جريدة الزمان

تقارير

لم تنته الحرب بعد.. هل تصبح تركيا أزمة الأسد الأكثر تعقيدًا؟

اردوغان
لمياء يسري -

انتهي العام الماضي، بأحداث وقرارات سياسية متعددة أدت إلى انقلاب الحسابات الخاصة بشأن الحرب الدائرة في سوريا، لصالح الرئيس بشار الأسد، الذي استعاد مساحات واسعة من أراضي الدولة، بعد المساعدات المادية والعسكرية، التي قدمتها كل من روسيا وإيران.

ومن أبرز تلك القرارات، كان إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 19 ديسمبر الماضي، سحب قواته من الأراضي السورية، بعد تأكيده هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، والذي كان مبرره الوحيد للبقاء هناك خلال فترة رئاسته.

 وكان إعلان الانسحاب الأمريكي من سوريا له تأثير كبير على القوات المتحاربة هناك في سوريا، وعلى رأسها تركيا التي تعد الرابح الأكبر من هذا القرار.

وقال مستشار التحالف الدولي السابق، كاظم الوائلي أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد أن تكون جزءًا من الصراع في سوريا، ولكنها أُرغمت عليه.

وأضاف في تصريحات خاصة، لـ"الزمان"، أمريكا  أرادت إبقاء شرق سوريا، ودير الزور منطقة عازلة بين النظام وداعش بالإضافة إلى المناطق الكردية المتحالفة مع الأمريكان، حتى ينظفوا كذلك العراق من التنظيم الإرهابي.

وبحسب  قناة الحرة الحكومية الأمريكية، نقلًا عن مسؤول في وزراة الدفاع الأمركية "البنتاغون" فإن قوات واشنطن في سوريا والبالغ عددها حوالي 2000 عنصرًا من القوات الخاصة، سوف تغادر دمشق خلال فترة لا تتجاوز 100 ولا تقل عن 60 يومًا.

و لم يعلن الرئيس الأمريكي جدول زمني للخروج من سوريا، مؤكدًا أنه لم يصرح أبدًا بأن عملية الانسحاب سوف تتم بوتيرة سريعة، ولكن ستتم بطريقة ملائمة لسلامة الجنود.

سوريا كلها لك.. لقد انتهينا

تحولت الحرب الثورة في 2011 إلى أزمة ليس فقط للشعب السوري، ولكن لحسابات الدول الكبرى الخاصة بتوازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، وأصبحت دمشق مع الوقت ساحة حرب بالوكالة، تحاول كل دولة تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية وربما الأمنية من خلالها.

وبعيدًا عن الحرب المستمرة منذ عقود بين روسيا وأمريكا، وجدت تركيا في اضطراب الأوضاع السياسية السورية فرصة للسيطرة على المنطقة الكردية لحماية حدودها ومصالحها الاقتصادية.

وحاول أردوغان فرض سيطرته على المنطقة الشمالية ومن ثم قام صنف قوات الأكراد جماعة إرهابية، إلا أن الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديموقراطية كان عقبة أمام الرئيس التركي لاستكمال سياساته هناك.

فجاء إعلان الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا، خطوة مهمة لتركيا للسيطرة على الأكراد، والبقاء لفترة أطول داخل الأراضي السورية بدعوى محاربة الجماعات الإرهابية، والاستمرار في دعم المعارضة ضد الرئيس بشار الأسد.

فأبرز المناطق التي تسيطر عليها القوات الأمريكية، تقع في المنطقة الشمالية، التي تشهد الصراع بين تركيا والأكراد.

وبحسب تصريحات صحفية، لريزان حدو، السياسي الكردي، والمستشار الإعلامي السابق لوحدات حماية الشعب الكردية، فإن هذه المناطق ستشهد خلال الأيام المقبلة معارك عنيفة بين القوات التركية، والأكراد، خاصة وأن أمريكا توافق على التواجد التركي بشكل كبير.

ونشرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، بعض المقتطفات من مكالمة دارت بين رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ونظيره التركي، ظهرت فيها كلمات الأول وكأنه يسلم الدولة السورية بشكل مباشر إلى تركيا.

قال ترامب، "سوريا كلها لك.. لقد انتهينا".

كما أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن تركيا هي الرابح الأكبر من انسحاب الجيش الأمريكي من سوريا، لأنها ستسمح لأنقرة بالقتال ضد قوات سوريا الديموقراطية دون تدخل من واشنطن والسيطرة على المنطقة الشمالية.

حملات عسكرية جديدة

صرحت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تنسق مع تركيا للخروج من سوريا، وطالبتها بعدم ارتكاب أية عمليات عسكرية ضد القوات الكردية، خاصة وأن أنقرة أعلنت نيتها حول ذلك.

وهاجم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، بشأن الضمانات بعدم مهاجمتهم لقوات سوريا الديموقراطية، واصفًا إياها بأنها "غير مقبولة".

المصلحة التركية، تقتضي السيطرة على المنطقة الشمالية السورية، حتى لا تسمح للأكراد بتحقيق حلم الاستقلال والحكم الذاتي، وهو ما أكده أردوغان بأنه لن يسمح بإقامة دولة جديدة عند حدود بلاده الجنوبية.

حديث يريد الأكراد، إقامة دولتهم "كردستان الكبرى" التي تجمع أجزاء من تركيا، وإيران والعراق وسوريا، بدعوى حق تقرير المصير.

و يبلغ عدد أكراد تركيا 10 ملايين مواطن يمثلون نسبة 17% من مجوع السكان في 21 محافظة من أصل 81، على مساحة تعادل ثلث تركيا، يتركزون في شرق وجنوب شرق تركيا.

وبعد الاضطرابات السياسية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، حاول الأكراد استكمال تأسيس دولتهم الكبرى، لكنه لم يتحقق حتى الآن، لعدة أسباب أبرزها معارضة تركيا وإيران.

ولذلك مثل الوجود الأمريكي شوكة في حلق الأتراك تمنعهم من التوسع بشكل كافي في المنطقة الشمالية الكردية، حيث ظلت تحت حماية ودعم الولايات المتحدة.

وتسعى تركيا حاليًا استغلال الخروج الأمريكي من سوريا، لتوسيع عملياتها ضد الأكراد، وفرض نفوذها في المنطقة.

وتعهد أردوغان، اليوم الثلاثاء، بشن عملية ضد داعش، ووحدات حماية الشعب الكردية في وقت قريب، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لاتزال تماطل بشأن قضية منبج السورية.

كما طالب زعيم حزب الحركة القومية التركي المعارض، دولت باهتشلي، بلاده أن تدخل منطقة شرق الفرات في سوريا من أجل إحقاق الحق ونصرة المظلومين هناك دون الاكتراث لما تقوله الولايات المتحدة وغيرها.

وأضاف زعيم "الحركة القومية" التركي مخاطبا مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون: "تركيا دولة مستقلة وذات سيادة، ولا تضطر للعودة لك ولأسيادك فيما ستفعل".