقام فى مرسى علم وأسوان وشلاتين، وسيتم تيسير مناخ العمل وتيسير إجراءات التراخيص مع تأهيلهم وتدريبهم.

وأوضح أن مصر بها 120 موقعا صالحا للتنقيب عن الذهب تغطى معظم أنحاء الجمهورية، إذ أن إنتاج منجم السكرى للذهب بلغ حتى الآن قرابة 115 طنا منذ بداية الإنتاج، لافتا إلى أن استثمارات شركات التعدين الوطنية مع الاستعانة بخبرات أجنبية سيعطى دفعة لقطاع التعدين.