رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

فن

مائدة مستديرة حول «القيمة التاريخية والتأسيسية لثورة 1919» بـ«الأعلى للثقافة»

أقام المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور سعيد المصرى، مائدة مستديرة، حول: "القيمة التاريخية والتأسيسة لثورة 1919"، مساء أمس، فى بقاعة الفنون بمقر المجلس الأعلى للثقافة.

فى بداية الحديث طرح الدكتور سمير مرقص مقرر لجنة ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان تساؤلاً عن ما يمكن دراسته فيما بعد حدوث ثورة 1919؟ وكيف يرى المؤرخين هذه الثورة؟ ثم فتح باب المناقشة حيث علق الدكتور عمرو حمودة على هذه التساؤلات بتساؤل أخر وهو؛ كيف تم تعبئة المواطن المصرى آنذاك على فهم واستيعاب المشاركة فى ثورة 1919؟ ثم بدأت الدكتورة أمينة الشافعى الحديث قائلة: "عندما نتحدث عن فكرة المواطنة فللأسف نحن نحصرها في فكرة الأديان؛ فعند حديثنا عن الثورة نقول أن المواطنة تعد حركة المحكومين للمشاركة في صناعة القرار ومحاولة توزيع العدالة وتدعيمها، لذا فإن المواطنة فى مصر ليست فقط مسألة دين، بمعنى أنها ليست مختزلة فقط فى علاقة المسلم بالمسيحي، وإنما هى حركة جماهيرية تخص كل فئات المجتمع." وأضافت الدكتورة أمينة الشافعى، أن ثورة 1919 هى الثورة التى بحثت عن الديمقراطية، وقد أعطت الثورة صورة ليبرالية منقوصة، وتساءلت حول موقف الوفد من النقابات، وعن حركة المرأة في الثورة والثمار التي استطاعت المرأة جنيها فيما بعد الثورة. وأشار عادل عبد الصمد إلى أن مهمة هذه الندوة تتمثل فى العمل على جعل المواطن العادى يستذكر أحداث ثورة 1919، وما جنتها من ثمار والتعلم منها وتدريسها عبر المناهج التعليمية على نطاق أوسع وأعمق. ثم تساءل الدكتور عمرو حمودة هل تم دراسة ثورة 1919 من الناحية الاستراتيجية والتكتيكية؟ فهي لم تكن مجرد هبة شعبية قام بها المواطن المصري فجأة، بل كان لها مقدمات فالفكرة بدأت مع إعلان مؤتمر فرساي من خلال استغلال المؤتمر للتخلص من الاحتلال، وأضاف: "هل ذهب سعد زغلول مطالبا بالسفر للمؤتمر للتخلص من الاحتلال فقط وانتهي الأمر على ذلك، أم أن هناك ما يمكن فعله لاستغلال هذا المؤتمر والاستفادة منه؟ حيث كانت معطيات البدء في التفكير لقيام ثورة 19 تلك "الثورة البرجوازية الديمقراطية الوطنية."

وأضاف أن الثورة كانت لها استراتيجيتها وتكتيكاتها الخاصة، فسعد زغلول كان هو الوكيل المنتخب في حين كان عزيز فهمي يمثل الوجة البحري، وعلى شعراوي يمثل الوجة القبلي، فكان يوجد تنظيم منظم لجميع الجهات ولابد من دراسة هذه الاستراتيجية الممنهجة لثورة 1919، ودراسة تصورات لشكل التنظيم السري عندما بدأ وهل كان له علاقة بعمال السكة الحديد أم لا؟ ثم تدخل عبد العال قتايه، مقدمًا رؤيته حول عدم إمكانية عزل الهجمة الشعبية التى رجت كل أرجاء مصر وتسائل حول كيفية تعبئة مشاعرهم، وحول كيفية نمو هذا الشعور وكيفية تأثير قادة الفكر التنويري والثوري، مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في تعبئة مشاعر الشعب منذ الاحتلال وحتى قيام الثورة ؟ فلا بد من أن أثرهم كان متغلل داخل قلوب الشعب، مما أشعل نيران الغيرة على الوطن حتى قامت الثورة بهذا الشكل المبهر. ثم تحدث الأنبا أرميا متسائلا حول كيفية المقارنة بين ثورة 1919، وثورة عرابي و ثورة 1952 وما بعدها؟ من حيث المقارنة بعدد الشهداء وتعداد مصر حينذاك، وكم قدمت مصر من تضحيات في كل ثورة، وأوضح أن الثورة لم تجني ثمارها إلا بعد أربع سنوات من قيامها، كما أكد أنه في وقت قيام الثورة كان الإعلام ضعيف حيث اقتصر توزيع الجرائد على فئة محدودة جدًا من الشعب، ولكن بالرغم من ذلك كان يتساءل الفلاح البسيط عن أى شىء، حيث كان هناك وعى رغم انتشار الجهل وهو ما نريد تعميمه الآن، أى نشر الوعي وتعميق ثقافة المواطن العادي.

وفي الختام علق السادة الضيوف، ومن ضمنهم الدكتور أحمد زكريا مدرس التاريخ الحديث بجامعة عين شمس، والدكتور محمد عفيفي رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة. حيث علق زكريا أن ثورة 1919 تُعد موجة ضمن موجات كثيرة، كانت بدايتها ثورة عرابي التي قامت ضد نفوذ الأتراك، حيث عانت مصر على يد الاحتلال من حكم اللورد "كليبر" الدكتادوري، وزاد شعور المصريين بالهزيمة قبل 1919 بفترة وجود جيل جديد من خريجوا المدارس العليا الذين عانوا مرارة الهزيمة، ونشأ وسط هذا الاحتلال ورأوا مصر المحتلة فتبنوا أسلوب سلمي في شكل مظاهرات ومقالات صحفية وخطب؛ حيث ازدهر هذا العصر وعُرف بعصر النهضة الإعلامية الجبارة، حيث ظهر فيه كم كبير من الفقهاء والخطباء، وهو ما كون حزب الأمة فأصبح هناك قطاعين، القطاع الذي يرفض بشدة وبقوة الاحتلال المتمثل في مصطفي كامل ومحمد فريد والقطاع الواقعي الذي ينادي بمحاربة الاحتلال بالتعليم والصحة والنهضة الاقتصادية، وتمثل في سعد زغلول، وكانت الكفة أرجح لقطاع زغلول الذي قاد الشعب في ثورة 1919.

واخيرًا تحدث الدكتور محمد عفيفي مؤكدًا على أهمية اقتراح عمل دراسة شاملة جامعة تقوم بها كل لجنة من لجان المجلس من حيث تخصصها وجمعها فى مجلد واحد عن الثورة، واقترح أيضا دراسة الثورة من حيث تأثيرها على المنطقة العربية أجمع فبعد 1919 في مصر قامت ثورة 1920 في العراق ضد الاحتلال البريطاني أيضًا، ثم ثورة 1924 في السودان على غرار 1919، ثم ثورة 1925 في سوريا ضد فرنسا، ثم جهاد الفلسطينين من 1921 وحتى 1929.