رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

بالتطرف والانحلال.. مطابع «بير السلم» سلا ح المتطرفين لغزو المصريين

تستخدم فى طباعة مجلدات السحر والشعوذة والإلحاد.. وتساهم فى نشر أفكار الإرهابيين

لا تشترط الموافقات الرسمية ورقم النشر.. وتنتشر فى المناطق الشعبية وغير خاضعة للرقابة.. وبعضها مملوك لجماعات محظورة

خبراء: غير مرصودة أمنيا.. وأصحابها يعقدون الصفقات.. وأسعارها مرتفعة للغاية

مصطفى شاهين

لا تزال مطابع بير السلم تمارس أعمالها جهارا نهارا فى طباعة المئات من مجلدات «السحر والشعوذة»، ومجلدات أخرى تحض على التطرف والإرهاب ليل نهار، دون أدنى خوف من المساءلة أو المحاسبة طالما استطاعت أن تتسلل بين المصريين فى غفلة من الرقابة المشددة بواسطة الأجهزة التنفيذية، مما مكن تلك المطابع من التعايش وسط الكتل السكنية اتخذت منها ساترا يحميها وقت المساءلة «إن وجدت».

وفى المقابل تعمل تلك المطابع فى صناعة عشرات بل مئات المجلدات يوميا والتى لم تخضع لأى رقابة ويأتى على رأسها مجلدات «السحر والشعوذة» والتى تحظى بقبول بين الشباب الراغب فى الاطلاع ونفس الشيء مع طباعة مجلدات الإرهاب لمشايخ وفقهاء أقامت التنظيمات المتطرفة قواعدها على أساس آرائهم المتشددة.

«الزمان» تلقى الضوء ومن واقع معلومات حصلت عليها على خطورة استمرار تلك المطابع غير المرخصة فى العمل والتى تستخدم أحيانا فى طباعة منشورات ضد النظام والتى تلصق فيما بعد على الجدران، فلا يوجد لدى تلك المطابع ما يعرف بالوطنية طالما امتلك الزبون المال لطباعة ما يريد.

«اطبع.. والمسئولية على صاحب الكتاب فلا أستطيع ترك يومية 150 جنيها».. بتلك العبارة بدأ «أحمد.ج» صاحب الثلاثة وثلاثين عاما حديثة مع «الزمان» مشترطا عدم الكشف عن هويته، حتى لا يخسر عمله داخل واحدة من مطابع بير السلم والموجودة بالقرب من ميدان رمسيس.

ويروى تجربته قائلا: أعمل بالطباعة منذ عشرة أعوام وكانت بدايتى مع المهنة طباعة كروت الأفراح وهى السلعة الدارجة فى هذا المجال وكانت مربحة لكن هناك شيء آخر أكثر ربحية لصاحب المطبعة والعمال وهو طباعة الكتب الخارجية غير المرخصة ومجلدات أخرى تباع فى المترو، ثم تطور الأمر معى وأصبحنا نطبع مجلدات السحر والشعوذة ومجلدات لمشايخ متشددين فى الدين ولديهم أحكام فقهية لا تناسب وسطية الدين.

وتابع: لم تكن لدينا مشكلة مع المجلدات طالما سيدفع صاحبه ما يريده صاحب المطبعة، فإذا ما اعتبرنا أن السعر الحقيقى للنسخة المطبوعة 10 جنيهات نطبعها نحن بـ15 وأحيانا 20 نظرا لأن المجلد غير قانونى ونفس الأمر بالنسبة للمطبعة فجميع المطابع التى مررت عليها ليست مرخصة.

وعن الحياة داخل مطابع بير السلم وكيف تدار الأمور، أكد الشاب الثلاثينى، أن كل شيء يدار بالمال بداية من الإخبارية التى تأتى من أحد العناصر الأمنية بأن هناك حملة مصنفات ستجوب المنطقة فنقوم بغلق الماكينات وكذلك الأبواب لمنع عمليات التفتيش أو مصادرة المجلدات التى يكون صاحبها قد دفع ثمنها، مرورا باليوميات التى يسددها صاحب المطبعة للعمال والفنيين، والمطابع تختلف باختلاف الماكينات المستخدمة فهناك مطابع تستوعب أجهزة كمبيوتر وفصل ألوان تطبع 10 آلاف نسخة فى اليوم الواحد ومطابع تعمل بطاقة إنتاجية 500 نسخة.

ويلتقط «محمد.س» طرف الحديث، ويعمل داخل واحدة من مطابع بير السلم، قائلا: كل ما هو ممنوع من النشر نتولى مهمة طباعته بغض النظر عن التشديدات الأمنية المفروضة على المجلد وصاحبه، ففى وقت الثورة على الإخوان كانت بعض المطابع تقوم بطباعة المنشورات واللافتات التى حملها الإخوان فى اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، ولم تكن لديهم أدنى مشكلة طالما سيدفع الزبون، وفى الحقيقة استطاعت معظم المطابع فى ذلك الوقت تحقيق أرباح خيالية، واستمر الحال لفترة، وحاليا تعمل معظم المطابع فى المجلدات الممنوع تداولها دون مساءلة من أحد، وبالقطع لن يسأل صاحب المطبعة عن رقم النشر أو إذن الطباعة فما يعنيه هو المال.

وأضاف: مطابع بير السلم أو «الشمال» كما نسميها تعمل بعد غروب الشمس ولا تعمل بالنهار، وذلك لمنع لفت انتباه المارة، وحتى تتجنب الحملات التى تستهدف المطابع المرخصة، وتستمر ساعات العمل حتى الساعة السادسة صباحا، وربما تمتد إلى الثامنة لتلبية كافة الطلبات الواردة إلى المطبعة على أن يصرف صاحب المطبعة بدل ساعات عمل إضافية.

وعن أماكن انتشار تلك المطابع، أكد المهندس محمد عبدالرحمن صاحب مطبعة الرحمة، وهى واحدة من القلائل المرخصين فى منطقة شبرا الخيمة، قائلا إن مصر يوجد على أقل تقدير 7 آلاف مطبعة غير مرخصة وتعمل فى كل ما هو ممنوع سواء كانت مجلدات أو مطبوعات فهى تراهن على عدم دراية الأجهزة الأمنية بها رغم وجودها داخل كتلة سكنية، وعلى ضوء ذلك تقوم بطباعة مجلدات لشخصيات مثل سيد قطب ويوسف القرضاوى وبعض الدعاة المعروفين بمواقفهم العدائية ضد الدولة، وتستخدم أسماء لمطابع لبنانية وخليجية وهو ما رصدناه مرارا وتكرارا.

وأشار إلى أن مطابع بير السلم منتشرة فى العتبة والموسكى والدرب الأحمر والسيدة زينب والزاوية والخليفة وشارع البحر الأحمر بالجيزة وإمبابة ومناطق شعبية بالقاهرة وضواحيها والجيزة وضواحيها، وتسبب للكتلة السكنية القريبة منها ضوضاء لا يمكن السكوت عليها، إذ تعتمد على أجهزة طبع قديمة عفى عليها الزمن.

فيما كشف الدكتور محمد ماهر عضو مجلس إدارة بواحدة من شركات بيع الأدوية، عن مفاجأة من العيار الثقيل حول تلك المطابع، قائلا إن هناك كارثة ترتكبها تلك المطابع، وكانت لنا قضية شهيرة برقم 1908 لسنة 2013 ضد واحدة من تلك المطابع التى تسببت للشركة فى خسائر بالملايين بعدما قام أحد الأشخاص بجمع كمية من الأدوية منتهية الصلاحية وتقوم شركتنا بترويجها ونقوم بإعدامها إلا أنه حصل عليها بشكل ما بواسطة أحد الموظفين، وقام بطباعة 10 آلاف عبوة بتاريخ صلاحية جديد، وقام بترويجها فى السوق مرة أخرى، لتباع للمواطنين وكأنها جديدة بما تسبب فى كارثة للشركة والمنتج.

وتابع ماهر: لا تزال نفس الخدعة تمارس ضد المواطنين فمثل تلك المطابع تمثل خطورة ليس فقط على العقول من خلال ما تقوم بطباعته دون رقيب إنما تسمم المواطنين أيضا فى دمائهم من خلال تلك الفعلة وطباعة غلاف أدوية جديد وكتابة رقم تشغيل وتاريخ صلاحية جديد.

من جانبه، حذر اللواء مصطفى المنشاوى الخبير الأمنى، من تلك المطابع، قائلا إن هناك جرائم ترتكب باسم تلك المطابع، وهى من حيث الأهمية الأمنية على النحو التالى، أولا جريمة فكرية فى حق المواطن من خلال طباعة مجلدات تباع على الأرصفة تحفز الشباب على الجهاد والإرهاب من خلال فتاوى ضالة ومضللة، ثانيا نشر الخرافات والسحر عن طريق طباعة مجلدات السحر والشعوذة، ثالثا جريمة الغش التجارى وذلك بأن يتم طباعة أشياء على منتجات منتهية الصلاحية وتصدير الصورة إلى المستهلك وكأنها سليمة بما يهدد صحته وسلامته.

وأكد المنشاوى أن فرض الرقابة المشددة هو الحل الأمثل لمواجهة تلك المطابع والتى تتخذ من بير السلم أوكارا لممارسة أعمالها المخالفة للقانون، فمن جانب القانون فإنه بموجب المادة الخامسة بالقرار الوزارى رقم 49 لسنة 2005، فإن مصلحة الرقابة الصناعية تلتزم بتسجيل كافة المطابع برقم مسلسل ثابت، وتمنح كل مطبعة شهادة يتم تجديدها كل خمس سنوات، وعلى المطابع الالتزام بطباعة رقم التسجيل على منتجاتها، وفى حالة وجود سلعة أو منتج ليس عليه هذا الرقم فإنه يعتبر سلعة مجهولة المصدر، تطبق عليها أحكام قانون الغش التجارى.