رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

أخبار

محمد طه: صنعت المستحيل من أجل الالتحاق بالقوات المسلحة.. استطعنا العيش 134 يومًا بدون طعام

صاحب ”علامة النصر” يروى كواليس تحويل الانكسار إلى انتصار فى حرب العبور

 محمد يعقوب طه صاحب أشهر صورة فى حرب أكتوبر المجيدة
محمد يعقوب طه صاحب أشهر صورة فى حرب أكتوبر المجيدة

"خلى السلاح صاحى صاحى صاحى، لو نامت الدنيا صحيت مع سلاحى، سلاحى فى إيديا نهار وليل صاحى، ينادى يا ثوار عدونا غدار خلى السلاح السلاح صاحى صاحى".. كلمات وصف بها العندليب الأسمر بسالة جنود الجيش المصرى فى حرب أكتوبر المجيدة، الذين ضحوا بالغالى والنفيس ليستردوا كرامة مصر، ولإعلاء رايتها على أرض الفيروز.
وكان أبرز هؤلاء الأبطال محمد يعقوب طه، صاحب أشهر صورة فى حرب أكتوبر المجيدة، الذى كان ولا زال يدعم مصر وجيشها، وأكبر دليل على ذلك حينما شارك خلال الفترة الماضية فى احتفالية المنصة، تأييدا ودعما للجيش والرئيس عبدالفتاح السيسى.
ومع حلول ذكرى نصر أكتوبر يروى «يعقوب» لـ"الزمان"، قصته ويكشف خبايا صورته التى التقطت لجندى وهو يرفع علامة النصر أمام خط بارليف فى انتصار حرب أكتوبر المجيدة، قائلا: "رفعت علامة النصر أيضا على جسر تحيا مصر الذى تم تشييده فى القاهرة، تم إنشاؤه تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وسبب ذلك أنه كان إنجازا وانتصارا أيضا بالنسبة لى, فهو من أهم الإنجازات التى حدثت فى الوقت الحالى، حيث يربط بين البحرين المتوسط والأحمر، مرورا بأعلى نهر النيل، لذا ليس غريبا أن يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية".
وأضاف محمد طه ابن مدينة بورسعيد الذى ترك عمله بالتدريس وانضم للجيش المصرى عام 1972م: "طفح الكيل وكان علينا أن نتحرك بعد الذى حدث فى 1967م، وعلى الرغم من أنه كان معى حكما بتأجيل الخدمة لأننى مؤهل عالٍ، لكنى توجهت لمنطقة التجنيد، وقال لى مدير التجنيد حينها «ليس لك حق الالتحاق بالقوات المسلحة المصرية»، فحاولت 3 محاولات أخرى كلها باءت بالفشل إلى أن تم قبولى فى المرة الرابعة، فالتحقت بالجيش الثالث فى الفرقة 19 بمنطقة المثلث، اللواء الثانى بالكتيبة 22 مشاة ميكانيكى، وبينما كنا نخضع لتدريبات شاقة وقاسية جدا ونحن صائمون, جاءنا أمر عبور القناة فجأة، فما كان منا إلا أن استشعرنا لذة الكلمة حينما قالها القائد- اعبر- فوجدنا أنفسنا نسرع للركوب فى القوارب مكبرين بأعلى صوت الله أكبر الله أكبر".
وأوضح أن الفرقة 19 التى التحق بها لها بطولات محفورة فى ذهنه لا تنسى، فلقد صمدت 134 يوما دون أى إمدادات، فأكلنا الثعابين وبعض الزواحف والقوارض، وحينما أمرهم قائد اللواء الثانى اللواء عبدالفتاح كريم، بالسيطرة على جبل "المر"- جبل الفاتح كريم الآن- الذى احتلته إسرائيل عنوة، فعلى الرغم من صعوبة المهمة، إلا أننا استطعنا بكل بسالة أن نسترد الجبل ونستولى على أسلحة الجنود الإسرائيليين بعد أسرهم فى 3 أيام فقط، رغم مرور طلقات العدو من فوق رؤوسنا، وحينها أراد أسير إسرائيلى خداعنا بأنه مصرى ولم يكن يريد الحرب ولكن لهجته المصرية المكسرة كانت واضحة".
وتابع: "بعدما حقق الله لنا النصر ظنت عائلتى بأن روحى صعدت لبارئها واستشهدت فى المعركة، وحينما عدت للمنزل فقدت أمى وزوجتى الوعى فى ذات الوقت، لأنه كان لى شقيق ضابط عاد قبلى إلى المنزل فمن هنا خمنوا سقوطى بأرض المعركة وإنى قد استشهدت".
ويروى البطل قصة مضحكة لا يمكن أن ينساها، حينما كان جيشه فى الحصار ويحتاجون لطعام، فشموا رائحة شواء بجوارهم، فوجدوا زملاء لهم يقومون بذلك وأخبروهم بأنه لحم خراف ولكن بعدما أكلوا اكتشفوا أنه لحم فئران, مما جعلهم فى موقف "هم يبكى وهم يضحك"، وكانوا أيضا يحتاجون للماء، فأرادوا أن يذهبوا للشرب من عين موسى- المكان الوحيد الذى كان به ماء حينذاك- ولكن للأسف كان يقع تحت السيطرة الإسرائيلية، وحينما حملوا جراكن المياه وتحركوا بالسيارة, فانقلبت سيارتهم بسبب وعورة التضاريس الجبلية, مما أصابهم بحالة ضحك وعادوا إلى مراكزهم بأمان بـ6 جراكن مياه".
وأردف: "فى أحد الاشتباكات مع العدو أصبت فى يدى بمنطقة الرسغ ولم استطع تحريك كف يدى لأنه انفصل عن الذراع, وجاء الجندى كيرلس وخلع الفانلة الداخلية له وأحضر خشبتين وعمل لى جبيرة بدلا وقال: "نخلص من ولاد الكلب دول ونعالجها اطمن بسيطة" وفعلا بعد تطهير المكان اقتحم كيرلس الدشمة ورجع بصندوق إسعافات من الداخل (هم عاملين حسابهم لكل حاجة وأهمها شنطة إسعافات) وفك الجبيرة وبدء يطهر الجرح وربط الجبيرة تانى, وكان يأتى "دكتور كيرلس" كل يوم ليغير على الجرح، وعلى فكرة هو لا دكتور ولا حاجة, هو معه دبلوم تجارة, وأطلق عليه مجند بعد ذلك فى الكتيبة دكتور كيرلس, وظل محافظا على شنطة الإسعافات, لإسعاف أى حد يتصاب حتى أنهى فترة تجنيده".
واختتم: "الموقف الذى بكيت وما زلت أبكى حتى الآن كلما تذكرته, حينما تحول جسد صديقى "الحسينى" إلى مصفاة بسبب القصف الإسرائيلى، وسالت دماؤه الطاهرة علينا فى حفرة كنا نختبئ فيها من بطش أبناء صهيون، والآن أصبحت تلك ذكريات أعيش معها وأعيش مع صورتى التى التقطت حينما كنت بالضفة الشرقية لقناة السويس, وعلى الرغم من أن يدى كانت مكسورة, إلا أننى قمت برفعها لا إراديا من شدة فرحتى، وما زلت أكرر هذه الصورة فى كل إنجاز وانتصار لمصر، وأنا من هنا أقول تحيا القوات المسلحة, ويحيا الجيش المصرى على دعمه وحمايته للدولة على مر العصور، قف لجيشك وفه التبجيلا لولا جيشك لكنت لاجئا وقتيلا".

موضوعات متعلقة