رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

وا إسلاماه

اليوم.. الإمام الأكبر أحمد الطيب يكمل عامه الـ74

حياة اتسمت بالزهد والورع وخدمة الإنسانية، طاف خلالها العديد من البلدان لنشر السلام، نجح في ترسيخ مبدأ الأخوة الإنسانية لتظل شاهدة على مسيرة العطاء التي سلكها الإمام الطيب.

والإمام الأكبر، هو شيخ الأزهر رقم 48، وتولى المشيخة منذ 19 مارس 2010، وهو الرئيس السابق لجامعة الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وهو أستاذ في العقيدة الإسلامية ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وترجم عددا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية وعمل محاضرا جامعيا لمدة في فرنسا.
ونرصد في هذا التقرير أبرز إنجازات الإمام الأكبر في 2019.
شهد عام 2019م نشاطًا مكثفًا لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، حيث كان ملف دعم حقوق المرأة والطفل، ودعم أفريقيا على رأس أولوياته واهتماماته، ومواجهة التطرف ونشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي ودعم الأخوة الإنسانية بين جميع البشر هي رسالته.

دعم حقوق المرأة والطفل

تُعد قضايا المرأة والأسرة من أهم القضايا التي أولاها الإمام الأكبر اهتمامًا كبيرًا خلال عام 2019م، حيث خصص فضيلته برنامجه "حديث شيخ الأزهر"، طوال شهر رمضان المبارك، لمناقشة قضايا الأسرة المسلمة، والحقوق التي أقرها الإسلام للزوج والزوجة، وكيفية الحفاظ على الكيان الأسري، واحترام حقوق المرأة وكرامتها الإنسانية، واستغلالِ طاقاتها المُهدرة كشريك أساسي للرجل في بناء الأسرة وصناعة النهضة.

وحرص فضيلته على تهنئة المرأة في يومها العالمي وكآفة المناسبات الاجتماعية، كما وجَّه وحدة لم الشمل بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لبذل المزيد للحفاظ على تماسك الأسر المصرية ، كما تم إطلاق مشروع قوافل التوعية الأسرية في محافظات مصر وربوعها، بهدف تثقيف الأسرة المصرية لتفادي المشكلات التي قد تؤدي إلى تهديد استقرارها وزوال سعادتها.

وخصص فضيلته قسمًا لفتاوى المرأة بمركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، يعمل به مجموعة من المفتيات المتخصصات للرد على تساؤلات النساء و الحصول على الإجابة الصحيحة الموثوقة من المتخصصين فيها.

وحرص فضيلة الإمام الأكبر خلال عام 2019م على دعم حقوق الأطفال والاهتمام بمستقبلهم، حيث أكد فضيلته خلال مشاركته بمؤتمــر قِمَّــة الأديـان تحــت عنــوان: "تعزيز كرامـة الطفل" بالفاتيكان، على أن حقوقَ الطفلِ في شريعةِ الإسلامِ متنوِّعةٌ ومحميَّةٌ بعُقوباتٍ شرعيَّةٍ رادعة، وأن هذه الحقوقُ تُمثّلُ مَقصِدًا مُقدَّسًا من مقاصدِ الإسلام وجميع الأديان، ومُبرِّرًا من مُبرّرات الشرائع الإلهيَّة، موضحًا أن قضية أطفالنا ومسـتقبلهم الغامض المضطـرب في مـرآة التكنولوجيا الحديثة، والعالم الرَّقميِّ الجديدِ، تُقْلِقُ بالَ كل بيت وكلِّ أسرة في الشَّرق والغرب على السَّواء، بسبب استحواذ الهواتف الذكية عليهم؛ مما ينذر بأمراض نفسية واجتماعية تتربص بأطفالنا، مشددًا على ضرورة أن يسعى سـائر العُقلاءِ من المفكِّـرينَ والسِّياسيين، وأصحابِ القراراتِ السِّياسيَّةِ الدوليَّةِ إلى التَّصَدِّي والمواجهة والبحثِ الجاد عن مخرج من هذه الأخطار المحدِقة بأطفال اليوم وشباب المستقبل وفرسانه، حتى لا نُضِيف إلى مَآسِينا الحضاريَّة مأساةً جديدةً تُصِيبُ الإنسانيَّة، بعد ما بات واضحًا لممثلي الأديان ولكل ذي قلب وضمير أنَّ هذا التطور «الرَّقمي» قد سَرق من هذه الكيانات البشريَّة الضعيفة، براءتها وأحلامها، وأوشكت أن تتحول إلى «أرقاء» في أيدي الذين لا يؤمنون إلا بالأرض و بالمادة وحدها.

واكد خلال فعاليات الاجتماع السنوي للفريق الاستشاري الإسلامي المعني باستئصال شلل الأطفال، على أنَّ الأزهر يعمل على مواجهة الأباطيل والمفاهيم الخاطئة والمعلومات الزائفة، والشائعات التي تطال اللقاح المضاد لشلل الأطفال وسائر المبادرات المعنية بصحة الأمهات والأطفال، مشددًا على أن تلقيح الأطفال بالأمصال واجب شرعي على الأبوين وأن التقاعس عنه إثم كبير وخطيئة تقترب من خطيئة القتل والوأد.

وسعيًّا من الامام الاكبر للحفاظ على كرامة الطفل وحل مشكلاته النفسية ومشكلات التربية داخل المنزل، أطلق المركز الإعلامي للأزهر حملة "جنة" لمناهضة العنف ضد الأطفال، والتوعية بحقوقهم واحتياجاتهم النفسية والاجتماعية، وتوضيح الأسس التربوية للبناءالنفسي السليم للأطفال .

إنسانية الإمام الطيب
تألم فضيلة الإمام الأكبر كثيرًا بعد سماع ما ارتُكِبَ من جريمة وحشية بحق الطفلة البريئة "جنة"، قائلًا: "إن ما تعرضت له الطفلة "جنة" من حرقٍ وتعذيبٍ هو فاجعة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، الآن صعدت روحُها البريئةُ إلى بارئها تشكو ما حلَّ بها من ألم وعذاب في غفلة منا جميعًا، ما حدث للطفلة جنة يضعنا جميعًا أمام مسئولياتنا تجاه أطفالنا وأبنائنا، ولنعلم جميعًا أننا محاسبون أمام الله عليهم"، وتكفل بحالة الطفلة "أماني" شقيقتها، والبالغة من العمر ست سنوات، وعلاجها طبيًا ونفسيًا وتعليمها وتحمل كآفة نفقاتها.

واستجاب فضيلته لاستغاثة المريضة "رحمة سعيد" في أحد البرامج التليفزيونية، التي كانت تعاني من اعوجاج شديد بالعمود الفقري وتحتاج إلى عملية في منتهى الخطورة، موجِّهًا بعلاجها على نفقة بيت الزكاة، وأجرى فضيلته اتصالًا هاتفيًا بالطالبة آية نصر، الطالبة بكلية طب أسنان بنات بالقاهرة، والتي أصيبت في حادث قطار وتم نقلها إلى إحدى مستشفيات الزقازيق للاطمئنان على صحتها ومتابعة حالتها، كما وجه فضيلته خلال زيارته لمصابي تفجير الدرب الأحمر الإرهابي بمقر علاجهم بمستشفى الحسين، بتوفير كآفة أوجه الرعاية الصحية لهم.

وفي لفتة إنسانية، قرر فضيلته تكفل الأزهر الشريف بكآفة تكاليف سفر جثمان الطالب الإندونيسي "محمد زمروني" الطالب بالفرقة الثالثة بكلية أصول الدين قسم التفسير، موجهًا بتحمل تكاليف سفر زوجة الطالب المتوفى وأولاده وعودتهم مرة أخرى لإتمام الدراسة بالأزهر، حيث إن زوجته طالبة بالأزهر الشريف، بالإضافة إلى توفير مبلغ مالي يُعينهم على أعباء الحياة، كما وجه فضيلته بتقديم منحة دراسية للطالب التايلاندي الذي أصيب في حادث الدرب الأحمر الإرهابي، وتوفير سكنٍ له بمدينة البعوث الإسلامية.

ولم يمنعه سفره خارج البلاد لإجراء فحوصات طبية وعملية جراحية بالعين، عن تهنئة أوائل الثانوية الأزهرية ومشاركتهم الفرحة بتميزهم وحسِّهم على ضرورة استمرار تفوقهم ونجاحهم، كما كرم فضيلته الطلاب والأطفال المُشارِكين بفعاليات مجلة "نور"، وقَدّمَ هدايا تقديريّةً للأطفال المتميّزين، فضلًا عن تكريم الطلاب المُشارِكين بأعمالٍ فنية وإبداعية متميّزة في جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

واهتمامًا منه برعاية ودعم الفقراء والمحتاجين تبرع فضيلة الإمام الأكبر بقيمة "جائزة الأخوة الإنسانية" التي منحتها دولة الإمارات العربية المتحدة لفضيلته، تقديرًا لجهوده في نشر السلام العالمي وتحقيق الأخوة بين البشر، لبيت الزكاة والصدقات المصري، وصندوق تحيا مصر، ومرضى الأطفال بمستشفى شفاء الأورمان لعلاج السرطان بالأقصر، بالإضافة إلى سداد بعض ديون الغارمين والغارمات.

وضاعف فضيلته الإعانة الشهرية لمستحقي الزكاة من بيت الزكاة والصدقات المصري خلال شهر رمضان ٢٠١٩م عوضًا عن توزيع الكرتونة الرمضانية، كما قرر مضاعفة قيمة الإعانة الشهرية التي يصرفها بيت الزكاة لمستحقيها بمناسبة المولد النبوي الشريف لعام ١٤٤١هـ.

جولات داخلية وخارجية لنشر التسامح والأخوة الإنسانية بين جميع البشر
حرص الإمام الاكبر خلال جولاته الداخلية والخارجية على نشر مفهوم التسامح والتعايش السلمي ودعم قيم الأخوة الإنسانية بين جميع البشر، وشهد عام 2019م نقلة نوعية على مستوى العلاقات ما بين الأزهر والفاتيكان، تجسدت في لقاءات فضيلة الإمام الأكبر بالبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، والتي كان أبرزها عقد لقاء الأخوة الإنسانية في دولة الإمارات العربية المتحدة، برعاية من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد الإمارات، والتي أثمرت عن التوقيع على وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية، واستمرارًا لدعم التعاون المشترك بين الأزهر والفاتيكان لتحقيق الإخاء الإنساني، شارك فضيلته في أعمال مؤتمر قمة قادة الأديان تحت عنوان "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي"، بالمقر الرئيسي للأكاديمية البابوية للعلوم بالفاتيكان.

وشهدت العلاقات الأزهرية بدول الغرب العديد من المحطات الفارقة استقبل خلالها فضيلته العديد من القيادات والسياسيين البارزين في العالم الغربي، من أجل فتح مجالات الحوار والتفاهم بين الشرق والغرب وتوضيح الصورة الحقيقية للدين الإسلامي بعيدا عن الصورة النمطية التي تلصق الإرهاب والعنف بالإسلام والمسلمين في الغرب، ومن أبرز هذه الشخصيات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأنطونيو غوتيريس، أمين عام الأمم المتحدة، وجورج فيري رئيس مجلس الشيوخ الكندي على رأس وفد رفيع المستوى من مجلس الشيوخ الكندي، وتوماس أوبرمان نائب رئيس البرلمان الألماني، وميجيل موراتينوس، الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات.

أفريقيا في قلب الإمام
حرص فضيلة الإمام الأكبر منذ توليه منصبه على دعمه الدائم للطلاب الأفارقة، وتنمية الروابط الإنسانية التي تدل على عمق العلاقات بين مصر والدول الأفريقية، مؤكدًا أن أفريقيا في قلب الأزهر وعلى رأس اهتماماته.

وتماشيا مع تولي مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي، افتتح فضيلته المقر الإقليمي لاتحاد جامعات شمال أفريقيا بجامعة الأزهر، وشكل فضيلته لجنة مختصة بالشؤون الأفريقية بالأزهر الشريف، كما وجه فضيلته بضرورة استثمار وتوظيف كل عناصر الثّقل الأزهري في أفريقيا لدعم القارة السمراء عبر قوافل إغاثية وطبية لمساعدة المحتاجين وعلاج غير القادرين، وقوافل دعوية لنشر ثقافة التعايش والتسامح بدلًا عن الكراهية والعنف، إضافة إلى استقبال طلاب 46 دولة أفريقية للدراسة بجامعة الأزهر ومعاهده، وتدريب الأئمة الأفارقة على آليّات مواجهة الأفكار المتطرفة والتعامل مع القضايا المُستحدَثة، وإنشاء معاهدَ أزهريّةٍ ومراكزَ لتعليم اللغة العربية، فضلًا عن الدَّور المحوري لبعثات الأزهر التعليمية والدعوية في نشر تعاليم الإسلام السمحة في ربوع القارة الأفريقية.

موضوعات متعلقة