رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

فن

سر تفكك المسرح واختطاف بريقه

نجح المسرح المصرى فى استعادة جماهيره بعد غياب استمر لسنوات، سحبت الأعمال التليفزيونية والسينمائية الأضواء منه، كما فقد الممثلون حماسهم للعمل به، نظرا لأنه يحرم الفنان من الارتباط بأى أعمال فنيه أخرى.

كما أنه يحتاج لتقديم أعمال مغرية لجذب الجماهير إليه بدلا من الاكتفاء بمشاهدة كل الأعمال الفنية تليفزيونيا.

ويسيطر على المسرح المصرى القطاعان العام والخاص، أما الأول فيعرف باسم البيت الفنى للمسرح الذى يحترم جمهوره لتقديمه أعمالا متميزة باللغة العربية الفصحى أو منقولة عن الأدب العالمى كما يقدم الجديد من الأعمال المميزة، أما المسرح الخاص الذى يحاول البحث عن "الإفيه" والكوميديا التى تستقطب الجمهور ولا يهتم أغلبه بالمحتوى الفنى للعمل المقدم فالمهم عنده الكوميديا.

من بين هذه المسارح مسرح محمد صبحى الذى يقدم أعمالا اجتماعية فى قالب كوميدى، ومسرح سمير غانم وهو مسرح خفيف الظل يقدم قصصا اجتماعية مصحوبة ببعض الاستعراضات والأغانى، ولكنه غاب منذ أحداث يناير2011، ومسرح الزعيم الذى تميز بقدرته على تقديم أعمال يتقبلها الجمهور لسنوات طويلة مثل مسرحياته الشهيره "الواد سيد الشغال" و"الزعيم"، و"بودى جارد" وتوقف هو الآخر منذ أكثر من عشر سنوات.

كما قدم النجم أشرف عبدالباقى تجربته التى عرفت باسم مسرح مصر الذى قال عنه البعض إنها مجرد اسكتشات لا علاقة لها بالمسرح، فيما وصفه آخرون بأنه مسرح شبابى، غير أننا لا ننكر أن هذا المسرح قد أحدث نهضة مسرحية وتنافسية أغرت الكثير من الشباب لتقديم أعمال مسرحية مثل الإعلامى الفنان أحمد أمين الذى قدم عددا من العروض على المسرح ثم عاد وعرضها أسبوعيا على شاشة التليفزيون تحت مسمى "أمين وشركاه".

كما ظهر مؤخرا مسرح "كايرو شو" الذى قدم عددا من الأعمال المسرحية منها مسرحية أحمد عز وتارا عماد بعنوان "علاء الدين" ومسرحية محمد هنيدى "3 أيام فى الساحل"، ومسرحية أكرم حسنى "عطل فنى"، ومسرحية "حزلقوم" بطولة الفنان أحمد مكى.

فى البداية يوضح الناقد الفنى أحمد عبدالصبور، أن الفن أهم الوسائل التى تساهم فى خلق الإبداع، وتعزيز القيم الجمالية فى العالم، ولا شك أنه قادر على توصيل فكرة معينة بطريقة إبداعية للمواطن، سواء باستخدام الأدب، أو المسرح، أو السينما، أو الرسم، أو الموسيقى، أو الغناء، مشيرا إلى مقولة "أنطون بافلوفيتش تشيخوف" رائد المسرح الروسى، ليس هناك فن أو علم يستطيع التأثير فى النفس البشرية بقوة وصدق المسرح.

أضاف لـ"الزمان" أن المسرح مكان يجمع كل أنواع الفنون.. لذلك يقال إن "المسرح أبوالفنون"، وذلك لأنه تاريخياً خرج من رداء الشعر، وظل أطول الفنون عمراً وأكثرها تأثيراً وقدرة على تحقيق العلاقة المباشرة بين الممثلين والمشاهدين، تلك العلاقة التى تفتقدها جميع الفنون الأخرى بكل ما تملكه من وسائل حديثة للإبهار تسهل إمكانية التواصل مع المتلقى.

لفت عبدالصبور إلى اعتماد المسرح على لغة الحوار وعلى الحبكة الدرامية محكمة الصنع والتى يلعب فيها "الصراع" دوراً أساسياً فى تصاعد أحداثها لذلك ظل طوال مسيرته القلعة الحصينة للحرية، وذلك باعتماده على تقديم الرأى والرأى الآخر وتناول كافة وجهات النظر بما يحقق متعة فكرية كبرى تفتقدها جميع الأشكال والقوالب الدرامية الأخرى التى قد تهتم بدرجة أكبر بالشكل دون المضمون وبتفاصيل الأحداث الدرامية ومدى تأثر الشخصيات المحورية بها وتأثيرها فيها.

أوضح الناقد الفنى أن هناك ثلاثة عناصر تتحكم فى المسرح، هى النص ومن يقوم بتقديمه "المرسل"، وجمهور المشاهدين "المستقبلين"، ثم المكان الذى يجمع بين كلا الطرفين الأول والثانى وهو المسرح نفسه.

لفت عبدالصبور إلى أن جميع الأشكال والقوالب المسرحية بتعددها والاختلافات الكبيرة فيما بينها لا يمكنها أن تحقق النجاح المنشود دون الاعتماد على نص محكم البناء يتضمن خطابا دراميا واضحا وجادا، فبدون النص الجيد يتحول العرض إلى مجموعة تابلوهات غنائية أو رقصات واستعراضات أو اسكتشات كوميدية يضيع تأثيرها فوراً بمجرد انتهاء العرض دون أن تترك أثرا حقيقيا فى وجدان المشاهد.

أكد الدكتور أحمد عبدالصبور على أن قيمة العروض الحقيقية تتحدد بمدى قدرتها على إثارة خيال المشاهد وإثراء وجدانه وبقدر ما تثيره من قضايا تجعله يعيد تفكيره وحساباته وترتيب أولوياته فى كثير من الأمور التى تحيط به، أو بتعبير آخر ترتقى به فكرياً وتسمح له بإسقاط كثير من الأفكار والمعانى على حياته المعاصرة ومشاكله الحياتية.

وقارن الناقد الفنى بين دور الممثل على المسرح والسينما، موضحا أن الأول يقف أمام الجمهور ويتحرك على خشبة المسرح، أما فى السينما فهو مجرد صورة مطبوعة غير مباشرة، وهذا يعطيه الفرصة فى الاندماج مع المكان وتوحيد العناصر جميعها قبل تقديم المحتوى إلى جمهوره.

أرجع عبدالصبور السر فى عودة الممثلين بقوة مؤخرا للمسرح إلى عدة أسباب منها، قلة الإنتاج التليفزيونى الخاص بالأعمال الدرامية التليفزيونية، مما دفع الكثير من الممثلين إلى الاتجاه نحو المسرح للمشاركة فى الأعمال التى كانت البديل القائم للاستمرار فى أعمالهم الفنية بكل حرية وبدون قيود.

فى سياق متصل أعرب المخرج المسرحى هشام جمعة عن سعادته بنهضة المسرح الكبيرة للبيت الفنى بعد انتهاء أحداث يناير، التى أوقفته لفترة، وتحدث "جمعة" عما حققته مسرحيته "حفلة تنكرية"، لأنها عمل مسرحى منقول عن الأديب العالمى "البيرتو مورافيا" وقام بتمصيره القدير "سعد أردش" لذلك حققت ليالى عرض كبيرة وإيرادات مميزة وكان جمهورها يشيد بها ويطالب بعرضها لأكبر عدد ممكن من الأيام إلا أن مسرح السلام كان مرتبطا بعروض أخرى وهذا يؤكد أن المسرح عندما يقدم أعمالا مميزة فإن الجمهور يسعى إليه.

وأوضحت الفنانة سميحة أيوب رئيس المسرح القومى سابقا أن المسرح عانى طوال الوقت من أزمة البحث عن نص جيد ومخرج وكاست ممتازين كما أنه يحتاج لعمل بروفات كثيرة والأهم وجود ميزانية مناسبة حتى يقدم عملا مميزا للجمهور، مشيرة إلى أن المسرح فى الستينيات والسبعينيات كان أمرا مقدسا عند كل أسرة مصرية وكانوا حريصين على مشاهدة الأعمال الجديدة.

أضافت أنه مع تقدم العصر افتقد المسرح جمهوره، لافتة إلى أنها عندما عملت رئيسا للمسرح القومى كانت تبحث عن نصوص جيدة لكبار مؤلفى المسرح كما قدمت أعمالا ممصرة عن الأدب العالمى لذلك كان زاخرا بأعمال مميزة كما كان الجمهور يحترم المسرح أما الآن فقد تغيرت كل الموازين.

وأشارت إلى تأثر المسرح بالانتفاضات التى شهدتها مصر إلا أن المسرح بدأ مؤخرا استعادة عافيته معربة عن أملها فى أن يستعيد بريقه كما كان بالستينيات.

وأكد الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح، أن المسرح قد استعاد عافيته بشكل واضح بعد تأخره أحداث يناير المؤسفة من عام 2011 وما تبعتها من أحداث أثرت على كل المجالات، غير أن الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة نجحت فى إحداث طفرة للمسرح نظرا لكونها فنانة مميزة تدرك أهمية دعم الحركة المسرحية.

أضاف رئيس البيت الفنى، أن المسرح يقدم حاليا الكثير من العروض المميزة والناجحة التى لم يشهدها من قبل حيث شهدت بعض مسرحيات، المعروضة على مسرح الدولة لافتة كامل العدد فى الكثير من العروض منها عرض "الملك لير" للفنان يحيى الفخرانى ومسرحية "المتفائل" لسامح حسين ومسرحيات أخرى طالب الجمهور بإطالة فترة عرضها مثل مسرحية "قواعد العشق" و"الحفلة تنكرية" وغيرها.

وأكد أن هذه الطفرة جاءت بدعم ومتابعة وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم لكونها فنانة مميزة تسعى لمساعدة الحركة المسرحية.

وأوضح الكاتب وليد يوسف، أن المسرح الخاص يشهد حركة مسرحية كبيرة لافتا إلى تحقيق مسرحيته "حدث فى بلاد السعادة" نجاحا كبيرا لأن العمل عبر عن رغبة الجمهور نفسه فى التفاؤل ورفع العرض فى ليال كثيرة لافتة كامل العدد، مؤكدا أنه يتمنى أن تستمر الصحوة التى يشهدها المسرح هذه الأيام.

وأوضح المنتج مجدى الهوارى، أن العمل المسرحى استهواه رغم أنه جديد عليه مؤكدا أنه قام بإعداد عدد من المسرحيات المميزة بالقطاع الخاص لأنه يعلم ولأن اسم النجم هو الذى يجذب الجمهور لهذا اختار عددا مميزا من أسماء النجوم ومن النصوص المميزة.

وتحدث عن العروض التى قدمها قبل أزمة كورونا وعاد لاستئنافها، قائلا: قدمنا عرض "علاء الدين" للفنان أحمد عز ومجموعة من الفنانين الكوميديين معه وأن المسرحية جذبت الأطفال والكبار، كما قدمنا الفنان أحمد مكى فى عرض مميز لشخصية "حزلقوم" التى أحبها الجمهور من مسلسل "الكبير أوى" وقدمنا الفنان أكرم حسنى فى عرض "عطل فنى" والفنان محمد هنيدى فى مسرحية "3 أيام فى الساحل" وطافت هذه العروض العديد من الدول العربية. عادل حسان.. قواعد العشق تأليف إليف شفاق أثبتت أن جمهورنا واع وينتظر العمل اللائق.

أوضح المخرج المسرحى ورئيس قصر ثقافة الجيزة، الفنان عادل حسان، أن مسرح الدولة شهد انتعاشة فنية كبيرة رغم توقفه لعدة شهور بسبب الكورونا لكن مع رجوع المسرح والسماح بحضور 25% من الجمهور بدأ يستعيد عافيته والتى نأمل أن يعود كالسابق.

وأضاف حسان، أن المسرح العام يحترم المشاهد لهذا يستقطب جمهورا كبيرا. ولفت حسان بصفته رئيس قصر ثقافة الجيزة إلى قيام الثقافة بعمل مسابقات للشباب بحثا عن مواهب شابة فى التمثيل والإخراج والكتابة وأوضح أن القصر استقبل العديد من النصوص المميزة الشبابية التى حققت نجاحا كبيرا.

وعن دوره كمخرج قال إن مسرحية "قواعد العشق" كانت آخر عمل قدمه للبيت الفنى للمسرح وحققت نجاحا كبيرا أكثر مما توقعه حيث عرضت لمدة 146 ليلة فوق الليالى المقررة لها وحققت ملايين الجنيهات وهذا يؤكد أن العمل الجيد يجد الجمهور فى انتظاره، لافتا إلى عرضه باللغة العربية الفصحى.

وأوضحت الفنانة لقاء سويدان، أن المسرح تأثر كباقى الفنون بأزمة الكورونا ولكن رغم ذلك فإن أول ما بدء المسرح عروضه وجد جمهورا كبيرا يطلب مشاهدة عرض مسرحية "سيد درويش" مرجعة السر فى زيادة عدد الحضور إلى أنه عرض مميز يحمل اسم الموسيقار سيد درويش وهى شخصية مؤثرة فى المجتمع رغم أنها كانت من عشرينيات القرن الماضى إلا أنها معروفة للجمهور.

أضافت سويدان أن ما يميز مسرح القطاع العام عن الخاص احترامه لعقلية المشاهد وتقديمه أعمالا مميزة مشيدة بوعى الجمهور حيث أكدت أنها عندما شاركت فى مسرحية "الحفلة تنكرية" باللغة الفصحى، وفى مسرحية "سيد درويش" رفعت لافتة كامل العدد.