رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

غضب في الوسط العمالي.. «العمل الدولية» تدرج مصر على «القائمة السوداء»

-    نيازى مصطفى: نحتاج لخطة واضحة للخروج من القائمة.. و«نبطل فهلوة»

 

-    شعبان خليفة: ننتظر المزيد من تشريد العمال.. ونطالب بمحاسبة الوفد المصرى

 

-    محمد سالم مراد: لم نقصر فى المشاركة بالمؤتمر.. والقرار سياسى وليس نقابيا

 

-    فايز أبوخضرة: المنظمة قراراتها مسيسة.. والبرلمان يساند العمال

 

-    وزير القوى العاملة: مصر حريصة على توافق قوانينها مع الاتفاقيات الدولية التى صدقت عليها ومستعدون لإدخال أى تعديل على قانون النقابات العمالية

 

خيم الحزن والغضب على الوسط العمالى والنقابى، بعدما فشل الوفد المصرى المشارك فى أعمال الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولى، بمشاركة 187 دولة عضو فى منظمة العمل الدولية بتمثيل ثلاثى للحكومات والعمال وأصحاب الأعمال، بجنيف، فى إقناع لجنة تطبيق المعايير بالمنظمة بالتزام مصر وتطبيقها للاتفاقية رقم 87 (اتفاقية الحرية النقابية وحماية الحق فى التنظيم)، وبناءً عليه أدرجت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، الثلاثاء الماضى، الحكومة المصرية على القائمة القصيرة للدول التى تنتهك حقوق العمال والمعروفة إعلاميًا بـ«القائمة السوداء».

 

وانتقدت قيادات عمالية أداء وجهود الوفد المشارك فى المؤتمر، واتهموهم بالانقسام وعدم التعاون، فى الوقت ذاته طالبت قيادات أخرى بإقالة وزير القوى العاملة من منصبه بعدما أدرجت المنظمة مصر على قائمتها القصيرة للمرة الثانية فى عهده، وانسحب مشروع العمل الأفضل من مصر، وبين تبادل الاتهامات والانقسام، كان المطلب الأوحد هو البحث عن المسؤول ومحاسبته سواء كان الوزير أو اتحاد العمال.

 

وفى البداية قال الدكتور نيازى مصطفى، خبير التشريعات القانونية، وعضو سابق باللجنة التشريعية بوزارة القوى العاملة، إن مصر بحاجة إلى خطة واضحة لتخرج من قائمة الملاحظات القصيرة، والبداية لا بد أن تكون من قانون التنظيمات النقابية والذى يحتاج إلى تغييرات جذرية، مضيفا: «بالطبع الوجوه التى تدير الاتحاد العمال، والمكروه من العمال، مطلوب أن تبتعد تمامًا عن المشهد.. ونبطل بقى أسلوب الفهلوة، عدينا السنة اللى فاتت وهنقول للمنظمة كلمتين!! الكلام ده معدش ينفع».

 

وأكد مصطفى، لـ«الزمان»، على ضرورة أن تتحلى الحكومة المصرية بالوضوح، وأن يكون لدينا قانون حقيقى يعطى حريات للعمال، ليستطيعوا تنظيم نقاباتهم بحرية، وبشكل يتفق مع الاتفاقية 87 التى وقعت عليها مصر، مشيرًا إلى أن مصر وقعت على الاتفاقية مُنذ عام 1957، وحتى الآن نتقدم خطوة فى سبيل تطبيق ونرجع أخرى.

 

ولفت إلى أن القانون الحالى للتنظيمات النقابية عليه عدة ملاحظات، وبه مواد متناقضة مع بعضها، مجرد ترقيع للقانون السابق 35، مؤكدًا أن «الحديث عن موافقة لجنة القوى العاملة بالبرلمان بشكل مبدئى على تعديل القانون، مجرد كلام ومحصلش.. ومتفقوش واتخنقوا، وده لأن القائم عليها أصحاب مصالح، وهم من يمثلون اتحاد العمال أيضًا، وعمرهم ما هيكونوا مع إعطاء العمال الحرية والتى ستكون نهايتها بأنهم يقصوا عن أماكنهم أو يمشوا».

 

وعن الأضرار التى قد تتعرض لها مصر بعد إدراجها بالقائمة، أوضح أن مصر أضاعت الكثير من الفرص، منها مشروع العمل الأفضل الذى انسحب من مصر، ولم يخرج علينا مسؤول واحد من وزارة القوى العاملة، يناقش أسباب انسحابهم، ومع الأسف كان خروج مشروع العمل الأفضل هو المقدمة.

 

وفى السياق ذاته، قال شعبان خليفة، رئيس لجنة العمال بحزب المحافظين، ورئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، إن أحد أسباب دخول مصر على القائمة السوداء للعمل هو انحياز وزير القوى العاملة إلى فئة معينة للعمال، وهم اتحاد عمال مصر، الذى لفظه العمال، وانشغلت قياداته فى الانقسام فيما بينهم على المناصب والكراسى والمصالح الشخصية، ما أدى إلى خروج قانون 213 الخاص بالتنظيمات النقابية مشوها، ولم يلتزم به الوزير وأعطى تعليمات لموظفيه باستلام الأوراق من نقابات دون الأخرى، وكان الأمر مجرد تصفية حسابات شخصية بينه وبين النقابات المستقلة، بحسب «شعبان».

 

وأضاف خليفة، لـ«الزمان»، أنه نتيجة لذلك خرجت مرحلة توفيق الأوضاع ما قبل إجراء الانتخابات كمسرحية هزلية، مشيرًا إلى أن لجنة المعايير التابعة لمنظمة العمل الدولية رصدت كل الانتهاكات التى وقعت أثناء الانتخابات، وبعض النقابات المستقلة والجمعيات المهتمة بشؤون العمال فى مصر أرسلت شكاوى، وبعض النقابات استعانت بالاتحاد الدولى للنقابات والذى له نفوذه داخل منظمة العمل الدولية، ومع الأسف كل ما تم تقديمه من انتهاكات لحقوق العمال فى مصر حقيقية.

 

ونوه عن انقسام الوفد المصرى فى المؤتمر على نفسه، وخلافاتهم داخل أروقة الأمم المتحدة دون التعاون مع بعضهم لتحسين صورة مصر، وهو ما يعكس أن القيادة السياسية والمجموعة الاقتصادية التى تحاول جذب الاستثمارات تسير فى اتجاه، واتحاد العمال ووزير القوى العاملة فى اتجاه آخر، مشيرًا إلى أنهم حذروا من وضع مصر على القائمة السوداء وكان رد قيادات الاتحاد قبل السفر بأن لديهم الأدلة التى سيعرضونها على اللجنة.

 

وعن نتائج وضع مصر على القائمة، أكد أن ذلك سيؤدى إلى غلق حوالى 35 مصنعا وشركة للغزل والنسيج متعاقدة مع شركة ديزنى لاند، وهروب بعض الاستثمارات من دول الاتحاد الأوروبى والصين وغيرها، والسبب انتهاك مصر لحقوق العمال، وفقد حوالى 170 مليون دولار استثمارات ضختها شركة ديزنى لاند فى مصر، فضلًا عن أن مصير العمال فى المصانع التى ستتوقف بات مجهولًا.

 

وتوقع رئيس لجنة العمال بحزب المحافظين، أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من تشريد العمال، بسبب تعنت وزير القوى العاملة الذى تعامل فى منصبه كأنه نقابى وليس كوزير ممثل للحكومة المصرية، بل تعمد تصفية حساباته مع اتحاد العمال من جهة ومع النقابات المستقلة من جهة أخرى، وطالب خليفة الوفد المصرى بتقديم استقالته ورد كل ما تم صرفه لهم من بدلات إلى الخزانة العامة للدولة، وإلى صناديق النقابات، إذ تحمل العمال تكاليف سفرهم.

 

أما محمد سالم مراد، نائب رئيس اتحاد العمال، وأحد أعضاء الوفد المصرى المشارك فى مؤتمر جنيف، فدافع عن وفده، وقال إن من يتهم الوفد بالتقصير فى دوره حديثه غير مسؤول، فمن المعروف قبل المشاركة أن مصر ضمن الدول الموضوعة على القائمة.

 

وأشار إلى أن سبب وضع مصر على القائمة القصيرة يرجع إلى أن هناك بعض القيادات من النقابات المستقلة تقدم سنويا شكاوى ضد مصر لانتهاكها الحريات النقابية، متابعا: «أنا من وجهة نظرى الشخصية أن وضع مصر فى قائمة الملاحظات سياسى مش نقابى والدليل لو مصر عملت قانون يتماشى مع كل ملاحظات المنظمة هتلاقى مصر داخلة القائمة مثلا بسبب عمالة الأطفال، من الآخر الأمر سياسى».

 

ومن ناحيته، قال النائب فايز أبوخضرة، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن فزاعة دخول مصر إلى القائمة القصيرة لمنظمة العمل والمعروفة إعلاميًا بـ«العمل السوداء» عفى عليها الزمن، واصفًا منظمة العمل الدولية بالمسيسة، وأنها لا ترتقى إلى مقاييس العمل الدولية، متابعًا: «لما مصر تتحط على قائمة العمل القصيرة قطر تروح فين؟، آلاف العمال يموتون من السخرة والاستعباد، ولا يتحدثون عنها».

 

وأضاف أبوخضرة، لـ«الزمان»، أن المنظمة تتبع سياسة لا يهمها العمال ولا حقوقهم، مؤكدًا أن البرلمان قام بكل واجباته، ووافق على بعض التعديلات التى قدمتها الحكومة على قانون التنظيمات النقابية، ليفوت الفرص على المنظمة، وإن غدًا لناظره قريب.

 

وردًا على من يتهم لجنة القوى العاملة فى البرلمان بأنها سبب فى دخول مصر القائمة القصيرة، أوضح النائب أن التعديلات التى واقفت اللجنة على تعديلها فى القانون، كانت قد أقرتها من قبل فى القانون، ولكن الجلسة العامة هى المسؤولة عن إخراج القانون بهذا الشكل، مشيرًا إلى أت البرلمان يهمه فى المقام الأول عمال مصر، وأن تكون حقوقهم مصانة.

 

ولفت إلى أن رئيس اتحاد عمال مصر الذى يرأس لجنة القوى العاملة، يهمه فى الأساس العمال الذين ساندوه، وهو رجل محايد ولم يتدخل لتعديل أى مادة، إلا أن الجلسة العامة هى المسؤولة، موضحًا أن وزير القوى العاملة أيضًا كان يتفق مع اللجنة فى القانون قبل خروجه للجلسة العامة.

 

ورفض كمال عباس، منسق عام دار الخدمات النقابية والعمالية، كلام النائب الذى اعتبر أن دخول مصر قائمة الملاحظات القصيرة للمرة الخامسة قرارا مسيسا، قائلًا: «هى مصر لما دخلت القائمة فى 2007 كان القرار مسيس!!.. والحديث عن تسييس القرار عذر أقبح من ذنب، ويدل على عدم الدراية بآليات وقوانين العمل النقابى ومنظمة العمل الدولية التى سافر الوفد إليها بأموال العمال التى يتم استقطاعها منهم غصبًا».

وأشار عباس، لـ«الزمان»، إلى أن قانون النقابات 35 لسنة 76 كان مخالفًا للاتفاقية 78 والخاصة بالحريات النقابية، ومصر وقعت عليها بشكل اختيارى، ولم تلتزم بما نصت عليه الاتفاقية، وتم إنذارها أكثر من مرة لعدم التزامها، لذا من الصعب وصف دخول مصر القائمة بالقرار المسيس، موضحًا أنه مع تعديل القانون 35 وإصدار قانون 213 لسنة 2017 فيه نفس المخالفات التى كانت فى القانون القديم، وعرضت المنظمة المساعدة الفنية لصياغة القانون الجديد إلا أن مصر أصرت على أن يكون هناك اتحاد عمالى واحد يخضع لسلطة الحكومة.

وأوضح عباس أن نتيجة القانون المخالف هى أنه بعد إجراء الانتخابات العمالية كانت القيادات كما هى فى مناصبها، قائلًا: «هل يعقل أن بعد 12 سنة نعمل انتخابات وفقًا لقانون جديد، وتفضل نفس الوشوش، والوزير لازم يتحاسب لأنه هيدخلنا موسوعة جينس فى دخول القائمة القصيرة مرتين فى 3 سنوات فى 2017 وفى 2019، وهى سابقة لم تحدث فى عهد أى وزير قوى عاملة من قبل».

وأكد أن وزير القوى العامة كان سببا فى سحب منظمة العم الدولية مشروع العمل الأفضل، ولا بد أن يتم محاسبته على ذلك، فضلًا عن أن سمعة مصر التى تسبب اتحاد العمال والوزير فى دخولها القائمة القصيرة فى الوقت الذى تبذل فيه مجهودات خارقة لجذب الاستثمار، يستوجب حسابهم على ذلك أيضا، وواصل: «الوفد اللى سافر 42 فرد بيعمل إيه فى جنيف 11 يوم؟ لازم يرجع لأنه بيكلف الدولة كتير».

وطالب المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية، بإقالة وزير القوى العاملة ومحاسبته لأن عهده شهد أسوأ انتخابات عمالية حدث فيها انتهاكات، وتم سحب مشروع العمل الأفضل، ودخلت مصر قائمة العمل السوداء مرتين.

وبعد ساعات قليلة من إدراج مصر على قائمة العمل السوداء، أصدرت وزارة القوى العاملة بيانًا قال فيه الوزير محمد سعفان، إن الدولة المصرية حريصة كل الحرص على الارتقاء بمناخ العمل المصرى، وأنها تنفذ كل ما تعد به لتحقيق إضافة وأثر إيجابى من خلال التعاون المشترك مع منظمة العمل الدولية، معربا عن استعداد الحكومة المصرية للتعاون التام المنظمة لتتوافق قوانينها مع الاتفاقيات الدولية التى صدقت عليها.

وأوضح أنه قد روعى قانونى التنظيمات النقابية وانتخابات مجالس إدارة الشركات معايير العمل الدولية والاتفاقيات التى صدقت عليها مصر، مشيرا إلى أنه بموجب ذلك تم إجراء الانتخابات العمالية خلال مايو 2018 بعد توقف دام 12 عاما، مؤكدا أن منظمة العمل الدولية كانت وما زالت شريكا أساسيا فى كافة التعديلات التى تام إدخالها على القوانين العمالية، وكانت لها إسهاماتها الفعالة فى قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم رقم 213 لسنة 2017.

وأضاف: «مازلنا نعمل على تعديل بعض أحكام قانون التنظيمات النقابية تنفيذا لتوصية لجنة الخبراء بالمنظمة، والمجلس الأعلى للحوار المجتمعى فى مصر، وذلك بتخفيض الحدود الدنيا اللازمة لتشكيل المنظمات النقابية، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية، لتعزيز امتثال مصر لمعايير العمل الدولية»