رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

الخلافات السياسية تعرقل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة

فشل مصطفى أديب المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، فى الإعلان عن تشكيلها فى الموعد الذى حدده الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، منتصف الأسبوع الماضى، وذلك بسبب الخلافات الطائفية التى تعانى منها لبنان منذ استقلالها عن فرنسا عام 1944، الأمر الذى ينذر بتصدع الدولة، فى ظل عجز القادة السياسيين عن حل مشاكل المواطنين المتفاقمة إلى الحد الذى دفع بعض اللبنانيين إلى المطالبة بعودة الاستعمار الفرنسى مرة أخرى.

وقال فادى عاكوم المحلل السياسى اللبنانى أن المبادرة الفرنسية بتشكيل حكومة اختصاص مستقلة مصغرة، لكنها تواجه صعوبات أبرزها رفض حزب الله وحركة أمل، الالتزام بأهم بنودها، وهى اختيار شخصيات سياسية لا تنتمى لأى أحزاب سياسية.

وأضاف عاكوم لــ"الزمان" أن المبادرة التى أطلقها الرئيس ماكرون هى الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد قبل سقوط لبنان بشكل كامل، مشيرا إلى أن البلاد تواجه أزمة اقتصادية ومالية طاحنة تشكل أكبر تهديد لاستقرارها منذ الحرب الأهلية التى دارت رحاها بين عامى 1975 و1990.

وأوضح عاكوم أن نجاح المبادرة يهدف إلى إنقاذ الشعب اللبنانى والدولة ككل، مشيرا إلى أن انهيار البلاد بات قريبا بسبب تعنت السياسيين، مؤكدا أن الضغوط على مصطفى دياب رئيس الوزراء الجديد شديدة ولكنه مصر على استكمال تشكيل وزارة مستقلة سياسية من 14 وزيرا بعيدين عن السياسيين المنتشرين فى البلاد.

حذر عاكوم من أنه إذا لم تشكل حكومة كفاءات مستقلة قبل الأسبوع القادم، فيكون الثنائى أمل وحزب الله مسئولين عن ضرب المبادرة الفرنسية وتعريض شعب لبنان للعقوبات، والحصار الاقتصادى، والجوع والهجرة والانهيار.

وكشف عاكوم أنه فى حال نجاح المبادرة فستشهد البلاد دعما دوليا واقتصاديا قويا سواء من أوروبا أو الخليج العربى، مشيرا إلى أن الكرة الآن فى ملعب حزب الله وحركة الثامن من آذار وحركة أمل والتيار الوطنى الحر بضرورة إعطاء الثقة لحكومة مصطفى أديب.

ولفت عاكوم إلى أنه لن يتم طرح مشكلة سلاح حزب الله فى الوقت الحالى انتظارا للقيام بالخطوات الأولى فى تحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية للبلاد، التى توشكان تعلن إفلاسها أمام العالم.

فى سياق متصل أكد الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ بجامعة حلوان، أن الطائفية سر عدم استقرار لبنان منذ نشأته، موضحا أن الفتح الإسلامى لبلاد الشام دفع المسيحيين إلى الإقامة فى جبل لبنان، حيث اكتفى الجيش العربى بالسيطرة على شواطئ الشام.

أضاف الدسوقى أن اتفاقية "سايكس/ بيكو" التى وقعت بين فرنسا وإنجلترا عام 1916 وضعت منطقة سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسى، فقامت الأخيرة بضم شاطئ بيروت وبعض مناطق إليها من سوريا لتكوين دولة صغيرة.

أوضح أستاذ التاريخ أن هزيمة فرنسا أمام الألمان بداية الحرب العالمية الثانية أدت إلى ظهور حركات وطنية تطالب بالاستقلال عن فرنسا، التى وافقت بعد انتصارها فى الحرب عام 1944 على منح لبنان استقلاله ولكنها صنعت الطائفية حيث جعلت رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس الوزراء مسلما سنيا ورئيس مجلس النواب شيعيا، الأمر الذى لا يسمح إطلاقا باستقرار البلد سياسيا.

وحول احتمال تعرض لبنان مرة أخرى للاستعمار من قبل فرنسا، قال الخبير الاستراتيجى، أن السرعة التى وصل بها الرئيس الفرنسى لبيروت تشير إلى أنه أراد ألا يسبقه زعيم آخر فى دولة توشك أن تعلن إفلاسها، غير إنها تحتل موقعا استراتيجيا مهما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط.

أكد الدسوقى على احتمال انهيار لبنان ما لم يرتفع الزعماء السياسيون عن الطائفية، وإعلاء مصلحة الوطن، الذى يوشك أن يتصدع نهائيا، لافتا إلى أن الصراعات الدينية بدأت هناك خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر بين مستاجر مسلم ومالك مسيحى مما دفع فرنسا للتدخل كى يحصل لبنان على حكم ذاتى من الخلافة العثمانية، يرأسه رئيس مسيحى ولم يتعلم اللبنانيون الدرس طوال قرنين من الخلافات طحنت الشعب المسكين، كى يزداد ثراء الصفوة.