رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

السعودية: لا نسعى للحرب ولن نتردد في حماية أراضينا بكافة الوسائل المشروعة

جدد مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة معالي السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، التأكيد على موقف المملكة العربية السعودية الواضح من إشعال أي فتنة أو حرب في المنطقة والمؤكد على أننا لا نسعى للحرب ولا نريدها ولا نشعل فتيلها ولكننا في الوقت نفسه لن نتردد في حماية أراضينا من أي عدوان ولن نتوانى عن الدفاع عن مواطنينا ومقدرات بلادنا بجميع الوسائل المشروعة، مؤكداً على إيمان المملكة بمبدأ الحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية ولكن ينبغي أن تكون أي دعوة للحوار منسجمة مع وقف فعلي للتهديدات والأعمال العدائية، وعلى الدول التي تدعو إلى الحوار أن تنبذ السياسات المرتكزة على تصدير الثورة وخلق الجيوب والطوابير الطائفية في الدول تمهيداً للتدخل في شؤونها.

جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها معاليه في جلسة مجلس الأمن حول الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية.

وأوضح في بداية الكلمة أن المملكة شهدت في الرابع عشر من سبتمبر هجمات نكراء على محطات الضخ التابعة لشركة " أرامكو " السعودية باستخدام أسلحة إيرانية متسببة في انخفاض إنتاج النفط بنسبة تقارب 50 في المئة، مؤكدًا أن هذا العمل العدواني يشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية، واعتداءً على الأمن والسلم الدوليين يستلزم من المجتمع الدولي موقفًا تاريخيًا.

ولفت النظر إلى أن هذه الهجمات تُعَدّ تهديداً كبيراً لإمدادات النفط للأسواق العالمية وبالتالي، الاقتصاد الدولي، وليس للمملكة العربية السعودية فحسب، مشيرًا إلى أن المملكة وبفضل من الله استطاعت أن تتدارك تبعات هذه الهجمات وإعادة الإنتاج للوضع الطبيعي في وقت قياسي.

وقال معالي السفير المعلمي: "يتضح لنا أن هذه الهجمات والهجمات الأخرى على إمدادات الطاقة الدولية والهجمات بالصواريخ على المملكة تأتي تحدياً لسياسات المملكة الحازمة والقوية وكذلك العمل الدولي على مختلف الأصعدة للتصدي للإرهاب الذي يُصَدَّر للمنطقة، وضد التدخل في شؤون دولها الداخلية".

وأضاف: "وفي هذا الصدد، تثمن المملكة الإدانات التي صدرت من المجتمع الدولي لهذه الهجمات، وتدعوه إلى اتخاذ إجراءات أشمل وأقوى للاضطلاع بمسؤولياته في مواجهة هذه السياسات الهدامة التي تدعم الإرهاب وتؤجج الطائفية في المنطقة وتدعم المليشيات المسلحة وتسعى إلى تفكيك دول المنطقة وإثارة الفتن فيها وتهديد أمن إمدادات الطاقة العالمية، وعلى المجتمع الدولي أن يعي أن الوقت قد حان للتحرك بحزم ووضع الأمور في نصابها والتوحد لحماية المنطقة والاقتصاد العالمي من أي مغامرات قد تزيد من أزمات المنطقة والعالم".

وأشار معاليه إلى أن العالم امتداداً من القرن الماضي حتى يومنا هذا لم يشهد أزمة طال أمدها مثل أزمة فلسطين أو معاناة مثل معاناة الشعب الفلسطيني أو سياسات احتلال قمعية مثل سياسات إسرائيل، وأنه بالرغم من انضمام إسرائيل إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلا أنها لم تولي أي اهتمام لقرارات هذه المنظمة الدولية ومجلس أمنها الذي أنشئ لحفظ السلم والأمن الدوليين.

وبَيَّنَ أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تمارس انتهاكاتها البشعة تجاه حقوق الإنسان في فلسطين على مرأى من العالم أجمع، مؤكداً أن مبدأ فرض الأمر الواقع الذي تُبنى عليه سياسات إسرائيل ينبغي أن يتغير من أجل الوصول إلى حل للأزمة الأكبر في العالم التي عصفت بمصير شعب بأكمله.

وأفاد أن فلسطين عانت وعانى شعبها أبشع أوجه الاحتلال في عصرنا الحديث، لكنه لم يستسلم ماضياً بالصمود في ظل دعم أشقائه وأصدقائه سعياً إلى الوصول إلى حل عادل لقضيته، مشيراً إلى أن معالجة هذه الأزمة ينبغي أن تتم من خلال معالجة السبب الرئيسي لها وهو الاحتلال الإسرائيلي وأعماله العدائية، معرباً عن تأكيد المملكة على الأهمية القصوى للقضية الفلسطينية باعتبارها منطلقاً نحو استقرار المنطقة، وأن أي حل للأزمة يجب أن يكون على أساس حل الدولتين، وفقاً للمرجعيات الدولية، ومبادرة السلام العربية لعام 2002م، التي تضمن قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967م وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين، وإنهاء احتلال إسرائيل للجولان العربي السوري المحتل وللأراضي اللبنانية المحتلة.

وتابع القول: تُعَدُ المملكة من أكبر المساهمين والداعمين للشعب الفلسطيني على مدى التاريخ، واستكمالاً لهذا الدعم، قامت المملكة بالإعلان في شهر سبتمبر المنصرم عن دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم "الأونروا" بمبلغ خمسين مليون دولار لدعم برامجها وتوفير المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية للاجئين الفلسطينيين. ويأتي هذا استكمالاً لما قدمته المملكة خلال العقدين الماضيين لوكالة "الأنروا" من دعم يقارب الـ 800 مليون دولار.

وأعرب السفير المعلمي عن ترحيب حكومة المملكة بالاتفاق الذي تم على إنشاء اللجنة الدستورية في سوريا والبدء في أعمالها، مؤكداً على أن هذه الخطوة تعتبر بارقة أمل نحو المضي قدماً إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري الشقيق ويضمن العودة الآمنة والطوعية للاجئين من أبنائه وفقاً للمعايير الدولية، مشيراً إلى إدانة المملكة للعمليات العسكرية التركية في شمال سوريا، حيث إنه من المهم عدم اتخاذ أي إجراءات قد تزيد من تفاقم الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري وتقوض الجهود الدولية في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي في تلك المناطق وتهدد وحدة الأراضي السورية وسلامتها الإقليمية.

وكرر المعلمي مطالبة حكومة المملكة بالتصدي للمليشيات المسلحة وإخراجها من سوريا، التي تتبنى أجندات خارجية تسعى إلى تدمير سوريا وجعلها مسرحاً لزعزعة أمن المنطقة وسلامتها، داعياً المجتمع الدولي إلى ضرورة التوحد ضد أي تدابير أحادية قد تكون عائقاً نحو الحل السياسي في سوريا، وفقاً لقرار المجلس رقم 2254.

وقال "تقدم المملكة الدعم الكامل للحكومة اليمنية والشعب اليمني الشقيق في ظل الأزمة التي تمر بها اليمن وفي شتى المجالات من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل وإعادة الاستقرار لليمن، وقد تجلى ذلك مؤخراً من خلال قيام المملكة بتقديم مساعدات عن طريق الأمم المتحدة بمبلغ 500 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2019م، حيث بلغت المساعدات التي قدمتها المملكة لدعم الشعب اليمني الشقيق منذ بداية الأزمة أكثر من 14 بليون دولار".

وأشار إلى أن المملكة استضافت الحوار بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي للتوحد وتقريب وجهات النظر في حل الأزمة اليمنية ومواجهة الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، وقد تم التوصل إلى اتفاق الرياض المتوقع إعلانه قريباً، الذي ينتج عنه مرحلة تطويرية جديدة لحكومة اليمن الشقيق تقودها كفاءات سياسية تضم أربعة وعشرين وزيراً مهمتها توحيد الصف وتسخير مؤسسات الدولة لخدمة الشعب اليمني بجميع مكوناته والعمل على تلبية احتياجاته المعيشية.

وأوضح السفير المعلمي في ختام الكلمة أن المملكة تدعم جهود الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن، مبدياً في هذا الصدد الترحيب بالتقدم الحاصل المتمثل في إنشاء نقاط مشتركة للمراقبة في الحديدة، ومجدداً دعوة المملكة للمجتمع الدولي إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لدعم تنفيذ اتفاق ستوكهولم الذي قارب العام من عمره وطال أمد تنفيذه بسبب مماطلات ميلشيا الحوثي، حيث يعتبر هذا الاتفاق خطوة أساسية للوصول إلى الحل الشامل، وفقاً للمرجعيات الثلاث وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 2216.