رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

عصابة أجنبية تستهدف الشباب بعقود عمل مزورة

تنتحل صفة مواقع عمل رسمية وتستخدم أرقاما دولية.. إيهام الضحايا بأنهم تابعون لسفارات أجنبية

عمل لقاءات مع طالبى الوظيفة بالصوت والصورة عبر الإنترنت.. إرسال عقود وهمية مقابل 2000 دولار

ضحايا: لم نشك لحظة واكتشفنا الخدعة من السفارات

محامٍ بالنقض: نحتاج إلى مخاطبات قضائية للوصول إلى الجناة.. ضرورة توخى الحذر وتجنب التعاملات المالية عبر الإنترنت

 

آلاف الشباب يحلمون بالهجرة إلى الخارج والعمل لكسب لقمة العيش وبعضهم يحلم باستكمال تعليمه، حتى جذبت الإعلانات عبر محرك البحث جوجل أغلب الشباب للحصول على فرضة عمل بشركة أجنبية ومعاهد وكليات تعرض فرصا مغرية.

ومن هنا جاءت الفكرة لبعض العصابات التى ترتكب الجريمة المنظمة باستخدام التكنولوجيا الحديثة للإيقاع بالضحايا من خلال الاستعانة بمواقع عمل مزيفة تتطابق إلى حد كبير مع شركات العمل الرسمية التابعة لبعض البلدان الأجنبية.

وعن طريق بعض الخدع يتم استخدام أرقام هواتف بعض الشركات لإقناع الضحية بأنها الشركة الأم، وذلك تحسبًا لقيام الضحية بمراجعة رقم الهاتف مع الرقم المبين على الموقع الرسمى للشركة، إذ تبدأ الخدعة بنشر وظائف خالية تستهدف القائمين فى منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد مصر والسودان وليبيا، وبعض البلدان العربية الأخرى ومنها تونس والمغرب.

المهندس أحمد عصام الخبير فى البرمجة وصاحب الـ33 عاما، تعرض للنصب رغم خبرته الطويلة فى عالم الإنترنت والحاسب الآلى، يروى لـ«الزمان»، تفاصيل ما تعرض له، قائلا إنه منذ سنوات وبعد التخرج من الجامعة جرت العادة أن تترك الـ«سى فى» لدى عدد من الشركات وعن طريق الإنترنت تقوم بإرساله إلى شركات أخرى مثل «ياهو وجوجل» أملًا فى العثور على وظيفة، ولم أعلم أن الـ«سى فى» سيكون الوسيلة الفعالة لاصطيادى بعد سنوات.

وتابع: «فوجئت قبل عدة أشهر برقم دولى يتصل على هاتفى، وكان المتصل يتحدث باللغة الإنجليزية ويتحدث بطلاقة بما يدل على أنه من أصول إنجليزية، وقد أخبرنى بأن هناك وظيفه تناسب مؤهلى فى شركة اسمها (مجموعة ريتشموند للمقاولات) ومقرها مدينة ريتشموند فى مقاطعة كولومبيا البريطانية بدولة كندا، والراتب مغرٍ وبدأ يطرح هذا الشخص عدة أسئلة ويخبرنى بمميزات الوظيفة، والراتب المغرى والسكن والسيارة والتعليم ثم أرسل إيميل رسميا من خلال موقع الشركة الذى طالعته بنفسى، وتأكدت من صدق البيانات التى أخبرنى بها، ولمزيد من المصداقية تواصل معى بعدها مدير الموارد البشرية لإجراء مقابلة عبر سكايب».

وأضاف أنه أجرى المقابلة وأرسل استمارة قمت بتوقيعها وإرسالها إلى الشركة، ولم يطلبوا منى إلى هذا الحين أية أموال بما منحنى مزيدا من الثقة، وبعد 10 أيام اتصلوا بى من رقم الشركة، وأخبرونى بأننى مقبول فى الوظيفة وسيتم إرسال عقد العمل على أن اقوم بطباعته وتوقيعه وإرساله لهم، وقد نفذت التعليمات بالحرف، وبعدها أخبرونى بضرورة تحويل 2000 دولار لحساب الشركة، وذلك لزوم التسجيل السريع لكندا والمعروف باسم EXPRESS ENTRY على أن أسترد المبلغ مرة أخرى مع راتب أول شهر.

واستطرد: «شككت فى الأمر وقمت بالتواصل مع الشركة نفسها عبر الأرقام الموجودة على الموقع، وعرفت أن الشركة بالفعل تطلب مهندسين من جنسيات مختلفة، وهنا انصرف الشك عنى وقمت بتحويل المبلغ وذهبت بعدها للسفارة للحصول على التأشيرة، وعرفت هناك أن ما تعرضت له عملية نصب».

واقعة أخرى رصدناها بطلها شاب فى نهاية العقد الثانى ويعمل مترجما للغة العبرية ولأن مجالات العمل محدودة داخل مصر حاول العثور على فرصة عمل مميزة بالخارج، فكان سبيله الوحيد إرسال الـ«سى فى» لبعض الشركات الأجنبية عبر الإنترنت، لعل إحداها تجاوبه، وبعد عامين حسب ما يقول عبدالله فتحى ورده اتصال يخبره بأنه مطلوب لإجراء مقابلة مع مسئول بشركة جريجور للسياحة، والتى تحتاج إلى مترجمين من جميع اللغات، وينتهى به المطاف بالنصب عليه فى مبلغ 1400 دولار.

يروى عبدالله تفاصيل الأزمة، قائلا: «وردنى اتصال من رقم دولى ظهر على برنامج (تروكولار – اظهار رقم المتصل) باسم (جريجور كامبنى – لندن)، وكان المتحدث ينطق باللغة الخليجية وأقنعنى بصدق كلامه، إذ أرسل لى بعض الأوراق والمستندات وعلىّ فقط أن أقوم بكتابة بياناتى والرد على تساؤلاتهم، ومن ثم إرسالها إليهم مرة أخرى، وعلى مدار شهر صارت صداقة بينى وبين هذا الشخص عرفت من خلاله جميع البيانات والمعلومات عن الشركة، وقمت بالدخول على موقعها الرسمى على الإنترنت وتأكدت من صدق بياناته، وبعدها قمت بتحويل مبلغ 1400 دولار لإنهاء بعض الأوراق التى تنقصنى، وانقطعت الاتصالات على هذا النحو وقمت بالاتصال على الأرقام التى كان يستخدمها ذلك الشخص ليجيب على أحد الموظفين بالشركة، ويتحدث اللغة الإنجليزية وسألته عن الشخص الذى كان يتصل بى وما تم بيننا ليخبرنى بأن الشركة غير مسئولة عن هذا الأمر والذى لم يحدث مطلقًا من خلالها.

وأضاف أنه عرف فيما بعد أن عصابة أجنبية فى أمريكا الجنوبية تستهدف الشباب فى عدد من البلدان، وتم الكشف عن بعضهم ويتم ملاحقتهم، وقد استخدموا بعض الخدع لاستخدام رقم الشركة لإيهام الضحايا بصدق حديثهم.

من جانبه، أبدى الدكتور أحمد غانم المحامى بالنقض، تعجبه الشديد من عمليات النصب التى لا يزال الشباب يتعرض لها، قائلا إنه رفض تمامًا أى تعاملات مادية إلكترونية تتم عبر الإنترنت خوفًا من منتحلى الصفة، خاصة أن التطور التكنولوجى الرهيب لم يعد معترفا بالحدود الزمنية والمكانية ويمكن ارتكاب جريمة إلكترونية فى جميع بقاع الأرض وأنت جالس أمام حاسوبك الآلى، وبالتالى يجب تفعيل المخاطبات القضائية للقبض على مرتكبى تلك الوقائع، كذلك توعية الجمهور بهذه القضايا خاصة أن القانون لا يحمى المغفلين الذين يتعرضون لتلك الوقائع.