انتهاكات حقوق الإنسان تهدد عرش ماكرون
ماكرون «رئيس الأغنياء» يضع بلاده فى أزمة دولية
«بلد الحرية» تواجه انتقادات لاستخدام العنف مع احتجاجات السترات الصفراء
حقوق الإنسان وحالة الطوارئ فى فرنسا تهدد عرش ماكرون
يبدو أن مظاهرات السترات الصفراء فى فرنسا، والأحداث السياسية التى مرت بها باريس تسببت فى خسائر عديدة، إذ أن التظاهرات الأخيرة التى مرت بها فرنسا كان لها تأثير سلبى على الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، لأن فرنسا تعد أحد أهم جهات جذب الاستثمارات العالمية فى أوروبا، وعلى الرغم من الهدوء النسبى للأوضاع الحالية فى فرنسا، فإن تظاهرات «السترات الصفراء» كان لها تأثيرها الخاص على فرص الاستثمار فى فرنسا، إذ أصبح المستثمرون يرون أن الأوضاع فى باريس غير جيدة لضخ أموالهم للاستثمار فى المشروعات المختلفة.
ومن جانبه أكد وزير الاقتصاد الفرنسى برونو لو مير، أن صورة فرنسا ما زالت سليمة، لكن هناك أيضًا أسئلة كثيرة يطرحها المستثمرون والقادة السياسيون والجهات الاقتصادية للقطاع الخاص، وفقا لـ«فرانس برس».
وقد أثرت مظاهرات السترات الصفراء بشكل سلبى على الاقتصاد الفرنسى، إذ أن الخسائر الأولية لأكبر 4 شركات فى فرنسا، بلغت ما يقرب من 120 مليون يورو، كما انخفضت توقعات نمو الناتج المحلى لفرنسا من 1.5 إلى 1.4% خلال العام الحالى، كما شهد يناير الماضى أقل مشاركة للقطاع الخاص بفرنسا منذ 2015، وهو الأمر الذى دفع المسؤولين الفرنسيين للاعتراف بصعوبة الوضع الاقتصادى الحالى، وفقا لوكالة «رويترز».
وقد أدت الإجراءات الاقتصادية الأخيرة لماكرون إلى زيادة الوضع سوءًا، إذ أن الاقتصاد الفرنسى فى أضعف حالاته الآن، ومعدل النمو عام 2017-2018 لم يتجاوز 1%. كما أعلن مسؤولون فرنسيون أن التكلفة الكلية للتخفيضات التى اتخذها الرئيس الفرنسى تصل من 8 إلى 10 مليارات يورو، ما يضع فرنسا على حافة تجاوز حد الـ3% الذى وضعه الاتحاد الأوروبى لنسبة العجز فى ميزانية 2019، وفقا لشبكة «بى بى سى».
حقوق الإنسان
يتحدث الرئيس الفرنسى ماكرون، دائما عن حقوق الإنسان منذ توليه الحكم فى فرنسا، ولكنه يتحدث عن حقوق الإنسان فى الدول الأخرى، ويتجاهل الاستجابة لمطالب حركة السترات الصفراء.
إن ماكرون يسعى ليكون الزعيم الأوروبى الجديد، خاصة بعد التوترات التى تشهدها القارة فى الفترة الحالية مثل مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى مارس المقبل، واعتذار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن الترشح لولاية جديدة عام 2022، وهو ما يراه ماكرون فرصة كبيرة له لمناقشة العديد من القضايا الهامة لكى يحصل على المزيد من الدعم والتأييد داخل فرنسا ودول الاتحاد الأوروبى، وفقا لـ«الجارديان».
تراجع شعبية ماكرون
كل المؤشرات واستطلاعات الرأى فى فرنسا تؤكد أن ماكرون لن ينجح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، لأن آخر استطلاع للرأى قال إن شعبية ماكرون لا تتجاوز 35% وهى نسبة قليلة مقارنة بالرؤساء السابقين، وفقا لـ«الجارديان».
تجاهل المطالب المشروعة
يذكر أن فرنسا تطبق قانون الطوارئ منذ أكثر من عامين بعد تفجيرات 2016 التى لحقت بمسرح الباتاكلان، ووقوع الكثير من التفجيرات والعمليات الإرهابية، كما أجرت فرنسا تعديلات على قانون مكافحة الإرهاب 5 مرات ليكون أكثر صرامة، وهو ما يستخدم حاليا لاعتقال مئات المتظاهرين من حركة السترات الصفراء، كما قتل عدد من المتظاهرين على يد الشرطة الفرنسية التى أشاد بها ماكرون، وقد أدانت المنظمات الدولية تعامل الحكومة الفرنسية مع المتظاهرين والاعتقالات والقتل اللذين لحقا بالشعب الفرنسى، وفقا لـ«دويتش فيله».
وقد أفادت «الجارديان» بأن هناك العديد من المتظاهرين أصيبوا فى الأسابيع السابقة نتيجة استخدام العنف من قبل الشرطة الفرنسية، إذ حذرت الحكومة الفرنسية من أن الشرطة لن تتردد فى استخدام بنادق الفلاشبول فى حالة وقوع أعمال عنف من قبل المتظاهرين، وذلك بعد إذن المحكمة الإدارية فى فرنسا، إذ أن بنادق مكافحة الشغب الفلاشبول محظور استخدامها فى كثير من الدول الأوروبية.
كما يشار إلى أن ماكرون لم يحقق أيًا من وعوده أثناء الحملة الانتخابية، فبعد انتخابه فى مايو 2017 توقع الفرنسيون أنهم أمام عصر جديد من النهضة الاقتصادية والاجتماعية، لكن بعد ما يقرب من عامين لم يتم تحقيق أى شيء على أرض الواقع، فالعمال يتظاهرون ضد خطط ماكرون الفاشلة، والتى أدت لإفقار الشعب الفرنسى، إذ أنه يوصف برئيس الأغنياء، وفقا لـ«روسيا اليوم».
توتر غير مسبوق بين باريس وروما
أصبحت العلاقات بين فرنسا وإيطاليا متأزمة ووصلت إلى مرحلة سيئة لم تحدث من قبل، وزادت حدتها بعد استدعاء باريس سفيرها لدى روما احتجاجا على ما وصفته بتدخل غير مسبوق، كما اعتبر المراقبون الدوليون ما يحدث تصدعا جديدا فى أوروبا التى تعانى الآن من العديد من الأزمات على رأسها مفاوضات بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبى، وفقا لمجلة «سبكتاتور» البريطانية.
واعتبرت فرنسا لقاء نائب رئيس الوزراء الإيطالى، لويجى دى مايو، مع محتجين من «السترات الصفراء» فى باريس استفزازا جديدا غير مقبول، والتقى مايو بقادة حركة السترات الصفراء، إذ يواصل المحتجون المظاهرات ضد سياسات ماكرون الاقتصادية للشهر الرابع.
العلاقات مع مصر
الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قد صرح فى وقت سابق منتقدا أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، قائلا إن حقوق الإنسان فى مصر ازدادت سوءا فى الأعوام الأخيرة، وهو ما لاقى العديد من الانتقادات واعتبره البعض تدخلا فى الشئون الداخلية المصرية، ولكنه لم يلتفت لمطالب شعبه الرافضة لسياساته الاقتصادية.
وقالت الدكتورة ريهام باهى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن الرئيس إيمانويل ماكرون يمثل العديد من القادة الأوروبيين الذين دائما يتحدثون عن شعارات حقوق الإنسان فى دول الشرق الأوسط ودول العالم الثالث، ولكنهم لا يلتفتون لحقوق الإنسان فى بلادهم، وذلك يؤكد أنها مجرد شعارات يتاجر بها قادة الدول الكبرى.
وأضافت باهى أنه عندما التقى نائب رئيس الوزراء الإيطالى، بممثلى السترات الصفراء اعتبرته فرنسا أنه تدخل غير مقبول فى شؤونها مما كان له تأثير سلبى على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وعلقت الدكتورة مى قاسم، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، قائلة إن ماكرون يواجه عدة أزمات لم يواجهها رئيس فرنسى من قبل، إذ أن الاقتصاد الفرنسى يمر بأزمة قوية حاليا، كما أنه تم انتقاده من العديد من المؤسسات الدولية لاستخدام العنف تجاه المتظاهرين من حركة السترات الصفراء، وهو ما يتعارض مع شعارات بلد الحرية فرنسا.
وفيما يخص مصر أكدت قاسم أن ماكرون يعلم جيدا أهمية الحفاظ على العلاقات الثنائية بين باريس والقاهرة خاصة فى الجوانب الاقتصادية والسياسية، فهناك العديد من الاتفاقيات الاقتصادية تم توقيعها بين مصر وفرنسا خلال زيارة ماكرون الأخيرة لمصر، وسياسيا أن مصر تعد زعيما للدول العربية والأفريقية، وذلك يخدم مصالح فرنسا.
![الكاتبة إلهام شرشر تكتب: الدروس المستفادة من قصة الخليل [عليه السلام]](https://admin.elzmannews.com/img/22/07/09/416146_L.jpg "الكاتبة إلهام شرشر تكتب: الدروس المستفادة من قصة الخليل [عليه السلام]")
