رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

حوادث

الإدارية العليا تقضي بعدم خضوع العاملين بالبنك الأهلي للحد الأقصى للأجور

الإدارية العليا
الإدارية العليا

أصدرت دائرة فحص الطعون الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار سعيد القصير نائب رئيس مجلس الدولة، حكما نهائيا، بعدم خضوع العاملين بالبنك الأهلي المصري للقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لدخول العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة. ورفضت المحكمة الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، وكيلة عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، على حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في فبراير 2016 بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء الذي وافق فيه على سريان القانون على العاملين بالبنك الأهلي المصري.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الدستور حرص على تحديد المقومات الاقتصادية للبلاد، فجعل من التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية ورفع معدل النمو ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل والقضاء على الفقر، غايات محددة لتلك المقومات، كما وضع إطاراً واضحاً ومنضبطاً للمبادئ العليا التي تدور أدوات ووسائل تحقيق تلك الغايات في فلكها، فأجاز انتهاج قواعد وآليات السوق الحر دون تدخل من الدولة إلا بالقدر الذي يضمن تحقيق معايير الشفافية والحوكمة ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمارات ومنع الممارسات الاحتكارية وضبط آليات السوق بأدواته المستقر عليها، حتى لا ينفلت في توجهاته ويجنح في مساره، وذلك كله مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري.

وأضافت الحيثبات أنه إداركاً من المشرع الدستوري أن لكل نظام اقتصادي تبعاته المؤثرة على حياة المواطنين بالدولة -لاسيما محدودي الدخل منهم- بحسبانهم الحلقة الأضعف في دوائر الاقتصاد، فقد وضع سياجاً من الالتزامات الدستورية التي تؤتي ثمارها من المنظور الاجتماعي وتضمن عدم انحراف الغايات المشار إليها عن المسار المحدد لها، ومن ذلك تكريس مبدأ العدالة الاجتماعية بما يكفل تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وإقرار النظام الضريبي العادل وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن حياة كريمة للمواطنين كافة، وبحد أقصى لكل من يعمل بأجر في أجهزة الدولة؛ صوناً للسلام الاجتماعي وضماناً لعدم تسلل المرارة والضغينة في نفوس أرباب المراكز القانونية المتماثلة.

وتابعت المحكمة أنه تنفيذاً لذلك صدر القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 المشار إليه، محدداً المخاطبين بأحكامه على نحو دقيق وهم العاملون بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والأجهزة التي لها موازنات خاصة بها والهيئات العامة والقومية الاقتصادي والخدمية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والعاملون الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو كادرات خاصة، وذلك سواء كان العامل شاغلاً لوظيفة دائمة أو مؤقتة أو مستشاراً أو خبيراً وطنياً أو بأي صفة أخرى بتلك الجهات، وباستثناء العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري وغيرهم ممن يمثلون جمهورية مصر العربية أثناء مدة عملهم بالخارج.

وأردفت : "بيّن القرار بقانون -بعبارات صريحة- الأموال التي تخضع في حسابات صرفها للحد الأقصى للأجور متى صرفت للمخاطبين بأحكامه وهي أموال الدولة وأموال الهيئات والشركات التابعة لها أو الشركات التي تساهم هذه الجهات في رأس ماله، وأخيراً تكفل القرار بقانون المذكور بتحديد الحد الأقصى لصافي دخل المخاطبين بأحكامه بحيث لا يجوز أن يزيد عن خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى وبما لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه".

وأضافت المحكمة أن القانون يكون بذلك قد عبر عن الفهم الصحيح للأصول الدستورية، فلا يجوز تأويله بمنهج يؤدي إلى تطبيق أحكام الحد الأقصى للأجور على غير الفئات التي عددها حصراً؛ لما في ذلك من إرهاق لنصوصه، وجنوح بها عن غايات التشريع ومقتضيات المصلحة العامة من وراء إقراره.

وأكدت المحكمة أنه تنفيذاً لتلك الأغراض صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014 بالقواعد التنفيذية لأحكام القانون المذكور وعدد الجهات العامة الخاضعة لأحكامه، ولم يورد من بينها البنك الأهلي المصري، لكونه ليس من الجهات العامة التي عددها القانون، بل هو شركة مساهمة خاصة وفقاً لأحكام قانون الشراكات المساهمة، ومن ثم فإن إخضاع العاملين به لأحكام الحد الأقصى للأجور –مهما بلغت نسبة مساهمة المال العام فيه– يخالف نصوص القانون الصريحة التي لا تحتمل تأويلاً يخضعهم لحكمه، ويكون القرار المطعون فيه حرياً بالإلغاء.

وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون موافقاً لصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه فاقداً سنده حرياً برفضه.

ونوهت المحكمة إلى أنه لا ينال من قضائها ما ساقته هيئة قضايا الدولة بتقرير طعنها من أن المادة الثالثة من مواد إصدار قانون الشركات المساهمة، تعطي لرئيس مجلس الوزراء الحق في وضع القواعد التي تكفل تحديد حد أعلى للأجور في تلك الشركات، مؤكدة أن ذلك الأمر مردود عليه من ثلاثة أوجه، أولها أن القرار المطعون فيه لم يستند لقانون الشركات المساهمة وإنما استند إلى تأويل هيئة مستشاري مجلس الوزراء لقانون الحد الأقصى للأجور.