رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

حوادث

”الإدارية العليا” تلغي قرار عزل وكيل كلية الحقوق الأسبق بجامعة الزقازيق

في حكم للمحكمة الإدارية العليا يؤكد القاعدة الفقهية بأنه لن يضير العدالة افلات مائة مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها معاقبة برئ واحد، وأن المسئولية العقابية سواء كانت جنائية أو تأديبية تقتضى وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم من المتهم.
قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ونبيل عطا الله وشعبان عبد العزيز نواب رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار مجلس التأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة الزقازيق فيما تضمنه من عزل الدكتور محمد محمود محمد إبراهيم وكيل كلية الحقوق الأسبق وأستاذ قانون المرافعات، والقضاء مجددًا ببراءته مما نسب إليه.
أكدت المحكمة في حكمها على أن البراءة تكون للإدانة المزعزعة الأساس المتناقضة المضمون المفرغة من ثبات اليقين وأن الطاعن خلال رحلته الجامعية تقلد مناصب قيادية وصفحته بيضاء من غير سوء في مثل ما نُسب إليه، وأن ما نسب إليه من قيامه بطلب رشوة مبلغ خمسة الاف جنيه وهو أستاذ قانون المرافعات، دون سند أو دليل من الأوراق فكم بلغت قيمة الأوراق والوقت والجهد الذي بذل على مدى مراحل التحقيق والتقاضي ضد الطاعن بلا سند أو دليل مادي يبرهن على صحتها ويقطع بثبوتها في حقه !
قالت المحكمة إنه من المبادئ الأساسية في المسئولية العقابية سواء كانت جنائية أو تأديبية وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم من المتهم، وأن يقوم هذا الثبوت على أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة يقينًا في ارتكاب المتهم الفعل المنسوب إليه، ولا يسوغ قانونًا أن تقوم الإدانة تأسيسًا على أدلة مشكوك في صحتها أو في دلالتها، وإلا كانت تلك الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون مفرغة من ثبات اليقين، وما دام الأصل في هذا الشأن البراءة، فإذا ما شاب وقوع الفعل أو نسبته إلى فاعله تعين تفسير الشك لصالحه وحمل أمره على الأصل وهو البراءة ينعم بها ولا تنفك عنه، كما أنه يجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء التأديبي قائمًا على سببه الصحيح، وذلك بثبوت ارتكاب الموظف للمخالفة وأن تكون الأوراق شاهدة وواضحة في ثبوت نسبة الاتهام إليه.
وأضافت المحكمة أن الجامعات هي منارات العلم ومعقل الفكر وموئل المفكرين وذخيرة الوطن من العلماء في شتي مناحي الحياة، وقاطرة التقدم في المجتمع للوصول إلى بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العملي في التفكير وتنمية المواهب ونشر القيم الحضارية والروحية، متوخية في ذلك المساهمة في رقي الفكر وتقدم العلم والاعتلاء بالقيم الإنسانية، وهو ما يفرض على أساتذة الجامعات التحلى بالأخلاق الكريمة والسلوك القويم بما يتفق مع التقاليد الجامعية العريقة لكونهم قدوة لطلابهم يعلمونهم القيم والأخلاق وينهلون من علمهم ما ينفعهم، فإذا ما خرج أحدهم عن إطار تقاليد الوظيفة الجامعية وتنكب بمسلكه وأفعاله وتصرفاته الطريق القويم وأتى فعلًا مزريا بالشرف والاعتبار فقد الثقة والاعتبار ويتعين بتره من الجامعة ليبقى ثوبها أبيضًا ناصعا إلا أن مناط تطبيق أى من الجزاءات المنصوص عليها يتعين يكون نسبة الاتهام قائما على الجزم واليقين وليس الشك أو التخمين، وسواء بالنسبة إلى أعضاء هيئة التدريس العاملين أو الأساتذة المتفرغين بحسبان أن لهم ذات الحقوق المقررة للأستاذة وعليهم واجباتهم فيما عدا تقلد المراكزالإدارية ومن ثم يلتزمون بكافة الواجبات التى عناها المشرع لعضو هيئة التدريس.
وأشارت المحكمة أن الثابت في الأوراق، إلى أنه قد ورد بمذكرة نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 19700لسنة 2015 جنح البساتين والمقيدة برقم 330 لسنة 2015 حصر تحقيق جنوب القاهرة أن الطاعن بصفته أستاذ متفرغ بكلية الحقوق جامعة الزقازيق أنكر ما نٌسب إليه من اتهام وقرر بأن مبلغ الخمسة اَلاف جنيه التى قام بأخذها، من أحد المحامين كانت لقاء كتب قام بشرائها منه وقام بإيداعها له في حسابه البنكى، كما أنه بسؤال الطرف الآخر المحامى أنكر ما نُسب إليه من اتهام وقرر أن المبلغ المالى المذكور أودعه في حساب الطاعن على سبيل السلفة، ومن ثم جاءت أقوالهما نافية لواقعة الرشوة، وقد أورد الطاعن أمام النيابة أن التسجيلات التى تمت بينهما لم يرد فيها ذكر أن المبلغ المذكور مقابل عمل من أعمال الوظيفة.
وأشار إلى أنه مبلغ ضئيل نظير الكتب التى تسلمها المذكور الذى لم يذكر أن الطاعن طلب منه ثمة مبلغ على سبيل الرشوة، وأضاف الطاعن أن ضابط التحريات لم يضبطه في أى مرحلة رغم حصوله على ثلاثة أذونات من النيابة العامة لملاحقته، وبهذه المثابة فإن ما نسب إلى الطاعن من قيامه بطلب رشوة لم يثبت في حقه على وجه الجزم واليقين الموجب للمسئولية التأديبية.
وأوضحت المحكمة يعضد ذلك ضاَلة المبلغ الذى لم يثبت يقينا أنه كان مقابل أى عمل له تجاه تسجيل الدكتوراة الخاصة بالمحامى المذكور، كما يعزز ذلك أيضا ما شهد به وكيل كلية الحقوق جامعة المنوفية بأن الطاعن مجرد أحد المشرفين على الرسالة لكونه أستاذا متفرغا بحقوق الزقازيق وأنه لم يقم بثمة إخلال وأنه تم اتباع الإجراءات القانونية في تسجيل تلك الرسالة، وكل ذلك من شأنه أن يثير الشك والظن حول ثبوت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن إذ خلت الأوراق من ثمة ما يفيد ثبوت تلك المخالفة في حقه على وجه القطع واليقين، ومتى كان ذلك فإن عقيدة المحكمة ووجدانها لا يطمئن إلى ثبوت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن والتي بدت واهية.