رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

وا إسلاماه

حصاد دعم الأزهر للقضية الفلسطينية في 2018

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

مع أن القضية الفلسطينية لم تكن يومًا بعيدة عن صدارة اهتمامات الأزهر الشريف وأولوياته، فهي قضيته الأولى التي يسخر لها الكثير من الجهد والعطاء، إلا أن عام 2018 شهد زخما غير مسبوقا فيما يتعلق بدعم الأزهر لفلسطين وشعبها، بما يترجم إدراك الأزهر وإمامه الأكبر فضيلة أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لخطورة التحديات التي تواجه قضية العرب والمسلمين الأولى، لذا وحتى قبل صدور القرار الأمريكي الجائر بنقل سفارة واشنطن في الكيان الصهيوني إلى مدينة القدس المحتلة، والزعم بأنها عاصمة لهذا الكيان الغاصب، سارع الأزهر للتحذير من مغبة الإقدام على إصدار مثل هذا القرار، ثم توالت المواقف القوية للأزهر عقب تمادي الإدارة الأمريكية في موقفها المنحاز والظالم.

رفض قاطع.. وبيان داعم :

وفي موقف غير مسبوق، أعلن الإمام الأكبر رفضه القاطع لطلب رسمي من نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، للقاء فضيلته في مشيخة الأزهر، مطلقا مقولته التي صارت نبراسا يحتذى: «كيف لي أن أجلس مع من منحوا ما لا يملكون لمن لا يستحقون» ثم أصدر فضيلته بيانا أعلن فيه دعم الأزهر الكامل للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل تحرير أرضه وحماية مقدساته، قائلا: «لتكن انتفاضتكم الثالثة بقدر إيمانكم بقضيتكم ومحبتكم لوطنكم.. ونحن معكم ولن نخذلكم»، وبالتوازي مع ذلك عقدت هيئة كبار العلماء بالأزهر اجتماعًا عاجلًا ودعت الهيئات العلمية والتعليمية ووزارات الأوقاف في كل بلاد المسلمين إلى زيادة الاهتمام بقضية القدسِ وفلسطين في المقررات الدراسية والتربوية وخطب الجُمعة في المساجِدِ والبرامج الثقافية والإعلامية.

مؤتمر عالمي.. وحضور حاشد وشهد "مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس"، الذي عقد في منتصف يناير 2018 حضورا عربيا ودوليا حاشدا، وحظي بتغطية أكثر من ٨٠٠ صحفي وإعلامي يمثلون مختلف وسائل الإعلام المصرية والعربية والعالمية، وتضمن المؤتمر عدة محاور رئيسية ركزت على استعادة الوعي بقضية القدس، والتأكيد على هويتها العربية الإسلامية ومكانتها الدينية العالمية، والدور الثقافي والتربوي والإعلامي في استعادة الوعي بالقضية، واستعراض المسئولية الدولية تجاه المدينة المقدسة باعتبارها خاضعة للاحتلال، والتأكيد على أن القانون الدولي يلزم القوة المحتلة بالحفاظ على الأوضاع القائمة على الأرض، وتفنيد الدعاوي الصهيونية حول القدس وفلسطين.

وألقى فضيلة الإمام الأكبر كلمة في الجلسة الافتتاحية أكد فيها أن المؤتمر «يدق ناقوس الخطر ويشعل ما عساه قد خبا وخمد من شُعلَة العزم والتصميم على ضرورة الصُّمُود أمام العبث الصهيوني الهمَجِي في القَرن الـ 21، وأنه على نخب هذه الأمَّة أن تتنبَّه إلى أنها أُمة مستهدفة في دينها وهويتها ومناهجها التعليمية والتربوية ووحدة شعوبها وعيشها المشترك»، مؤكدًا أن "الحقُوقِ لا تقبَل بيعًا ولا شراء ولا مُساومة، وأن كل احتلال إلى زوال وإن بدا اليوم وكأنه أمر مستحيل"، فيما أعرب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في كلمته أمام المؤتمر، عن شكره للأزهر على تنظيم المؤتمر، مؤكدًا أن القدس كانت وما زالت إسلامية مسيحية عربية ومن دونها لا يمكن أن يكون سلامًا في المنطقة، كما بعث البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، برسالة إلى المؤتمر شدد فيها على ضرورة الحفاظ على هُويَّة مدينة القدس وعلى قيمتها العالمية.

أما الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، فقد أعرب عن ثقته في أن «الأزهر لن يسمح بإضعاف القضية وأنه لن يخذل القدس أبدًا»، بينما اعتبر الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم لإعلام، أن الأزهر الشريف صاغ من هذا المؤتمر لنصرة القدس قلادة شرف لمصر.

إعلان الأزهر العالَمي لنُصرة القُدس جاء إصدار «إعلان الأزهر العالمي لنُصرة القُدس» في ختام فعاليات المؤتمر ليمثل صوتًا موحدًا قويًّا من قادة الفكر والرأي والدين والسياسة، ومُحِبِّي السَّلام من 86 دولة، ويؤكد إجماع كل المشاركين على رفضهم القرار الأمريكي المتهور، والإعلان كذلك عن آليات وأساليب جديدة تنتصر لهوية القدس ولكرامة الفلسطينيين، وتحمي أرضهم، وتحفظ عروبة القدس وهويتها الروحية، وتصد الغطرسة الصهيونية التي تتحدَّى القَرارات الدوليَّة، وتستفزُ مشاعر شُعُوب العالَم.

وجاءت بنود هذا الإعلان الثلاثة عشر لتؤكد على وثيقة الأزهر الشريف عن القدس الصادرة في 20 نوفمبر 2011، والتي شددت على عروبة القدس، وكونها حرمًا إسلاميًّا ومسيحيا مقدسا عبر التاريخ، ثم تتالت بنود الإعلان لتشدد على أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة والتي يجب العمل الجاد على إعلانها رسميًّا والاعتراف الدولي بها وقبول عضويتها الفاعلة في كافة المنظمات والهيئات الدولية، وأن عروبةَ القدس أمر لا يقبل العبث أو التغيير وهي ثابتة تاريخيًّا منذ آلاف السنين، ولن تفلح محاولات الصهيونية العالمية في تزييف هذه الحقيقة أو محوها من التاريخ. معركة الوعي وحظيت قضية فلسطين والقدس باهتمام خاص من فضيلة الإمام الأكبر، الذي اعتبر أن النجاح في "معركة الوعي" بالقدس وتاريخها وهويتها، يشكل خطوة أولى وأساسية على طريق استعادة المدينة المقدسة، مبديا أسفه لكون معظم الشباب العرب والمسلمين لا يعرف أي شيء عن تاريخ القدس وهويتها العربية، الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، لذا خصص فضيلته معظم حلقات برنامجه الأسبوعي على "الفضائية المصرية" خلال عام 2018 للحديث عن القدس واستعراض تاريخها ومراحل تطورها والقوى التي سعت للسيطرة عليها، مشددا على أن القدس، على مر التاريخ، لم تكن مدينة سلام إلا تحت الحكم الإسلامي، وحين يُقصى عنها التوجيه الإسلامى يباح فيها القتل، ويتم قتل أهالى البلد ليحل محلهم الغزاة.