رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

تحركات أوروبية لردع الانتهاكات التركية فى شرق المتوسط

تجدد التوتر بين البلدين الجارين الأوروبيين تركيا واليونان خاصة بعد إعلان رئيس وزراء الأخيرة كيرياكوس ميتسوتاكيس إبرام صفقات أسلحة فرنسية وتجنيد عشرات الآلاف، واندلعت التوترات فى المنطقة فى أغسطس الماضى بعد أن استأنفت تركيا التنقيب عن الغاز والتدريبات البحرية فى المياه المتنازع عليها. ومنذ ذلك الحين، نشرت تركيا واليونان أساطيلهما البحرية فى منطقة يطالبان فيها بحقوقهما الاقتصادية.

وأعلن رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس عن خطط بلاده لتعزيز قدراتها العسكرية وشراء أسلحة بينها 18 مقاتلة رافال فرنسية، و4 فرقاطات متعددة المهام و4 طائرات مروحية إضافة إلى تجنيد 15 ألف جندى وضخ مزيد من التمويل فى قطاع صناعتها الدفاعية، وذلك وسط تصاعد التوتر مع تركيا فى شرق المتوسط، وفى 10 سبتمبر الماضى اجتمعت سبع دول أوروبية وترأس الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الاجتماع، فى جزيرة كورسيكا الفرنسية، لمناقشة وضع الاعتداءات التركية التى وصفها بيانه الختامى بأنها "عدوانية"، كما حذر البيان تركيا فى عدم استمرارها من إجراءات تقييدية، ستنفذ مع حلول القمة الأوروبية المزمعة 24 و25 من سبتمبر الجارى.

وتحت عنوان "أردوغان يهدد حقًا حليفًا فى الناتو فى البحر المتوسط" غطت الصحيفة الأمريكية، وول ستريت جورنال، تداعيات تصريحات أردوغان الاستفزازية ضد فرنسا واليونان، وأشارت فى تقريرها إلى أن أزمة شرق البحر المتوسط، قد "تنهى" ما يسمى الناتو، على الأقل كما كنا نعرفه حتى اليوم، وهذا دق "الجرس" فى واشنطن. الأمر الذى ظهر خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكى، مايك بومبيو الخاطفة التى استغرقت ساعتين وفقا لبلومبرج الأمريكية، للقاء الرئيس القبرصى أعرب فيها بومبيو عن تخوفات واشنطن من عمليات تركيا المستمرة للبحث عن الموارد الطبيعية فى شرق المتوسط، وفى وقت سابق قررت الولايات المتحدة الرفع جزئيا لحظر الأسلحة المفروض على قبرص منذ عقود.

واتجهت الصحيفة الأمريكية إلى القول أن قضية الجرف القارى والمياه الإقليمية فى بحر إيجة من الأسباب الرئيسية للأزمة بين اليونان وتركيا التى تميل إلى التحول إلى صراع، وأرجعت التوتر المتزايد فى الفترة الماضية إلى عدوانية الرئيس التركى، "للطرفين أيضًا مزاعم مشروعة، لكن أنقرة تحاول إضفاء الشرعية عليها بالخطاب القومى والسلوك السيئ".

قال الأدميرال التركى جيم جوردنيز: "إذا ضغطت اليونان على الزناد، فستكون نهاية الناتو"، مشيرًا إلى أن تركيا ستنسحب من التحالف العسكرى [وتنضم إلى الاتحاد الأوروبى الأسيوى أو تظل مستقلة مع الأخير]، وذكر نعتقد أن أردوغان يسعى إلى فك الارتباط بحلف شمال الأطلسى منذ عام 2016، والبقاء مستقلاً لتنفيذ خططه لضم الأراضى فى سوريا وليبيا والعراق وأرمينيا وبحر إيجة.

ومن جانبه ذكر الباحث فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمود قاسم أن سبب المشاحنات بين تركيا واليونان وهو أن تركيا لديها مشروع الوطن الأزرق وهو مخطط ليس وليد اللحظة بل يرجع إلى عام 2006، ويستهدف سيطرة أنقرة على البحار المحيطة بها وهى إيجة، والأسود، والمتوسط، لكن لمواجهة عدة عقبات وهى أن تحركاتها ومنها التنقيب عن الغاز والمناورات العسكرية والتحرش بالسفن، تعتبر مخالفة لقواعد القانون الدولى مما يعتبر اعتداء على حقوق الدول فى شرق المتوسط.

وأما عن احتمال اندلاع صراع مفتوح بين تركيا واليونان، قال قاسم إن فكرة الصراع تحدها مجموعة قيود منها أن تكلفة الحرب بالنسبة للطرفين ستكون مكلفة خاصة أن وضع أردوغان الاقتصادى لا يسمح له بإجراء هذه المغامرة، كما أن حلف الناتو سيحول دون وقوع المواجهة، بالإضافة للحضور والانتشار العسكرى الفرنسى فى شرق المتوسط مما يصعب المواجهة على تركيا إذا دخلت فى مواجهة مع اليونان والتى ستتدخل فيها فرنسا بمشاركة مجموعة من الدول الأوروبية.

كما أورد الباحث السياسى أن اليونان اتخذت مجموعة من الإجراءات المعرقلة لتحجيم الوجود التركى فى المتوسط والذى ظهر فى توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مصر وأخرى مماثلة مع إيطاليا، وذلك بالإضافة إلى التحرك الأوروبى المنتظر فى 25 و24 سبتمبر القادم يستهدف توقيع عقوبات على تركيا فى حال استمرار أعمالها العدائية، ولم يستبعد قاسم تهدئة الصراع بين البلدين من خلال وسطاء أوروبيين دبلوماسيين، إلا أن فرص الحوار بين الطرفين فى الوقت الراهن مستبعدة، خاصة أن تركيا تشترط إعادة النظر فى اتفاقية لوزان- وقعتها تركيا فى يوليو 1923، ورسمت حدود الدولة الأتاتوركية، وأعطت غالبية الجزر فى بحر إيجة لليونان وهو أمر ترفضه اليونان بشكل قاطع، وأكد أن الحرب المفتوحة والمواجهة المباشرة بين الطرفين مستبعدة حتى وإن زادت التصريحات العدائية والحرب الكلامية بينهما لأن تكلفتها عالية للطرفين ولدول الجوار كافة.