رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

بعض ما يقال عقب زلزال الانتخابات الرئاسية الأمريكية

قرأت ما تنقله وسائل الإعلام عن أن المثقفين الأمريكيين يعلنون الثورة على ترامب، وهى ثورة بدأت منذ أول يوم دخل فيه السباق دون أن تعنى شيئًا بالنسبة لنتائج المعركة الانتخابية، فقد فاز بأصوات الناخبين التى جعلته رئيسًا، ولن يؤثر بعد ذلك أن تستمر ثورة المثقفين أو لا تستمر، فالمعركة لا يحسمها غير صندوق الاقتراع الذى قال كلمته، والمثقف سوف يعنى مسألتين، الأولى أنه سيتحول إلى جماعة ضغط ممكن أن تؤثر فى بعض السياسات، إقرارًا أو تأكيدًا أو إبعادًا لبعضها، والثانى أنها سلطة المثقف كما هى فى كل الأوقات وكل الأماكن سلطة ضمير يمكن أن تكون تحذيرًا وتنبيها لأى انحراف أو اجتراء ينال من القيم الإنسانية.
الحديث عن مثل هذه المناهضة تذكرنا بموقف المثقفين من رئيس سابق هو رونالد ريجان، الذى أثار نفس الشعور بالنفور لدى أهل الفكر والثقافة، وكان رأيهم هو الذى عبرت عنه السيدة جين فوندا عندما قالت إن ريجان كان ممثلًا حقيرًا وسوف يكون رئيسًا حقيرًا أيضًا
“He is a lousy actor , and he will make a lousy president”
إلا أن هذا الرئيس دخل التاريخ باعتباره كان قادرًا أكثر من غيره من الرؤساء السابقين، الذين قادوا بلادهم فى أثناء احتدام الصراع مع الاتحاد السوفيتى، والكتلة الشرقية، على حسم الصراع لصالح بلاده، وانتهج سياسة كانت السبب فى تدمير تلك الكتلة وانهيار الاتحاد السوفييتى وتفكيكه، وأعلن برنامجًا أسماه حرب النجوم، أنهك دولة الاتحاد السوفييتى فى أثناء سعيها للحاق به، وهو جانب لم يكن يراه الذين ناهضوا سياسته من أهل اليسار، علمًا بأن قوى اليمين فى الغرب لهم طبيعة خاصة غير تلك التى نعرفها فى عالم الشرق، وكذلك اليسار الذى لا يجب أن نقيسه بمقاييس اليسار فى بلادنا، واستدراكًا لابد من القول إن ريجان مسئول أيضًا، كنوع من الآثار الجانبية، الناجمة عن هذه السياسة، عن إيقاظ الوحش الأصولى الإسلامى الذى حصل على دعم إدارته وتمويلها عند استخدامه فى هذه الحرب على الاتحاد السوفيتى، والزج به فى الحرب ضد الجيش الأحمر فى أفغانستان.
وكلمة أخيرة، إن ما نسميه المجتمع الدولى ومخططاته وسياساته سوف لن تمضى على نفس المنوال بعد الزلزال الأمريكى بوصول ترامب إلى البيت الأبيض، فما كان قبله لن يكون مساويًا لما سوف يأتى بعد وصوله إلى مقعد الرئيس الأمريكى، والسيد كوبلر فى ليبيا سوف تختلف تغريداته السابقة عن تغريداته اللاحقة إذا استمر فى الخدمة، وهو بالتأكيد لن يستمر، وسيلحق بأعضاء الحراك السياسى الليبى من فاقدى الصلاحية والمشروعية.