انتفاضة جديدة لأصحاب المعاشات على «السوشيال ميديا»

ما أن يدلى أحد المسئولين الحكوميين بتصريح يعظّم فيه من إنجازات الحكومة، إلا ويشعر ملايين الفقراء ومعدومو الدخل فى مصر، وفى مقدمتهم بالطبع أصحاب المعاشات من كبار السن، بهذه التصريحات تتحدث أو تصف أحوال شعب آخر يعلو اقتصاده ليناطح السحاب، وأن هذه الملايين التى تعانى قد خرجت من شرنقة الفقر محلقة كالفراشات إلى رغد العيش.

 وقالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط، إن معدل النمو الاقتصادى الحقيقى خلال النصف الأول من العام المالى الجارى 2018/2019 بلغ 5.4%.

ويعانى الملايين من تردى أحوالها المعيشية وأن ما تتحدث عنه الحكومة مجرد وهم، وأن ما يعانيه ويشكو منه كبار السن من «موات» وصل بهم إلى عدم قدرتهم على تلبية الضرورات الأساسية لأسرهم بما يعينهم للاستمرار أحياء على وجه الأرض لا فى باطنها، حينها فقط ستواجه كما هائلا من التبريرات الحكومية بأننا نواجه أزمات اقتصادية حادة، وأننا نقترض لصرف مرتبات العاملين وأن الخزانة العامة تتحمل عبئا ثقيلا لتدبير أموال المعاشات الشهرية، وأن ميزانية الدولة مرهقه بالمليارات لمواجهة علاواتهم السنوية، ثم ترتفع نبرة المسئول موجها حديثه للشعب، وطالبه بالصبر انتظارا للفرج، وتحقيق الرخاء المنشود فيما يأتى من سنوات.

وأوضحت أن الحكومة تستهدف تحقيق نمو قدره 5.6% فى نهاية يونيو المقبل، وبعض المسئولين أوصل هذا التقدير إلى 5.8%، فيما تحدث وزير المالية د. محمد معيط قائلا إن كل ما ينشر عن الاقتصاد المصرى فى الخارج وتوقعات المؤسسات المالية الدولية يوحى بأنه له دور إيجابى، وهو ما يعطى الثقة والاطمئنان للمستثمر الأجنبى، وهاهم المستثمرون يعودون من جديد إلى السوق المصرية بعد أن خرجوا قبل فترة.

من جانبه كشف منير سليمان نائب رئيس اتحاد المعاشات أن التناقض الماثل بوضوح فى تصريحات المسئولين أفقد الشعب ثقته فيما تعلنه حكومته من بيانات تزيد من شعوره بالإحباط، وفى مواجهة ذلك لم يجد المواطن البسيط أمامه سوى التنفيس عما يشعر به من احتقان من خلال صفحات التواصل الاجتماعى يفرغ همومه فى كلمات موجزة ولكنها موحية وكاشفه للحقيقة، وكأنها أصبحت منافسا قويا لما كان يكشف عنه العالم العظيم د. سيد عويس من طلب الشعب من الأضرحة والمشايخ شاكيا لهم حكامه وظلمهم له، عارضا لمعاناته آملا فى مساعدتهم، ولعلنا نتجول بين صفحات التواصل الاجتماعى لنجد الشكوى وقد توجه بها المظلومون إلى السماء مطالبين منها العدل الغائب فى الدنيا.

وأضاف سليمان أن هناك آخرين يسجلون إذا ما كان المسئولون فى أى زمان ومكان يتعاملون مع شعوبهم بهذا الاستخفاف فإن الجرائم التى يرتكبونها لا تسقط بالتقادم، وإذا ما تصور البعض منهم أنه مخلد فمصيرهم مزبلة التاريخ ولعل فى الدروس المستفادة من ثورة 30 يونيو 2013 ما يؤكد هذه المقولة، وأن الفساد والفاشية التى تصورت حكما يدوم 500 عام لم يشفع لصانعيها للبقاء ضد إرادة الشعب.

وعلى صفحات التواصل الاجتماعى، عقد أصحاب المعاشات جلسات محاكمة علنية لمن أهدروا أموالهم ومازالوا عن عمد، وامتنعوا عن إعادة حقوقهم المشروعة لهم بالدستور والقانون، وفى إشارة لعدم تطبيق الحكومة أو اعترافها بالدستور نقرأ على صفحات التواصل الاجتماعى: «فلسفة الدساتير ليست فى إحداث التوازن بين السلطات الثلاثة بعضها البعض بل إن التوازن الحقيقى ينشأ بقيام هذه السلطات مجتمعه بمسئولياتها من جانب، وحقوق المجتمع بأثره من جانب آخر».

وأوضح أن مطالب أصحاب المعاشات أصبحت قضية رأى عام ولم يعد أى من المسئولين يستطيع أن يخفيها أو يدافع عن موقف الحكومة منها فهى حقوق لم تعد موضوعا للمساومة، والحقوق تمثل حزمة من الأهداف لا تقبل التجزئة وكلنا حماس وإصرار ومن بعدنا أجيال وأجيال ستواصل العمل على انتزاع ما تستحقه من رعاية واهتمام وعدل غائب.