رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

السموم تحاصر طلبة الجامعات.. والأفلام عامل رئيسى فى الترويج للمخدرات

الإدمان كابوس يطارد الشباب المصري

المخدرات.. تجارة السموم المربحة المحفوفة بالمخاطر

السموم تحاصر طلبة الجامعات.. والأفلام عامل رئيسى فى الترويج للمخدرات

تفاقمت ظاهرة تعاطى المخدرات فى الآونة الأخيرة، وباتت كابوسا يرهق الشباب المصرى وسط ارتفاع نسبة الإدمان بين الشباب المصرى، رغم الجهود التى تبذلها الدولة للحد من تلك الظاهرة.

«بشرب عشان أرتاح.. عندى حب استطلاع أجرب.. بحس براحة نفسية.. بنسى الضغوط»، مبررات اعتدنا على سماعها من متعاطى المواد المخدرة.. «يا اسطى ما تضيقهاش الاصطباحية صفوة الصفوة إحنا بنجيب مخدر السعادة ونعيش أحلى سعادة بتفصلنا».. هكذا بدأ أحد المتعاطين كلامه عن تعاطيه للمخدرات، وأن شراءه للحشيش وكأنه يشترى عيشا فهو من أهم متطلباته اليوميه التى لا غنى عنها.

وأضاف آخر: «أنا برنس الإنتاج السينمائى» فعندما يشرب ينفصل عن ضغوط الحياة والعالم، فهو يتعامل معه مثل السجائر لا فرق بينهما.

ووصف آخر تعاطيه أول مرة لمخدر الإستروكس بأنه شعر بغيبات الموت وفقد القدرة على الحركة لمدة لا تقل عن ساعة قائًلا: «حسيت بأن فى أمواج حواليا ومش حاسس بأى حاجة غير إنى بموت واتشاهدت أكتر من مرة».

ومن جانبه أشار أحد تجار المواد المخدرة، إلى أنه يبيع المخدرات لأن ربحها كبير وزبائنها أكبر ويتعامل مع أعداد كبيرة فى المجتمع من عمر 5 إلى 50 عاما، مضيفًا: «أنه يتعاطى المخدرات ولكن لا يشرب الأنواع الجديدة كـالإستروكس فهو يبيعها فقط».

 الدكتور حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع، قال إن انتشار المواد المخدرة يرجع إلى أن هناك عصابات دولية مافيا كبيرة على مستوى العالم تتاجر فى المواد المخدرة المحرمة دوليًا وتحقق أرباح طائلة. ولكن ليس هدفها تحقيق الربح فقط بل تدمير الشعوب ثقافيًا ونفسيًا وجسمانيًا، فهى تقتل القدرة الإبداعية لدى الشباب، والقدرة على الإنتاج والعمل، وهذا يؤثر بالسلب على المجتمع لأن الشباب يدخلون فى طور فقد الطاقة الإيجابية وبالتأكيد يخلق مجتمع مليء بالفساد والتدهور.

وواصل الخولى أن المدمن أمله فى الحياة أخذ الجرعة لأنه لولم يأخذها يصبح حيوانا كاسرا، قد يفعل أى شيء فى سبيلها، فجسمه أصبح مستودعا للمواد المخدرة.

ولفت إلى أن الشباب أصبحوا القوة المفقودة لدينا، وهناك أسباب كثيرة أدت إلى لجوء الشباب لتلك المواد، كحب الاستطلاع إلى جانب الرفقه السوء، بالإضافة إلى الإستراتيجيات التى تضعها العصابات لنصب الشباك كى يقع بها الشباب، والأسلوب التربوى الشديد، القسوة فى المعاملة مع الأبناء وعدم الاعتراف بشخصيتهم، فيجدون أنهم مكروهين وغير مرغوب فيهم ما يجعلهم يلجؤون إلى هذه المواد القاتلة.

ويرجع حسن الحل إلى ضرورة التوعية المكثفة من أجهزة الإعلام والنوادى وإقامة الندوات التثقيفية، لتنبيه الشباب بخطورة هذه المواد وتحذيرهم من تعاطيها، مشيدًا بالدور الذى يقوم به الأمن فى مكافحة العصابات الإجرامية.

أما الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، قال إن أبرز الدوافع وراء إقبال الشباب على المخدرات يرجع إلى التفكك الأسرى، فالأسر التى تحفها الاضطرابات تجعل الطفل دائمًا يشعر بعدم الأمان والسعادة، وبتالى يلجأ إلى المواد المخدرة للوصول إلى أحد طريقين إما أن يغيب عن الواقع، أو يستعر السعادة بطريقة مختلفة، وتابع أنه من الدوافع أيضًا الضغوط النفسية بشكل أو بآخر، فهناك أشخاص يعانون من ضغوط أسرية، وهناك من يعانون من ضغوط اقتصادية.

كما أوضح بحرى لـ«الزمان» أن هناك من الشباب من يقبلون على المخدرات بسبب الممارسات الجنسية، والاستمتاع بوقت أطول خلال العلاقة، لافتًا إلى أنه من الدوافع أيضًا حب الشباب لخوض التجربة.

وأضاف أن المخدرات أنواع، ليست جميعها غالية، وأن نسبة 70 إلى 80% من الحالات التى مرت عليه كانت نتيجة التفكك الأسرى.

وعلى الصعيد الإعلامى، أكد الدكتور محمود شهاب، أستاذ الإعلام بقسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة الأزهر، أن الدراما والمسلسلات أكثر تأثيرًا فى الشباب المهمل أسريًا وثقافيًا ومجتمعيًا، فالبيئة المصرية الحاضنة للشباب مليئة بالعوامل المساعدة على انحرافهم ومنها: أولًا فقدان الرعاية المجتمعية والأسرية وهو عامل رئيسى فى جعل الشباب أرض خصبة لما تقدمه الدراما والمسلسلات من إدمان وانحلال، وأصبح الشباب المثقف يعانى من انتشار القدوة السيئة والتقليد الأعمى لما تقدمه الدراما والأفلام على جميع المستويات، من مخدرات ودعارة وإلحاد وخلافه.

ولفت المسلسلات والأفلام التى تحولت غايتها من ثقافية تجارية إلى تجارية فقط، بالإضافة إلى ما صنعته وكالات الدعاية والتسويق فى بيع الإنتاج الدرامى والفيلمى فهو كفيل بأن يقضى على القيم المجتمعية الأصيلة، لأنها صنعت من الجهلة نجومًا يقلدهم الشباب فى المظهر والمضمون، فتسويق الأفلام والمسلسلات يعيش حالة تحدٍ فى النجاح بالأتفه، وشعارهم الترويجى «طالما المواطن بيدفع سعر مبالغ للتافه يستحق نبيع له الأتفه»، لذلك سترى بلطجية الفنانين قدوة للشباب غير المرعى أسريًا ومجتمعيًا.

وأشار شهاب إلى ضعف الإنتاج الثقافى والفنى للشباب والذى يرسخ لقيم المجتمع الأصيلة ومناهضة الانحراف بكافة أشكاله منذ الطفولة فى ضوء غياب الدور الثقافى والاجتماعى للدولة المصرية.

وأضافت جهاد عبد المقصود، مدرس مساعد بقسم الصحافة كلية الإعلام جامعة بنى سويف، أن الدراما أدت دورًا كبيرًا فى الترويج لتعاطى المواد المخدرة، لما تقوم به من عرض مشاهد بها تعاطى للمخدرات والسجائر، أيضًا نجدها تظهر تاجر المخدرات فى مناصب عليا قد تصل إلى عضو بمجلس الشعب، مثل مسلسل «مملكة الجبل».

وقالت «عبدالمقصود» إنه فيلم أكثر من رائع لأنه يوضح أن من يتعاطون المخدرات موهومون وليس أكثر، ظهر ذلك فى أن التاجر كان يبيع لهم خلطة كيميائية والناس مقتنعه أنها حشيش.

فيما شدد اللواء محمد نجم، الخبير الأمنى، على ضرورة توعية للشباب بخطورة الإدمان تبدء من البيت والمدرسة، بالإضافة إلى دور الإعلام والجامع وتكاتف مؤسسات المجتمع المدنى، فعلى الإعلام الحد من المسلسلات والأفلام التى تحس الشباب على خوض التجربة، مؤكدًا على الدور الذى تقوم به الحكومة والشرطة ووزارة الداخلية التى تسعى جاهدة للقضاء تمامًا على الإدمان فهى تضبط كميات هائلة كل يوم من هذه المواد القاتلة.

قال الشيخ مصطفى عمارة، أحد علماء الأوقاف، إن النصوص الشرعية جاءت منذ الوهلة الأولى تشن حربا على كل ما يسهم فى هدم النفس البشرية، لأن الحفاظ عليها من أجل مقاصد الشريعة، لافتا إلى أن إقبال الشباب على المواد المخدرة يعكس قصورا من جانب الدعاة فى الوصول إلى قلوب الناس، الأمر الذى بدأت المحاولات لمعالجته بالفعل.

وتابع: «على الدعاة عبأ ومشقة تبليغ الدعوة وتوعية الناس بمخاطر الإدمان، وتذكيرهم بحكمها وحرمتها، كى يزهد الناس فى هذه الأشياء، ومن ثم يقلعون عنها».

وعن الآلية التى يتم بها إصدار الحكم الشرعى على المواد المستحدثة فى المخدرات، كشف عمارة لـ«الزمان» أن هذا يتم باستخدام القياس، الذى هو أحد مصادر التشريع فى الشريعة الإسلامية، كما هو معلوم فى أصول الفقه، فمثلا الحشيش والبانجو، الحكم الشرعى فيهما تم على أساس القياس، لأنه عامل مهم فى مثل هذه المسائل.

وأشار الشيخ مصطفى إلى أن الحكم الشرعى يتم استنباطه من القرآن الكريم كما فى قوله تعالى «ولا تلقوا بأيديهم إلى التهلكة»، ومن السنة النبوية أيضا كقوله صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار»، وقاعدة درء المفاسد.

موضوعات متعلقة