المعاهدات النووية تواجه بركان الانهيار
تفتيت المعاهدات النووية.. أولى تحديات العالم في 2019
«الجارديان»: تفتيت ضوابط الأسلحة النووية يجعل العالم في خطر
«فهمي»: إسرائيل وإيران ترفضان خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وهناك احتمال بعودة التفاوض الأمريكي الإيراني لكن بشروط أمريكية
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية عام 2018، إنها ستنسحب من معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى والتي تم توقيعها عام 1987، ويُنسب الفضل إليها في إبقاء الأسلحة النووية خارج أوروبا، وقال ترامب: "إنه سينسحب من اتفاقية القوى النووية متوسطة المدى بسبب انتهاك روسيا لها"، وجاء ذلك بعد سنوات من الشكاوى حول قيام روسيا باختبار صاروخ كروز أرضي ينتهك المعاهدة، وقالت مجلة «انترناشيونال إنترست» الأمريكية، إن خروج واشنطن المحتمل، من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى سيكون بمثابة كابوسا للصين.
وفي تقرير نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، جاء فيه إن الولايات المتحدة يمكن أن تنسحب من المعاهدة النووية الثانية في الوقت الذي تعد فيه روسيا بجيل جديد من الأسلحة النووية، كما أن الدعامة الأخرى للحد من الخطر النووي، هي أيضا آيلة للسقوط ، وهي معاهدة «ستارت 2» التي وقعها الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، والروسي ديميتري ميدفيديف في عام 2010، والتي خفضت منصات إطلاق الصواريخ الاستراتيجية إلى النصف، إذ ستنتهي هذه المعاهدة في عام 2021 مالم يتم تمديدها، وقد وصفها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي الحالي، فلاديمير بوتين، بأنها "صفقة سيئة".
وذكرت الصحيفة، قول وزير الخارجية الروسي، إنه يعتقد أن الولايات المتحدة "تعد الأرض لتفكيك هذه الصفقة"، كما هدد بوتين، الولايات المتحدة بخط جديد من الأسلحة النووية في وقت سابق من هذا العام، وألقى باللوم على قرار الولايات المتحدة بالخروج من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية التي تم توقيعها عام 1972 من أجل سباق تسلح جديد.
وأضافت «الجارديان»، أن هذه المعاهدات هي الجزء الأكبر من إطار الحد من الأسلحة النووية الذي ورثته الولايات المتحدة وروسيا من الحرب الباردة وتطورت منذ ذلك الحين، وقد لاحظ خبراء من كلا الجانبين أن المعاهدات لم تكن مثالية ولكنهم يحذرون من أن صفقات الوساطة أصعب بكثير من كسرها، إذ يزداد احتمال تراكم الأسلحة.
وقال فيكتور يسين، رئيس الأركان السابق لقوات الصواريخ الاستراتيجية التابعة للاتحاد الروسي، إن القرار الأمريكي بالخروج من اتفاقية القوى النووية المتوسطة المدى، موجهًا إلى حد كبير للتطورات العسكرية في الصين والدول الأخرى غير المرتبطة بالمعاهدة، لكن القرار قد يؤدي إلى نشر الصواريخ في أوروبا، على حد قوله، ما لم تتخذ الولايات المتحدة وروسيا خطوات لتجنب ذلك.
وأضاف، أن "الإجراءات السياسية" فقط هي التي يمكن أن تحول دون أسوأ نتيجة بالنسبة لروسيا وأوروبا في تطوير أزمة الصواريخ "، التي ستنشأ حتمًا بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية.
ووفقا للصحيفة، فيبدو أن هذه التحذيرات ملائمة، كما أظهرت مذكرة مسربة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أن مستشار الأمن القومي جون بولتون قد أمر البنتاجون بتطوير ونشر صواريخ تطلق من الأرض في أقرب وقت ممكن، ولم يتم تقديم الطلب إلا بعد تدخل حلفاء أوروبيين لمنع الانسحاب الأمريكي فوري من الاتفاقية، وقد أصدرت واشنطن لموسكو مهلة لمدة 60 يومًا، وبعدها ستخرج من المعاهدة، وقد أشارت روسيا، التي لم تعترف بخرق المعاهدة، إلى أنها لن تغير سلوكها.
من جانبه قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط ، إن أستاذ العلوم السياسية، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز
الأمريكان يخططون الآن للخروج من بعض الاتفاقيات الخاصة بضبط التسلح وترتيبات الأمن الإقليمي، أي المجالات النووية، ودخلوا في جدال مع الجانب الروسي، حول الخروج من بعض هذه الاتفاقيات، وهذا يعني أن الجانب الأمريكي سيعيد النظر في بعض الاتفاقيات، وهو ما سيترتب عليه تغيير في بعض الاتفاقيات خاصة اتفاقي «سولت1»، و«سولت2»، وهي من الاتفاقيات النووية الرئيسية، والذي سيؤدي إلى خلل أمني بين الدول وبعضها البعض، ليس بين أمريكا وروسيا فقط بل ومع بقية الدول الأوروبية التي تتحدث عن الأمن الأوروبي في هذا التوقيت.
وأضاف فهمي، أن الاتفاقيات مهمة لترتب حالة الارتباك السياسي والأمني لكن هذا لايعني أن الخلل بتلك الاتفاقيات قد يتسبب في قيام حرب نووية، لأن هناك العديد من الضوابط والموانع التي تمنع حدوث ذلك على الأقل في هذا التوقيت.
وتابع فهمي، أنه على مستوى منطقة الشرق الأوسط هناك إيران وإسرائيل وكلا منهما غير ملتزمتين بالاتفاقيات النووية، مما يؤكد على أنه سيكون هناك حالة من عدم الاستقرار والتخبط في هذا المجال، كما أن إسرائيل ترفض أن تكون المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وكذلك إيران، فمازال هذا الملف عليه قيودا كثيرة.
وأشار إلى أنه فيما يتعلق بالانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، فإن الخطورة النووية الإيرانية في تزايد، لكن في النهاية الأمريكان يؤكدون على إمكانية استعادة إيران، وعودتهم إلى الاتفاق مرة أخرى، كما يتوقعون أن الإيرانيين سيعودون إلى التفاوض مع أمريكا خلال هذا العام لكن بالشروط الأمريكية، مع تقليص هامش المناورة بالجانب الإيراني.