رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

صراع دولى للاستيلاء على ما تبقى من لبنان المنكوب

عقب انفجار مرفأ بيروت، أعلنت دول عربية وغربية عن تضامنها وتقدمت بالتعازى، وأرسلت طائرات محملة بالأدوية والأغذية، بينما تكفلت أخرى برعاية عدد من الجرحى. لكن فرنسا قررت أن تسبق الجميع بزيارة الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، إلى بيروت المنكوبة، وشعبها المكلوم.

إذ وضعت خريطة طريق مفصلة لإجراءات يجب اتخاذها للقضاء على الفساد المستشرى فى الدولة ومواجهة مشكلات أخرى شلت القطاع المصرفى وتسببت فى انهيار قيمة العملة. وخلال زيارة ماكرون، وعدت القيادة اللبنانية، بتشكيل حكومة اختصاصيين دون انتماءات حزبية فى غضون نحو أسبوعين -يوم 15 سبتمبر الجارى- لإنهاء أزمة اقتصادية طاحنة تفاقمت بانفجار ضخم فى مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس المنصرم.

ووصف كثيرون الرئيس الفرنسى بالذكى؛ لأنه لم يزر لبنان بصفته الشخصية، بل بصفته الرسمية متحدثا باسم فرنسا، ووعد بدعم فرنسى للبنان، فالزيارة فى هذا الإطار تحرك دبلوماسى.

كما فتحت زيارة ماكرون، الباب أمام تكهنات حول كيفية استفادة فرنسا من أزمة لبنان سياسيا واقتصاديا، وإعادة فرض الانتداب عليها، بالإضافة إلى فتح أنظار دول الاستعمار الأوروبى على استغلال البلد المنكوب.

أزمة سياسية

ولكن الصراع بين الطوائف اللبنانية، عرقل التحرك لتشكيل حكومة جديدة، عشية الموعد النهائى المتفق عليه مع فرنسا، مما يقوض الجهود الرامية لإخراج البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة.

حيث اجتمع رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، مع الرئيس اللبنانى ميشال عون، لإجراء مشاورات بعد اعتراض اثنين من أبرز السياسيين على الطريقة التى يشكل بها أديب الحكومة، كما أنه لم يقدم قائمة بأسماء الوزراء الجدد كما كان منتظرا، حسبما أفادت وكالة «رويترز». وعقب اجتماعه بعون، قال أديب للصحفيين: «إن شاء الله نأمل كل خير».

وفى حالة عدم تشكيل الحكومة فى الموعد المحدد، تتلقى فرنسا ضربة مبكرة لمسعاها للتوصل إلى اتفاق بين سياسيين عنيدين، على إصلاحات تؤدى لاجتثاث الفساد، فى مقابل مساعدات خارجية يحتاجها لبنان بشدة ليخرج من أسوأ أزمة يشهدها منذ الحرب الأهلية التى دارت بين عامى 1975 و1990.

وقبل أيام عبرت أحزاب شيعية ومسيحية، عن اعتراضها على الطريقة التى يحاول بها رئيس الوزراء السنى المكلف، بتشكيل الحكومة دون إجراء المشاورات التقليدية.

وفى نفس السياق، أفاد مكتب الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، بأن الرئيس يضغط على الساسة اللبنانيين، للوفاء بوعودهم بتشكيل حكومة جديدة، والعمل على انتشال البلاد من أسوأ أزمة تشهدها.

كما صرح «قصر الإليزيه»: «بأن الرئيس الفرنسى، يواصل اتصالاته مع مختلف اللاعبين السياسيين فى لبنان»، دون أن يدلى بأى تفاصيل عن أى مناقشات.

محاولة إيطالية

وبعد مرور أكثر من شهر على حادث الانفجار الهائل الذى شهده مرفأ بيروت، وصل رئيس الوزراء الإيطالى، جوزيبى كونتى، للعاصمة اللبنانية، فى زيارة تهدف لإبداء الدعم للبنان وشعبه.

وخلال كلمته فى بيروت أعلن كونتى، أن بلاده أطلقت عملية «طوارئ الأرز» لمساعدة لبنان، معتبرا أن انفجار المرفأ، لم يهز فقط لبنان، بل المجتمع الدولى بأجمعه، مضيفا: «لقد تدخلنا على الفور من خلال الدفاع المدنى الإيطالى، وإرسال المساعدات الطبية والصحية إلى لبنان، وأرسلنا مستشفى ميدانيا عسكريا بقدرات متطورة، كما تم إرسال فرق لفوج الهندسة فى الجيش الإيطالى للعمل فى المرفأ».

وخلال لقائه مع الرئيس اللبنانى، ميشال عون، قال رئيس الوزراء الإيطالى، إن إيطاليا كانت وستبقى فى الخطوط الأمامية بالنسبة للاستجابة الطارئة وإعادة الإعمار السريعة للمناطق المتضررة جراء انفجار بيروت، وفقا لوكالة «آكى» الإيطالية.

كما أضاف كونتى، قائلا: «إن الوقت قد حان للنظر إلى الأمام وبناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات، بالإضافة إلى كتابة صفحة جديدة من تاريخ لبنان، وأنه تحد كبير جدا لكن بفضل السلطات اللبنانية التى يمكن أن تلتزم بمسار تجددى للمؤسسات والحكومة يصبح كل شىء ممكنا، وهذه المطالب تطالب بها هيئات المجتمع المدنى والمواطنون منذ زمن».

وأكد: «أن إيطاليا تحترم سيادة الشعب اللبنانى، وستبقى بقربه وتأمل بتأليف حكومة جديدة لتحقيق الإعمار مع برنامج إصلاحى يشمل المطالب المحقة للمواطنين».

ولفت رئيس الوزراء الإيطالى: «إلى أنه يجب بناء هذا المسار لكى ينعم لبنان، بمستقبل مزدهر ويعمه السلام، ولقد عبرت عن موقفى هذا لرئيس الجمهورية وسأتكلم عن هذه الاعتبارات مع سائر من سألتقيهم، وإيطاليا ستساهم بدعم الاستقرار والنمو الاقتصادى والاجتماعى للبنان، لبنان يمكن أن يعتمد على إيطاليا ودور إيطاليا فى الاتحاد الأوروبى والأسرة الدولية».

ومن جهتها، قالت الحكومة اللبنانية خلال بيان: «إن كونتى من خلال مهمته، وهى الأولى فى الخارج بعد العطلة الصيفية، يعتزم تعزيز التضامن الإيطالى، بشكل ملموس ومضمون على الفور للبنان فى أعقاب الانفجار، ويؤكد مجددًا دعم إيطاليا لاستقرار البلاد ونموها الاجتماعى والاقتصادى»، حسبما أفادت شبكة «MTV» اللبنانية.

وأضاف البيان: «اقتصاديًا، تشجيع جميع القوى السياسية على تجاوز الخلافات من خلال إعطاء الحياة لسلطة تنفيذية قادرة على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة للبلاد بشكل فعال، وتلبية تطلعات السكان، أما الهدف الثالث للزيارة، فهو تعزيز المساهمة الإيطالية فى أمن لبنان، كالدور فى بعثة «يونيفيل» وغيرها، فضلا عن الإمدادات للجيش اللبنانى.

ويجدر الإشارة إلى أن زيارة كونتى للبنان، جاءت بعد أقل من أسبوعين من زيارة وزير الدفاع الإيطالى لورينزو جويرينى.

أطماع تركية

ولم تكن زيارة كونتى وماكرون هى الوحيدة، ولكن كما هو معهود أن تركيا تستغل الأزمات، حيث وصل نائب الرئيس التركى، فؤاد أقطاى، على رأس وفد تركى يضم وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، إلى لبنان.

وعقب لقاء مع الرئيس اللبنانى ميشال عون، أعلن أقطاى: «أن تركيا مستعدة لإعادة إعمار مرفأ بيروت والمبانى المجاورة له»، وفقا لما نقلته «DW».

كما أعلن أقطاى أن ميناء «مرسين» التركى، سيكون فى خدمة اللبنانيين حتى ترميم مرفأ بيروت، كما أعلن أن تركيا مستعدة عبر هذا الميناء القريب من لبنان لاستقبال الفعاليات التجارية اللبنانية، لحين إعادة إعمار مرفأ بيروت، ومن ثم نقل السلع والبضائع بواسطة بواخر صغيرة إلى الموانئ اللبنانية الأخرى.

وأعلن جاويش أوغلو، عن استعداد بلاده منح الجنسية للبنانيين التركمان، قائلا: «نقف مع أقربائنا من الأتراك والتركمان فى لبنان، وحول العالم، سنمنح الجنسية التركية لأشقائنا الذين يقولون نحن أتراك أو تركمان ويعبرون عن رغبتهم بأن يصبحوا مواطنين»، مؤكدا أن هذه توجيهات الرئيس التركى، حسبما ذكرت «الإندبندنت».