الخارجية: اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية مستقرة والطرفان ملتزمان بها الهلال الأحمر المصري: نراجع شاحنات مساعدات غزة للتأكد من خلوها من أسلحة أو مخدرات أو غيرهما الخارجية: اتصالات مكثفة للتأكيد على رفض مصر لأي محاولة لاقتحام لرفح الفلسطينية بريا الرئيس السيسي يعلن انطلاق البطولة العربية العسكرية للفروسية بحضور الرئيس السيسى.. انطلاق بطولة الفروسية بعرض الموسيقى العسكرية بدء فعاليات افتتاح البطولة العربية العسكرية للفروسية بحضور الرئيس السيسي رئيس الوزراء: مصر تدعم جهود استضافة البحرين القمة العربية 33 فى مايو الزمالك يصدر بيانا بشأن إيقاف القيد بسبب مستحقات خالد بو طيب الرئيس السيسي يشدد على ضرورة وقف الحرب ويحذر من أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية وزيرة التخطيط: الخطة تستهدف توسيع الحماية الاجتماعية والتعليم والصحة أولوية المحكمة الرياضية الدولية تخطر الجبلاية والزمالك يإيقاف القيد مجلس الوزراء يُصدر قرارات جديدة بشأن صفقة «رأس الحكمة»
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

مناضلة حررت الوطن والمرأة.. تعرف على حياة هدى شعراوي في ذكرى ميلادها

رائدة تحرير واسترداد حقوق المرأة هدي شعرواي
رائدة تحرير واسترداد حقوق المرأة هدي شعرواي

في مثل هذا اليوم، الموافق الثاني عشر من ديسمبر عام 1947، توفيت هدى شعراوي، رائدة الحركة النسائية في مصر، بالسكتة القلبية وهي جالسة تكتب بياناً في فراش مرضها، تطالب فيه الدول العربية بأن تقف صفاً واحداً في قضية فلسطين، وذلك عقب قرار الأمم المتحدة الصادر في 29 نوفمبر 1947، بتقسيم فلسطين.

ولدت هدى شعراوي، عام 1879 لأسرة من الطبقة العليا في محافظة المنيا بصعيد مصر، هي ابنة محمد سلطان باشا، رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق، وكانت هدى طفلة عندما توفي والدها محمد سلطان باشا.

وتلقت هدى خلال نشأتها دروسًا منزلية على يد معلمين كإضافة ثانوية لوجود شقيق ذكر، كما كان بإمكانها حضور دروس في اللغة العربية، والتركية، والفرنسية، والخط، والبيانو، وحفظت القرآن في سن التاسعة وهو إنجاز غير مسبوق لفتاة، لكن جنسها ظل يشكل عائقاً أمام استكمال دراستها،  وتعرضت شعراوي للعديد من أوجه التفرقة الجنسية، والقيود بدءاً من اضطرارها إلى الابتعاد عن أصدقاء الطفولة من الذكور ووصولاً إلى ترتيب زواجها دون علم منها.

في سن الثانية عشر رتبت والدة هدى شعراوي خطبتها لابن عمتها والوصي عليها علي شعراوي، الذي يكبرها بما يقارب الأربعين عامًا، وتزوجت في العام التالي، وقد كانت فكرة الزواج من ابن عمتها تقلقها كونه كان وليا ووصيا عليها، علاوة عن كونه متزوج ولديه ثلاثة بنات.

وقد جعلت والدة هدى شعراوي، زواجها أحاديا، أي ألا يكون زوج ابنتها متزوجاً من أخرى وإلا يعتبر العقد لاغياً تلقائياً،

وبعد عام تبين أن زوجها  قد عاد لزوجته السابقة فانفصلت عنه هدى في عمر الرابعة عشر، وكانت قد  فضلت انفصالها عنه مع بقائها على ذمته سبع سنوات، وذلك قبل العودة له مرة أخرى..

و في منزل والدها، حظيت هدى بدرجة من الحرية بفضل وضعها كامرأة متزوجة (لكن منفصلة)، مما أتاح لها فرصة استكمال دراستها للفرنسية، وتوسيع دائرة أصدقائها ومعارفها المحدودة، حيث  التقت هدى بثلاث نساء كان لهن تأثير كبير في حياتها، هم عديلة نبراوي، وعطية سقاف، تركية، من أقرباء والدتها، وأوجيني لو بران، وهي سيدة فرنسية أكبر سنًا منها ومتزوجة من رجل من الأعيان الأثرياء، عين لاحقاً رئيساً للوزراء، وقد أصبحت لو بران صديقة لهدى ومرشدة وأم بديلة وقوة نسوية في حياتها.

وعادت شعراوي لزوجها عام 1900 في عمر الثانية والعشرين تحت ضغط من أسرتها، ورزقت هدى بابنتها بثينة وابنها محمد ووهبت لهما حياتها لعدة سنوات،  بعد المعاناة التي قاستها إثر وفاة والدتها وشقيقها، بعدها وصلت حياة هدى شعراوي إلى نقطة تحول حيث واصلت اهتماماتها الخارجية.

وشهدت الفترة من بداية القرن الـعشرين، وحتي أوائل العشرينات، انطلاق الشرارات الأولى للوعي النسائي في مصر، لدى سيدات مثل هدى شعراوي، وأخريات، حيث كانت بداية للحركة النسوية المنظمة ولكنها ظلت سرية لفترة، فقد اضطلعت نساء الطبقتين العليا والوسطى بمزيد من الأدوار الجديدة في المجتمع.

وكانت المؤسسات الدينية في مصر، في ذلك الحين، هي المسيطر الأكبر على الخدمات الخيرية والاجتماعية، ونجحت هدى شعراوي وغيرها من النساء المصريات من الطبقتين العليا والوسطى، في أن تصبحن رائدات في تأسيس الجمعيات الخيرية، وجمعيات الخدمة العامة لمساعدة المحتاجين من النساء والأطفال،  كما أنشأن عام 1909 مستوصف للفقراء من النساء من الأطفال وتم توسيع نشاطه فيما بعد ليشمل توفير الخدمات الصحية، وذلك ردًا على معدلات وفيات الأطفال المتفشية في البلاد،  من خلال هذا العمل، فتح المجال نحو عالم جديد وأدوار اجتماعية جديدة، أصبحت فيما بعد جزءاً من جدول أعمال الحركة النسوية المنظمة.

وتسرد شعراوي في مذكراتها بداية نشاطها لتحرير المرأة، والذي بدأ أثناء رحلتها الاستشفائية بأوروبا بعد زواجها، وانبهارها بالمرأة الإنجليزية والفرنسية في تلك الفترة للحصول على امتيازات للمرأة الأوروبية، وهناك تعرفت على بعض الشخصيات المؤثرة التي كانت تطالب بتحرير المرأة، وعند عودتها أنشأت شعراوي مجلة "الإيجبسيان" والتي كانت تصدرها باللغة الفرنسية.

وساعدت هدى شعراوي في إنشاء واحدة من أولى الجمعيات الفكرية في القاهرة، والتي عقدت أولى محاضراتها عام 1909 وتناولت بجرأة موضوع الحجاب حيث قارنت بين حياة المصريات والأوروبيات، ويرجع ذلك إلى انتمائها للتفسير الأكثر ليبرالية للإسلام،  ففي بداية العقد الثاني من القرن العشرين، أصبحت هناك منتديات تتحدث فيها المصريات من الطبقة الوسطى مع ضيوف أجانب ويتبادلن الأفكار معهم، وبدأت النساء تتحدثن في المدارس والجمعيات وأنشأن المزيد من الجمعيات والنوادي في القاهرة.

وكان الاتحاد النسائي التهذيبي وجمعية الرقي الأدبية للسيدات المصريات من الجمعيات الفكرية حديثة الإنشاء، والتي اجتمعت فيها هدى شعراوي وغيرها من الأعضاء من أجل النقاش، والأحاديث غير الرسمية، وعقد محاضرات للمرأة. وقد واجهت المرأة المصرية آنذاك صراعًا شاقًا للحصول على مساحة عامة للاجتماع،  إلا أنه ظل من غير المقبول اجتماعياً أن تتحدث نساء الطبقة العليا في العلن.

وكانت من أبرز موضوعات النقاش، كيف أن الإسلام  مصدر حقوق المرأة، في مواجهة التقاليد والممارسات الثقافية التي تحاصرها، وقد انتشر نشاط تلك النساء وأفكارهن في المجال العام، رغم عدم مقدرتهم على الحديث علنًا (كانت الغالبية تنشرن مذكراتهن من المنزل)، لكن تأثير أصواتهن وأسمائهن تخطت بكثير حدود تلك المنازل.

بعد سنوات من تنظيم الاجتماعات والنقاشات، والزيارات الدولية من قبل الرائدات النسويات، وتنشيط جدول أعمال الحركة النسوية، تحدثت هدى شعراوي علناً لأول مرة عام 1918 في سن الاربعين، و قررت كسر التقاليد وتحدثت لإحياء ذكرى الأيقونة النسوية ملك حفني ناصف (باحثة البادية)، التي توفت فجأة. وذلك خلال حدث كان بمثابة تأبين نسوي.

وفي أواخر الحرب العالمية الأولى، أسس زعماء الحركة الوطنية ، الوفد المصري،  للمطالبة بالاستقلال. عندما تم ترحيل سعد زغلول ونفيه، عملت هدى شعراوي بجانب زوجها الذي عين نائباً لرئيس الوفد، في الكفاح الوطني من خلال حشد شبكة النساء والمساعدة في تنظيم أكبر مظاهرة نسائية مناهضة لبريطانيا، و احتشدت النساء في الشوارع لأول مرة تنديدًا بالعنف والقمع الذي تمارسه السلطات البريطانية ضد الشعب المصري، واحتجاجًا على القبض على الزعماء الوطنيين.

وفي عام 1920، قامت النساء اللاتي شاركن في مظاهرات 1919 والمتزوجات من زعماء وفديين،  بتأسيس لجنة الوفد المركزية للسيدات وانتخبت هدى شعراوي رئيسة لها، وقد لعبت الحرب العالمية الثانية دورًا مهمًا في توسيع نطاق الدعم الشعبي للوفد، من خلال تعزيز صلته بباقي الجمعيات النسائية، ومن ثم لعب دور مؤثر في الضغط على الحكومة البريطانية خلال مفاوضات الاستقلال على ضوء نفي سعد زغلول.

واستمرت شعراوي تعمل بنشاط كرئيسة للجنة الوفد المركزية للسيدات رغم وفاة زوجها خلال هذه الحركة الوطنية، وواصلت نساء الوفد حملتهن للمطالبة بعودة الزعماء الوطنيين المحتجزين خارج البلاد،  طالبت هدى شعراوي رئيس الوزراء البريطاني بالإفراج عن سعد زغلول والآخرين، ووقف الاستبداد الذي يمارسه البريطانيون في مصر.

وفي عام 1921 وفي أثناء استقبال المصريين لسعد زغلول،  قامت هدى شعراوي،  بخلع  النقاب علانية أمام الناس وداسته بقدميها مع زميلتها سيزا نبراوي، واستقبلوا بالتصفيق من قبل حشد من النساء منهن من خلعن النقاب أيضاً. وكتبت في مذكراتها :" ورفعنا النقاب أنا وسكرتيرتي "سيزا نبراوي" وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه، وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافراً لأول مرة بين الجموع، فلم نجد له تأثيراً أبداً لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته.